جواد
06-11-2006, 11:42 PM
http://mostapha.masrilb.net/images/news/cap280.JPG
صبيحة يوم أمس الاول الثلثاء، الثاني من جماد الاولى، وفي آخر يوم من أيام بحثه في دورته الاصولية هذه والتي مضى على شروعه بها قرابة خمسة عشرسنة ، حول شيخنا المرجع الوحيد الخراساني البحث الاصولي صباحا، والفقهي عصرا، الى محاضرة قيمة مؤثرة حوت مجموعة من التوصيات والنصائح و كانت عنوانا لبرنامج عمل لطلابه خلال العطلة الصيفية.
وبما أن هذه النصائح والتوصيات تصلح لأن تكون برنامجا للكثيرين في هذه الفترة فقد أرتأيت أن أنقل منها بعض المقتطفات البارزة.
صحيح أن لدرس سماحة الشيخ الوحيد موقعا مميزا على صعيد الحوزة العلمية في مدينة قم المشرفة باعتباره الدرس الأساس والأهم في الحوزة.
وصحيح أن هذه الابحاث التي يلقيها سماحته - والتي وفقني الله لحضورها منذ تسع سنوات متواصلة – يحضرها ما يزيد على الفين وخمسماية شخص لا يتسع لهم المسجد الاعظم بل ينتشرون خارجه في دار التلاوة، وهم كما عبر عنهم بقوله:
انتم هنا نخبة قم ، عدد منكم اساتيذ بحث الخارج([1]) في الفقه والاصول.
إلا أن ما ذكره سماحته من نصائح، ورسمه من برنامج لا ينحصر بتلامذته الذين تحدث عنهم بل يصلح لكل من يرغب بالاستفادة الصحيحة من وقته وعمره.
لذا ارتأيت أن أنقل بعض العناوين والفقرات كي يستفيد منها الراغبون.
في بداية حديثه أشار سماحته الى ما يميز مستوى علم الاصول وعلم الفقه عند علماء الشيعة حيث قال:
إن علم الاصول والفقه عند الشيعة الامامية و بحكم البرهان القاطع هو أدق العلوم، ولا يوجد في مذهب آخر علم أصول ولا علم فقه بمستوى الدقة والمتانة الموجودة لدى علماء الشيعة.
ونتيجة للتتبع و التحقيق نرى أن أهم أصول عند غير الشيعة من العامة هي للغزالي و السرخسي.
فإذا أردنا أن نقارن بين مستواها وبين ما لدينا من أصول مما كتبه الشيخ الانصاري وتلامذته المحققين فإننا نرى أن نسبتها هي نسبة الدرس الابتدائي لدرس المرحلة النهائية.
وكذلك الحال في الفقه فإن أهم كتاب فقهي لدى العامة هو المغني لابن قدامة.
والمغني لابن قدامة في مقابل جواهر الاحكام وفي مقابل المكاسب للشيخ الانصاري لا يعدو كونه في أدنى مرحلة علمية نسبة الى المرحلة النهائية.
ومن أراد التأكد من ذلك فيمكنه الاطلاع على الاثار العملية ، ويقارن بين كتاب البيع في المغني وكتاب البيع للشيخ الانصاري ليتلمس الفرق بينهما.
ثم تابع قائلا:
إن القدرة الفنية للشيخ الانصاري مع حاشية السيد اليزدي وحاشية الاخوند ، وحاشية الميرزا النائيني ، و حاشية المحقق الاصفهاني، و حاشية المحقق الايرواني، تظهر المقدرة العميقة لعلماءنا التي لا يجاريها احد.
ثم تحدث سماحته عن مسألة العطلة الصيفية و ضرورة الاستفادة منها بشكل صحيح على النحو التالي:
الامر الاول: أن يعمد كل واحد الى مراجعة جميع ما تم تحصيله خلال السنة كي تحصل له الملكة فيه، ومن الطبيعي أن لا يحصل مع ذلك تعطيل فعلي.
فلا بد من العودة الى جميع الابحاث التي ألقيت من بداية العام الدراسي و النظر فيها بدقة و تأمل وتحقيق كي تترسخ فكريا وبذلك تحصل الملكة وهذه هي طريق الترقي العلمي.
الامر الثاني: أن يلتزم كل واحد وابتداء من يوم الغد و بدون ترك أي يوم بضرورة مطالعة ورقة من الجزء الاول من أصول الكافي يوميا، على أن تكون تلك المطالعة مع نظر دقيق، و تدقيق.
فليس المهم كثرة القراءة بل المهم تحصيل الفهم اللازم، لأن الاعتماد على الكثرة دون الفهم يؤدي الى ايجاد اشخاص أغنياء ولكنهم فقراء، وهؤلاء لا بد من التصدي لهم من خلال ترسيخ العلوم وفهمها.
واستشهد بالحديث النبوي الذي يرويه الامام الصادق عليه السلام: أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ([2]) .
الامر الثالث: العمل على توثيق العلاقة مع الله تعالى.
واستشهد بكلمة لأحد الحكماء([3]): جل جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد و أن يطلع عليه إلا واحد بعد واحد.
ومن اجل الارتباط بالله تعالى لا بد من الوسيلة([4]) ، وهذه الوسيلة لا بد من ان تكون عن طريق اهل البيت الواصلين الى الله عن اتخاذ([5]).
ومن أجل ذلك أوصى سماحته بالمداومة يوميا على أمرين:
أحدهما: قراءة سورة التوحيد يوميا بعد صلاة الصبح،([6]) عشرة مرات.
ثانيهما: قراءة سورة التوحيد يوميا عند النوم احد عشر مرة([7]).
فافتتاح اليوم واختتامه بهذه السورة المنسوبة الى الرب تعالى له خصوصيات عظيمة.
وشرح سماحته بعض الجوانب العميقة للمداومة على هذا العمل وأضاف:
أن مما يزيده منقبة وأثرا هو أن يضاف على نحو الهدية للمعصومين الاربعة عشر يوما فيوما ابتداء من خاتم النبيين وانتهاء بامام الزمان.
وبهذه الوسيلة ترتبط القلوب بالله تعالى لتصل الى مراتب عالية من الذوبان.
الامر الرابع: الالتزام بقراءة دعاء العهد بعد صلاة الصبح ولكن مع الدقة والتأمل في عبارات الدعاء والذي تبدأ:
اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ َ رَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ و منزل لتَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ و رب الظل و الحرور و منزل الْفُرْقَانِ الْعَظِيمِ و رب الملائكة المقربين و الأنبياء و المرسلين .
و لا بأس بأن أضيف تتمة الدعاء وهي:
اللهم إني أسألك باسمك [بوجهك ]الكريم و بنور وجهك المنير و ملكك القديم يا حي يا قيوم و باسمك الذي أشرقت به السماوات و الأرضون يا حيا قبل كل حي يا حيا بعد كل حي يا حيا لا إله إلا أنت.
اللهم بلغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك صلى الله عليه و على آبائه الطاهرين عن جميع المؤمنين و المؤمنات في مشارق الأرض و مغاربها برها و بحرها و سهلها و جبلها و عني و عن والدي و ولدي و إخواني من الصلوات زنة عرشك و مداد كلماتك و ما أحصاه كتابك و أحاط به علمك
اللهم إني أجدد في صبيحة يومي هذا و ما عشت فيه من أيام حياتي عهدا و عقدا و بيعة له في عنقي لا أحول عنها و لا أزول أبدا
اللهم اجعلني من أنصاره و أعوانه و الذابين عنه و المسارعين في حوائجه و الممتثلين لأوامره و نواهيه و التابعين [و السابقين] إلى إرادته و المحامين عنه و المستشهدين بين يديه
اللهم فإن حال بيني و بينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر و البادي
اللهم أرني الطلعة الرشيدة و الغرة الحميدة و اكحل مرهي بنظرة مني إليه و عجل فرجه و أوسع منهجه و اسلك بي محجته و أنفذ أمره و اشدد أزره و قو ظهره و اعمر اللهم به بلادك و أحي به عبادك فإنك قلت و قولك الحق: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ([8]).
فأظهر اللهم لنا وليك و ابن وليك و ابن بنت نبيك المسمى باسم رسولك صلواتك عليه و آله في الدنيا و الآخرة حتى لا يظفر بشيء من الباطل إلا مزقه و يحق الله به الحق و يحققه
اللهم و اجعله مفزعا للمظلوم من عبادك و ناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك و مجددا لما عطل من أحكام كتابك و مشيدا لما ورد من أعلام دينك و سنن نبيك صلى الله عليه و آله و اجعله اللهم ممن حصنته من بأس المعتدين
اللهم و سر نبيك محمدا صلى الله عليه و آله برؤيته و من تبعه على دعوته و ارحم استكانتنا من بعده اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحضوره و عجل اللهم ظهوره إنهم يرونه بعيدا و نراه قريبا برحمتك يا أرحم الراحمين
ويختتم الدعاء بأن تضرب على فخذك الأيمن ثلاثا و تقول:
العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان.
الامر الخامس: الذي تحدث عنه سماحة الشيخ الوحيد في محاضرته الثانية عصرا هو مسألة الارتباط بالله تعالى ، وبالارتباط بما يفيض من الله تعالى.
وأشار الى أننا لا بد من أن ندرك ماهية النسبة بين الرب والمربوب والمالك والمملوك الحقيقي وإذا لم نفهمها حقيقة فلا نفهم معاني الدعاء.
واستعرض في هذا الصدد آيتين من القرآن الكريم:
الاية الاولى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر : 67]
والاية الثانية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران : 102]
وأشار الى عمق المعاني التي تحملهما هاتان الآيتان: التقدير حق قدره، و التقوى حق تقاته.
وأن لها معنيان:
المعنى الاول: التقدير كما هو حقه واقعا. وهذا محال لكل مخلوق.
والتقوى حق تقاته كما هو حقه، وهذا ايضا محال بالضرورة عقلا وشرعا.
المعنى الثاني: تقدير حق قدره في حد الامكان. والتقوى حق تقاته: في حد القدرة الانسانية.
وهذا المعنى لم يحققه أحد من البشر سوى شخصين وصلا الى حقيقة هاتين الكلمتين ولا ثالث لهما.
الشخصية الاولى: هي شخصية خاتم الانبياء نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد بلغ الى هذا الحد، وقد وصل الى تقدير الله حق قدره في حد ما أمكن.
الشخصية الثانية: وصي خاتم النبيين علي بن أبي طالب عليه السلام.
وغير هاذين الاثين لم يصل الى هذه الرتبة أحد حتى الذين هم اعظم المخلوقات بعد النبي، من ابراهيم الخليل ، و موسى بن عمران، و عيسى بن مريم ، فهم جميعا لم يصلوا الى حد الوصول قطعا.
واستعرض البراهين على هذه المعاني.
وأشار الى قوله تعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا [النحل : 18]
ثم تحدث عن اثر المعصية في الانسان وبالتالي عن معنى الحديث:
هَلَكَ الْعَامِلُونَ إِلَّا الْعَابِدُونَ وَ هَلَكَ الْعَابِدُونَ إِلَّا الْعَالِمُونَ وَ هَلَكَ الْعَالِمُونَ إِلَّا الصَّادِقُونَ وَ هَلَكَ الصَّادِقُونَ إِلَّا الْمُخْلِصُونَ وَ هَلَكَ الْمُخْلِصُونَ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَ هَلَكَ الْمُتَّقُونَ إِلَّا الْمُوقِنُونَ وَ إِنَّ الْمُوقِنِينَ لَعَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ([9]).
ثم تحدث عن صفات الله تعالى ، في اول سورة الحديد و آخر سورة الحشر التي يعرف بها نفسه وقال:
اذا استطاع احد فهم هذه الايات ، فعندها يفهم السبب في كونها مصدرة بمثل قوله تعالى:
لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر : 21]
وبعد هذه الاية يقول تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر :22و 23]
فالطريق الى الله هي من الطريق الى ولي العصر، إذ انه الواسطة لجميع الفيوضات غير المتناهية.
وبعد أن أنهى سماحته الحديث عن البرنامج اليومي الذي يوصي به في فترة العطلة الصيفية، عرَّج على ذكر حديث يرتبط بمناسبة شهادة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام والذي يصادف في الثالث من شهر جماد الثانية أي بعد حوالي شهر من تاريخه وبين ما يجب على المؤمنين القيام به في هذه المناسبة وتحدث عن سند الرواية وهو من أكثر الاسانيد متانة بحيث لا يتوقف أي فقيه محتاط من الاكابر كالشهيد الاول والشيخ الانصاري وغيرهم عن الفتوى على طبق أية رواية تصله بهذا السند.
إضافة الى وجود شخصين في السند ممن اجمع الاصحاب على تصحيح ما يصح عنهم وهما : ابان بن عثمان، و محمد بن ابي عمير .
وهذا نص الحديث:
قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى قال حدثنا أبي قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال:
إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد، ثم أمر مناديا فنادى: غضوا أبصاركم، و نكسوا رءوسكم، حتى تجوز فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الصراط.
قال: فتغض الخلائق أبصارهم، فتأتي فاطمة عليها السلام على نجيب من نجب الجنة يشيعها سبعون ألف ملك، فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليهما السلام بيدها مضمخا بدمه و تقول يا رب هذا قميص ولدي و قد علمت ما صنع به.
فيأتيها النداء من قبل الله عز و جل:
يا فاطمة لك عندي الرضا.
فتقول: يا رب انتصر لي من قاتله.
فيأمر الله تعالى عنقا من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي عليهما السلام كما يلتقط الطير الحب ثم يعود العنق بهم إلى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب، ثم تركب فاطمة عليها السلام نجيبها حتى تدخل الجنة و معها الملائكة المشيعون لها و ذريتها بين يديها و أولياؤهم من الناس عن يمينها و شمالها.
ثم وجه شيخنا الوحيد كلامه الى الحاضرين قائلا:
انتم هنا نخبة قم ، وعدد منكم اساتيذ بحث الخارج فقها واصولا.
فما معنى أن يأتي النداء للزهراء من قبل الرب تعالى بلا واسطة؟
وما معنى أن يخاطبها الباري عز وجل : لك عندي الرضا؟
الله تعالى هو الذي يشترط، وتعرفون معنى الشرط، فبماذا يلتزم الله لفاطمة؟
ثم ذكر حديثا نقله الصدوق أيضا عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام يبين فيه سبب تسمية الزهراء.
والرواية هي: عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن فاطمة لم سميت الزهراء فقال:
لأنها كانت إذا قامت في محرابها يزهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
عظيمة بهذا القدر وتدفن في وسط الليل!!!.
علي عليه السلام الذي يقول في الخطبة الشقشقية:
فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا.
هذا الذي صبر ثلاثين سنة من حياته، صبر في أحد ، و صبر في خيبر و لم يصل الى حده أحد ، صبر في 80 موقعا ومع ذلك نراه يقول:
قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي وَ عَفَا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تَجَلُّدِي.
الى أن يقول عليه السلام:
وَ سَتُنْبِئُكَ ابْنَتُكَ بِتَظَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ وَ اسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ فَكَمْ مِنْ غَلِيلٍ مُعْتَلِجٍ بِصَدْرِهَا لَمْ تَجِدْ إِلَى بَثِّهِ سَبِيلًا وَ سَتَقُولُ وَ يَحْكُمُ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
إن واجبكم جميعا إحياء يوم الثالث من جماد الثاني كما هي الحال في أيام عاشوراء ، حتى يجبر التقصير.
اللهم صل وسلم على فَاطِمَةَ وَ أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنِيهَا .
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى ابائه فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَلِيّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً وَ دَلِيلًا وَ عَيْناً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فِيهَا طَوِيلًا.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بحث الخارج في الفقه والاصول هي المراحل النهائية من الابحاث والدراسات التي يتخرج منها المجتهدون.
([2]) من لا يحضره الفقيه ج4 ص 394.
([3]) الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ص266.
([4]) كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة : 35]
وقال : أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ [الإسراء : 57]
([5])وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران : 140]
([6]) والرواية هي: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَمْ يَزَلْ فِي حِفْظِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كِلَاءَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ. الكافي ج2 ص542.
([7]) السَّيِّدُ عَلِيُّ بْنُ طَاوُسٍ فِي فَلَاحِ السَّائِلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ الْقَلَانِسِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَنْبَهُ وَ شُفِّعَ فِي جِيرَانِهِ فَإِنْ قَرَأَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ غَفَرَ ذَنْبَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ خَمْسِينَ سَنَةً.
([8]) من الاية 41 في سورة الروم.
([9]) مستدرك الوسائل ج1 ص 99، مصباح الشريعة ص 36.
صبيحة يوم أمس الاول الثلثاء، الثاني من جماد الاولى، وفي آخر يوم من أيام بحثه في دورته الاصولية هذه والتي مضى على شروعه بها قرابة خمسة عشرسنة ، حول شيخنا المرجع الوحيد الخراساني البحث الاصولي صباحا، والفقهي عصرا، الى محاضرة قيمة مؤثرة حوت مجموعة من التوصيات والنصائح و كانت عنوانا لبرنامج عمل لطلابه خلال العطلة الصيفية.
وبما أن هذه النصائح والتوصيات تصلح لأن تكون برنامجا للكثيرين في هذه الفترة فقد أرتأيت أن أنقل منها بعض المقتطفات البارزة.
صحيح أن لدرس سماحة الشيخ الوحيد موقعا مميزا على صعيد الحوزة العلمية في مدينة قم المشرفة باعتباره الدرس الأساس والأهم في الحوزة.
وصحيح أن هذه الابحاث التي يلقيها سماحته - والتي وفقني الله لحضورها منذ تسع سنوات متواصلة – يحضرها ما يزيد على الفين وخمسماية شخص لا يتسع لهم المسجد الاعظم بل ينتشرون خارجه في دار التلاوة، وهم كما عبر عنهم بقوله:
انتم هنا نخبة قم ، عدد منكم اساتيذ بحث الخارج([1]) في الفقه والاصول.
إلا أن ما ذكره سماحته من نصائح، ورسمه من برنامج لا ينحصر بتلامذته الذين تحدث عنهم بل يصلح لكل من يرغب بالاستفادة الصحيحة من وقته وعمره.
لذا ارتأيت أن أنقل بعض العناوين والفقرات كي يستفيد منها الراغبون.
في بداية حديثه أشار سماحته الى ما يميز مستوى علم الاصول وعلم الفقه عند علماء الشيعة حيث قال:
إن علم الاصول والفقه عند الشيعة الامامية و بحكم البرهان القاطع هو أدق العلوم، ولا يوجد في مذهب آخر علم أصول ولا علم فقه بمستوى الدقة والمتانة الموجودة لدى علماء الشيعة.
ونتيجة للتتبع و التحقيق نرى أن أهم أصول عند غير الشيعة من العامة هي للغزالي و السرخسي.
فإذا أردنا أن نقارن بين مستواها وبين ما لدينا من أصول مما كتبه الشيخ الانصاري وتلامذته المحققين فإننا نرى أن نسبتها هي نسبة الدرس الابتدائي لدرس المرحلة النهائية.
وكذلك الحال في الفقه فإن أهم كتاب فقهي لدى العامة هو المغني لابن قدامة.
والمغني لابن قدامة في مقابل جواهر الاحكام وفي مقابل المكاسب للشيخ الانصاري لا يعدو كونه في أدنى مرحلة علمية نسبة الى المرحلة النهائية.
ومن أراد التأكد من ذلك فيمكنه الاطلاع على الاثار العملية ، ويقارن بين كتاب البيع في المغني وكتاب البيع للشيخ الانصاري ليتلمس الفرق بينهما.
ثم تابع قائلا:
إن القدرة الفنية للشيخ الانصاري مع حاشية السيد اليزدي وحاشية الاخوند ، وحاشية الميرزا النائيني ، و حاشية المحقق الاصفهاني، و حاشية المحقق الايرواني، تظهر المقدرة العميقة لعلماءنا التي لا يجاريها احد.
ثم تحدث سماحته عن مسألة العطلة الصيفية و ضرورة الاستفادة منها بشكل صحيح على النحو التالي:
الامر الاول: أن يعمد كل واحد الى مراجعة جميع ما تم تحصيله خلال السنة كي تحصل له الملكة فيه، ومن الطبيعي أن لا يحصل مع ذلك تعطيل فعلي.
فلا بد من العودة الى جميع الابحاث التي ألقيت من بداية العام الدراسي و النظر فيها بدقة و تأمل وتحقيق كي تترسخ فكريا وبذلك تحصل الملكة وهذه هي طريق الترقي العلمي.
الامر الثاني: أن يلتزم كل واحد وابتداء من يوم الغد و بدون ترك أي يوم بضرورة مطالعة ورقة من الجزء الاول من أصول الكافي يوميا، على أن تكون تلك المطالعة مع نظر دقيق، و تدقيق.
فليس المهم كثرة القراءة بل المهم تحصيل الفهم اللازم، لأن الاعتماد على الكثرة دون الفهم يؤدي الى ايجاد اشخاص أغنياء ولكنهم فقراء، وهؤلاء لا بد من التصدي لهم من خلال ترسيخ العلوم وفهمها.
واستشهد بالحديث النبوي الذي يرويه الامام الصادق عليه السلام: أَعْلَمُ النَّاسِ مَنْ جَمَعَ عِلْمَ النَّاسِ إِلَى عِلْمِهِ([2]) .
الامر الثالث: العمل على توثيق العلاقة مع الله تعالى.
واستشهد بكلمة لأحد الحكماء([3]): جل جناب الحق أن يكون شريعة لكل وارد و أن يطلع عليه إلا واحد بعد واحد.
ومن اجل الارتباط بالله تعالى لا بد من الوسيلة([4]) ، وهذه الوسيلة لا بد من ان تكون عن طريق اهل البيت الواصلين الى الله عن اتخاذ([5]).
ومن أجل ذلك أوصى سماحته بالمداومة يوميا على أمرين:
أحدهما: قراءة سورة التوحيد يوميا بعد صلاة الصبح،([6]) عشرة مرات.
ثانيهما: قراءة سورة التوحيد يوميا عند النوم احد عشر مرة([7]).
فافتتاح اليوم واختتامه بهذه السورة المنسوبة الى الرب تعالى له خصوصيات عظيمة.
وشرح سماحته بعض الجوانب العميقة للمداومة على هذا العمل وأضاف:
أن مما يزيده منقبة وأثرا هو أن يضاف على نحو الهدية للمعصومين الاربعة عشر يوما فيوما ابتداء من خاتم النبيين وانتهاء بامام الزمان.
وبهذه الوسيلة ترتبط القلوب بالله تعالى لتصل الى مراتب عالية من الذوبان.
الامر الرابع: الالتزام بقراءة دعاء العهد بعد صلاة الصبح ولكن مع الدقة والتأمل في عبارات الدعاء والذي تبدأ:
اللَّهُمَّ رَبَّ النُّورِ الْعَظِيمِ وَ رَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ َ رَبَّ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ و منزل لتَّوْرَاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الزَّبُورِ و رب الظل و الحرور و منزل الْفُرْقَانِ الْعَظِيمِ و رب الملائكة المقربين و الأنبياء و المرسلين .
و لا بأس بأن أضيف تتمة الدعاء وهي:
اللهم إني أسألك باسمك [بوجهك ]الكريم و بنور وجهك المنير و ملكك القديم يا حي يا قيوم و باسمك الذي أشرقت به السماوات و الأرضون يا حيا قبل كل حي يا حيا بعد كل حي يا حيا لا إله إلا أنت.
اللهم بلغ مولانا الإمام الهادي المهدي القائم بأمرك صلى الله عليه و على آبائه الطاهرين عن جميع المؤمنين و المؤمنات في مشارق الأرض و مغاربها برها و بحرها و سهلها و جبلها و عني و عن والدي و ولدي و إخواني من الصلوات زنة عرشك و مداد كلماتك و ما أحصاه كتابك و أحاط به علمك
اللهم إني أجدد في صبيحة يومي هذا و ما عشت فيه من أيام حياتي عهدا و عقدا و بيعة له في عنقي لا أحول عنها و لا أزول أبدا
اللهم اجعلني من أنصاره و أعوانه و الذابين عنه و المسارعين في حوائجه و الممتثلين لأوامره و نواهيه و التابعين [و السابقين] إلى إرادته و المحامين عنه و المستشهدين بين يديه
اللهم فإن حال بيني و بينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري مؤتزرا كفني شاهرا سيفي مجردا قناتي ملبيا دعوة الداعي في الحاضر و البادي
اللهم أرني الطلعة الرشيدة و الغرة الحميدة و اكحل مرهي بنظرة مني إليه و عجل فرجه و أوسع منهجه و اسلك بي محجته و أنفذ أمره و اشدد أزره و قو ظهره و اعمر اللهم به بلادك و أحي به عبادك فإنك قلت و قولك الحق: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ([8]).
فأظهر اللهم لنا وليك و ابن وليك و ابن بنت نبيك المسمى باسم رسولك صلواتك عليه و آله في الدنيا و الآخرة حتى لا يظفر بشيء من الباطل إلا مزقه و يحق الله به الحق و يحققه
اللهم و اجعله مفزعا للمظلوم من عبادك و ناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك و مجددا لما عطل من أحكام كتابك و مشيدا لما ورد من أعلام دينك و سنن نبيك صلى الله عليه و آله و اجعله اللهم ممن حصنته من بأس المعتدين
اللهم و سر نبيك محمدا صلى الله عليه و آله برؤيته و من تبعه على دعوته و ارحم استكانتنا من بعده اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحضوره و عجل اللهم ظهوره إنهم يرونه بعيدا و نراه قريبا برحمتك يا أرحم الراحمين
ويختتم الدعاء بأن تضرب على فخذك الأيمن ثلاثا و تقول:
العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان.
الامر الخامس: الذي تحدث عنه سماحة الشيخ الوحيد في محاضرته الثانية عصرا هو مسألة الارتباط بالله تعالى ، وبالارتباط بما يفيض من الله تعالى.
وأشار الى أننا لا بد من أن ندرك ماهية النسبة بين الرب والمربوب والمالك والمملوك الحقيقي وإذا لم نفهمها حقيقة فلا نفهم معاني الدعاء.
واستعرض في هذا الصدد آيتين من القرآن الكريم:
الاية الاولى: وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ [الزمر : 67]
والاية الثانية: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران : 102]
وأشار الى عمق المعاني التي تحملهما هاتان الآيتان: التقدير حق قدره، و التقوى حق تقاته.
وأن لها معنيان:
المعنى الاول: التقدير كما هو حقه واقعا. وهذا محال لكل مخلوق.
والتقوى حق تقاته كما هو حقه، وهذا ايضا محال بالضرورة عقلا وشرعا.
المعنى الثاني: تقدير حق قدره في حد الامكان. والتقوى حق تقاته: في حد القدرة الانسانية.
وهذا المعنى لم يحققه أحد من البشر سوى شخصين وصلا الى حقيقة هاتين الكلمتين ولا ثالث لهما.
الشخصية الاولى: هي شخصية خاتم الانبياء نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقد بلغ الى هذا الحد، وقد وصل الى تقدير الله حق قدره في حد ما أمكن.
الشخصية الثانية: وصي خاتم النبيين علي بن أبي طالب عليه السلام.
وغير هاذين الاثين لم يصل الى هذه الرتبة أحد حتى الذين هم اعظم المخلوقات بعد النبي، من ابراهيم الخليل ، و موسى بن عمران، و عيسى بن مريم ، فهم جميعا لم يصلوا الى حد الوصول قطعا.
واستعرض البراهين على هذه المعاني.
وأشار الى قوله تعالى: وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا [النحل : 18]
ثم تحدث عن اثر المعصية في الانسان وبالتالي عن معنى الحديث:
هَلَكَ الْعَامِلُونَ إِلَّا الْعَابِدُونَ وَ هَلَكَ الْعَابِدُونَ إِلَّا الْعَالِمُونَ وَ هَلَكَ الْعَالِمُونَ إِلَّا الصَّادِقُونَ وَ هَلَكَ الصَّادِقُونَ إِلَّا الْمُخْلِصُونَ وَ هَلَكَ الْمُخْلِصُونَ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَ هَلَكَ الْمُتَّقُونَ إِلَّا الْمُوقِنُونَ وَ إِنَّ الْمُوقِنِينَ لَعَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ([9]).
ثم تحدث عن صفات الله تعالى ، في اول سورة الحديد و آخر سورة الحشر التي يعرف بها نفسه وقال:
اذا استطاع احد فهم هذه الايات ، فعندها يفهم السبب في كونها مصدرة بمثل قوله تعالى:
لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [الحشر : 21]
وبعد هذه الاية يقول تعالى: هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ [الحشر :22و 23]
فالطريق الى الله هي من الطريق الى ولي العصر، إذ انه الواسطة لجميع الفيوضات غير المتناهية.
وبعد أن أنهى سماحته الحديث عن البرنامج اليومي الذي يوصي به في فترة العطلة الصيفية، عرَّج على ذكر حديث يرتبط بمناسبة شهادة الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء عليها السلام والذي يصادف في الثالث من شهر جماد الثانية أي بعد حوالي شهر من تاريخه وبين ما يجب على المؤمنين القيام به في هذه المناسبة وتحدث عن سند الرواية وهو من أكثر الاسانيد متانة بحيث لا يتوقف أي فقيه محتاط من الاكابر كالشهيد الاول والشيخ الانصاري وغيرهم عن الفتوى على طبق أية رواية تصله بهذا السند.
إضافة الى وجود شخصين في السند ممن اجمع الاصحاب على تصحيح ما يصح عنهم وهما : ابان بن عثمان، و محمد بن ابي عمير .
وهذا نص الحديث:
قال حدثنا أبو جعفر محمد بن علي بن موسى قال حدثنا أبي قال حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال:
إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين و الآخرين في صعيد واحد، ثم أمر مناديا فنادى: غضوا أبصاركم، و نكسوا رءوسكم، حتى تجوز فاطمة ابنة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الصراط.
قال: فتغض الخلائق أبصارهم، فتأتي فاطمة عليها السلام على نجيب من نجب الجنة يشيعها سبعون ألف ملك، فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة ثم تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن علي عليهما السلام بيدها مضمخا بدمه و تقول يا رب هذا قميص ولدي و قد علمت ما صنع به.
فيأتيها النداء من قبل الله عز و جل:
يا فاطمة لك عندي الرضا.
فتقول: يا رب انتصر لي من قاتله.
فيأمر الله تعالى عنقا من النار فتخرج من جهنم فتلتقط قتلة الحسين بن علي عليهما السلام كما يلتقط الطير الحب ثم يعود العنق بهم إلى النار فيعذبون فيها بأنواع العذاب، ثم تركب فاطمة عليها السلام نجيبها حتى تدخل الجنة و معها الملائكة المشيعون لها و ذريتها بين يديها و أولياؤهم من الناس عن يمينها و شمالها.
ثم وجه شيخنا الوحيد كلامه الى الحاضرين قائلا:
انتم هنا نخبة قم ، وعدد منكم اساتيذ بحث الخارج فقها واصولا.
فما معنى أن يأتي النداء للزهراء من قبل الرب تعالى بلا واسطة؟
وما معنى أن يخاطبها الباري عز وجل : لك عندي الرضا؟
الله تعالى هو الذي يشترط، وتعرفون معنى الشرط، فبماذا يلتزم الله لفاطمة؟
ثم ذكر حديثا نقله الصدوق أيضا عن ابي عبد الله الصادق عليه السلام يبين فيه سبب تسمية الزهراء.
والرواية هي: عن جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه قال سألت أبا عبد الله ع عن فاطمة لم سميت الزهراء فقال:
لأنها كانت إذا قامت في محرابها يزهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض.
عظيمة بهذا القدر وتدفن في وسط الليل!!!.
علي عليه السلام الذي يقول في الخطبة الشقشقية:
فَصَبَرْتُ وَ فِي الْعَيْنِ قَذًى وَ فِي الْحَلْقِ شَجًا.
هذا الذي صبر ثلاثين سنة من حياته، صبر في أحد ، و صبر في خيبر و لم يصل الى حده أحد ، صبر في 80 موقعا ومع ذلك نراه يقول:
قَلَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَنْ صَفِيَّتِكَ صَبْرِي وَ عَفَا عَنْ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ تَجَلُّدِي.
الى أن يقول عليه السلام:
وَ سَتُنْبِئُكَ ابْنَتُكَ بِتَظَافُرِ أُمَّتِكَ عَلَى هَضْمِهَا فَأَحْفِهَا السُّؤَالَ وَ اسْتَخْبِرْهَا الْحَالَ فَكَمْ مِنْ غَلِيلٍ مُعْتَلِجٍ بِصَدْرِهَا لَمْ تَجِدْ إِلَى بَثِّهِ سَبِيلًا وَ سَتَقُولُ وَ يَحْكُمُ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ.
إن واجبكم جميعا إحياء يوم الثالث من جماد الثاني كما هي الحال في أيام عاشوراء ، حتى يجبر التقصير.
اللهم صل وسلم على فَاطِمَةَ وَ أَبِيهَا وَ بَعْلِهَا وَ بَنِيهَا .
اللَّهُمَّ كُنْ لِوَلِيِّكَ الحجة بن الحسن صلواتك عليه وعلى ابائه فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَ فِي كُلِّ سَاعَةٍ وَلِيّاً وَ حَافِظاً وَ قَائِداً وَ نَاصِراً وَ دَلِيلًا وَ عَيْناً حَتَّى تُسْكِنَهُ أَرْضَكَ طَوْعاً وَ تُمَتِّعَهُ فِيهَا طَوِيلًا.
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) بحث الخارج في الفقه والاصول هي المراحل النهائية من الابحاث والدراسات التي يتخرج منها المجتهدون.
([2]) من لا يحضره الفقيه ج4 ص 394.
([3]) الصوارم المهرقة في جواب الصواعق المحرقة ص266.
([4]) كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ [المائدة : 35]
وقال : أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ [الإسراء : 57]
([5])وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ [آل عمران : 140]
([6]) والرواية هي: عَلِيُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ أَبِي عُمَيْرٍ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ عُمَرَ بْنِ يَزِيدَ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ حِينَ يَخْرُجُ مِنْ مَنْزِلِهِ عَشْرَ مَرَّاتٍ لَمْ يَزَلْ فِي حِفْظِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ وَ كِلَاءَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى مَنْزِلِهِ. الكافي ج2 ص542.
([7]) السَّيِّدُ عَلِيُّ بْنُ طَاوُسٍ فِي فَلَاحِ السَّائِلِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الصَّفَّارِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ عِيسَى عَنِ الْحُسَيْنِ الْقَلَانِسِيِّ عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ ع يَقُولُ مَنْ قَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ إِحْدَى عَشْرَةَ مَرَّةً حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ ذَنْبَهُ وَ شُفِّعَ فِي جِيرَانِهِ فَإِنْ قَرَأَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ غَفَرَ ذَنْبَهُ فِيمَا يَسْتَقْبِلُ خَمْسِينَ سَنَةً.
([8]) من الاية 41 في سورة الروم.
([9]) مستدرك الوسائل ج1 ص 99، مصباح الشريعة ص 36.