أبومرتضى
09-22-2003, 08:40 PM
هذا موضوع اورده يا زهراء في منتدى آخر ... يتهجم فيه على السيد و على الاخ بهبهاني ...
__________________________________________________ _______
بسم الله الرحمن الرحيم
يكرر اتباع مدرسة فضل الله ما يكتبه فضل الله في مسألة الشيخ المفيد و الشيخ كاشف الغطاء قدس سرهما و نحن نتأتي لكم بالرد في هذه الاسطر القليلة .
فأولاً عن الشيخ المفيد :
((مراد الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد:
يقول البعض:
يقول الشيخ المفيد (قده): " وفي الشيعة من يذكر: أن فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد النبي صلى الله عليه وآله ولدا ذكرا، كان سماه رسول الله عليه السلام ـ وهو حمل ـ محسنا، فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرون. والله أعلم(1) ".
وقد نقل السيد الأمين كلام الشيخ المفيد ـ هذا ـ في كتابه: أعيان الشيعة. ونقله المجلسي في البحار وآخرون.
فإذا كان الشيخ الطوسي ينقل اتفاق الشيعة على أن عمر ضرب على بطن فاطمة حتى أسقطت محسنا، والرواية بذلك
ــــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد: ج 1 ص 355 (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث. سنة 1416 ه. ق. بيروت لبنان) والبحار: ج 42 ص 90 عنه وكشف الغمة: ج 2 ص 67. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 167 /
مشهورة عندهم(1). فالشيخ المفيد يخالف الطوسي، وهو معاصر له بل هو أستاذه، وكلامه "يوحي بأنه لا يتبنى الاسقاط من الأساس".
والجواب:
أولا: إن العبارة المذكورة لا تدل على مخالفة المفيد للطوسي في هذا الأمر، لأن كلمة "الشيعة" كانت في زمن الشيخ المفيد تطلق على العديد من الفرق، مثل: الزيدية، والاسماعيلية، والإمامية، وغيرهم، بل وعلى المعتزلة أيضا الذين كانوا هم الحاكمين في بغداد، هم الذين سمحوا بإقامة مناسبة عاشوراء بالطريقة المعروفة والمتداولة حتى يومنا هذا.
وكان يطلق على الشيعة الإمامية من قبل خصومهم اسم: الرافضة.
وقد تحدث النوبختي في كتابه فرق الشيعة، والأشعري في المقالات والفرق، والشيخ المفيد نفسه في الفصول المختارة، وغيرهم عن فرق الشيعة، ومن أراد التفصيل فليراجعها، وغيرها من كتب المقالات والفرق، بل إن العلامة الفاضل المازندراني الخواجوئي قد رد على من أدعى أن إطلاق كلمة الشيعة على خصوص من يعتقد بإمامة علي، وان لم يعتقد بإمامة سائر الأئمة، بقوله: "هذا منه غريب، يدل على قلة تتبعه وعدم تصفحه. فإن في كثير من الأخبار دلالة على إطلاق الشيعة على الزيدية والواقفية، ومن يحذو حذوهم (2)".
بل روي عن الإمام الصادق عليه السلام: " أنه حدث عمر بن
ــــــــــــــــــــ
(1) تلخيص الشافي: ج 3 ص 156.
(2) الرسائل الاعتقادية: ص 27. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 168 /
يزيد في فضائل الشيعة مليا "، ثم قال: " إن من الشيعة بعدنا من هم شر من النصاب، قلت: جعلت فداك، أليس ينتحلون حبكم ويبرؤون من عدوكم؟! قال: نعم الخ..(1) ".
فالمفيد هنا لا يريد أن ينسب حديث إسقاط المحسن إلى جميع الشيعة بالمعنى الأعم، بل إلى خصوص الإمامية منهم. ولعله رحمه الله اختار التعبير بكلمة " الطائفة " بعد ذلك، ليشير إلى أن طائفة من الشيعة تروي ذلك، وليس كل الطوائف التي يطلق عليها اسم شيعة.
والملفت أنه رحمه الله لم يقل: " إن بعض الشيعة يروي حديثا "
بل قال: " وفي الشيعة من يذكر: أن فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد النبي الخ.. " فلم يشر رحمه الله إلى حديث واحد أو أكثر، ولا أشار إلى حجم القائلين بذلك من الشيعة من حيث القلة والكثرة.
بل أشار إلى أنهم يصح وصفهم بكلمة " طائفة " حين قال: " فعلى قول هذه الطائفة الخ.. ".
وقد لقب الشيخ الطوسي رحمه الله " بشيخ الطائفة "، والمقصود هو طائفة الإمامية، لا مطلق الشيعة.
وثانيا: لقد كان عصر المفيد رحمه الله بالغ الحساسية ومن أصعب العصور في تاريخ شيعة أهل البيت(ع)، حيث كانت الفتن تتجدد في كل عام في يوم الغدير، وفي خصوص مناسبة عاشوراء، حيث كانت الشيعة تقيم ذكريات لا يصبر عليها خصومهم من حنابلة بغداد المتشددين والمتعصبين فيهاجمونهم، وتكون المصائب
ــــــــــــــــــــ
(1) الرسائل الاعتقادية: ص 27. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 169 /
والنكبات، والبلايا والمذابح الخطيرة، حسبما أوضحناه في كتابنا "صراع الحرية في عصر المفيد" الفصل الأول، وقد أحرقوا في بعض السنين بيوت الشيعة في الكرخ، فمات بسبب ذلك ثمانية عشر ألف إنسان، وعند ابن خلدون: عشرون ألفا بين طفل وشاب وامرأة.
فكان رحمه الله يريد أن يتعامل مع الأمور بمنتهى الحكمة والدقة. وكان كتابه "الإرشاد" الذي ألفه في أواخر حياته، قد راعى فيه أن يكون كتاب تاريخ يتوخى فيه بالإضافة إلى الدقة والأمانة العلمية، أن يكون مقبولا لدى الكافة، ويمكن للجميع أن يستفيدوا منه، ولم يرد له أن يتخذ صفة غير صفة تحديد الحدث بتفاصيله، بعيدا عن المذهبيات، بل هو يتجاوز الحدود والتعصبات المذهبية ليكون كتابا للناس جميعا.
فلأجل ذلك لم يذكر فيه الأمور المثيرة والحساسة بصورة ملفتة للنظر، حتى أنه لم يذكر شيئا عن تفاصيل حادثة السقيفة، وكل ما يرتبط بشأن البيعة لأبي بكر(1)، ويبدو أن ذلك منه رحمه الله يدخل في نطاق سياساته المتوازنة، التي تراعي الظروف، والأجواء، وتتعامل معها بواقعية هادفة، وبمسؤولية ووعي.
أما الشيخ الطوسي فكان كتابه دفاعا عن خصوص الشيعة الإمامية، لأن الشافي قد رد فيه السيد المرتضى على القاضي عبد الجبار المعتزلي، فلخصه الطوسي رحمه الله. فالطوسي إذن كالسيد المرتضى قد كتب كتابه بصفته إماميا، يدافع عن مذهبه، ويثبت صحته، فهو يريد أن ينتهي إلى الحد المذهبي الفاصل بينه وبين غيره، بينما أراد الشيخ المفيد لكتابه الإرشاد أن يتجاوز هذه الحدود، ليكون تاريخا
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع كتاب الإرشاد: ج 1 ص 189 (طبع مؤسسة آل البيت"ع"). (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 170 /
للجميع، يمكنهم الإطلاع عليه، والاستفادة منه دون حرج أو تهمة..
فإذا كان الإمامية فقط هم المجمعون على ذلك دون غيرهم من فرق الشيعة، كالاسماعيلية والزيدية الخ.. فلا يصح من المفيد نسبة ذلك إلى غير الإمامية من الطوائف التي لم تجمع عليه.
والملاحظ: إن المفيد رحمه الله قد تجنب ذكر ما يثير العصبيات من جهة، ثم أشار هنا إلى أمر حساس بصورة خفية وذكية من جهة أخرى، حيث أثبت وجود حمل سماه النبي (ص) محسنا، وترك للقارئ حرية البحث عن دور هذا الولد، وعن مصيره.
ثالثا: أما القول بأن المفيد يخالف الطوسي في هذا الأمر فسيأتي في الإجابة على السؤال الآتي، في العنوان التالي: أنه لا يخالفه بل هو يوافقه فلا حاجة إلى الاستعجال بالأمر هنا.
رابعا: لقد كان الشيخ الطوسي تلميذا للمفيد، وكان المفيد رحمه الله هو الرجل الأول في الشيعة آنئذ، فلا يعقل أن يدعي الطوسي إجماع الشيعة بهذا الجزم والحزم والوضوح، مع مخالفة أستاذه وأعظم رجل في الشيعة على الإطلاق في ذلك؟!
وعلى الأقل كان المفترض فيه أن يذكر لنا: أن أستاذه مخالف لهذا الإجماع، بل إن أستاذه ينفي هذا الإجماع ولا يقبل بأصل وجوده!!
وهل يستطيع الطوسي أن يقرر إجماعا ينفيه أستاذه صراحة وينكره، ويقول: إن بعض الشيعة فقط هم القائلون؟! أم أن الطوسي لم يطلع على رأي أستاذه؟!!
أو أنه إطلاق دعواه الإجماع جزافا، ومن دون تثبت؟!
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 171 /
أن ذلك كله مما لا يمكن قبوله، وهذا ما يؤكد أن مراد المفيد من كلامه في الإرشاد هو ما قلناه، ولا يريد به ما ينقض أو يعارض الإجماع الذي تحدث عنه الطوسي أبدا.
المفيد لم يذكر ما ذكره الطوسي:
يقول البعض:
"إذا كان الشيخ الطوسي ينقل اتفاق الشيعة على ضرب وإسقاط جنين الزهراء، فإن الشيخ المفيد الرجل الشيعي الصلب في حجاجه مع مخالفيه في المذهب معاصر للطوسي، وهو لم يذكر في كتبه ما عدا الاختصاص ـ الذي يشك في نسبته إليه ـ قضية كسر الضلع وغيرها مما يقال في هذا المجال أبدا".
ويزيد هذا البعض فيقول:
"لقد تتبعت الموارد التي ذكرت فيها الزهراء في كتبه ـ أي في كتب الشيخ المفيد ـ فلم أجد حديثا عن كسر الضلع، وإسقاط الجنين، ونحو ذلك.. ولا أدري إذا كان تتبعي دقيقا".
والجواب:
إننا قبل كل شئ نود أن نسجل هنا الملاحظة التالية:
وهي: أن هذا البعض يصر هنا على التصريح بكسر الضلع مع أن نقضه لكلام الطوسي بكلام المفيد في عبارته الأولى، يدل على أنه بصدد إنكار كل ما ذكره الطوسي من ضرب الزهراء وإسقاط المحسن.
ولم يتحدث الطوسي عن كسر الضلع في تقريره للاجماع، وتقريره لتضافر الروايات به: فما المبرر لإقحام كسر الضلع في هذا المورد؟!.
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 172 /
وبعد هذه الملاحظة نقول: إن الشيخ المفيد قد ذكر مظلومية الزهراء، وكثيرا مما جرى عليها في كتبه.
وفي مجال مناقشة ما قاله ذلك البعض حول هذا الأمر نقول:
أولا: لم نفهم المقصود بالأمور التي أشار إليها هذا المتحدث بكلمة "وغيرها" التي عطفها على "كسر الضلع" فهل المقصود هو ضربها عليها السلام؟ أو إسقاط جنينها؟ أو إحراق بيتها، حتى أخذت النار في خشب الباب؟!
ثانيا: إن عدم ذكر المفيد لشئ من ذلك في كتبه ـ لو سلمنا صحته ـ لا يدل على أنه ينكره، لأن السكوت وعدم ذكر شئ لا يدل على إنكاره من الأساس.
بل قد قلنا: إن تقرير الطوسي الذي هو تلميذ المفيد، للإجماع، وإرساله ذلك إرسال المسلمات، يدل على أن أستاذه كان على رأس القائلين به، والمتحمسين له، إذ لا يصح من الشيخ الطوسي ذكر هذا الأمر بهذا الجزم والحزم والوضوح التام، إذا كان أحد أساتذته الذين لا يشك أحد، من موافقيه ومخالفيه، في تضلعه في هذه القضايا يخالف في هذا الأمر وينكر وجود الإجماع من الأساس.
أما إذا كان هذا الأستاذ ـ الذي هو المفيد بالذات ـ يقول بأن أفرادا قليلين قد قالوا بهذا القول، فإن القضية ـ أعني دعوى الإجماع ـ تصبح أكثر إشكالا، لأن دعوى الطوسي للإجماع في هذه الحالة..، ستكون من أوضح مصاديق الكذب والافتراء منه على شيوخ المذهب ورموزه، والطوسي أجل من أن يتوهم في حقه ذلك.
ثالثا: إن المفيد حين يريد أن يخاطب الشيعة، ويؤلف كتابا لهذه
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 173 /
الطائفة، فإنه لا يتوانى عن الجهر والتصريح بتفاصيل ما جرى على الصديقة الطاهرة عليها السلام.
فقد روى في "الاختصاص"، عن عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: إن أبا بكر كتب للسيدة الزهراء عليها السلام كتابا برد فدك، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر.
فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك؟
فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك.
فقال: هلميه إلي.
فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله، وكانت حاملة بابن اسمه "المحسن" فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت(1).
ثم أخذ الكتاب فخرقه. فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة مما ضربها عمر، ثم قبضت (2).
وروى أيضا رحمه الله في ذلك الكتاب ـ أعني الاختصاص ـ رواية ثانية ذكرت: أن "الثاني" قد ضرب الباب برجله فكسره، وأنه رفس فاطمة برجله، فأسقطت المحسن(3).
ــــــــــــــــــــ
(1) نقفت: كسرت.
(2) الاختصاص: ص 185 والبحار: ج 29 ص 192.
(3) راجع الاختصاص: ص 344. والبحار: ج 29 ص 192، و ج 28 ص 227 و ج 7 ص 270.(*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 174 /
وروى أيضا حديثا آخر في الكتاب نفسه، جاء فيه: عن أبي عبد الله(ع) قوله: " وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة، وقاتل المحسن، وقاتل الحسن والحسين "(1).
وأما عن صحة نسبة كتاب الاختصاص للشيخ المفيد، فقد قلنا في الإجابة على سؤال يأتي: إن التشكيك في صحة نسبته للشيخ المفيد في غير محله، وبلا مبرر مقبول أو معقول، وقلنا أيضا: إنه يظهر أن المفيد قد اختار هذا الكتاب من كتاب الاختصاص، لابن عمران، وبناء على هذا يصبح اختياره رحمه الله لهذا الحديث بالذات، لأجل مزية رآها فيه رجحته على غيره.
رابعا: قد تحدث الشيخ المفيد رحمه الله عما جرى على الزهراء في أكثر من مورد في كتبه الأخرى أيضا.
فلاحظ ما يلي:
1 ـ قال الكنجي الشافعي عن الشيخ المفيد رحمه الله: " إنه قد زاد على الجمهور: إن فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبي ذكرا، وكان سماه رسول الله (ص) محسنا، وهذا شئ لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة (2) ".
فالكنجي إذن، ينسب القول بإسقاط المحسن إلى المفيد رحمه الله بالذات، إلا أن يكون مراده الإشارة إلى نفس ما ذكره رحمه الله في الإرشاد. مع الاحتمال القوي بأن يكون قد أشار إلى ما ورد في الاختصاص.
ــــــــــــــــــــ
(1) الاختصاص: ص 344، وكامل الزيارات: ص 327 بسند آخر، والبحار: ج 7 ص 270 و ج 8 ص 213. ونقل أيضا عن بصائر الدرجات للصفار.
(2) كفاية الطالب: ص 413. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 175 /
غير أننا نقول للكنجي هنا: إن مراجعة بسيطة للنصوص المنقولة عن أهل النقل، تظهر أن كثيرين غير ابن قتيبة قد نقلوا ذلك أيضا، وسنذكر إن شاء الله شطرا كبيرا من هذه النصوص في بعض فصول الكتاب.
2 ـ لقد ذكر الشيخ المفيد في كتابه "المقنعة" الذي هو كتاب في الفقه الشيعي، وكذا في كتاب " المزار " زيارة الصديقة الطاهرة، التي تنص على أنها عليها السلام قد كانت شهيدة، فقد جاء فيها:
"السلام عليك أيتها البتول الشهيدة الطاهرة"(1).
فهل هناك من سبب لاستشهادها عليها السلام سوى ما جرى عليها من هؤلاء القوم؟
فهل استشهدت عليها السلام بمرض ألم بها!!
أم بحادث عرض لها، كسقوطها عن سطح منزلها!!
أو أنها تعرضت لحادث اغتيال من مجهول؟!!
وستأتي النصوص التي أوردها المفيد رحمه الله، في مواضعها في قسم النصوص إن شاء الله.
3 ـ قد ذكر المفيد قدس الله سره الشريف محاولات إحراق بيت الزهراء في كتابه " الأمالي ": عن الجعابي، عن العباس بن المغيرة، عن أحمد بن منصور الرمادي، عن سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، قال: " لما بايع الناس أبا بكر دخل علي عليه السلام والزبير، والمقداد، بيت فاطمة عليها السلام، وأبوا أن يخرجوا. فقال عمر بن الخطاب: أضرموا
ــــــــــــــــــــ
(1) المقنعة: ص 459، وراجع البحار: ج 97 ص 195. والبلد الأمين: ص 198. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 176 /
عليهم البيت نارا، فخرج الزبير، ومعه سيفه.. إلى أن قال: وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام نحو العالية، فلقيه ثابت بن قيس بن شماس، فقال ما شأنك يا أبا الحسن؟!.
فقال: أرادوا أن يحرقوا علي بيتي، وأبو بكر على المنبر يبايع له ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره الخ...
فقال له ثابت: لا تفارق كفي يدك حتى أقتل دونك. فانطلقا جميعا حتى عادا إلى المدينة، فإذا فاطمة عليها السلام واقفة على بابها، وقد خلت دارها من أحد من القوم، وهي تقول: لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم، تركتم رسول صلى الله عليه وآله وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا، وصنعتم بنا ما صنعتم، ولم تروا لنا حقا(1)".
وهذا الحديث صريح بمحاولة اقتحام البيت، وبأنهم قد اعتدوا على أهله، وذلك لقوله(ع): " وأبو بكر على المنبر يبايع له، ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره "، فقد كان هناك هجوم يحتاج إلى دفع، واعتداء يحتاج إلى إنكار.
كما أن التعبير بـ "أرادوا أن يحرقوا" يستبطن أنهم قد بذلوا المحاولة، وجمعوا الحطب مثلا.
خصوصا مع قوله عن أبي بكر: "لا يدفع ذلك ولا ينكره"، أي لا ينكر ولا يدفع ما أرادوا أن يفعلوه من إحراق بيته. إذن فلم تكن القضية مجرد تهديد بالقول.
ويؤيد ذلك أيضا أنه قال: "أرادوا" حيث لم يقل: "هددوا بإحراق بيتي".
ــــــــــــــــــــ
(1) الأمالي للمفيد: ص 59 / 50. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 177 /
كما أن هذه الرواية صريحة في أن البيت الذي هم بصدد مهاجمته قد كان في داخل المسجد، في مقابل منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث كان أبو بكر جالسا على المنبر يبايع له هناك، بعد أن عاد من السقيفة مع أصحابه يزفونه إلى المسجد، ويجبرون الناس على البيعة له، ثم جرى أمامه ما جرى ولم يدفع ذلك ولم ينكره.
ومن الواضح: أن قبر رسول الله (ص) قد كان في بيت فاطمة لا في بيت عائشة كما حققناه(1)، فلم يراعوا حرمة القبر، ولا المسجد، ولا البيت، ولا الزهراء.
4 ـ وقال المفيد أيضا في كتاب الجمل: " لما اجتمع من اجتمع إلى دار فاطمة عليها السلام، من بني هاشم، وغيرهم، للتحير على أبي بكر، وإظهار الخلاف عليه، أنفذ عمر بن الخطاب قنفذا، وقال له: أخرجهم من البيت، فإن خرجوا، وإلا فاجمع الأحطاب على بابه، وأعلمهم: أنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم نارا.
ثم قام بنفسه في جماعة منهم المغيرة بن شعبة الثقفي، وسالم مولى أبي حذيفة، حتى صاروا إلى باب علي عليه السلام، فنادى: يا فاطمة بنت رسول الله، أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع، ويدخل فيما دخل فيه المسلمون، وإلا ـ والله ـ أضرمت عليهم نارا (2)، في حديث مشهور ".
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع: كتابنا دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام: ج 1 ص 169. البحث الذي هو بعنوان: أين دفن النبي، في بيت عائشة أم في بيت فاطمة(ع).
(2) الجمل: ط جديد، ص 117 و 118. (*)0
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 178 /
وقد تقدم ما ذكره رحمه الله في كتاب الإرشاد، فلا داعي للإعادة.
كتاب الاختصاص للشيخ المفيد:
تقدم أن البعض: قد جعل التشكيك في نسبة كتاب " الاختصاص " للشيخ المفيد (قده)، ذريعة لرفض الاعتماد عليه فيما يرويه عن مظالم الزهراء عليها السلام، ولرفض نسبة رواية ذلك إلى المفيد رحمه الله.
ونقول: إننا بعد التأمل فيما يثار حول كتاب " الاختصاص " للشيخ المفيد، وجدنا أن تلك التساؤلات لا تصلح للاعتماد عليها للطعن في صحة هذه النسبة إلى ذلك العالم الجليل.
ونحن نجيب فيما يلي بإيجاز عن بعض الأمور التي أثيرت حول هذا الكتاب فنقول:
1 ـ إن في الكتاب روايات كثيرة تبدأ هكذا: " حدثني جعفر بن الحسين المؤمن "، فظن البعض: أن الكتاب من تأليف هذا الرجل.
ونقول:
إن هناك روايات كثيرة وردت في الكتاب وهي لا تبدأ باسم هذا الرجل، بل تبدأ بأسماء آخرين، أو تضيف أشخاصا آخرين بواسطة واو العطف، وهذا لا يناسب نسبة الكتاب إلى الرجل المذكور.
2 ـ إن أصحاب الفهارس، مثل النجاشي في رجاله، والطوسي في فهرسته، وابن شهرآشوب في معالم العلماء، لم يذكروا هذا
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 179 /
الكتاب، في عداد مؤلفات المفيد.
ويجاب بأن جميع هؤلاء لم يذكروا جميع مؤلفات المفيد، بل كل منهم قد عد جملة منها، وليكن كتاب الاختصاص من جملة ما لم يذكروه.
وسيأتي وجه عدم ذكرهم له في عداد مؤلفاته إن شاء الله.
3 ـ إن النسخ الخطية لهذا الكتاب فيها تشويش، فإن خطبة الكتاب في نسخة تجدها بعد صفحات من الكتاب في نسخة أخرى.
ويجاب عن ذلك بأنه قد تكون بعض النسخ قد انفرط عقدها، فظمها منظموها حسبما تيسر لهم.
4 ـ وهنا سؤال آخر أيضا، وهو أنه يقول: " قال محمد بن محمد بن النعمان " فمن الذي قال ذلك يا ترى؟!
والجواب:
أنه من قول المؤلف نفسه، كما جرت عليه عادة المؤلفين القدامى، وليس قول آخرين نقلوا ذلك عنه رحمه الله.
واحتمال أن تكون هذه العبارة قد كتبها البعض توضيحا، ثم أدخلها النساخ في الأصل اشتباها لا يعتد به، وهو يحتاج إلى إثبات.
فإن كان اختياره للمفيد دون سواه لأجل وجود بعض مشايخ المفيد في الكتاب، فإنه يقال له: كما كان هؤلاء من مشايخه فقد كانوا أيضا من مشايخ غيره.
مع أن في الكتاب آخرين لم يعلم أنهم من مشايخ المفيد وهم ثلاثة أضعاف أولئك، فلماذا استفاد من ذلك العدد القليل من المشايخ، أن الكتاب للمفيد، ولم ينظر إلى من تبقى منهم، وهم أكثر عددا؟!
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 180 /
5 ـ كون الكتاب أشبه بكشكول روائي قد جاء معظمه في فضائل أهل البيت عليهم السلام، ولا يسير الكتاب في ترتيبه، وفق منهج منطقي منسجم، والمفيد يمتاز بالدقة والإبداع.
ونقول:
إن هذا ليس عيبا في الكتاب، إذ قد يتعلق غرض بعض المؤلفين بتأليف مجموعات كشكولية، روائية أو غيرها. والمفيد نفسه هو صاحب كتاب الأمالي الذي هو كتاب حديثي كشكولي أيضا. ودقة وأبداع الشيخ المفيد لا يجب أن تتجلى في كتبه الحديثية كما هو ظاهر.
هذا، مع غض النظر عن حقيقة: إن الكتاب هو اختيار وانتخاب من الشيخ المفيد لكتاب الاختصاص لابن عمران، كما سنرى..
6 ـ توجد في هذا الكتاب بحوث لا تنسجم مع آراء المفيد في سائر كتبه، ولا يدل إطار الكتاب العام على أنه من تأليف متكلم عقلي كالشيخ المفيد، بل هو أقرب إلى تأليف أحد المحدثين كالشيخ الصدوق مثلا.
وقد عرف الجواب على هذا مما قدمناه آنفا، من أن الغرض قد يتعلق بحفظ بعض الأحاديث في ضمن مجموعة كشكولية كما هو الحال في كتب الأمالي ـ مثلا ـ التي ألف الشيخ المفيد واحدا منها.
بالإضافة إلى أنه قد يكون جمع هذه الأحاديث قد حصل قبل أن يصبح المفيد إماما في العقائد والفقه وغير ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
يتبع ...
__________________________________________________ _______
بسم الله الرحمن الرحيم
يكرر اتباع مدرسة فضل الله ما يكتبه فضل الله في مسألة الشيخ المفيد و الشيخ كاشف الغطاء قدس سرهما و نحن نتأتي لكم بالرد في هذه الاسطر القليلة .
فأولاً عن الشيخ المفيد :
((مراد الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد:
يقول البعض:
يقول الشيخ المفيد (قده): " وفي الشيعة من يذكر: أن فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد النبي صلى الله عليه وآله ولدا ذكرا، كان سماه رسول الله عليه السلام ـ وهو حمل ـ محسنا، فعلى قول هذه الطائفة أولاد أمير المؤمنين عليه السلام ثمانية وعشرون. والله أعلم(1) ".
وقد نقل السيد الأمين كلام الشيخ المفيد ـ هذا ـ في كتابه: أعيان الشيعة. ونقله المجلسي في البحار وآخرون.
فإذا كان الشيخ الطوسي ينقل اتفاق الشيعة على أن عمر ضرب على بطن فاطمة حتى أسقطت محسنا، والرواية بذلك
ــــــــــــــــــــ
(1) الإرشاد: ج 1 ص 355 (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث. سنة 1416 ه. ق. بيروت لبنان) والبحار: ج 42 ص 90 عنه وكشف الغمة: ج 2 ص 67. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 167 /
مشهورة عندهم(1). فالشيخ المفيد يخالف الطوسي، وهو معاصر له بل هو أستاذه، وكلامه "يوحي بأنه لا يتبنى الاسقاط من الأساس".
والجواب:
أولا: إن العبارة المذكورة لا تدل على مخالفة المفيد للطوسي في هذا الأمر، لأن كلمة "الشيعة" كانت في زمن الشيخ المفيد تطلق على العديد من الفرق، مثل: الزيدية، والاسماعيلية، والإمامية، وغيرهم، بل وعلى المعتزلة أيضا الذين كانوا هم الحاكمين في بغداد، هم الذين سمحوا بإقامة مناسبة عاشوراء بالطريقة المعروفة والمتداولة حتى يومنا هذا.
وكان يطلق على الشيعة الإمامية من قبل خصومهم اسم: الرافضة.
وقد تحدث النوبختي في كتابه فرق الشيعة، والأشعري في المقالات والفرق، والشيخ المفيد نفسه في الفصول المختارة، وغيرهم عن فرق الشيعة، ومن أراد التفصيل فليراجعها، وغيرها من كتب المقالات والفرق، بل إن العلامة الفاضل المازندراني الخواجوئي قد رد على من أدعى أن إطلاق كلمة الشيعة على خصوص من يعتقد بإمامة علي، وان لم يعتقد بإمامة سائر الأئمة، بقوله: "هذا منه غريب، يدل على قلة تتبعه وعدم تصفحه. فإن في كثير من الأخبار دلالة على إطلاق الشيعة على الزيدية والواقفية، ومن يحذو حذوهم (2)".
بل روي عن الإمام الصادق عليه السلام: " أنه حدث عمر بن
ــــــــــــــــــــ
(1) تلخيص الشافي: ج 3 ص 156.
(2) الرسائل الاعتقادية: ص 27. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 168 /
يزيد في فضائل الشيعة مليا "، ثم قال: " إن من الشيعة بعدنا من هم شر من النصاب، قلت: جعلت فداك، أليس ينتحلون حبكم ويبرؤون من عدوكم؟! قال: نعم الخ..(1) ".
فالمفيد هنا لا يريد أن ينسب حديث إسقاط المحسن إلى جميع الشيعة بالمعنى الأعم، بل إلى خصوص الإمامية منهم. ولعله رحمه الله اختار التعبير بكلمة " الطائفة " بعد ذلك، ليشير إلى أن طائفة من الشيعة تروي ذلك، وليس كل الطوائف التي يطلق عليها اسم شيعة.
والملفت أنه رحمه الله لم يقل: " إن بعض الشيعة يروي حديثا "
بل قال: " وفي الشيعة من يذكر: أن فاطمة صلوات الله عليها أسقطت بعد النبي الخ.. " فلم يشر رحمه الله إلى حديث واحد أو أكثر، ولا أشار إلى حجم القائلين بذلك من الشيعة من حيث القلة والكثرة.
بل أشار إلى أنهم يصح وصفهم بكلمة " طائفة " حين قال: " فعلى قول هذه الطائفة الخ.. ".
وقد لقب الشيخ الطوسي رحمه الله " بشيخ الطائفة "، والمقصود هو طائفة الإمامية، لا مطلق الشيعة.
وثانيا: لقد كان عصر المفيد رحمه الله بالغ الحساسية ومن أصعب العصور في تاريخ شيعة أهل البيت(ع)، حيث كانت الفتن تتجدد في كل عام في يوم الغدير، وفي خصوص مناسبة عاشوراء، حيث كانت الشيعة تقيم ذكريات لا يصبر عليها خصومهم من حنابلة بغداد المتشددين والمتعصبين فيهاجمونهم، وتكون المصائب
ــــــــــــــــــــ
(1) الرسائل الاعتقادية: ص 27. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 169 /
والنكبات، والبلايا والمذابح الخطيرة، حسبما أوضحناه في كتابنا "صراع الحرية في عصر المفيد" الفصل الأول، وقد أحرقوا في بعض السنين بيوت الشيعة في الكرخ، فمات بسبب ذلك ثمانية عشر ألف إنسان، وعند ابن خلدون: عشرون ألفا بين طفل وشاب وامرأة.
فكان رحمه الله يريد أن يتعامل مع الأمور بمنتهى الحكمة والدقة. وكان كتابه "الإرشاد" الذي ألفه في أواخر حياته، قد راعى فيه أن يكون كتاب تاريخ يتوخى فيه بالإضافة إلى الدقة والأمانة العلمية، أن يكون مقبولا لدى الكافة، ويمكن للجميع أن يستفيدوا منه، ولم يرد له أن يتخذ صفة غير صفة تحديد الحدث بتفاصيله، بعيدا عن المذهبيات، بل هو يتجاوز الحدود والتعصبات المذهبية ليكون كتابا للناس جميعا.
فلأجل ذلك لم يذكر فيه الأمور المثيرة والحساسة بصورة ملفتة للنظر، حتى أنه لم يذكر شيئا عن تفاصيل حادثة السقيفة، وكل ما يرتبط بشأن البيعة لأبي بكر(1)، ويبدو أن ذلك منه رحمه الله يدخل في نطاق سياساته المتوازنة، التي تراعي الظروف، والأجواء، وتتعامل معها بواقعية هادفة، وبمسؤولية ووعي.
أما الشيخ الطوسي فكان كتابه دفاعا عن خصوص الشيعة الإمامية، لأن الشافي قد رد فيه السيد المرتضى على القاضي عبد الجبار المعتزلي، فلخصه الطوسي رحمه الله. فالطوسي إذن كالسيد المرتضى قد كتب كتابه بصفته إماميا، يدافع عن مذهبه، ويثبت صحته، فهو يريد أن ينتهي إلى الحد المذهبي الفاصل بينه وبين غيره، بينما أراد الشيخ المفيد لكتابه الإرشاد أن يتجاوز هذه الحدود، ليكون تاريخا
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع كتاب الإرشاد: ج 1 ص 189 (طبع مؤسسة آل البيت"ع"). (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 170 /
للجميع، يمكنهم الإطلاع عليه، والاستفادة منه دون حرج أو تهمة..
فإذا كان الإمامية فقط هم المجمعون على ذلك دون غيرهم من فرق الشيعة، كالاسماعيلية والزيدية الخ.. فلا يصح من المفيد نسبة ذلك إلى غير الإمامية من الطوائف التي لم تجمع عليه.
والملاحظ: إن المفيد رحمه الله قد تجنب ذكر ما يثير العصبيات من جهة، ثم أشار هنا إلى أمر حساس بصورة خفية وذكية من جهة أخرى، حيث أثبت وجود حمل سماه النبي (ص) محسنا، وترك للقارئ حرية البحث عن دور هذا الولد، وعن مصيره.
ثالثا: أما القول بأن المفيد يخالف الطوسي في هذا الأمر فسيأتي في الإجابة على السؤال الآتي، في العنوان التالي: أنه لا يخالفه بل هو يوافقه فلا حاجة إلى الاستعجال بالأمر هنا.
رابعا: لقد كان الشيخ الطوسي تلميذا للمفيد، وكان المفيد رحمه الله هو الرجل الأول في الشيعة آنئذ، فلا يعقل أن يدعي الطوسي إجماع الشيعة بهذا الجزم والحزم والوضوح، مع مخالفة أستاذه وأعظم رجل في الشيعة على الإطلاق في ذلك؟!
وعلى الأقل كان المفترض فيه أن يذكر لنا: أن أستاذه مخالف لهذا الإجماع، بل إن أستاذه ينفي هذا الإجماع ولا يقبل بأصل وجوده!!
وهل يستطيع الطوسي أن يقرر إجماعا ينفيه أستاذه صراحة وينكره، ويقول: إن بعض الشيعة فقط هم القائلون؟! أم أن الطوسي لم يطلع على رأي أستاذه؟!!
أو أنه إطلاق دعواه الإجماع جزافا، ومن دون تثبت؟!
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 171 /
أن ذلك كله مما لا يمكن قبوله، وهذا ما يؤكد أن مراد المفيد من كلامه في الإرشاد هو ما قلناه، ولا يريد به ما ينقض أو يعارض الإجماع الذي تحدث عنه الطوسي أبدا.
المفيد لم يذكر ما ذكره الطوسي:
يقول البعض:
"إذا كان الشيخ الطوسي ينقل اتفاق الشيعة على ضرب وإسقاط جنين الزهراء، فإن الشيخ المفيد الرجل الشيعي الصلب في حجاجه مع مخالفيه في المذهب معاصر للطوسي، وهو لم يذكر في كتبه ما عدا الاختصاص ـ الذي يشك في نسبته إليه ـ قضية كسر الضلع وغيرها مما يقال في هذا المجال أبدا".
ويزيد هذا البعض فيقول:
"لقد تتبعت الموارد التي ذكرت فيها الزهراء في كتبه ـ أي في كتب الشيخ المفيد ـ فلم أجد حديثا عن كسر الضلع، وإسقاط الجنين، ونحو ذلك.. ولا أدري إذا كان تتبعي دقيقا".
والجواب:
إننا قبل كل شئ نود أن نسجل هنا الملاحظة التالية:
وهي: أن هذا البعض يصر هنا على التصريح بكسر الضلع مع أن نقضه لكلام الطوسي بكلام المفيد في عبارته الأولى، يدل على أنه بصدد إنكار كل ما ذكره الطوسي من ضرب الزهراء وإسقاط المحسن.
ولم يتحدث الطوسي عن كسر الضلع في تقريره للاجماع، وتقريره لتضافر الروايات به: فما المبرر لإقحام كسر الضلع في هذا المورد؟!.
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 172 /
وبعد هذه الملاحظة نقول: إن الشيخ المفيد قد ذكر مظلومية الزهراء، وكثيرا مما جرى عليها في كتبه.
وفي مجال مناقشة ما قاله ذلك البعض حول هذا الأمر نقول:
أولا: لم نفهم المقصود بالأمور التي أشار إليها هذا المتحدث بكلمة "وغيرها" التي عطفها على "كسر الضلع" فهل المقصود هو ضربها عليها السلام؟ أو إسقاط جنينها؟ أو إحراق بيتها، حتى أخذت النار في خشب الباب؟!
ثانيا: إن عدم ذكر المفيد لشئ من ذلك في كتبه ـ لو سلمنا صحته ـ لا يدل على أنه ينكره، لأن السكوت وعدم ذكر شئ لا يدل على إنكاره من الأساس.
بل قد قلنا: إن تقرير الطوسي الذي هو تلميذ المفيد، للإجماع، وإرساله ذلك إرسال المسلمات، يدل على أن أستاذه كان على رأس القائلين به، والمتحمسين له، إذ لا يصح من الشيخ الطوسي ذكر هذا الأمر بهذا الجزم والحزم والوضوح التام، إذا كان أحد أساتذته الذين لا يشك أحد، من موافقيه ومخالفيه، في تضلعه في هذه القضايا يخالف في هذا الأمر وينكر وجود الإجماع من الأساس.
أما إذا كان هذا الأستاذ ـ الذي هو المفيد بالذات ـ يقول بأن أفرادا قليلين قد قالوا بهذا القول، فإن القضية ـ أعني دعوى الإجماع ـ تصبح أكثر إشكالا، لأن دعوى الطوسي للإجماع في هذه الحالة..، ستكون من أوضح مصاديق الكذب والافتراء منه على شيوخ المذهب ورموزه، والطوسي أجل من أن يتوهم في حقه ذلك.
ثالثا: إن المفيد حين يريد أن يخاطب الشيعة، ويؤلف كتابا لهذه
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 173 /
الطائفة، فإنه لا يتوانى عن الجهر والتصريح بتفاصيل ما جرى على الصديقة الطاهرة عليها السلام.
فقد روى في "الاختصاص"، عن عبد الله بن سنان عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: إن أبا بكر كتب للسيدة الزهراء عليها السلام كتابا برد فدك، فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر.
فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك؟
فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر برد فدك.
فقال: هلميه إلي.
فأبت أن تدفعه إليه، فرفسها برجله، وكانت حاملة بابن اسمه "المحسن" فأسقطت المحسن من بطنها، ثم لطمها، فكأني أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت(1).
ثم أخذ الكتاب فخرقه. فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة مما ضربها عمر، ثم قبضت (2).
وروى أيضا رحمه الله في ذلك الكتاب ـ أعني الاختصاص ـ رواية ثانية ذكرت: أن "الثاني" قد ضرب الباب برجله فكسره، وأنه رفس فاطمة برجله، فأسقطت المحسن(3).
ــــــــــــــــــــ
(1) نقفت: كسرت.
(2) الاختصاص: ص 185 والبحار: ج 29 ص 192.
(3) راجع الاختصاص: ص 344. والبحار: ج 29 ص 192، و ج 28 ص 227 و ج 7 ص 270.(*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 174 /
وروى أيضا حديثا آخر في الكتاب نفسه، جاء فيه: عن أبي عبد الله(ع) قوله: " وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة، وقاتل المحسن، وقاتل الحسن والحسين "(1).
وأما عن صحة نسبة كتاب الاختصاص للشيخ المفيد، فقد قلنا في الإجابة على سؤال يأتي: إن التشكيك في صحة نسبته للشيخ المفيد في غير محله، وبلا مبرر مقبول أو معقول، وقلنا أيضا: إنه يظهر أن المفيد قد اختار هذا الكتاب من كتاب الاختصاص، لابن عمران، وبناء على هذا يصبح اختياره رحمه الله لهذا الحديث بالذات، لأجل مزية رآها فيه رجحته على غيره.
رابعا: قد تحدث الشيخ المفيد رحمه الله عما جرى على الزهراء في أكثر من مورد في كتبه الأخرى أيضا.
فلاحظ ما يلي:
1 ـ قال الكنجي الشافعي عن الشيخ المفيد رحمه الله: " إنه قد زاد على الجمهور: إن فاطمة عليها السلام أسقطت بعد النبي ذكرا، وكان سماه رسول الله (ص) محسنا، وهذا شئ لم يوجد عند أحد من أهل النقل إلا عند ابن قتيبة (2) ".
فالكنجي إذن، ينسب القول بإسقاط المحسن إلى المفيد رحمه الله بالذات، إلا أن يكون مراده الإشارة إلى نفس ما ذكره رحمه الله في الإرشاد. مع الاحتمال القوي بأن يكون قد أشار إلى ما ورد في الاختصاص.
ــــــــــــــــــــ
(1) الاختصاص: ص 344، وكامل الزيارات: ص 327 بسند آخر، والبحار: ج 7 ص 270 و ج 8 ص 213. ونقل أيضا عن بصائر الدرجات للصفار.
(2) كفاية الطالب: ص 413. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 175 /
غير أننا نقول للكنجي هنا: إن مراجعة بسيطة للنصوص المنقولة عن أهل النقل، تظهر أن كثيرين غير ابن قتيبة قد نقلوا ذلك أيضا، وسنذكر إن شاء الله شطرا كبيرا من هذه النصوص في بعض فصول الكتاب.
2 ـ لقد ذكر الشيخ المفيد في كتابه "المقنعة" الذي هو كتاب في الفقه الشيعي، وكذا في كتاب " المزار " زيارة الصديقة الطاهرة، التي تنص على أنها عليها السلام قد كانت شهيدة، فقد جاء فيها:
"السلام عليك أيتها البتول الشهيدة الطاهرة"(1).
فهل هناك من سبب لاستشهادها عليها السلام سوى ما جرى عليها من هؤلاء القوم؟
فهل استشهدت عليها السلام بمرض ألم بها!!
أم بحادث عرض لها، كسقوطها عن سطح منزلها!!
أو أنها تعرضت لحادث اغتيال من مجهول؟!!
وستأتي النصوص التي أوردها المفيد رحمه الله، في مواضعها في قسم النصوص إن شاء الله.
3 ـ قد ذكر المفيد قدس الله سره الشريف محاولات إحراق بيت الزهراء في كتابه " الأمالي ": عن الجعابي، عن العباس بن المغيرة، عن أحمد بن منصور الرمادي، عن سعيد بن عفير، عن ابن لهيعة، عن خالد بن يزيد، عن أبي هلال، عن مروان بن عثمان، قال: " لما بايع الناس أبا بكر دخل علي عليه السلام والزبير، والمقداد، بيت فاطمة عليها السلام، وأبوا أن يخرجوا. فقال عمر بن الخطاب: أضرموا
ــــــــــــــــــــ
(1) المقنعة: ص 459، وراجع البحار: ج 97 ص 195. والبلد الأمين: ص 198. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 176 /
عليهم البيت نارا، فخرج الزبير، ومعه سيفه.. إلى أن قال: وخرج علي بن أبي طالب عليه السلام نحو العالية، فلقيه ثابت بن قيس بن شماس، فقال ما شأنك يا أبا الحسن؟!.
فقال: أرادوا أن يحرقوا علي بيتي، وأبو بكر على المنبر يبايع له ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره الخ...
فقال له ثابت: لا تفارق كفي يدك حتى أقتل دونك. فانطلقا جميعا حتى عادا إلى المدينة، فإذا فاطمة عليها السلام واقفة على بابها، وقد خلت دارها من أحد من القوم، وهي تقول: لا عهد لي بقوم أسوأ محضرا منكم، تركتم رسول صلى الله عليه وآله وسلم جنازة بين أيدينا وقطعتم أمركم بينكم لم تستأمرونا، وصنعتم بنا ما صنعتم، ولم تروا لنا حقا(1)".
وهذا الحديث صريح بمحاولة اقتحام البيت، وبأنهم قد اعتدوا على أهله، وذلك لقوله(ع): " وأبو بكر على المنبر يبايع له، ولا يدفع عن ذلك ولا ينكره "، فقد كان هناك هجوم يحتاج إلى دفع، واعتداء يحتاج إلى إنكار.
كما أن التعبير بـ "أرادوا أن يحرقوا" يستبطن أنهم قد بذلوا المحاولة، وجمعوا الحطب مثلا.
خصوصا مع قوله عن أبي بكر: "لا يدفع ذلك ولا ينكره"، أي لا ينكر ولا يدفع ما أرادوا أن يفعلوه من إحراق بيته. إذن فلم تكن القضية مجرد تهديد بالقول.
ويؤيد ذلك أيضا أنه قال: "أرادوا" حيث لم يقل: "هددوا بإحراق بيتي".
ــــــــــــــــــــ
(1) الأمالي للمفيد: ص 59 / 50. (*)
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 177 /
كما أن هذه الرواية صريحة في أن البيت الذي هم بصدد مهاجمته قد كان في داخل المسجد، في مقابل منبر رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث كان أبو بكر جالسا على المنبر يبايع له هناك، بعد أن عاد من السقيفة مع أصحابه يزفونه إلى المسجد، ويجبرون الناس على البيعة له، ثم جرى أمامه ما جرى ولم يدفع ذلك ولم ينكره.
ومن الواضح: أن قبر رسول الله (ص) قد كان في بيت فاطمة لا في بيت عائشة كما حققناه(1)، فلم يراعوا حرمة القبر، ولا المسجد، ولا البيت، ولا الزهراء.
4 ـ وقال المفيد أيضا في كتاب الجمل: " لما اجتمع من اجتمع إلى دار فاطمة عليها السلام، من بني هاشم، وغيرهم، للتحير على أبي بكر، وإظهار الخلاف عليه، أنفذ عمر بن الخطاب قنفذا، وقال له: أخرجهم من البيت، فإن خرجوا، وإلا فاجمع الأحطاب على بابه، وأعلمهم: أنهم إن لم يخرجوا للبيعة أضرمت البيت عليهم نارا.
ثم قام بنفسه في جماعة منهم المغيرة بن شعبة الثقفي، وسالم مولى أبي حذيفة، حتى صاروا إلى باب علي عليه السلام، فنادى: يا فاطمة بنت رسول الله، أخرجي من اعتصم ببيتك ليبايع، ويدخل فيما دخل فيه المسلمون، وإلا ـ والله ـ أضرمت عليهم نارا (2)، في حديث مشهور ".
ــــــــــــــــــــ
(1) راجع: كتابنا دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام: ج 1 ص 169. البحث الذي هو بعنوان: أين دفن النبي، في بيت عائشة أم في بيت فاطمة(ع).
(2) الجمل: ط جديد، ص 117 و 118. (*)0
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 178 /
وقد تقدم ما ذكره رحمه الله في كتاب الإرشاد، فلا داعي للإعادة.
كتاب الاختصاص للشيخ المفيد:
تقدم أن البعض: قد جعل التشكيك في نسبة كتاب " الاختصاص " للشيخ المفيد (قده)، ذريعة لرفض الاعتماد عليه فيما يرويه عن مظالم الزهراء عليها السلام، ولرفض نسبة رواية ذلك إلى المفيد رحمه الله.
ونقول: إننا بعد التأمل فيما يثار حول كتاب " الاختصاص " للشيخ المفيد، وجدنا أن تلك التساؤلات لا تصلح للاعتماد عليها للطعن في صحة هذه النسبة إلى ذلك العالم الجليل.
ونحن نجيب فيما يلي بإيجاز عن بعض الأمور التي أثيرت حول هذا الكتاب فنقول:
1 ـ إن في الكتاب روايات كثيرة تبدأ هكذا: " حدثني جعفر بن الحسين المؤمن "، فظن البعض: أن الكتاب من تأليف هذا الرجل.
ونقول:
إن هناك روايات كثيرة وردت في الكتاب وهي لا تبدأ باسم هذا الرجل، بل تبدأ بأسماء آخرين، أو تضيف أشخاصا آخرين بواسطة واو العطف، وهذا لا يناسب نسبة الكتاب إلى الرجل المذكور.
2 ـ إن أصحاب الفهارس، مثل النجاشي في رجاله، والطوسي في فهرسته، وابن شهرآشوب في معالم العلماء، لم يذكروا هذا
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 179 /
الكتاب، في عداد مؤلفات المفيد.
ويجاب بأن جميع هؤلاء لم يذكروا جميع مؤلفات المفيد، بل كل منهم قد عد جملة منها، وليكن كتاب الاختصاص من جملة ما لم يذكروه.
وسيأتي وجه عدم ذكرهم له في عداد مؤلفاته إن شاء الله.
3 ـ إن النسخ الخطية لهذا الكتاب فيها تشويش، فإن خطبة الكتاب في نسخة تجدها بعد صفحات من الكتاب في نسخة أخرى.
ويجاب عن ذلك بأنه قد تكون بعض النسخ قد انفرط عقدها، فظمها منظموها حسبما تيسر لهم.
4 ـ وهنا سؤال آخر أيضا، وهو أنه يقول: " قال محمد بن محمد بن النعمان " فمن الذي قال ذلك يا ترى؟!
والجواب:
أنه من قول المؤلف نفسه، كما جرت عليه عادة المؤلفين القدامى، وليس قول آخرين نقلوا ذلك عنه رحمه الله.
واحتمال أن تكون هذه العبارة قد كتبها البعض توضيحا، ثم أدخلها النساخ في الأصل اشتباها لا يعتد به، وهو يحتاج إلى إثبات.
فإن كان اختياره للمفيد دون سواه لأجل وجود بعض مشايخ المفيد في الكتاب، فإنه يقال له: كما كان هؤلاء من مشايخه فقد كانوا أيضا من مشايخ غيره.
مع أن في الكتاب آخرين لم يعلم أنهم من مشايخ المفيد وهم ثلاثة أضعاف أولئك، فلماذا استفاد من ذلك العدد القليل من المشايخ، أن الكتاب للمفيد، ولم ينظر إلى من تبقى منهم، وهم أكثر عددا؟!
--------------------------------------------------------------------------------
/ صفحة 180 /
5 ـ كون الكتاب أشبه بكشكول روائي قد جاء معظمه في فضائل أهل البيت عليهم السلام، ولا يسير الكتاب في ترتيبه، وفق منهج منطقي منسجم، والمفيد يمتاز بالدقة والإبداع.
ونقول:
إن هذا ليس عيبا في الكتاب، إذ قد يتعلق غرض بعض المؤلفين بتأليف مجموعات كشكولية، روائية أو غيرها. والمفيد نفسه هو صاحب كتاب الأمالي الذي هو كتاب حديثي كشكولي أيضا. ودقة وأبداع الشيخ المفيد لا يجب أن تتجلى في كتبه الحديثية كما هو ظاهر.
هذا، مع غض النظر عن حقيقة: إن الكتاب هو اختيار وانتخاب من الشيخ المفيد لكتاب الاختصاص لابن عمران، كما سنرى..
6 ـ توجد في هذا الكتاب بحوث لا تنسجم مع آراء المفيد في سائر كتبه، ولا يدل إطار الكتاب العام على أنه من تأليف متكلم عقلي كالشيخ المفيد، بل هو أقرب إلى تأليف أحد المحدثين كالشيخ الصدوق مثلا.
وقد عرف الجواب على هذا مما قدمناه آنفا، من أن الغرض قد يتعلق بحفظ بعض الأحاديث في ضمن مجموعة كشكولية كما هو الحال في كتب الأمالي ـ مثلا ـ التي ألف الشيخ المفيد واحدا منها.
بالإضافة إلى أنه قد يكون جمع هذه الأحاديث قد حصل قبل أن يصبح المفيد إماما في العقائد والفقه وغير ذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
يتبع ...