المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفضة لتطهير الجروح ولثمها



المهدى
06-09-2006, 09:50 PM
http://65.17.227.80/elaphweb/Resources/images/Reports/2006/6/thumbnails/T_73177c81-9f63-4a66-a456-4824335771d7.JPG


طلال سلامة من روما


بدأت الفضة، إحدى أسلحة البشر الأولى ضد البكتيريا، تستقطب اهتمام العلماء مجدداً بفضل طاقتها المطهّرة وقدرة الباحثين المتزايدة على تعديل تركيبتها الجزيئية. ومنذ عهد اليونان ومصر القديم، وصف الأطباء الفضة كعلاج فعال لمقاومة الالتهابات، ثم جاء الرومان لامتصاص معرفتهم في الحقل الطبي. آنذاك، دار الحديث طويلاً حول القدرات السحرية للاصقات الفضّية التي تسرع التئام الجروح. ولاحقاً في العام 1884، أثبت بعض الأطباء الألمان أن وَضْع بضعة قطرات النترات الفضّية في عيون الأطفال الرُضَّع، الذين أنجبتهم نساء مصابات بمرض تناسلي، قطع عملياً نِسب العمى العالية بين هؤلاء الأطفال.

لكن تعددية استعمال الفضة، أيضاً كمطهٌر في الأوساط الطبية، قد ألقي ظلاً عليها، في النصف الأخير من القرن العشرين بسبب ارتفاع استعمال المضادات الحيوية(مضادات الجراثيم كالبنسلين). الآن، ونظراً للمقاومة التي تنتجها البكتيريا أكثر فأكثر إزاء هذه المضادات (Antibiotics)، أحيا بعض الباحثين ورجال أعمال الرعاية الصحية الاهتمام بالفضة وفق نظرة أخرى عصرية. هذه المرة، سيدمج الباحثون سلاح النانوتكنولوجيا بمجموعة نامية من المنتجات والمهارات التي تساعدهم في استغلال طاقة مركّبات الفضة عبر طرق تحرر أيونات الفضة (Ions)، وهي العنصر الأكثر فعالية داخلها، الى أقصى حد. كما أن بحوزة العلماء فَهْماً أفضل حول نقاط الضعف الموجودة لدى خصومهم الميكروبيين، أي البكتيريا.

وتنصب إحدى الأهداف المستعجلة في الحول دون وقوع الإصابات الجرثومية التي تستهدف سنوياً أكثر من مليوني مريض حول العالم، خاصة أولئك المقيمين في المستشفيات الأميركية والبريطانية، وتقتل 90.000 منهم في السنة على الأقل. وعادة، تُعالج مثل هذه الإصابات بالجُرَع الكبيرة من المضادات الحيوية وأحياناً عن طريق عدة عمليات جراحية مما يكلف نظام الرعاية الصحية الأميركي وحده تقريباً 4.5 بليون دولار سنوياً، ويشتد التحدي مع الانتشار المتصاعد للجراثيم المقاومة لكافة أنواع الأدوية. ويأتي آخر تقدم للعلاج بالفضة من (AcryMed)، وهي شركة أميركية صغيرة في بورتلند، أوريغون، ابتكرت عملية لإيداْع وتركيب جزيئات الفضة، ويصل سمكها الى حوالي 10 نانومتر أي ألف مرة أصغر من قطر شعرة الرأس البشري، على الأدوات الطبية. كما تتعاون مع شركة (I-Flow) لإنتاج قسطرة مَكْسُوة بالفضة تضخ المضادات المقاومة للآلام في الجروح التي سببتها العملية الجراحية. ولدى جزيئات الفضة منطقة سطحيّة كبيرة للتفاعل مع الجراثيم، وفيما يتعلق بالحجم، تعتبر تلك التجمعات الجزيئية الفضية الصغيرة مطهّرات في غاية الفعّالية.

هذا وتأمل شركة (AcryMed) التوصّل إلى إبرام الاتفاقيات مع شركات تصنيع القسطرات الأكبر حجماً وثقلاً من شركة (I-Flow)، بما فيها صنّاع القسطرات البولية (أنابيب لينه من المطاط تستعمل لإخراج البول من المثانة)، وهي الأداة الأكثر خصوبة وشيوعاً للتعرض للإصابات الجرثومية بالمستشفيات. في النهاية، قد تصبح الفضة جزء لا يتجزأ من الأدوات الطبية الجديدة المزروعة بشكل دائم في جسم الإنسان، مثل الصدور المكوٌنة من مادة السيليكون(لدى النساء)، والوروك والرُكب الصناعية ومنظّمات دقات القلب. هذا وتتحدر كلمة "نانوتكنولوجيا" من مقياس النانومتر ويساوي واحد على مليار من المتر. وفي أغلب الأحيان، تحوي المواد النانومترية تراكيباً غير اعتيادية وسلوكاً يسمح لها بمنافسة المواد الأضخم حجماً منها بكثير بل والتفوق عليها لناحية الأداء والفعالية.