المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أميركا تفتح أبواب الهجرة لاستقبال عشرات الآلاف من العاملين في التمريض



سلسبيل
05-25-2006, 07:21 AM
دول نامية تطالب بتعويضات عما أنفقته في تدريبهم قبل هجرتهم للعمل في دول غنية


واشنطن : سليا داغار*


نص مشروع قرار لمجلس الشيوخ الأميركي على فتح باب الهجرة أمام العاملات والعاملين في مهنة التمريض من الدول النامية بسبب النقص الذي تعاني منه المستشفيات الأميركية في العاملين في مجال التمريض والرعاية الصحية، إلا ان هناك مخاوف من ان تؤدي هجرة هؤلاء الى الولايات المتحدة الى نقص في أعدادهم في الدول النامية. ومن المتوقع ان تجري المصادقة على مشروع القرار الاسبوع الحالي وسط تجاهل كبير لمشروع القرار في النقاش الذي دار حول الهجرة غير القانونية، خصوصا أن مشروع القرار لم يتضمن عددا محددا للممرضين والممرضات المسموح لهم بالهجرة للعمل في الولايات المتحدة. وأكد السيناتور سام بروبانك، الذي طرح الاقتراح، أهميته لمساعدة الولايات المتحدة في مواجهة النقص في العاملين والعاملات في مجال التمريض. وشكك بروبانك في ان يؤدي هذا الإجراء الى زيادة كبيرة في العدد المحدود للممرضات والممرضين الأفارقة الذين يعملون في الولايات المتحدة، لكنه اقر بأن هذه الهجرة سيكون لها تأثيرها على مجال التمريض في كل من الفلبين والهند، اللتين ترسلان آلاف الكوادر كل عام الى الولايات المتحدة للعمل في حقل التمريض.

تجدر الإشارة الى ان الهجرة الواسعة للممرضات والممرضين من الدول الفقيرة الى الدول الغنية أثرت سلبا على مؤسسات ونظم الرعاية الصحية في الدول النامية، علما بأن هذه الدول تعاني اصلا من نقص حاد في هذه الكوادر. وكان عدد من الدول الأفريقية قد شرع في المطالبة بتعويضات عن الخسائر التي تنفقها هذه الدول في تدريب أعداد من الأطباء وكوادر التمريض الذين يتركون بلدانهم بسبب الهجرة للعمل في الدول الغنية. إلا ان نص مشروع قرار مجلس الشيوخ حول فتح باب الهجرة أمام كوادر التمريض من الدول النامية، والذي من المقرر ان يظل نافذا حتى عام 2014، لم يتضمن أي تعويضات ولم يثر أي معارضة تذكر داخل الكونغرس.

وبما انه لا يشكل جزءا من مشروع قانون الهجرة الخاص بمجلس النواب، من المقرر ان تتخذ لجنة مشتركة من مجلس النواب والشيوخ قرارا حول ما اذا يجب تضمين نص مشروع القرار حول هجرة الممرضات والممرضين من دول العالم الثالث في قانون الهجرة في حال مصادقة الكونغرس عليه. وجاء رد فعل خبراء في مجال الصحة العامة من دول العالم الثالث غاضبا، خصوصا في ظل الاحتمال الضعيف لمقاومة العاملين والعاملات في حقل التمريض لإغراء الهجرة الى العمل في الولايات المتحدة، التي تحتل حاليا المرتبة الأولى في سوق العمل في مجال التمريض. وقال هؤلاء الخبراء ان إلغاء القيود على العدد المسموح له بالهجرة وسط الممرضات والممرضين سيلحق ضررا كبيرا بالفلبين، أكبر مصدر لتزويد الولايات المتحدة بكوادر مدربة في حقل التمريض يقدر عددهم بعدة آلاف سنويا.

وتشير نتائج دراسات أجراها باحثون فلبينيون الى ان مستوى خدمات الرعاية الصحية في الفلبين تدهور خلال السنوات السابقة بسبب هجرة عشرات الآلاف من الممرضات والممرضين الى الخارج، فضلا عن آلاف الأطباء الذين هجروا المهنة في الفلبين ليهاجروا ويعملوا في مجال التمريض. وقال جورج كورديرو، رئيس رابطة ممرضات وممرضي الفلبين، ان الشعب الفلبيني سيعاني لأن الولايات المتحدة اخذت كل كوادرهم المدربة في مجال التمريض. ووجد نص مشروع القرار تأييدا من رابطة المستشفيات الأميركية، التي أشارت في تقرير أصدرته في ابريل (نيسان) الماضي الى ان هناك 118 ألف وظيفة خالية في مجال التمريض بالمستشفيات الأميركية، فيما اشارت تقارير الحكومة الفيدرالية عام 2002 الى ان النقص في القوة العاملة في حقل التمريض سيرتفع الى 80 ألفا بنهاية عام 2020.

كما أشار بروس موريسون، وهو ناشط في مجموعة ضغط تعمل لصالح رابطة المستشفيات الأميركية وعضو ديمقراطي سابق بالكونغرس، الى انه لا يوجد سبب لتحديد عدد المهاجرين للعمل في حقل التمريض والرعاية الصحية لأن هناك نقص في المستشفيات الأميركية يتطلب توفير كوادر فورا لسد النقص الموجود.

من جانبها قالت هولي بورخالتر، من منظمة «أطباء من أجل حقوق الإنسان»، ان مشروع قرار مجلس الشيوخ الخاص بفتح الباب أمام هجرة الممرضات والممرضين من الدول النامية للعمل في الولايات المتحدة من المحتمل ان يسفر عن إضعاف جهود ومساعي الولايات المتحدة الرامية الى مكافحة مرض نقص المناعة المكتسبة (الإيدز) والملاريا. وهناك الآن المزيد من الأميركيين ممن يسعون الى العمل في مهنة التمريض بحيث لا توجد أماكن تستوعبهم. ففي عام 2005 رفضت معاهد التمريض الأميركية ما يقرب من 150 ألف طلب من أشخاص مؤهلين، وفقا المنظمة القومية للتمريض، وهي مؤسسة غير ربحية تضم في عضويتها ما يزيد على 1100 من معاهد التمريض.

ومن بين العوامل الأكثر أهمية التي تحدد عدد الدارسين هو نقص المعاهد التي يتلقون التعليم فيها، وفقا لما تقوله مؤسسات التمريض. ويحصل أساتذة التمريض على رواتب تقل عن الرواتب التي يحصل عليها من يمارسون مهنة التمريض، مما يؤثر على الحاجة الى المدرسين.

وفي ظل نظام الهجرة الراهن يقدر الخبراء ان ما يراوح بين 12 ألفا و14 ألفا من الممرضات والممرضين يهاجرون الى الولايات المتحدة سنويا بموجب تأشيرات دخول لغرض العمل تخولهم جلب افراد عائلاتهم وحصولهم على بطاقة الإقامة الخضراء. وعلى الممرضات والممرضين القادمين ان يجتازوا اختبارا باللغة الانجليزية وامتحانات التمريض في الولايات المتحدة لكي يكونوا مؤهلين للحصول على تأشيرة الدخول.

وفي السنوات الأخيرة كان هناك ما يكفي من تأشيرات الدخول للممرضات والممرضين الأجانب من معظم الدول، ولكن عائقا حدث عام 2005، بعد أن قامت سلطات الهجرة بتوجه الى التخلص مما هو متراكم من طلبات تأشيرات الدخول لغرض العمل. وفي ذلك العام وضع الكونغرس جانبا 50 ألف طلب لضافي على تأشيرة دخول للممرضات والممرضين وعوائلهم. ولكن من المحتمل أن تكون جميع تلك التأشيرات قد استخدمت أوائل العام التالي، وفقا لما قاله مسؤولون في وزارة الخارجية.

ومن الصعب التكهن على وجه التحديد بالكيفية التي تؤثر بها ازالة القيود على هجرة الممرضات والممرضين على عدد القادمين منهم الى الولايات المتحدة.

واعتمادا على اتجاهات سابقة قال موريسون انه يعتقد أن العدد سيزيد بنسبة تتراوح بين 5 و10 في المائة سنويا بالمقارنة مع المستويات الحالية. وسيركز المعنيون بالتوظيف على بلدان فيها عدد كبير من الممرضات والممرضين ممن تلقوا تدريبا جيدا، وبصورة رئيسية الفلبين والهند والصين.

وقال انه «من الصحيح بالتأكيد انه كلما كانت الولايات المتحدة توقف لفترة اطول الاستثمار في مجال تدريب الممرضات والممرضين فإنها ستواجه مزيدا من الضغط في الحصول على ممرضات وممرضين من الخارج».

وقال السناتور برانباك، وهو من المؤيدين لبرامج مكافحة الإيدز والملاريا في أفريقيا، انه لا يعتقد ان رفع الغطاء عن هجرة الممرضات والممرضين سيكون له تأثير كبير على أفريقيا لأن البنية السياسية للشركات التي تقوم بالتوظيف لسوق الولايات المتحدة لم تتأسس هناك، وليست هناك أعداد كبيرة من الممرضات والممرضين لدفعهم الى الاستجابة.

وقال انه بينما يمكن أن تشهد الفلبين زيادة في هجرة العاملين في التمريض فان مثل هذه التدفقات يمكن أن تجلب الفوائد، ليس فقط في الأموال التي يحولونها الى بلدهم، وإنما في جهود الممرضات والممرضين الطوعية لتحسين الرعاية الصحية في بلدانهم.

ولكن إريك بوش، كبير مستشاري الصحة في «الشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا»، أشار الى انه يتوقع أن تتأسس وكالات توظيف في أفريقيا حيث الممرضات والممرضون يتدربون باللغة الانجليزية وأنهم سيعلنون عن التغير في القانون الأميركي.

وقد أدى الصراع من أجل الحصول على ممرضات وممرضين من الفلبين، وهي مستعمرة أميركية سابقة، الى تعزيز واسع لاقتصاد البلاد الضعيف عبر التحويلات المالية. وتقوم بعض الوكالات الحكومية هناك بتشجيع هجرة العاملين في مجال التمريض ممن يرسلون مليارات الدولارات الى عوائلهم كل عام.

واعتمادا على الاستطلاعات يقدر الدكتور غالفيز تان أن 80 في المائة من الأطباء الحكوميين في الفلبين تحولوا الى مهنة التمريض أو باتوا يعملون في هذا المجال، على أمل الحصول على البطاقة الخضراء الأميركية.

* خدمة «نيويورك تايمز»