مشاهدة النسخة كاملة : برنامج ساخر لـ "إل بي سي" يفجر غضب أنصار "حزب الله"
قطع آلاف المواطنين اللبنانيين الموالين لحزب الله اللبناني مساء أمس طريق مطار بيروت في تظاهرة احتجاجاً على بث المؤسسة اللبنانية للإرسال (ال بي سي) برنامجاً ساخراً تناول الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. كما شهدت مناطق لبنانية مختلفة تظاهرات متشابهة اطلقت خلالها الصيحات وأحرقت اطارات السيارات. ودعا حزب الله في بيان له المحتجين الى التزام الهدوء ووعدهم بحل المسألة بالأساليب المناسبة.
شربل خليل لـ «الرأي العام»: أحترم نصرالله وأجلّه وأعتذر منه
بيروت من محمد حسن حجازي
لم يعرف ما هو رقم الاتصال الذي اجريناه معه، لان ما يرده منذ ليل امس لا يصدق بعدما «احترقت» بيروت نتيجة تقليد برنامج «بس مات وطن» الذي يعده ويخرجه في تلفزيون «ال بي سي» للأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله.
«ربما معظم النواب والشخصيات والمسؤولين وكل العالم تحدثوا معي يوم امس», هكذا بادرنا الفنان شربل خليل ونحن نسأله بداية عن عدد المتصلين به, ومعه بادر هذا الحوار الذي نتركه على عفويته:
• استاذ شربل انت تدرك حجم الضجة التي تسببت بها ليل امس (امس الاول)؟
- طبعاً.
• اين انت الآن؟
- في بيتي.
• كانت ليلة صعبة عليك؟
- صعبة جداً (يتأفف)، وانا اعتذر مرة جديدة عما حصل، اعتذر من كل قلبي, اعتذر من الذين اعتبروا ان اساءة طالتهم من خلال ما كتبته وقدمته في بس مات وطن وخرجوا الى الشوارع مستنكرين، كذلك اعتذر من الذين تضرروا جسدياً او في ممتلكاتهم من سيارات ومنازل.
• من تقصد جسدياً؟
- هناك عدة جرحى, كانت هناك فورة، وممن أُخذوا بهذه الفورة سامي الجميل نجل الرئيس الجميل، الذي ما زال يعالج في مستشفى اوتيل ديو.
• هل استدعيت من اي جهة امنية او قضائية وهل أطلعت على بيان المجلس الوطني للاعلام؟
- لا انه لا يحملني المسؤولية بشكل كامل، عليّ بعضها، وعلى المؤسسة جزء ايضاً, انت تعرف نحن في برنامجنا نتصرف بشكل مباشر، تقريباً معظم الشخصيات نتناولها، ولم تحصل ردة فعل كما حصل مع سماحة السيد حسن نصرالله، والذي اعتبره بحق سيد المقاومة وأحترمه وأجلّه.
• اذن؟
- لا اعرف ما هي المشكلة ولماذا «بس مات وطن» ترمى عليه كامل التبعات, يا اخي تظهر صور سماحة السيد في اكثر من رسم كاريكاتوري في الصحف والمجلات وحتى على الشاشات من قبل رسامي الكاريكاتور ولم اقرأ ولا مرة ان احداً اعترض او استاء او ان الشارع مثلاً تحرك مثلما حصل مع حلقة «بس مات وطن» ليل امس (اول من امس).
• انت كيف تفسر ردة الفعل، ولماذا حصلت على هذه الصورة؟
- صدقني انا لم افهم ما حصل, حتى الآن تدور الامور من حولي وانا اتساءل ما الذي فعلته وكان مسيئاً, برنامجنا عمل تلفزيوني انتقادي، والذين يتابعونه يعرفون انه لم يوفر احداً من انتقاداته، فلماذا اذن كان الرد عنيفاً هذه المرة.
• يعني نحن في مجتمع تعددي، وكان مفترضاً ان تكون حساباتك اكثر دقة خصوصاً وأنت تتناول رجل دين، ورمزاً في قيمة السيد نصرالله؟
- انا معك، لكنني لا انسى ولا لحظة انني في لبنان، وأحب ان اقول كل ما اشعر به، كل ما افكر به, ألسنا بلد الحرية؟ والا فما معنى ان يكون البلد بكامله، ولماذا عندما نقول رأياً يفترض الآخر اي آخر ان نيتنا سلبية او سيئة, الكل يدرك ان هذا الرجل شخصية محترمة حتى عند اعدائها، عند اسرائيل، فأنا احترمه، واعرف ان هناك مداً شعبياً واسعاً يحبه، لكننا لم نقصد اي إهانة او اساءة.
• هل اتصل بك احد من «حزب الله»؟
- نعم، من ضمن لائحة طويلة من المتصلين.
• سمعنا عن تلقيك تهديدات، هل حصل هذا فعلاً؟
- نعم.
• ممن؟
- E - MAIL، وSMS، واتصالات تقول لي: ضب اغراضك واختفي، عندك اولاد وعيلة خاف عليها ولاقيلك بلد يستقبلك، او رح نعملك كفتة يا كذا وكذا.
• وردة فعلك؟
- ابداً انا معتاد على التهديدات فأنا عانيت 30 سنة من الضغط العسكري والمخابراتي السوري، كل هذا تعودت عليه.
• ألست خائفاً؟
- انا لا اخاف من ابن بلدي.
• يعني؟
- ما حدا يفكر اني رح فل، رح ضل، هيدا بلدي وهيدي ارضي، وهودي ناسي، وما حدا بيقدر يقلعني لانو شروشي غماق كتير، قراري من زمان ضل هون.
• والعائلة؟
- ابداً عم نحضّر حالنا للغدا, تفضل معزوم على طاولتنا.
• وكيف تعتقد ان الامور ستكون لاحقاً؟
- ابداً انا لن اتغير.
• لن تعمل حساباً لما حصل؟
- طبعا كل الحساب.
• يعني؟
- لن اتناول السيد نصرالله في اي حلقة.
• الا يجعلك هذا تعد حتى المئة قبل تناول اي شخصية لاحقاً؟
- انا اريد لبرنامجي ان يستمر ويظل متألقاً وان اشعر في الشكل العام بأنني احترم الناس التي تنتظرني اسبوعياً, لن اتأثر لما جرى ويجري لكنني اؤكد مجدداً على اعتذاري من السيد نصرالله شخصياً ومن محبيه، واؤكد انني احترمه، لكنني بكل بساطة لن اتناوله في اي حلقة لاحقاً.
• اذا ما حصل وطلب منك التخفيف من حدة مواقفك ازاء شخصيات البلد عموماً هل ستقبل؟
- انا اعرف جيداً ان هناك وضعاً حساساً جداً في لبنان، واعرف تداخل المسائل على اختلافها، لكنني اصر على ان ما فعلته لم تكن الغاية منه الاساءة، وعندما نقسو احياناً يكون هدفنا لفت الانتباه الى ما يجري، وعدم ترك الامور تجري دونما مساءلة او انتقاد.
• هل طلبت حراسة شخصية؟
- لا (ضاحكاً) حبيبي انا فنان، وواجبي اقوم به منذ سنوات, لست طارئاً على الوسط الفني، وما اقوله وما افعله ليس جديداً، نحن بلد حر, لكنني اعترف ان هناك حساسيات كثيرة، وظروفاً استجدت في بلدنا تستدعي الانتباه والتريث.
• هل تصورت ان تكون انت مشعلاً فتيل حرب جديدة لا سمح الله؟
- معاذ الله، حربنا ذهبت الى غير رجعة, الذي حصل كان اسلوباً في التعبير اردنا من خلاله الدلالة على جانب من واقعنا اللبناني، لكن هذا لا يمنع ان هناك من استاء، وهذا من حق اي شخص.
• الا تعتقد ان هناك من اثار الموضوع جماهيرياً؟
- اعتقد ان الرمز الذي يمثله السيد نصرالله كان وراء هذه الاندفاعة عند الناس, لكنني حقيقة اعتذر ولا اجد حرجاً في تكرار الاعتذار طالما ان ما ظهر اشعر الناس بالاساءة.
هل نصر الله فوق النقد؟
د عبدالخالق حسين
للمرة الثانية أضطر إلى الكتابة عن السيد حسن نصرالله، زعيم "حزب الله" الذي ابتلى به لبنان وشعب لبنان منذ السبعينات من القرن الماضي. فاسمه واسم حزبه مرتبطان باندلاع نيران الحرب الأهلية التي أحرقت لبنان بعد أن كان يسمى بسويسرا العرب. ففي المرة الأولى كان في شباط 2003، أي قبَيْل سقوط النظام البعثي الفاشي في العراق، عندما اختار هذا الرجل الوقوف إلى جانب الجلاد صدام، مدافعاً عن نظامه الآيل للسقوط، بدلاً من الدفاع عن الشعب العراقي وحقه في الحياة الكريمة. وكان عنوان المقال (نصر الله يقوم بدور عمر بن العاص). فحسن نصر الله وولي نعمته، علي خامنئي، يلهجون ليل نهار باسم علي بن أبي طالب، ويدَّعون أنهم من شيعته، ولكن في الحقيقة فهم يسيرون على نهج معاوية وعمر بن العاص. فقد دعا حسن نصر الله إلى حرق العراق استجابة لتعليمات ولي نعمته، مرشد جمهورية الملالي الإسلامية في إيران ونكاية بأمريكا.
أما اليوم فإن حسن نصر الله يدعو إلى إدخال وطنه، لبنان، ثانية إلى محرقة حرب أهلية لا يعلم أحد كيف تنتهي إلا الله. لماذا؟ لأن برنامجاً تلفزيونياً تهكمت عليه!!
عجيب أمر هؤلاء. عرفنا قبل أشهر، أقام الإسلاميون الدنيا ولم يقعدوها على أثر الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها صحيفة دنماركية في سبتمبر من العام الماضي. ولكن حزب الله وأسياده في إيران وسوريا، لم يكتفوا آنذاك بالاحتجاج المتحضر، كمظاهرات هادئة وتقديم مذكرات احتجاجية، بل لجأوا إلى حرق سفارتي الدنيمارك والنرويج في دمشق ولبنان وطهران. كما وقامت أشقيائية حسن نصر الله في بيروت بالاعتداء على دور العبادة للمسيحيين اللبنانيين، تماماً كما قام فلول البعث وحلفاؤهم الإرهابيون من أتباع القاعدة وعملاء إيران وسوريا في العراق بالاعتداء على المسيحيين وكنائسهم. هذه هي شيمة المتأسلمين اليوم وتطبيقهم لتعاليم دينهم (لا تزر وازرة وزر أخرى).
والآن وبسبب برنامج تلفزيوني، بثته محطة تلفزيون (أل بي سي) اللبنانية، فيه نوع من التهكم على حسن نصر الله وليس على الرسول، معاذ الله، انقلبت الدنيا ثانية. إن هكذا نقد ساخر يتعرض له زعماء الدول الديمقراطية يومياً وعلى مدار الساعة، بل ويرمونهم بالطماطم والبيض الفاسد، ودون أن تحرك فيهم شعرة. هذا هو الفرق بين الزعماء الديمقراطيين الغربيين الناضجين، وزعماء عصابات البلطجية في دولنا العربية. فالزعماء الغربيون يثقون بأنفسهم وبشعوبهم التي اختارتهم للحكم عبر صناديق الاقتراع، فيعتبرون هذه الانتقادات التهكمية الساخرة ضدهم والتي يقدمها فنانون في برامج تلفزيونية فكاهية كوسيلة للترويح عن الضغوط النفسية لدى مشاهديهم، ودليل على روح التسامح التي يتمتع بها زعماء الغرب "الكفار". ولم نسمع يوماً أن زعيماً غربياً هدد بأخذ إجراءات قضائية ضد أي برنامج أو مصدر إعلامي تهكمي تعرض له، ناهيك عن خروج حزبه في مظاهرات صاخبة ضد أية جهة إعلامية.
ربما كان هناك نوع من العذر في خروج الجماهير بمظاهرات ضد الرسوم الكاريكاتيرية الدنماركية لأنها كانت تسخر من الرسول. ولكن هل وصل حسن نصر الله إلى مستوى رسول الله النبي محمد (ص) لكي تقوم المظاهرات الصاخبة وأعمال استفزازية ضد المسيحيين اللبنانيين والتهديد بإشعال حرب أهلية؟ وما ذنب المسيحيين ببرنامج تلفزيوني؟ أليس هذا دليل جبن وبطولات دونكيشوتية يبديها "مجاهدو" اليوم ضد الأبرياء؟ عجيب أمر هؤلاء الزعماء؟ البرنامج قدمته محطة تلفزيونية، فلماذا هذا التهديد ضد الآخرين الذين لا علاقة لهم بالموضوع، لا من قريب ولا من بعيد؟
في حقيقة الأمر، إن هذه العربدة التي أثارها حسن نصر الله وحزبه بسبب برنامج تلفزيوني، لدليل على الشعور بالنقص وعدم تحملهم لأي نقد. فاستغلال المناسبة لإثارة الغوغاء في لبنان ضد المسيحيين، ما هو إلا ذريعة واهية لإبراز عضلات البلطجية والاستقواء بإيران والتهديد بحرق لبنان.
إن تهديد حزب الله للمسيحيين في لبنان بإشعال حرب أهلية لم يأت من لا شيء، بل هو عمل مكمل لما يجري في العراق وفي غزة والضفة الغربية. إنه متزامن مع الضغوط التي تفرضها أمريكا والوحدة الأوربية على إيران بسبب برنامجها النووي. فأصدرت إيران أوامرها إلى الأحزاب الإسلاموية، ومليشياتها في العراق ولبنان بإثارة المشاكل. فمحافظة البصرة كانت هادئة نسبياً منذ سقوط الفاشية وحتى وقت قريب. ولكن مع بروز الصراع حول امتلاك إيران للتكنولوجية النووية، بدأت المساعي المحمومة من قبل مرتزقة إيران المتمثلة بمليشيات (جيش المهدي) و(فيلق بدر) لتحويل البصرة إلى فلوجة ثانية وإمارة للطالبان الشيعة فيها. والآن اختلق حزب حسن نصر الله مناسبة برنامج تلفزيوني ذريعة لإشعال حرب طائفية في لبنان ما هو إلا تكملة لهذه الفوضى التي تسعى إيران وسوريا إشعالها في دول المنطقة.
الحكومة اللبنانية مدعوة اليوم أن لا ترضخ لتهديدات بلطجية حسن نصرالله، ولا تذعن لمطالبهم، لأن أي استجابة لهم يعني تشجيع البلطجية لخلق المزيد من المشاكل. وعلى مسؤول محطة (أل بي سي) عدم تقديم أي اعتذار للسيد حسن نصر الله. فلبنان يجب أن يبقى معقلاً لحرية التعبير وإلا نقرأ على حرية الصحافة السلام.
____________________
مقالة ذات علاقة بالموضوع
نصرالله يقوم بدور عمرو بن العاص
http://www.nahrain.com/d/news/03/02/12/nhr0212v.html
حسن نصر الله قديس القديسين!؟؟
مراد مصطفى
بعد بشاعة ردود الغوغائية الإسلامية المسيرة من رجال الدين والمجموعات والأحزاب الإسلامية، نشاهد اليوم مهزلة مأساوية جديدة في لبنان. نرى حشد الجماهير الطائفية والمخدوعة في مظاهرات عاصفة وهجوم على مناطق المسيحيين. ولماذا يا ترى؟ بالنسبة للرسوم الكاريكاتورية الفاشلة عن الرسول الكريم يمكن أن تفهم سرعة حشد بسطاء المسلمين، الذين صوروا لهم أن الغرب والمسيحيين مسؤولون عن رسوم فاشلة أريد بها فضح استغلال الإرهابيين الإسلاميين لاسم الله واسم النبي. أما هذه المرة فالطامة أكبر من الكبيرة. إن الشارع الشيعي اللبناني يرد بالعنف والصخب الهائج على حلقة تلفزيونية لبنانية سخرت من نصر الله كما تسخر من سائر السياسيين اللبنانيين فهل نصر الله صار بمقام الأنبياء؟
لبنان قد عرف في تاريخه الحديث باحترام حرية الرأي والنشر والإبداع، ولم يحظر في لبنان حزب إسلامي متطرف حتى جاء خميني لخلق حزب الله بدعم سوري شامل.
إن حزب الله ساهم في تخريب لبنان برغم دوره المبالغ فيه جدا في ما يسمى بمقاومة إسرائيل، ولم نر نصر الله يطلب يوما من السوريين تحرير الجولان برغم دعمه العلني للغزو السوري لبلاده، هذا الغزو المستمر عبر المخابرات السورية المنتشرة في أجهزة الدولة.
حزب الله يريد اغتيال كل حرية تعبير في لبنان بعد أن ملأ نصفه بسواد الحجاب. فهل يريد إقامة نظام إسلامي طائفي ملحق بإيران كما يفعل زملاؤه في العراق، الذين يحتلون البصرة ويدمرون نسيجها وينهبون نفط العراق عبر حزب الفضيلة والمجلس الأعلى والتنظيمات الطائفية الأخرى، التي تغتال مليشياتها الصحفيين والأساتذة وتغتال حريات الطلبة والمواطنين والموسيقى، وتفرض عليهم طرازا معينا من المأكل والمشرب والملبس، كما بفعل الزرقاويون الأوباش.
إن حزب الله اللبناني يقوم بلعبة خطرة تهدد بإشعال الحرب الأهلية مجددا في لبنان. كما يمكن فهم هذا الهيجان الغوغائي الطائش، كما ربما تكون محاولة من محاولات سوريا لصرف النظر عن مسؤولية اغتيال الحريري.
نصر الله رجل سياسية والسياسي كأي إنسان ليس بالمقدس حتى يسن شريعة تعتبر كل نقد له جريمة كبرى وكفرا بالله. يظهر أن لحزب الله وقادته رأيا آخر ما دام حزبه في الأصل قد وصف نفسه بكونه هو حزب لله!!
أجل، إن أكبر رجل سياسي وأكبر مرجع ديني غير مقدسين ولا يمكن لهما المطالبة باغتيال حرية الرأي والتعبير والإبداع. وإنها بالعكس لجريمة كبرى حين يراد نشر ظلام الغوغائية والتطرف وقتل الحريات. كما أن على المجلس الوطني اللبناني للإعلام عدم الانسياق وراء تطرف المتطرفين وتحريم نقد نصر الله، هو مباح تجاه جميع السياسيين الآخرين. إن خطوة هذا المجلس كانت رضوخا لغوغائية التطرف الإسلامي الذي صار يهدد الحضارة والمثل الديمقراطية في كل مكان. وأخيرا فإن على حزب الله أن لا ينسى أنه لولا سوريا وإيران لكان دوره أصغر من الصغير، بل من المرجح أن حزبا كهذا ما كان يولد في لبنان.
فاطمي
06-04-2006, 10:43 AM
فؤاد الهاشم - الوطن
.. عرض تلفزيون «L.B.C» اللبناني حلقة من البرنامج الكوميدي «بس ـ مات ـ وطن» ظهر فيه احد الممثلين وهو يؤدي مشهدا ساخرا يقلد فيه زعيم حزب الله السيد حسن نصرالله، فانفجر غضب «المشحرين والمعترين وبياعين المناقيش» ونزلوا الى الشارع وأحرقوا الاطارات وقطعوا الطرق ولوحوا.. بالانتقام!!
تلفزيون اسرائيل يسخر من كل قادته وزعاماته وضباطه وجنوده ويلسعهم بسياط النقد ليل نهار، ومع ذلك، فلم يغضب احد هناك ولم يحرق اطارا ولم يقطع طريقا!! مشكلة السيد حسن نصرالله ـ مثل كل مشاكل رجال الدين الذين يلجون في السياسة ـ ان عمامتهم تعطيهم الكمال وممارساتهم السياسية تمتلىء بالنقصان، فان انتقدته فأنت تنتقد الدين ـ مع انك تنتقد عمله السياسي ـ ولو انه ارتدى بدلة «كاجوال» وقاد حزبه «بالقميص والبنطلون» فهل سيبقى الجنوب اللبناني محتلا وترفض اسرائيل.. الانسحاب منه؟!
المشكلة الأزلية للأمتين العربية والاسلامية ان شعوبها تعتبر حكامها آلهة ورجال دينها ملائكة، لهذا السبب انتصر خمسة ملايين يهودي على مليار ونصف مليار مسلم، وحتى يصحو «المشحرين والمعترين» ويعرفوا ان السيد نصرالله ليس نبيا «قد خلت من قبله الرسل»، فان المصيبة ستكبر وتتضخم ويستمر... «الشحار والتعتير»!!
حزب الله على باب الانقسام الأهلي
بلال خبيز
من عادة السيد حسن نصرالله ان يدخل في باب السجال اللبناني – اللبناني إثر كل ازمة منسحباً من تفاعلات الصراعات الأهلية. فالحزب الذي يقوده السيد نصرالله هو حزب مقاومة. حزب الله هو الحزب الذي يتشاوف على باقي الأحزاب والتيارات اللبنانية بأنه الحزب الوحيد الذي لم يدخل في صراعات اهلية. ولم يوجه سلاحه إلى اي طرف داخلي.
والحق ان معارك الحزب مع حركة امل في العام 1989، والتي دارت رحاها في ضاحية بيروت الجنوبية وفي جنوب لبنان وبقاعه، تأتي في سياق الدفاع عن المقاومة، اكثر مما تأتي، في حسبان الحزب، في سياق الدخول في صراعات اهلية مكلفة. من المنصف القول ان حزب الله لم يدخل منذ ذلك الحين في صراعات داخلية عميقة، وكان بين الفينة والفينة يتدخل في شأن من الشؤون الداخلية لكنه سرعان ما ينسحب من الميدان امام دهاقنة السياسة اللبنانية الذين كانوا يحاصرونه كل مرة يرى من حقه التدخل فيها في شؤون داخلية عامة. حتى تاريخ الانسحاب السوري من لبنان، كان الحزب ما يزال محافظاً على موقعه هذا. رافضاً إغراءات الدخول طرفاً في اللعبة السياسية الداخلية.
وهذا الترفع جعل كلمة الحزب محترمة ومقدرة في الأوساط اللبنانية كافة، وجعل المناقشة معه، مهما بلغ اختلاف الرأي، تلتزم اداب المجاملات السياسية بين اهل الطوائف وزعمائها. مما عزز الرأي القائل بفساد السياسة الداخلية ونبل المقاصد والاهداف التي تحرك حزب الله وقادته ومناصريه.
الانضباط الذي يتحدث عنه اللبنانيون، والذي كان مفقوداً ليلة الخميس من الاسبوع الماضي، يعود في عمق اسبابه إلى ثقافة حزب الله المترفعة عن الدخول في شؤون نافلة وتفاصيل لا قيمة معنوية لها. كان الحزب يقاتل العدو ويحمي الحدود والناس في الداخل يتقاتلون. على مثل هذه الأرضية يمكن تفهم الغضب الذي شعر به مناصرو حزب الله إثر تعرض برنامج بس مات وطن الذي تبثه المؤسسة اللبنانية للإرسال لشخص السيد حسن نصرالله. فالسيد والحزب من ورائه كان يترفع عن الدخول في مناوشات تفتقد إلى اداب المجاملات السياسية في لبنان، وكان من ناحية ثانية يحمي نفسه من ان يكون هدفاً لقلة الادب السياسي الذي يحكم المناوشات السياسية اللبنانية منذ اكثر من عقدين.
لكن ما جرى ليلة الخميس لا يمكن وصفه دفاعاً مشروعاً عن تحييد السيد نصرالله في السجال الداخلي. فهذه الحادثة في اصلها واساسها تملك وجهين لا يمكن اخفاء واحدهما بقناع الآخر. الوجه الاول هو الدفاع عن موقع الحزب الذي حققه بالعرق والدم والمعاناة، والوجه الثاني هو دخول في تضاعيف الازمة اللبنانية الداخلية والاستقرارطرفاً اهلياً على ضفاف الانقسام الأهلي اللبناني. وفي الحال الأولى لا غبار يمكن ان يثار على سلاح مقاوم، لكنه في الحال الثانية يصبح سلاحاً اهلياً بالغ الخطورة وينبغي عقلنته وقوننته.
كان السيد وليد جنبلاط يردد منذ شهور قليلة، وتحديداً منذ نيسان - ابريل الماضي، ان فضيلة الحوار الوحيدة، حتى تلك الحظة، انها انزلت حزب الله من مرتبة التقديس ووضعته في مرتبة الطرف السياسي. ويومها اعترض السيد حسن نصرالله على هذا التوصيف. لكن وقائع الاسبوع الماضي اثبتت صحة ما رآه الزعيم الدرزي، ذلك ان تناول الامين العام لحزب الله وسياسته بالنقد والاعتراض وتعرضهما معاً وجميعاً لسهام قلة الادب السياسي لم تكن اكثر من مسألة وقت. وكان يفترض بقيادة حسن نصرالله، على ما عرف عنه من حكمة وذكاء، ان لا ينجر إلى الاعتراض في الشارع والتحول دفعة واحدة من طرف يقع فوق سهام قلة الأدب السياسي إلى طرف يخوض في معمعتها ويتلوث بوحولها.
لم يلبث السيد نصرالله ان حاول تبرير ما ذهب إليه الجمهور المعترض والمشاغب. وذهب إلى اعتبار ان اغضاب هذا الجمهور هو المسبب الأول والوحيد في احداث الشغب التي حصلت، وتالياً فإن ضمانة اللبنانيين في الأمن الأهلي، تكون او لا تكون بمقدار ما تتم مداراة هذا الجمهور والوقوف عند مشاعره الدقيقة. بل وزاد السيد نصرالله ولوغاً في هذا التحليل إلى حد القول ان تقديس شخصه امر عاطفي مبرر ومفهوم.
ونحن في وسعنا ان نقدس سماحة السيد فهو يستحق التقديس، او على الأقل في وسعنا ان نفكر في الأمر. فالسيد نصرالله ليس سياسياً عابراً في لبنان، ودوره ليس دوراً هامشياً في تاريخ لبنان ومستقبله. لكن السؤال الذي لا يكف عن تأريق مضاجعنا يتعلق بيومياتنا السياسية.
نستطيع ان نجعل من السيد نصرالله ايقونة سياسية، ونتفهم ان يجعل منه البعض ايقونة دينية او قريبة من ان تكون ايقونة دينية. وان نجنبه اي نقاش او اعتراض، مجمعين على دوره وعلى انجازه. لكن من شأن الإيقونات انها دائماً منجزة وليست في حال انجاز. من شأن الإيقونات ان يجمع الناس على معناها الذي تم ولم يعد قيد التداول. وهذا يعني في مقدم ما يعنيه، ان يخرج السيد مرة أخرى من وحول السياسة اليومية ويكتفي من المجد بما حققه من انجازات كبرى. وحيث ان السيد وحزب الله وقادته يخوضون في السياسة يومياً، ويصرحون ان مهمتهم لم تنجز بعد، وان الأخطار المقبلة اكبر وادهى من الأخطار السابقة، فإن الإجماع على الدور والإنجاز لا يمكن ان يكون محققاً. وحين يطلب إلى اللبنانيين تقديس الدور قبل تمام بيانه، يكون السيد حسن نصرالله وحزب الله من ورائه، كما لو انه يطلب من اللبنانيين ان يشتغلوا في السياسة بقلوب ملؤها التقوى والورع والإيمان. وهذا ما يعرف السيد انه مستحيل وغير قابل للتحقق.
الاعتراف بحكمة السيد نصرالله وبدوره الكبير في تحرير البلد، ينبغي ان يترافق مع دور يتجاوز حدود الطائفة والشخص. وان يقدم مشروعاً سياسياً مستقبلياً لكل لبنان، على قاعدة ما تحقق من انجاز. لا ان يصر على دوام الحال على ما هي عليه، كما لو ان شيئاً لم يتحقق بعد.
حزب الله يملك القوة والقدرة والمكانة التي تتيح له ان يكون لكل اللبنانيين. ويستطيع اللبنانيون إذا لمسوا مثل هذه النية والقصد، ان يعتبروا ما جرى ليل الخميس الماضي مجرد حادثة عابرة.
سلسبيل
06-06-2006, 11:08 AM
كَهَنة السياسة فرضوا «عبادة الشخصية»
غسان الإمام
غلبتني الأحداث والظروف، فتأخرت عن التعليق على الظهور «الميلودرامي» لطارق عزيز شاهدا بـ «البيجاما» في محاكمة صدام. لكن شهادته تصلح لتناول ظاهرة «عبادة الشخصية» التي فرضها كَهَنة السياسة، وما زالوا يمارسون طقوسها في العالم العربي.
قوميون ومثقفون وإعلاميون، بل وأصوليون، أثنوا على الرجل، وقدموه دليلا على الوفاء «للبطل»، والولاء الذي لم يهتز بعد السقوط، والجرأة في الشهادة «الصادقة»، على الرغم من المحنة التي يمر بها «الزعيم» وتابعه «قُفَّة».
ظاهرة «عبادة الشخصية» ليست محيرة. فهي نتاج هزال ثقافة الحرية والتربية الديمقراطية على مستوى النخبة والجمهور. بل هي نتاج محنة حقيقية لدى مثقفي التيار القومي بالذات.
الأخطاء الكارثية المروعة التي ارتكبها صدام، وتسببت بسقوط نظامه، لم تمنع «المؤتمر القومي العربي» من اصدار بيان فوري بعد الهزيمة، يغطي على الأخطاء، ويطالب بالكف عن «مقولة مسؤولية القيادة العراقية عن هذه الحرب»!
الاستبداد أقدم من الحرية. التاريخ رواية مستمرة لمسيرة الطغاة منذ ولادة الحضارة الإنسانية. ديمقراطية أثينا سحقتها عسكرية شقيقتها الاغريقية اسبرطة. ديمقراطية روما تحولت إلى امبراطورية يعيث فسادا فيها أباطرة من طراز نيرون وكاليفولا. مبدأ الشورى في الإسلام لم تطبقه الدولة الإسلامية. تجسد أمير المؤمنين دائما في شاه وخميني. السلطان محمد الفاتح لم يتفرغ لفتح القسطنطينية، إلا بعدما فرغ من قتل 19 شقيقا وابن عم له، ينافسونه على الخلافة العثمانية التي يتحسر عليها الأصوليون. أوروبا لم تتمكن من رفع أعلام الديمقراطية، إلا بعد حربين عالميتين ضد الدكتاتورية الفاشية والعنصرية، هلك فيها مائة مليون إنسان.
«عبادة الشخصية» ولدت في صميم «جمهورية الاستقلال» العربية. لم يتح الوقت طويلا لدكتاتورية حسني الزعيم وأديب الشيشكلي وعبد الكريم قاسم لتكريس «عبادة الشخصية»، لكن جمال عبد الناصر هو الذي جعلها مؤسسة عربية رسمية، لها طقوسها وأدواتها وأسلوبها وكَهَنتها، وفوق كل ذلك زعيمها «البطل» الجماهيري.
الشعوب، أحيانا وفي ظروف صعبة، تحتاج إلى «بطل ملهم». لكن الإلهام الغريزي في السياسة والسلطة خطر على عقلانية القرار. لا شك أن عبد الناصر كان يملك سحر الشخصية والجاذبية.
نضاله السياسي لاستعادة عروبة مصر، وتحقيق استقلالها، وتمصير قنالها، ثم تحقيق الوحدة مع سورية... كل ذلك ضمن له شعبية جماهيرية واسعة.
غير أن عبادة الشخصية لم تكفل دائما لناصر سلامة القرار وصوابه. كارثية القرار تمثلت، مثلا، في رفضه استعادة الوحدة بعدما زاره قادة الانفصال السوريون نادمين باكين. بعد سنوات قليلة، عاد ناصر، فتحالف مع نظام صلاح جديد الماركسي المراهق الذي يحمل معه مسؤولية الهزيمة (1967)..
«عبادة الشخصية» ازدهرت ازدهارا كبيرا بعد الانطفاء المبكر لـ «البطل». لم تكن المأساة كافية لإقلاع الأنظمة التي خلفته عن ممارسة طقوس هذه العبادة المخيفة. بل تم تطوير أدواتها ووسائلها وأسولبها، وإهالة هالة من القداسة على أبطالها، بحيث باتت تشكل اليوم عقبة أمام تطوير النظام ومسيرة الحرية والديمقراطية في العالم العربي.
في الوسائل والأدوات، تم تسخير الإعلام لخدمة «البطل». قُلبت الحقائق. صارت الهزيمة نصرا، والإخفاق إعجازا وإبداعا. في الديكور، نصبت التماثيل، ورفعت الصور الضخمة والشعارات التي تحاكي عبادة الشخصية في صين ماو وكوريا كيم الأب والابن. في الأسلوب، سيطرت الدولة على المجتمع. حُجِّمت الديمقراطية في صيغ مصطنعة، بحيث استحال الأمل في الانفتاح.
في عبادة الشخصية، رسم كَهَنة السياسة صورة «قداسية» للقائد الحكيم. فهو البطل. الملهم. المرشد والموجه. هذه الزلفى المكررة سولت للقائد الظن بأنه ملهم حقا. خدمت الظروف وحسن الحظ هذا الظن الموهوم، فضاقت دائرة القرار، وصرف المستشارون عن النصح والمشورة.
كرست عبادة الشخصية انحلال الدولة وذوبان النظام في شخص «القائد». بات صدام يعتبر أي نقد أو معارضة لنظامه اعتداء على شخصه يستحق صاحبه الإعدام بتهمة الخيانة.
في التفرد بالقرار والسلطة، ارتُكبت الأخطاء المروعة في الداخل والخارج. في اعتماد أساليب الآلة الأمنية القمعية، تراكمت مسؤولية «البطل» عن انتهاك حقوق الإنسان، بحيث استحالت إمكانية الإصلاح، ومصالحة المجتمع وهيئاته المدنية. في خوف النظام من التغيير، تمت إدانة الديمقراطية بالرجعية والعمالة للغرب! صورت الفوضى بديلا للأمن والاستقرار، إذا انهار النظام.
«البطل» ليس وحده المسؤول عن «عبادة الشخصية». كَهَنة المعبد على مستوى مسؤولية «القائد» أيضا. تم اختيارهم أصلا من ضعاف الشخصية والإرادة والكفاءة. رجال خدمات سَهُلَ إغراؤهم بالمنح وإفسادهم بالأعطيات.
ليس غريبا أن يقف طارق عزيز ليمارس عبادة شخصية صدام، على مشهد من العالم كله في المحكمة. ما زال صدام عنده «الشجاع. الكريم. رجل القانون. المحب والمحبوب...»! هذا الكاهن المخضرم أدمن العبادة المحرمة. لا يستطيع التنكر للقائد الذي أجزل له العطاء، وضمن له حياة مرفهة كسولة، وجعله موفده إلى العالم، ليكذب له ولصالحه، ولينفي جرائمه. فهو الشاهد الذي «مشافشي حاجة».
سعدون حمادي هو المثقف الحقيقي. انه مثقف السلطة الممارس بصمت الولاء لصدام. عندما بشر سعدون بالليبرالية والتعددية، بعد توليه رئاسة الحكومة في أعقاب حرب الكويت، هدده صدام بقطع يده، وألغاه من الحكومة والحزب.
هؤلاء الكَهَنة من ساسة وإعلاميين هم الخطر الحقيقي على الزعامة. يجري الآن الإعداد لنقل طقوس العبادة من جيل إلى جيل، وحيثما حل الأبناء محل الآباء في أكثر من دولة عربية!
أيضا، لا قداسة ولا معصومية لرجل دين عندما يعمل في السياسة. التيوقراطية الشيعية الحاكمة في إيران سحبت «الهالة القداسية» التي يحاط بها آل البيت، لتسبغها أيضا على الخميني. أنا اليوم أخاف على السيد حسن نصر الله من أن يضعه حزبه الديني فوق النقد والمساءلة، تقديرا لكفاءته في إدارة الحزب والسياسة.
لم أشاهد الفصل الساخر في تلفزيون «إل. بي. سي» لأتأكد من أنه يتعمد الإساءة، أو أنه يمارس الدعابة البريئة. انما أقول إن تناول شخصية «السيد» في سياق تناول شخصيات «أسياد» السياسة اللبنانية وما أكثرهم، يلغي الحاجة لتجييش جماهير الحزب، وتحشيدها في الشوارع، لتمارس علنا طقوس «عبادة الشخصية».
حسنا فعل حسن نصر الله، في سحب الحزب وميليشياه من الشارع. «الجهاد» لا يلغي الابتسامة والدعابة. حسن نصر الله يمثل جيلا سياسيا أصوليا أكثر تعقيدا وفهما وذكاء. هذا الجيل الأصولي الجديد عليه أن يؤمن أيضا، بأن لا قداسة ولا معصومية لرجل دين يحترف السياسة.
سلسبيل
06-06-2006, 11:16 AM
لو تُرك القطا لنام..!
مشاري الذايدي
«لو ترك القطا لنام»! مثل عربي قديم، جديد، صلح في الماضي ويصلح الآن.
لو ترك القطا لنام، وهو تلخيص مكثف وتفسير مركز لحالة معاصرة، حالة الثوران السهل الحدوث في الحراك السياسي والاجتماعي لدى العرب، حراك غير رشيد ولا مستنير، لأنه مشدود بحبال الطائفة والعشيرة، يثور لها، ولها فقط.
«قطا» حسن نصر الله يثور في لبنان، ويشغب ويطلق الهتافات، لأن «السيد» هوجم بـ«نكتة». وهذه النكتة أصبحت إهانة تتعلق بهوية طائفة كاملة، لأن «السيد» هو فوق التنكيت، حتى ولو كان هو يسخر من خصومه، كما في المظاهرات والمتخندقات اثر اغتيال الحريري، ومباهاة «السيد» نصر الله أمام جموعه الحاشدة بعدد شارعه طالبا من الكاميرات وهو يبتسم بسخرية أن تصور الجموع بـ«كلوز اب» «وكلوز ان». وبالمقابل سخرية الشارع الآخر من شارع «السيد» كما تجلت في اللوحات الظريفة المرفوعة مثل «فاجأناكم... مووو؟!». وهكذا.. شارع أمام شارع.. وسخرية في مقابل سخرية، و«ساسة» لا «سادة» في مقابل «ساسة» مثلهم.
هكذا جرى الأمر، ولكن، ومع تواصل المواجهة بين الفريقين، تم اللجوء إلى كامل العدة والأسلحة، بما فيها سلاح «العصمة» الدينية، أو «هالة الشخصية» كما عبر أحد حراس هذه الهالة، عضو كتلة «التغيير والاصلاح» النيابية، النائب عباس هاشم.
قبل أن نكمل حديثنا هذا عن تحصين اللاعب السياسي بهالة الدين أو الكاريزما التاريخية، دعونا نمر سريعا على حكاية «القطا» الذي لو ترك لنام.
القطا نوع من الطيور، صورته في الذاكرة الشعرية العربية صورة الطائر الحذر، والمثل يحكي قصة من تاريخ عربي قديم تقول إن امرأة يقال لها «حذام» كانت زوجة رجل، كان عدوا لأبيها، ولما سار لقتاله ليلاً، طلبا للسرية والمباغتة، وكانوا قريباً من مضارب الأب «العدو» أثاروا طيور «القطا»، فمرت بمضارب والد المرأة «حذام» وخرجت حذام إلى قومها، محذرة بطريقة الشفرة، وقالت:
ألا يا قومنا ارتحلوا وسيروا * فلو تُرك القطا ليلاً لنامـا.
أي أن القطا لو تُرك ما طار هذه الساعة وقد أتاكم العدو، فلم يلتفتوا إلى قولها، وناموا، فقال شاعر من قومها:
إذا قالت حذام فصدّقوها * فإنَّ القولَ ما قالتْ حـذامِ. (مجمع الأمثال للميداني 3 / 82)
وهذا القول، اشتهر أكثر حينما نسب، كما في التراث «الكربلائي» الشيعي حول فاجعة قتل الحسين بن علي، إلى الحسين نفسه حينما تعلقت به أخته زينب لما رأت عزمه على المسير الى المعركة وهي تولول وتبكي، فقال لها: يا أخيَّة ! لا يذهبن بِحلمك الشيطَان! لو تُرك القطا لَنام». ومضى إلى ما يعرفه الجميع.
نعود لحديثنا الأصلي، وندع طيور القطا النائم منها والهائج.
يجب أن نعترف أننا نشهد حالة من الحساسية البالغة حول أي أمر يتعلق بالهوية الطائفية والدينية والاجتماعية، حساسية في أعلى حالات تهيجها، بحيث لو مرت عليها نسمة ضعيفة من الهواء لفتحت الجرح، فلماذا هذا؟! والسؤال الآخر، هل يحق لرجل أن يمارس السياسة بكل شروطها، وفي نفس الوقت يطلب حصانة الرمز الديني؟!
بالنسبة للسؤال الأول، فنحن مجتمعات «توهَّمت» أنها خلقت هوية وطنية جديدة، وأنها غادرت دكان الطائفة وخيمة العشيرة من اجل حديقة الوطن، غير أن هذا لم يكن إلا وهما، وتمثالا من شمع ذاب تحت شمس الاحداث ونار التحولات. فارتكس لبنان رياض الصلح وبشارة الخوري وصبري حمادة.. إلى مستنقع طائفي كلما قيل لنا إنه جف، رأيناه يحيا من جديد. وما أحداث العنف الطائفي التي وجهها انصار «السيد» نصر الله من الشيعة الى اهداف «مسيحية» في بيروت بعد بث البرنامج الساخر «بسمات وطن» على قناة «الـ بي سي» المحسوبة لسانا للمسيحيين الموارنة، إلا دليل على رخاوة الحالة الوطنية، وليس الشيعة وحدهم في لبنان من يعاني ذلك، بل اغلب الأطراف وشوارعها، ولعلنا نذكر أحداث الشغب التي قام بها الشارع «السني» اللبناني، ضد أهداف مسيحية في بيروت الشرقية قبل أربعة أشهر، بـ: «دعوى الاحتجاج آنذاك على رسوم كاريكاتورية نشرت في صحيفة دنماركية، مسيئة الى الرسول الكريم»، كما ذكر بيان الرابطة المارونية الأخير أمس الاثنين.
وبدورهم، فان طائفيي المسيحيين اللبنانيين، لم يقصروا في الإسهام، وبكرم، في السوق الطائفي، خصوصا أثناء غليان الحرب الاهلية اللبنانية.
هذا حصل ويحصل في لبنان، الذي عد يوما ما منارة الشرق الأوسط في التعددية والمدنية.
سمعنا كلام نصر الله في مؤتمره الصحفي أمس، وقوله إن الحزب قد «لم» الشارع وضبط المشاعر، وان انتفاضة الأنصار لم تكن لحماية هالته الشخصية، بل لحماية رمزية المقاومة التي يمثلها هو، غير أن هذا التفريق، بين الحالتين، يبدو تفريقا لفظيا، لا يحمل تمييزا صارما في النتيجة العملية، فإذا كان حسن نصر الله هو رمز المقاومة، والمقاومة مرمزة بحسن نصر الله، فأيهما ينتقد؟ بل ومن قال إن هناك اتفاقا على هذا الترميز، حسب وصفة حزب الله، بين قوى لبنان؟!
وسمعنا أيضا، من يقول إننا لسنا ضد حرية التعبير، ولكن ضد المس بالكرامات الشخصية، ثم تختلف الأقوال بعد ذلك، فمن قائل انه ضد خدش الرموز الدينية أو إضعاف «الهالات» الشخصية، وغير ذلك، ومع انه لا يمكن لعاقل أن يساند القدح أو القذف في حق الشخصيات، العامة منها والخاصة، أو يتساهل معه، إلا انه يجب ان نكون حذرين في تمييز وتحديد النقد الساخر، المباح، والذي قد يزعج البعض، وبين الإهانة الشخصية، مع أن الامر لا يمكن ان يجري على مسطرة واحدة في كل الأحوال والمجتمعات، فسقف السخرية السياسية في الإعلام اللبناني نفسه يرتفع وينخفض ويتمدد حسب قوة او ضعف الطرف الذي يقع عليه فعل السخرية.
ولعل من شاهد فيلم «لاري فلينت» ناشر مجلة «هسلر» الإباحية في أمريكا، وكيف دخل معركة دستورية كبرى وصلت الى المحكمة العليا، من اجل الدفاع عن مقال في المجلة هوجم فيه القس التلفزيوني جيري فالويل، الذي كان دائم الهجوم على «هسلر»، واتهم القس بتهم إباحية مذهلة، لعل من شاهد ذلك الفيلم يدرك طبيعة الفروق التي نعنيها هنا في مسألة الكرامة الشخصية والهالة الخاصة، خصوصا ان المحكمة الدستورية العليا، حكمت لصالح فلينت، رغم انها تعرف انه يعمل في مجال الإعلام الهابط.
وفي مشهد بالغ الإيحاء، قال فلينت، للصحافيين خارج المحكمة: اذا نجحنا، نحن من تصفوننا بالحثالة، في ضمان حقنا في التعبير، فأجدر ان تكون حقوقكم مصانة!. مؤكدا أن المثال الأمريكي هذا لا صلة له بنا، ولكن أحيانا تكون الأمثلة المتطرفة، خير وسيلة للشرح، ثم إن الغرض منه هو إيضاح عدم صلابة الحدود بين القمع ومنع الاستخدام السيئ للإعلام.. مسألة شائكة فعلا.
وهنا ندخل على جواب السؤال الثاني الذي ذكرناه: هل يحق لرجل أن يمارس السياسة بكل شروطها، وفي نفس الوقت يطلب حصانة الرمز الديني؟!
والجواب هو: لا، فما دام أن هناك برنامجا سياسيا، واختلاف مصالح بين قوى معينة، ورؤية ليست محل اتفاق بين الجميع، وما دام أن هناك شاشات تلفزيون وصحفا تعبر عن كل طرف، وما دام هناك قوى أخرى محايدة تراقب، وتعبر عن ملاحظات الشارع العام، فلا توجد حصانة لأحد، إلا إذا اخترق احد نص القانون وقذف أو افترى، وهذه تحسم في المحاكم والجهات التي منوط بها النظر في مشكلات الإعلام، فقط.
ولذلك فقد كان مفهوما أن يتعرض الدكتور محمد الطبطبائي عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في الكويت الى حملات نقد صحافية حادة في الصحافة المحلية بعد ما «نُسب» اليه من فتوى تحرم على المرأة أن تنتخب مرشحا غير ما يختاره زوجها.
اذن، فلو ترك القطا لنام، لو ترك رجل الدين (السيد أو القس أو الشيخ) الدخول الى المعترك السياسي، لما مس أحد مقامه، ولظل عنصر إجماع، أو احترام في الأقل. وفي المقابل لو ترك القطا «الطائفي» الغض، ولم يهيج برسم كاريكاتوري أو مشهد تلفزيوني، لنام، ولكن لا ندري، هل من الخير لنا ولثقافتنا ومصيرنا الحضاري، أن يترك كل شيء على ما هو عليه، أم أن بعض الأوهام يجب أن تطير، أو لا تترك حتى تطير، وألا يبقى معصوما من النقد إلا ما يرى «كل» المجتمع أنه معصوم، لاحظوا: قلت «نقد» ولم أقل قذف، حتى لا يطير قطا آخر..!
mshari@asharqalawsat.com
لا يوجد
06-06-2006, 08:23 PM
مفارقة عجيبة نسجلها على سماحة السيد نصر الله ولم نتوقعها من سماحته ، فمشهد كاريكاتيري في محطة تلفزيونية يثير كل هذا الغضب !!
اذا ماذا يقول سماحته بكل الاتهامات الزائفة والكتب الكاذبة ضد السيد فضل الله والتي تم تأليفها وتوزيعها في لبنان وتحت اشراف بعض قيادات الحزب ومباركتهم او تحت نظرهم ونظر جماهيرهم ؟
فهل سيبادر سماحة السيد نصر الله الى حث انصاره لتنظيم مظاهرة ضد جعفر العاملي والكوراني والتبريزى والخرساني ومشايخ الغوغاء السائرين في ركب هذه الجوقة ؟
ام ان حرف السيد فضل الله لا تجر وحرف نصر الله تجر ؟
ننتظر من سماحته تصحيح الموقف بأكمله !
سلسبيل
06-14-2006, 06:36 AM
تناول رموز السياسة في لبنان.. حلال أم حرام؟
الجدل مستمر حول مشهد تمثيلي تلفزيوني تناول الأمين العام لـ«حزب الله»
http://www.aawsat.com/2006/06/11/images/media.367735.jpg
بيروت: سناء الجاك
طرح مشهد تمثيلي ساخر في البرنامج الانتقادي «بس مات وطن»، لمخرجه شربل خليل على شاشة المؤسسة اللبنانية للارسال (ال. بي. سي)، قضية حرية التعبير، بعد تناوله شخصية الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ حسن نصر الله. وكان المشهد الفكاهي، الذي قدم أخيرا، قد اثار غضب مؤيدي الحزب الذين تدافعوا الى الشوارع في بيروت وبعض المناطق وأشعلوا اطارات السيارات وقاموا بأعمال شغب، فيما تم توقيف البرنامج بذريعة انطلاق مونديال كرة القدم. وقد برر المسؤولون في الحزب ما حصل بانه بقي في خانة ردة الفعل العفوية. لكن هذا التبرير لا يلغي سؤالا عن جوهر القضية وهي: هل اصبح تناول رموز السياسة في لبنان محرما، وتحديدا اذا كانوا رجال دين؟ بيار الضاهر رئيس مجلس ادارة ال. بي. سي، أكد موقع نصر الله الديني والوطني واحترام المؤسسة له، كما أكد نصوص الدستور التي تضمن حقوق اللبنانيين والمساواة بينهم. وأشار الى صعوبة الفصل بين رجل الدين ورجل السياسة، خصوصا اذا كان التداخل قائما وجامعا للصفتين في شخص واحد.
وفي اتصال اجرته «الشرق الاوسط» مع مخرج البرنامج شربل خليل، افاد بانه قدم المشهد وفق رؤية سياسية لا علاقة لها بالطائفية. وان الامر لا يستحق ردة الفعل التي حصلت ولا يجد لها تفسيرا سوى انها نتيجة للنفوس المشحونة. وقال: «ليقنعوني بماذا اسأت. فظهور شخصية نصر الله في البرنامج لم يرد بدافع الاهانة او الانتقام او السخرية. اعمل منذ 11 عاماً، انتقدت خلالها جميع الزعماء والسياسيين ولم اتعرض لموقف كهذا. وعن استدعائه من قبل مديرية الأمن العام للتحقيق معه، اوضح خليل ان وزير الاعلام غازي العريضي تابع الموضوع واجرى اتصالا مع رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ووزير الداخلية بالوكالة احمد فتفت، ثم طلب اليه عدم تلبية استدعاء الأمن العام، معلنا رفضه الممارسات التي كانت تقوم بها الاجهزة عندما كانت تحكم لبنان، وموضحا ان «الاعلام له مرجعيتان، هما الوزارة والمجلس الوطني للاعلام. وفيهما يناقش هذا الامر». وبالفعل ناقش المجلس الوطني للاعلام قضية تناول شخصية نصر الله في مشهد فكاهي، وأكد ان ال. بي. سي ارتكبت مخالفة من خلال هذا المشهد، ورفع توصية بهذا الشأن الى مجلس الوزراء لاتخاذ القرار المناسب. مجددا دعوته المؤسسة الى الاستجابة لطلب ودي وحل يجنب الوضع سوء التفاهم الاعلامي والسياسي، وذلك بتقديمها اعتذارا عما جرى، مشيرا الى «ان المواقف تقاس في ضوء التجاذب والانقسام الحاصلين في لبنان، وليس باعتبار القانون هو المرجع ومبدأ الصواب والخطأ».
المسؤول الاعلامي في حزب الله حسين رحال قال لـ«الشرق الاوسط» ان «حرية التعبير ميزة من ميزات لبنان الجوهرية، وغيابها يفقده احد معاني وجوده، ولكن يجب ان تبقى هذه الحرية تحت القانون وتحترم تنوعات الثقافة الموجودة». وأضاف: «ما حصل تلفزيونيا مس بعدد من المسائل التي تتعلق بالضوابط القانونية التي ترعى الاعلام المرئي والمسموع وقانون المطبوعات ومبدأ حقوق الانسان وعدم التعرض للاشخاص المعنويين والعاديين بالقدح والذم والاهانة الشخصية». وعدا المخالفات القانونية، اعتبر رحال ان المشهد لم يراع الذوق العام وانماط التفكير والثقافة التعددية واحترام خصوصيات كل فئة من فئات الشعب اللبناني. وأكد ان الموضوع لا يتعلق بسعي الى «تقديس» نصر الله وإرهاب من يحاول تناوله في الاعلام، «فالامين العام للحزب الله مثله مثل اي شخصية أخرى تعمل في الشأن العام، يحق للناس والاعلام توجيه النقد اليه، ولكن ليس الاساءة والتجريح. والامر لا يقتصر على نصر الله وانما ينسحب على اي رمز من الرموز الوطنية والدينية في لبنان والعالم العربي».
واذ وافق رحال على ان لبنان يعيش حالة من التجييش الاعلامي، الذي يتولاه كل فريق عبر محطاته التلفزيونية والاذاعية والصحف الموالية له، قال: «نحن لا نطالب بأي شيء لنا دون سوانا. المطلوب تطبيق القانون فقط. فالمرض في قلب نظامنا وليس في وسائلنا الاعلامية. ونحن بحاجة الى اعلام منطقي وموضوعي ومضبوط وانما ليس ممسوكا».
رسام الكاريكاتور بيار صادق، بادر بعد تداعيات المشهد الفكاهي الى رسم نصر الله بشكل طريف وقرن الرسم بعبارة «صنع في لبنان». قال لـ«الشرق الاوسط»، انه تعرض لعتاب من «حزب الله»، فسارع الى الاتصال بمكتب نصر الله وتحدث مع سكرتيره موضحا انه يصر على حرية التعبير منذ اربعين عاما ولا يوفر شخصية دينية او سياسية الى اي طائفة انتمت من انتقاداته. ولكنه لا يسمح للسخرية بأن تذهب ابعد مما هو قائم على ادبيات النقد واحترام الاخر. وأضاف: «المطلوب من الذين يعملون في هذا المجال تطبيق رقابة ذاتية تحفظ خصوصيات البلد. لكن ما ظهر في المشهد المذكور لا يستحق ان يتحول الى قضية مثل قضية الرسوم الكاريكاتورية. وردة الفعل كانت اسوأ من الفعل ولا مبرر لوصولها الى هذا الحد».
والمعروف ان صادق هو مبتكر شعارات كاريكاتورية رافقت اشهر الشخصيات السياسية اللبنانية. ومنها السيكار والقرنفلة للرئيس الراحل صائب سلام. والطربوش للرئيس الراحل تقي الدين الصلح والزي الكهنوتي اليسوعي للرئيس الراحل شارل حلو «للاشارة الى براعته في الكذب الدبلوماسي»، والبندقية والشروال للرئيس الراحل سليمان فرنجية، والبيجاما للرئيس السابق رشيد الصلح وربطة العنق الطويلة للرئيس السابق سليم الحص.
واستعاد صادق تجربته الخاصة وقال: «انا تعرضت الى الملاحقة بسبب رسومي ووقفت في المحكمة العسكرية عدة مرات، وذلك في ستينات وسبعينات القرن الماضي». لكن الامور في الماضي لم تكن تتفاعل بحساسية دينية، وانما بحساسية سياسية من جانب الاجهزة الأمنية. هذه الظاهرة بدأت مع الامام الخميني في 1979. وشهدنا تغيّرا باتجاه التزمت. واليوم نشهد هجمة أصولية على تناول المفاهيم الدينية في الاعلام، بمعزل عن التزام صاحبها بأدبيات الاعلام».
ياسمين دبوس استاذة الاعلام في الجامعة اللبنانية الاميركية في بيروت، اوضحت ان الامر لا يتعلق بقانون الاعلام وانما بالخط الرفيع الذي يحفظ الحقوق النفسية والمعنوية وحرية التعبير. «وعبر هذه الآداب يمكن للاعلامي ان يحدد الاختلاف بين الحق والباطل. وانعدام القدرة على التمييز يؤدي الى مآزق عدة». لكن دبوس لم تجد في المشهد ما يستحق ان يتحول الى سابقة قد تنسحب في المستقبل على شخصيات أخرى من منطلقات متعددة، تسببها الحساسيات الدينية والسياسية في لبنان. وقالت: «ما دام نصر الله يتعاطى السياسة. حق الكاريكاتور والانتقاد الساخر موجود، طالما الامر لم يتجاوز السياسة الى الدين وطالما بقي الاحترام للناحية الدينية موجودا». لكنها تعترف بان الامر ليس سهلا. وتوافق على ضرورة «ان يمارس الاعلامي رقابة ذاتية، على ان يرفض اي رقابة خارجية. لأن هذه الرقابة ترتبط غالبا بأجندة من يفرضها وتؤدي الى الانحياز الى فريق معين دون غيره، إضافة الى ان هذه الرقابة هي غالبا استنسابية». ولا تقبل دبوس أن يكون تعبير الرأي العام هو المقياس، لانه خاضع لوجهات نظر واتجاهات غرائزية ما يدفع الى تداخل الامور وربما يلغي الحدود المنطقية، في حين ان الاعلامي يعرف كيف يتعامل مع الخبر بموضوعية ويجيد تقدير الامور والعمل بموجب المعطيات المتوافرة لديه.
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir