المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشاعر العراقي علي جعفر العلاق يسجل أحزان المرحلة



عابدون
05-26-2006, 10:48 AM
جمع 27 قصيدة في "سيد الوحشتين"

المجموعة الشعرية التي أصدرها الشاعر العراقي علي جعفر العلاق أخيرا تحت عنوان »سيد الوحشتين« تطالعنا من عنوانها بوجه من الكآبة وتحمل الى الذاكرة »رهين المحبسين« أبا العلاء المعري أحد كبار أمراء الحزن النبيل ذي الأبعاد الفلسفية العميقة.

إلا ان أحزان المجموعة ليست دائما من النوع الباكي على الانسان والوجود إطلاقا لكنها بكاء عليهما من خلال بكاء على الوطن والأرض والجماعة. ويجد القارئ هذا مُعلنا أو كامنا حتى عندما يتناول الشاعر موضوعا على قدر كبير من الخصوصية. انها أحزان جماعية في مرحلة مصيرية رهيبة لا يمكن الحالات الفردية ان تخفيها. أسلوب كتابة العلاق على تنوعه و"حداثة" بعض سماته يحمل خصائص كلاسيكية وغنائية ونبرة خطابية في غالبه حتى اننا وسط بعض ما يبدو لنا تعدد أوزان وقواف نستطيع القيام باعادة "صف" لتظهر سطوره المقسمة أبياتا كلاسيكة من حيث العروض.

إلا ان هذا الشعر مع جولاته في عالم التاريخ والأسطورة يبقى حافلا بالحاضر ومآسيه التي تنزل في وطن الشاعر وأهله.
اشتملت المجموعة على 27 قصيدة توزعت على 94 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.

القصيدة الأولى عنوانها "المجنون" وهو هنا مجنون بني عامر وليلاه. يسأل الشاعر قائلا "من ترى / أوصلك اليوم الى هذا المتاه/ لا خفاف الابل الحمقاء قادتك الى ليلى /ولا هبت على معولك النائح/ أقمار المياه.../ كيف أوغلت.. حفرت البئر حتى/ بكت الإبرة واشتد عليك الليل/ حتى اختلط الحابل بالنابل والموحش/ بالاهل/ حتى بلغت حيرتك الكبرى/ مداها فلماذا / يأسك الوارف لم يبلغ مداه..?«

وفي قصيدة "سيد الوحشتين "التي حملت المجموعة اسمها يقول "لمصباحي المكفهر/ الصغير/ وحشة ولهذي القصيدة/ هذي الشوارع/ هذا الفراش الوثير/ وحشة/ فانا الان/ يا صاحبي/ سيد الوحشتين/ اتدفأ بالحلم حينا/ وبالوهم حينا/ وارجع../ شيخ من البرد/ بين عظامي وشيخ/ من الوهم ملء اليدين."

في "نهار من دم الغزلان" عودة الى موضوع اثير لدى شعراء النكبات الوطنية من فلسطين الى العراق وهو قصة يوسف الذي تخلى عنه اخوته وألقوا به في بئر واتهموا الذئب بافتراسه. نقرأ ذلك فنرى ان الشاعر يحل بلدا مكان يوسف هو بلده المُعذب وان المأساة تبدو أشبه بشراكة بين اخوته والذئب وان الدم تحول الى ماء. وتتحول الطائرات الحربية عند الشاعر الى غربان تمزق يوسف.