المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ظاهرة جديدة في الوزارات ظاهرة جديدة في الوزارات



فاطمي
06-04-2006, 11:05 AM
تحقيق: نورة ناصر

عندما تزور وزارة من وزارات الدولة وتطلب مقابلة احد المدراء تفاجئك السكرتيرة بالرد: 'أبونا مو موجود'، وأحيانا لا تجد مديرا، بل تصادفك مديرة والأغرب في الأمر ان السكرتيرة أو السكرتير يفاجئك بالرد: 'أمنا غير موجودة'. فهل صار كل مدير في الكويت أبا، وفي المقابل هل صارت كل مديرة اما؟ حول المزيد كان هذا التحقيق.

--------------------------------------------------------------------------------
تصف السكرتيرة تهاني عبدالله هذه الظاهرة بأنها جديدة على المجتمع الكويتي، ففي السابق كان يطلق على المدير لقب الاستاذ، فنسمع من الموظفين عبارة 'الاستاذ غير موجود'، لكنهم يقولون اليوم 'أبونا غير موجود'، وتضيف:
انا سكرتيرة جديدة في الوزارة. عندما تسلمت عملي صرت اسمع زميلاتي يطلقن لقب 'أبونا' على مديرنا، وعندما يأتي مراجع يطلب مقابلة المدير اسمعهن يقلن له 'أبونا مو موجود' أو 'تفضل دش.. أبونا ينطرك'، وسألت زميلاتي عن سبب ذلك، فأوضحن ان المدير يحمل سلطة الأب نفسها، فهو المسؤول عن رعيته ومراجعيه، وهو الآمر الناهي وما علينا سوى التنفيذ.
مديرنا هو الأب الحاني
ووصفت السكرتيرة ليلى جاسم مديرها بالأب الحاني، وقالت:
نطلق على مديرنا لقب أبونا لأنه بالفعل الأب الحاني، يقدر ظروفنا ولا يثقلنا بما هو فوق طاقتنا، ويصدق اعذارنا. لذلك احسسنا انه ابونا الحنون الذي يخاف على بناته، ويتمنى لهن الخير، ولا يتصيد لهن الزلات أو الأخطاء، فصرنا نردد فيما بيننا: وصل أبونا أم لا؟ اتصل أبونا ام لا؟ راح يرجع أبونا من الاجتماع أم لا؟ وهكذا.
والطريف ان المراجعين عندما يسمعوننا نطلق على مديرنا لقب أبونا صاروا يسألون عندما يدخلون ويطلبون مقابلة المدير: أبوكم موجود؟ متى يرجع ابوكم؟ وهكذا.
المديرة تتعبنا
وترى السكرتيرة نجيبة حداد ان المدير يستحق بالفعل ان يطلق عليه لقب الأب أو أبونا لأنه متعاون أكثر من المديرة، وسلس وغير معقد، وتضيف:
كنت اعمل مع مديرة وكانت تثقلنا فوق طاقتنا، ولا تقدر ظروفنا الأسرية، وتطلب منا العمل مثل الآلات التي لا تتوقف، ثم بعد ذلك تظلمنا في التقدير.
ان عمل المرأة مع مدير رجل أفضل بكثير، لذلك طلبت نقلي للعمل في مكان آخر، شرط ان يكون رئيسي في العمل مديرا وليس مديرة، حتى لا تتكرر مأساتي. وبالفعل انا سعيدة الآن في عملي وأشعر ان مديرنا يعطينا الثقة بأنفسنا وبأدائنا، فلا نختلق الأعذار للاستئذان لأننا عاهدنا أنفسنا ان نكون جديرين بالثقة التي منحنا اياها، وصرنا نحب عملنا ونتفانى فيه، بل لا نتململ من العمل، ونستقبل المراجعين بابتسامة.
لا ليس كل المدراء آباء
بينما تعترض هنادي حداد على اطلاق لفظ أبونا على كل المدراء لأن بعضهم لا يستحق ان يكون أبا:
بعض المدراء جافين جدا ولا يرحمون في العمل، ويعاملون السكرتيرة كأنها خادمة، عليها ان تنفذ الأوامر فقط. فان اخطأت قامت الساعة وخصموا من راتبها، علما بأن الكمال لله والملائكة هم وحدهم الذين لا يخطئون.
بعض المدراء نسوا ان السكرتيرة بشر، ويتوقعون منها ان تعمل ليل نهار، وألا تخطئ وان تبتسم للمراجعين دائما من دون اعتبار لظروفها النفسية، وان تكون أنيقة دائما، من دون وضع بند يشجعها على تغيير مظهرها امام المراجعين.
أنا اقول ان ليس كل المدراء آباء على الرغم من اننا لا نعاني في مكتبنا ولله الحمد من أي تعسف، ولكني اسمع العجب العجاب من زميلاتي في المهنة، وأحمد الله انني اعمل مع أب حنون.
أمنا المديرة
ويبدو ان هذه الظاهرة انتقلت من السكرتيرات السيدات الى السكرتارية الرجال. يقول السكرتير مشعل عادل:
اذا كانت السكرتيرة تشعر بحنان المدير وتقديره لها وعطفه واخلاصه في عمله وتفانيه، فاننا كذلك نحن الرجال السكرتارية نشعر بعطف وحنان مديرتنا وتقديرها لنا، ومن هنا فهي تستحق منا ان نطلق عليها لقب امنا، لأنها المسؤولة عنا، وهي التي لها الطاعة بحكم عملها، وهي الحنونة، بل ان حنانها يفوق الرجل.
واذا اشتكت السكرتيرات من معاملة المديرة لهن فنحن لا نشتكي لأن تعامل السيدة مع الرجل مختلف عن تعاملها مع سيدة مثلها، واذا اعتقدت السكرتيرات ان ليس كل المدراء آباء فحتما انه ليس كل المديرات أمهات.
من وزارات الدولة إلى مدارسها
أيضا انتقلت ظاهرة اطلاق لقب الأب والأم على المدير المباشر من وزارات الدولة الى مدارسها، تقول المعلمة ليلى غانم وتعمل رئيسة قسم:
شعور الموظف بالأمان مع مسؤوله يجعله يطلق عليه لقب الأب أو الأم، وهذه الظاهرة منتشرة في الكويت انتشارا ملحوظا، بل انتقلت من وزارات الدولة الى مدارسها. فعلى سبيل المثال انا شخصيا معلماتي يطلقن علي لقب امنا، وأنا لم اجبرهن على ذلك، ولكن هن اخترن ذلك الأمر بأنفسهن لأنني ولله الحمد حنونة عليهن، أقدر ظروفهن. وهن في المقابل عندما وجدن لطف المعاملة اخذن يتفانين في عملهن.
وأنا سعيدة بهذه الكلمة لأنها تشعرني انني بين بناتي وأهلي، وبذلك يصبح العمل متعة حقيقية. وأنا لا امتدح نفسي، بل سمعت اكثر من معلمة تنادي رئيسة قسمها يا ماما أو يا أمي، بل ان هذه الظاهرة غير مقتصرة على مدرستنا، بل على عدد كبير من مدارس الكويت.