المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هتلر.. أكثر شجاعةً من صدام..!! ......................الدكتور نجم عبدالكريم



سمير
06-06-2006, 10:23 AM
د نجم عبد الكريم


بعد أن تأكد للدكتور جوبلز ـ وزير الإعلام في حكومة هتلر ـ أن اللحظات الحاسمة، قد اقتربت، وأن برلين محاصرة من كل الاتجاهات، اتصل بزوجته طالباً منها أن تقدم إلى مقر مله، وأن تصطحب معها الأطفال.. وبعد فترة وجيزة، دخلت (ماجدا) وبناتها إلى حصنٍ داخل الأرض، لا صلة له بالعالم الخارجي إلا عن طريق مئات الأجهزة اللاسلكية، والحاسبات فائقة الدقة، التي احتفظ العلماء الألمان بأسرارها، ولم تكتشف إلا بعد سقوط الرايخ!!..

وقد فوجىء جوبلز بوجود والدته مع زوجته وأطفاله.. بعد أن قبّلها، قال لها: "أنت في حلٍّ يا أمي من البقاء معنا..!!"

لكن الأم تستبد بها العاطفة المشبوبة، فترد عليه: "لا.. لا.. لن أفارقك يا بول..!!؟.. وإذا كنت لا تحتمل أن ترى ألمانيا تحت أقدام الغزاة، وقررت الانتحار، فأنا أيضاً لن أحتمل ذلك.. ثم .. ثم.. ماذا سأفتقد يا ولدي؟!.. عاماً آخر.. أو عامين على أكثر تقدير؟!.. لا يا ولدي، لن أغادر برلين.. ولكن بحق السماء، لا تُبق البنات معك!!"

فيجيبها: "نحن على وشك أن نخسر الحرب يا أمي، والحلفاء لن يرحموا أحداً من ذريتنا.. سيرسلونهم إلى معسكرات الاعتقال، وسيعذبونهم عذاباً شديداً.. بل .. سيقتلونهم ذلاً، وعاراً، ومهانة في كل دقيقة!!.."
فتجيب الأم ولدها: "إذاً.. دعني أغادر هذا المكان شريطة أن أصطحب البنات معي!!.. وإلا.. فدعني أشارككم المصير النهائي..!!"

ساعات الوداع!!

لم يجادل جوبلز والدته طويلاً، ولكنه أمر بدسّ المخدر لها في الطعام، وحملوها وهي تحت تأثير المخدر، إلى قريةٍ قصيّة في غرب برلين، ثم وضعوها في مكان آمن قد أُعِدّ لها..
في هذه الأجواء القاتمة، والمعبأة برائحة الموت والانتحار، عاش جوبلز لعدة ساعات مع أسرته ورجاله الذين قاموا بحرق جميع الملفات والوثائق ذات الأهمية، ثم قام بتسجيل حديثه اليومي، الذي اعتاد أن يذيعه على الشعب الألماني، فكما كان معروفاً عن جوبلز أنه عبقري في تطويع الأنباء التي تصب في صالح أهداف ألمانيا..
وما أن انتهى من بثّ حديثه، حتى قال للرجال الذين يعملون معه: "لعلكم تدركون أن برلين لم تعد مدينةً آمنة، وإنني بتوجيه من الفوهرر، أحرركم من كل ارتباط عسكري، أما أنا وعائلتي، فسنتجه إلى حيث يعيش الزعيم هتلر، مع أخلص أتباعه في قبو المستشارية.."
لكن الرجال، تداهمهم نوبة من الحماس والعاطفة، وقد رد عليه البعض منهم: " إننا لن نفارق هذا المبنى إلا جثثاً هامدة..!!"

اللقاء الأخير بهتلر!!

وانطلقت سيارتا جوبلز به وبعائلته نحو المستشارية التي شهدت على مدى عشرة أعوام مجد الحزب النازي الذي هيمن على الرايخ الألماني..

وما أن يصل، حتى يتجه على الفور نحو مكتب زعيمه، حيث وجده ثائراً غاضباً على أولئك الذين يلحون عليه بالخروج من برلين.. وما أن رأى هتلر، وزير إعلامه جوبلز، حتى بادره بالقول: "إني أضم صوتي إلى أصواتهم يا فوهرر..!! فحياتك ثمينة وبقاؤك هنا ليس فيه مصلحة لألمانيا..!!"
لكن هتلر يخبره أن مغادرته لهذا القبو تعني نهاية ألمانيا؟!! وبالتالي فإن مصيره سينتهي بين هذه الجدران!!

أمام هذا المنطق، لم يملك جوبلز سوى أن يقول لزعيمه: "إذاً.. أيها القائد العظيم، سيشرفني.. كما يشرف كل مواطن ألماني، أن أقرن مصيري ومصير زوجتي وأطفالي، بمصيرك في هذا القبو..!!"
فيحتضنه هتلر ثم يقول له:
" أرجوك أن تقبل آخر أمرٍ أُصدره إليك، وهو أن تدع الصغيرات يرحلن الآن إلى مكانٍ آمن، قبل فوات الأوان!!.."
فينتفض جوبلز قائلاً: " يؤسفني يا فوهرر أن تكون هذه أول وآخر مرة أعصى لك فيها أمر.."

حصار برلين!!

كان القبو الخرساني الواقع تحت حديقة المستشارية، يحتوي على (12) غرفة، في الطابق الأول منه، والطوابق السفلى كان يشغلها الفوهرر وأركان حربه..
وعندما صار الموقف العسكري بالغ الحرج، وسقوط برلين بات وشيكاً تحت ضغط هجوم الجيش الروسي، قال جودول لزعيمه:

" أنت تعرف أنني مقاتل مطيع.. أتمنى أن تعطيني قيادة الفرق في الجبهة الشرقية، وأن تصدر لي أوامر صريحة بالقتال حتى الموت.. وإني أعدك، بأن أمنع العدو من التسلل إلى برلين بحيث تتمكن من الخروج من ألمانيا كلها بمنتهى الطمأنينة.."
يبدو أن اقتراح جودول قد لقى قبولاً من الجميع، ما عدا هتلر، الذي ظهرت عليه ملامح الانزعاج فصاح فيهم:
" ما هذا أيها السادة؟!.. هل أفقدتكم الهزيمة عقولكم؟!.. أين شجاعة المقاتل الجرماني.. لتعلموا جميعاً إنني لن أغادر هذا المكان مهما حدث، إلا جثةً هامدة، ولا أريد أحداً أن يحدثني في هذا الأمر منكم بعد الآن..!!"

عرس الدم!!

وحاولت أشهر طيّارة ألمانية وهي (حنا ريتشي)، إقناع هتلر بمغادرة برلين على طائرتها قائلةً: " أقسم لك يا فوهرر، أنه في استطاعتي أن أخترق الدفاعات الجوية كلها بطائرتي، حتى أوصلك إلى سواحل شمال أفريقيا حيث تنتظرك هناك إحدى الغواصات التي ستنقلك إلى الأرجنتين.."
لكن هتلر يصر على رفض الفكرة، ويرفض البحث فيها، بعد أن بات على يقين، أنه لا بد من مواجهة الهزيمة..

صفّق هتلر بيديه، كأنه يريدهم جميعاً أن ينتبهوا إليه، كي يلقي عليهم كلمته الأخيرة..
ولمّا تركزت الأنظار شاخصةً نحوه، قال لهم: " من يرد أن يغادر القبو فليفعل ذلك قبل فوات الآوان!!.. وليس معنى ذلك أنكم تفرّون من مواجهة الهزيمة، وإنما تفعلون ذلك من أجل فائدة الشعب الألماني، وهو يعيش معاناة محنة الهزيمة.. أما أنا فقد قررت الانتحار.. وأرجو ألا يحاول أحدكم أن يثنيني عن عزمي.. فلا يداخلكم أدنى شك أن العدو يمنّى نفسه بالقبض علينا، وتلويثنا جسداً وروحاً بكل ألوان المذلة والمهانة.. وليس لدي ما أقول سوى أنني أريد إتلاف جثتي، وإتلاف جثة إيفا براون، بحيث يغدو من المستحيل التعرف على الجثتين.. وإني أكلفك يا جوبلز بأمرٍ آخر، وأرجو ألا تعصاه، وهو أن تشرف بنفسك على حرق الجثتين حرقاً نهائياً.. وإني أدعوكم إلى عقد قراني الليلة على خطيبتي إيفا براون.. وسنتبادل كلمات الوداع بعد عقد القران.. وشكراً لكم على كل ما قدمتموه من إخلاصً لحزبكم، ولأمتكم العظيمة..!!"

النهاية المحتومة!!

وبعد أن عقد هتلر قرانه على إيفا براون، بدأ الحفل بتبادل الأنخاب، وانفرد جوبلز بمكتبه، ليكتب ورقة تم العثور عليها، حينما اقتحم الروس النفق الهتلري.. ومما جاء في تلك الورقة: ".. لقد أمرني الفوهرر أن أغادر وأسرتي برلين، وإني لأول مرة في حياتي، أرفض طاعة أمرٍ أصدره لي صديقي وزعيمي القائد هتلر.. ولقد أيدني في هذا الرفض كل من زوجتي وبناتي.. ولو فعلت غير ذلك لكنت جباناً رعديداً خائناً، لا يعرف الوفاء للرجل العظيم.. ولذا سأبقى إلى جانب الفوهرر، ثم نتبعه أنا وعائلتي إلى العالم الآخر!!"
.. وعندما حانت الساعة المتفق عليها، وهي الثانية عشرة بعد الظهر، دخل هتلر إلى غرفته، حيث كانت إيفا براون قد سبقته إليها وما هي إلا لحظات، حتى سمع كل من كان في القبو صوت الرصاصة القاتلة.. ولما دخلوا الغرفة، كان هتلر ممدداً على الأرض، فالرصاصة المدمرة التي أطلقها في حلقه أفقدته الحياة فوراً..

أما إيفا براون فقد استخدمت للخروج من بوابة الحياة قرصاً صغيراً من أقراص (سيانور البوتاسيوم)..
وبينما كانت القنابل تتساقط على برلين، تم تنفيذ وصية الفوهرر بحرق جثته، وجثة إيفا براون، في حديقة المستشارية.. ولكي يتأكد جوبلز من انتحار زوجته ماجدا، وصغيراته، طلب إلى الطبيب أن يقوم بحقن الصغيرات الواحدة بعد الأخرى بحقنٍ لا تعرضهن إلى آلام الموت.. وانتحرت زوجته بنفس أسلوب إيفا براون..

لما تأكد جوبلز من كل ذلك، أطلق الرصاص في حلقه، فتناثرت جمجمة رأسه.. وكانت الرصاصة الأخيرة التي أُعلن بعدها عن استسلام برلين، فأوقف القتال، وانتهت النازية من سجلّ تاريخ ألمانيا.. لتبدأ مرحلةٌ جديدة من حياة الشعب الألماني، بعيداً عن الحروب.. والقيادات الديكتاتورية.. ليعم فيها الرخاء والطمأنينة والحرية.

***
• بالطبع.. ليس من المناسب أن تكون هناك مقارنة بين جوبلز والصحاف للاختلاف الشاسع بين هذا وذاك!!.. ولكن من الممكن أن نقارن بين ما فعله هتلر وما فعله صدام حسين الذي باء بأخسّ نهاية!!.. وهو صاحب شعار (فليخسأ الخاسئون).. وقد استُخدمت الأموال التي تركها في أماكن متعددة لتجعل من حياة العراقيين تزخر بأخبار الدماء يومياً.. وقد صدق صدام عندما قال يوماً وهو يقود الانقلاب عام ألف وتسعمائة وثمانية وستين: " لقد مضى الزمن الذي تقتحم فيه دبابة مبنى الإذاعة والتلفزيون وتعلن البيان الأول.. وإذا كان هناك من سيحتل بغداد من بعدي.. سيجدها أرضاً جرداء!!.."

.. نعم صدق صدام.. كونه رعديداً جباناً، لا يملك شجاعة دكتاتورٍ عات مثل هتلر الذي مات شجاعاً على الأقل ـ كما قرأنا ـ بينما صدام.. فقد عاش دكتاتوراً.. وسيموت جباناً!!..

أتمنى على الحكومة العراقية أن تفعل مثلما فعلت ألمانيا، حيث جعلت الناس تنسى شيئاً اسمه (هتلر).. وفرضت عقوبة على من يسمي ابنه (هتلر).. كما وأتمنى على الحكومة العراقية أن تجعل محاكمة صدام سرية، وأن تصدر القوانين بعدم الإتيان على ذكر اسمه، ليُمسح من ذاكرة العراقيين المعاصرين.. فما أجمل الحياة عندما ينسى العراقيون رمز الكراهية.. ليزرعوا عراقاً جديداً ملؤه المحبة والسلام، بعد أن يتخلصوا من تلك الآثار التي تركها عهده، وتتجسد الآن يومياً في الساحة العراقية.. بالحرب الطائفية والعرقية والمحاصصة السياسية.. فمثل هذا الجبان لا يستحق أن يُذكر في التاريخ المعاصر.. حتى وإن كان الذكر سلباً!!..