فاتن
06-04-2006, 09:56 AM
كسب إعجاب مواطنيه «ببساطته» وقائمة تعهدات «لا تزال تطول بتعدد زياراته للأقاليم»
اراك (ايران): كارل فيك
كانت تراود الإيرانيين العاديين الذين تدفقوا على ملعب كرة القدم المحلي لسماع خطبة الرئيس محمود احمدي نجاد الشهر الماضي، امان كبيرة، وكان الكثير منهم يحمل رسائل مكتوبة بخط اليد. وقد غادروا الملعب بعد انتهاء الخطبة حاملين امانيهم، اذ تم جمع رسائلهم في صناديق كرتونية ضخمة وضعت في عربة بريد تتبع الرئيس نجاد كلما زار اقليما ما، في اطار حملة لتحقيق امنيات كل ايراني.
وقال وضيع الله رضائي، 57 سنة، في تعليقه على الطلب الذي تقدم به الى الرئيس الايراني: «لقد طلبت مسكنا مناسبا، وشرحت له وضعي المالي». كما قالت كوبرا هدياتي، 30 سنة: «لقد اشرت الى عدم اشتغال زوجي، والى مسكننا السيىء والمسافة التي يسيرها اولادي يوميا للوصول للمدرسة». بينما ذكر رضا كريمي، 41 سنة: «لقد كتبت رسالتين. الاولى عن المشاكل التي نعاني منها في الحي، والاخرى عن مشاكلي الخاصة». واضاف قائلاً: «بالطبع لا اتوقع ان يرد على رسائلي شخصيا، لكنني اعتقد انه سيحل، على الاقل، مشاكل الحي. واعتقد انه اذا تمكن، فانه سيساعدنا».
وهذه القناعات، بغض النظر عن ما قاله نجاد عن القوة النووية او موضوع المحرقة، هي التي تبلور شخصية الرئيس الايراني الذي انتخب قبل نحو عام، اضافة الى الاعداد الكبيرة من الايرانيين الذين يبدو انهم ايدوه بعد توليه السلطة في اغسطس (آب) الماضي. واذا كانت صورته في الغرب هي صورة الراديكالي الخطر الذي لا يمت بصلة للواقع، فإن الانطباع السائد في ايران هو العكس تماما.
ويبدي المواطنون العاديون اعجابهم به كشخص ملم بهموم الناس، وبكونه مرشحا شعبيا يتسم بالطيبة وأصبح شخصية مسؤولة. ويظهر احمدي نجاد، في خطاباته وساعات عمله التي تستمر 17 ساعة يوميا ورحلتيه الاسبوعيتين للاقاليم مثل تلك التي قام بها الى وسط البلاد، اهتماما لا يكل بالشؤون الصحية والإسكان، وقبل كل شيء، بتلك المشاكل المالية التي لا تكاد تظهر في الاجندة العالمية لكنها تمثل اهم الاخطار بالنسبة لهذا البلد الذي يصل عدد سكانه الى 70 مليون نسمة.
وقالت اكرام رشيدي، 34 سنة، التي تعمل في قرطاسية حيث يزيد الطلب على المظاريف عن المعروض: «من المهم وجود شخص يتميز بالطيبة بالقرب منك، ويهتم بمشاكلك. النقطة الهامة هي ان الرئيس والشخصيات الهامة تهتم بالشعب».
وكان اهتمام احمدي نجاد بشؤون الايرانيين العاديين قد حدد حملته قبل عام. لكن بعد توليه السلطة نقل السياسات الشعبية الى مرحلة جديدة. وتعد زيارته الى اراك في منتصف مايو (ايار) الماضي، وهي الرحلة 13 الى الاقاليم التي يصطحب فيها اعضاء وزارته، تأكيدا لمثل هذه السياسة. وقال عين الله باقري، 30 سنة، من مدينة خمين، وهي واحدة من 8 مدن زارها الرئيس في يومين: «قدم الكثير من التعهدات التي لا استطيع تذكرها كلها».
وتتراكم تعهدات نجاد بدءا بزيادة الاجور وانتهاء بقروض الاسكان وانشاء مراكز الترويح ومصانع سيارات، رغم انه لا يزال في منتصف جولته لزيارة الاقاليم الثلاثين في البلاد. وقال محلل سياسي ايراني طلب عدم ذكر اسمه: «انه في حملة مستمرة، ويقوم بعمل جيد، لكن سيأتي الوقت الذي سيضطر فيه للقيام بزيارة ثانية لتلك الاقاليم». واضاف: «نحن في مرحلة التمني والمطالبة. اذا نجح سيحول هذه المطالب الى نتائج، واذا فشل ربما سيأتي وقت تتحول فيه الشكوى الى غضب».
وفي الوقت الراهن، تختلف صورة احمدي نجاد في الداخل اختلافا كبيرا عنها في الخارج. فبالرغم من صورته في الغرب كشخص مثير للمتاعب، فإن رئاسته تتميز في الداخل بغياب المعاناة تقريبا.
وبالطبع تظل ايران هي ايران. فالسيطرة على الصحافة اصبحت اكثر تشددا، كما اثار القبض على رامين جهانبنغلو، وهو مفكر، الغموض والقلق في البلاد. الا ان حكومة احمدي نجاد لم تقم بحملات صارمة ومتشددة بخصوص السلوكيات الاجتماعية. فالإيرانيون احرار في تصرفاتهم خلف الابواب المغلقة، وحتى في الاماكن العامة لا يزال بإمكان الشبان تبادل الغزل البسيط في الشوارع، وقد وسعت الفتيات الايرانيات مفهوم «اللباس الاسلامي» بملابس ضيقة نسبياً.
وفي الواقع اثار الرئيس المتشدد دهشة الجماعات المحافظة والليبرالية على السواء، عندما سمح الشهر الماضي لمشجعات كرة القدم بحضور مباريات في الاستاد الوطني، الا ان الامر الغي على الفور بعد ان وجه رجال الدين نداء مباشرا الى المرشد الاعلى للثورة علي خامنئي.
الا ان احمدي نجاد يركز بصفة رئيسية على الاشخاص العاديين، الذين نادرا ما تهتم بهم الثقافة السياسية النخبوية عدا فترة الانتخابات. فاحمدي نجاد يتحدث الى هؤلاء مباشرة وقال للجماهير في اراك «احبكم ايضا». الا ان الجزء الوحيد من الخطاب الذي سمعه العالم الخارجي هو ما قاله العرض الجديد من اوروبا بخصوص تقديم حوافز في حال تخلت ايران عن تخصيب اليورانيوم.
ولم ينتبه رضائي الذي كان بين المستمعين الى هذا التعليق، وقال: «التأكيد الاساسي لهذا الخطاب هو انه سيرفع مستوى الذين حرموا من الحياة الجيدة». ويكسب رضائي رزقه من العزف على مزمار بيد بينما تمسك يده الاخرى بعكاز في شوارع اراك. ويقول رضائي عن الرئيس نجاد: «اهتمامه الرئيسي هو تحقيق التوازن بين الناس الذين يملكون اموالا كثيرة والفقراء. سيقدم لهم الفرصة، هذه هي النقطة التي يحبها الناس كثيراً».
وكان رد الفعل كبيراً في اكثر من نقطة. فعندما عرض احمدي نجاد على الايرانيين قروضا بأسعار فائدة مخفضة، استعد مكتبه لتلقي 30 الف طلب، الا انه تلقى مليوني طلب. وتقدم برامج جديدة اخرى قروضا للمتزوجين حديثا، كما للمزارعين والقرويين وأصحاب الاعمال الصغيرة.
وقال حميد علي زاده الذي يعمل في مكتب بطهران اقيم قرب المنزل المتواضع الذي كان يرمز لشخصية نجاد خلال الحملة الانتخابية: «نتلقى كل يوم بين 130 و150 طلبا». ويتلقى المكتب الذي يطلق عليه اسم «مكتب العلاقات العامة للرئيس» رسائل مكتوبة بخط اليد من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الخامسة والنصف لمدة 6 ايام في الاسبوع. ويتولى علي زاده وضع الخطوط تحت النقاط المهمة، ويكتب طلبا للوزارة المعنية، ثم يسلم المواطن رقم هاتف للاتصال بعد 10 ايام.
وأشار الى ان بعض الطلبات تكون مضحكة، فيقول مثلاً: «طلبت امرأة من الرئيس العثور على زوج لها. الا ان 7 طلبات من كل 10 تطلب مالا». واسفرت زيارة الرئيس الى افقر الاقاليم الايرانية، سيستان وبلوشستان، عن تلقى 200 الف رسالة.
وقالت اشراف سمدي، 47 سنة، التي اقترضت ما يساوي 320 دولارا من جيرانها للقيام بالرحلة التي تستمر 16 ساعة الى العاصمة لتقديم طلبها شخصيا: «يقول الجميع انه سيحل المشاكل، ولذا حضرت الى هنا». وتطلب اشراف مالا لابن يعاني من فشل كلوي وزواج ابنتها. وسألت: هل هناك فرصة لمشاهدة الرئيس شخصياً؟».
وقد تكون عواقب احباط مثل هذه الآمال الشخصية بمثابة كارثة، الا ان حكومة احمدي نجاد تشعر بالاطمئنان بسبب زيادة عوائد صادرات النفط حيث وصل سعر برميل النفط الى 70 دولارا، وهو السعر الذي يعكس، في جزء منه، قلق الاسواق العالمية بسبب تصريحاته النارية حول البرنامج النووي وإسرائيل.
ويرى العديد من الايرانيين ان المواقف المتشددة مقبولة. فبالنسبة لشعب يملك الاعتزاز بالإمبراطورية الفارسية والتاريخ الطويل من الحروب الدفاعية، فان تحديات نجاد تعد امراً روتينياً ومقبولا. وقال ازار مهداوي البائع في محل للاطفال: «يجب استخدام مثل هذا النوع من الكلمات. يجب ان تظهر قوتك».
لكن هناك آخرين يعترضون على الاهتمام بأي مشكلة عدا مشاكلهم الخاصة. ففي اراك علقت يافطة عليها عبارة «الحياة الافضل حقنا الذي لا ينكر» في اشارة الى الشعار المؤيد للبرنامج النووي. وفي احتفال بمناسبة عيد العمال هتف اعضاء النقابات «انسوا فلسطين، ماذا عنا نحن؟». وقالت اكرام رشيدي التي تعمل في القرطاسية: «لدى الناس توقعات كبيرة». وروت كيف اصطحبت اختها لمشاهدة احمدي نجاد عندما كان لا يزال عمدة لإيران، حول قضية تتعلق بتحديد حدود مدينة. ولم تظهر أي نتيجة لطلبها لكن ما تتذكره بعد سنوات هو اهتمامه بها.
وفي منطقة خمين، طلب ذبيح الله سارلاك من احمدي نجاد «الاهتمام بابنه المختل عقليا اذا توفي هو. وقال سارلاك، 50 سنة، ان الرئيس تعهد للجميع، لكنه قال ايضا ان الامر يستغرق وقتا». وتابع سارلاك قائلاً: «قال انك اذا اشتريت كيلوغراماً من اللحم ثم اخذته الى منزلك وطهيته، فان الامر يستغرق وقتا. لكنه سيطبق ما قاله».
(* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»)
اراك (ايران): كارل فيك
كانت تراود الإيرانيين العاديين الذين تدفقوا على ملعب كرة القدم المحلي لسماع خطبة الرئيس محمود احمدي نجاد الشهر الماضي، امان كبيرة، وكان الكثير منهم يحمل رسائل مكتوبة بخط اليد. وقد غادروا الملعب بعد انتهاء الخطبة حاملين امانيهم، اذ تم جمع رسائلهم في صناديق كرتونية ضخمة وضعت في عربة بريد تتبع الرئيس نجاد كلما زار اقليما ما، في اطار حملة لتحقيق امنيات كل ايراني.
وقال وضيع الله رضائي، 57 سنة، في تعليقه على الطلب الذي تقدم به الى الرئيس الايراني: «لقد طلبت مسكنا مناسبا، وشرحت له وضعي المالي». كما قالت كوبرا هدياتي، 30 سنة: «لقد اشرت الى عدم اشتغال زوجي، والى مسكننا السيىء والمسافة التي يسيرها اولادي يوميا للوصول للمدرسة». بينما ذكر رضا كريمي، 41 سنة: «لقد كتبت رسالتين. الاولى عن المشاكل التي نعاني منها في الحي، والاخرى عن مشاكلي الخاصة». واضاف قائلاً: «بالطبع لا اتوقع ان يرد على رسائلي شخصيا، لكنني اعتقد انه سيحل، على الاقل، مشاكل الحي. واعتقد انه اذا تمكن، فانه سيساعدنا».
وهذه القناعات، بغض النظر عن ما قاله نجاد عن القوة النووية او موضوع المحرقة، هي التي تبلور شخصية الرئيس الايراني الذي انتخب قبل نحو عام، اضافة الى الاعداد الكبيرة من الايرانيين الذين يبدو انهم ايدوه بعد توليه السلطة في اغسطس (آب) الماضي. واذا كانت صورته في الغرب هي صورة الراديكالي الخطر الذي لا يمت بصلة للواقع، فإن الانطباع السائد في ايران هو العكس تماما.
ويبدي المواطنون العاديون اعجابهم به كشخص ملم بهموم الناس، وبكونه مرشحا شعبيا يتسم بالطيبة وأصبح شخصية مسؤولة. ويظهر احمدي نجاد، في خطاباته وساعات عمله التي تستمر 17 ساعة يوميا ورحلتيه الاسبوعيتين للاقاليم مثل تلك التي قام بها الى وسط البلاد، اهتماما لا يكل بالشؤون الصحية والإسكان، وقبل كل شيء، بتلك المشاكل المالية التي لا تكاد تظهر في الاجندة العالمية لكنها تمثل اهم الاخطار بالنسبة لهذا البلد الذي يصل عدد سكانه الى 70 مليون نسمة.
وقالت اكرام رشيدي، 34 سنة، التي تعمل في قرطاسية حيث يزيد الطلب على المظاريف عن المعروض: «من المهم وجود شخص يتميز بالطيبة بالقرب منك، ويهتم بمشاكلك. النقطة الهامة هي ان الرئيس والشخصيات الهامة تهتم بالشعب».
وكان اهتمام احمدي نجاد بشؤون الايرانيين العاديين قد حدد حملته قبل عام. لكن بعد توليه السلطة نقل السياسات الشعبية الى مرحلة جديدة. وتعد زيارته الى اراك في منتصف مايو (ايار) الماضي، وهي الرحلة 13 الى الاقاليم التي يصطحب فيها اعضاء وزارته، تأكيدا لمثل هذه السياسة. وقال عين الله باقري، 30 سنة، من مدينة خمين، وهي واحدة من 8 مدن زارها الرئيس في يومين: «قدم الكثير من التعهدات التي لا استطيع تذكرها كلها».
وتتراكم تعهدات نجاد بدءا بزيادة الاجور وانتهاء بقروض الاسكان وانشاء مراكز الترويح ومصانع سيارات، رغم انه لا يزال في منتصف جولته لزيارة الاقاليم الثلاثين في البلاد. وقال محلل سياسي ايراني طلب عدم ذكر اسمه: «انه في حملة مستمرة، ويقوم بعمل جيد، لكن سيأتي الوقت الذي سيضطر فيه للقيام بزيارة ثانية لتلك الاقاليم». واضاف: «نحن في مرحلة التمني والمطالبة. اذا نجح سيحول هذه المطالب الى نتائج، واذا فشل ربما سيأتي وقت تتحول فيه الشكوى الى غضب».
وفي الوقت الراهن، تختلف صورة احمدي نجاد في الداخل اختلافا كبيرا عنها في الخارج. فبالرغم من صورته في الغرب كشخص مثير للمتاعب، فإن رئاسته تتميز في الداخل بغياب المعاناة تقريبا.
وبالطبع تظل ايران هي ايران. فالسيطرة على الصحافة اصبحت اكثر تشددا، كما اثار القبض على رامين جهانبنغلو، وهو مفكر، الغموض والقلق في البلاد. الا ان حكومة احمدي نجاد لم تقم بحملات صارمة ومتشددة بخصوص السلوكيات الاجتماعية. فالإيرانيون احرار في تصرفاتهم خلف الابواب المغلقة، وحتى في الاماكن العامة لا يزال بإمكان الشبان تبادل الغزل البسيط في الشوارع، وقد وسعت الفتيات الايرانيات مفهوم «اللباس الاسلامي» بملابس ضيقة نسبياً.
وفي الواقع اثار الرئيس المتشدد دهشة الجماعات المحافظة والليبرالية على السواء، عندما سمح الشهر الماضي لمشجعات كرة القدم بحضور مباريات في الاستاد الوطني، الا ان الامر الغي على الفور بعد ان وجه رجال الدين نداء مباشرا الى المرشد الاعلى للثورة علي خامنئي.
الا ان احمدي نجاد يركز بصفة رئيسية على الاشخاص العاديين، الذين نادرا ما تهتم بهم الثقافة السياسية النخبوية عدا فترة الانتخابات. فاحمدي نجاد يتحدث الى هؤلاء مباشرة وقال للجماهير في اراك «احبكم ايضا». الا ان الجزء الوحيد من الخطاب الذي سمعه العالم الخارجي هو ما قاله العرض الجديد من اوروبا بخصوص تقديم حوافز في حال تخلت ايران عن تخصيب اليورانيوم.
ولم ينتبه رضائي الذي كان بين المستمعين الى هذا التعليق، وقال: «التأكيد الاساسي لهذا الخطاب هو انه سيرفع مستوى الذين حرموا من الحياة الجيدة». ويكسب رضائي رزقه من العزف على مزمار بيد بينما تمسك يده الاخرى بعكاز في شوارع اراك. ويقول رضائي عن الرئيس نجاد: «اهتمامه الرئيسي هو تحقيق التوازن بين الناس الذين يملكون اموالا كثيرة والفقراء. سيقدم لهم الفرصة، هذه هي النقطة التي يحبها الناس كثيراً».
وكان رد الفعل كبيراً في اكثر من نقطة. فعندما عرض احمدي نجاد على الايرانيين قروضا بأسعار فائدة مخفضة، استعد مكتبه لتلقي 30 الف طلب، الا انه تلقى مليوني طلب. وتقدم برامج جديدة اخرى قروضا للمتزوجين حديثا، كما للمزارعين والقرويين وأصحاب الاعمال الصغيرة.
وقال حميد علي زاده الذي يعمل في مكتب بطهران اقيم قرب المنزل المتواضع الذي كان يرمز لشخصية نجاد خلال الحملة الانتخابية: «نتلقى كل يوم بين 130 و150 طلبا». ويتلقى المكتب الذي يطلق عليه اسم «مكتب العلاقات العامة للرئيس» رسائل مكتوبة بخط اليد من الساعة الثامنة صباحا حتى الساعة الخامسة والنصف لمدة 6 ايام في الاسبوع. ويتولى علي زاده وضع الخطوط تحت النقاط المهمة، ويكتب طلبا للوزارة المعنية، ثم يسلم المواطن رقم هاتف للاتصال بعد 10 ايام.
وأشار الى ان بعض الطلبات تكون مضحكة، فيقول مثلاً: «طلبت امرأة من الرئيس العثور على زوج لها. الا ان 7 طلبات من كل 10 تطلب مالا». واسفرت زيارة الرئيس الى افقر الاقاليم الايرانية، سيستان وبلوشستان، عن تلقى 200 الف رسالة.
وقالت اشراف سمدي، 47 سنة، التي اقترضت ما يساوي 320 دولارا من جيرانها للقيام بالرحلة التي تستمر 16 ساعة الى العاصمة لتقديم طلبها شخصيا: «يقول الجميع انه سيحل المشاكل، ولذا حضرت الى هنا». وتطلب اشراف مالا لابن يعاني من فشل كلوي وزواج ابنتها. وسألت: هل هناك فرصة لمشاهدة الرئيس شخصياً؟».
وقد تكون عواقب احباط مثل هذه الآمال الشخصية بمثابة كارثة، الا ان حكومة احمدي نجاد تشعر بالاطمئنان بسبب زيادة عوائد صادرات النفط حيث وصل سعر برميل النفط الى 70 دولارا، وهو السعر الذي يعكس، في جزء منه، قلق الاسواق العالمية بسبب تصريحاته النارية حول البرنامج النووي وإسرائيل.
ويرى العديد من الايرانيين ان المواقف المتشددة مقبولة. فبالنسبة لشعب يملك الاعتزاز بالإمبراطورية الفارسية والتاريخ الطويل من الحروب الدفاعية، فان تحديات نجاد تعد امراً روتينياً ومقبولا. وقال ازار مهداوي البائع في محل للاطفال: «يجب استخدام مثل هذا النوع من الكلمات. يجب ان تظهر قوتك».
لكن هناك آخرين يعترضون على الاهتمام بأي مشكلة عدا مشاكلهم الخاصة. ففي اراك علقت يافطة عليها عبارة «الحياة الافضل حقنا الذي لا ينكر» في اشارة الى الشعار المؤيد للبرنامج النووي. وفي احتفال بمناسبة عيد العمال هتف اعضاء النقابات «انسوا فلسطين، ماذا عنا نحن؟». وقالت اكرام رشيدي التي تعمل في القرطاسية: «لدى الناس توقعات كبيرة». وروت كيف اصطحبت اختها لمشاهدة احمدي نجاد عندما كان لا يزال عمدة لإيران، حول قضية تتعلق بتحديد حدود مدينة. ولم تظهر أي نتيجة لطلبها لكن ما تتذكره بعد سنوات هو اهتمامه بها.
وفي منطقة خمين، طلب ذبيح الله سارلاك من احمدي نجاد «الاهتمام بابنه المختل عقليا اذا توفي هو. وقال سارلاك، 50 سنة، ان الرئيس تعهد للجميع، لكنه قال ايضا ان الامر يستغرق وقتا». وتابع سارلاك قائلاً: «قال انك اذا اشتريت كيلوغراماً من اللحم ثم اخذته الى منزلك وطهيته، فان الامر يستغرق وقتا. لكنه سيطبق ما قاله».
(* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»)