المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : برغم كل دعاوى المساواة في العمل.. الرجل يرفض عبارة «مراتي مدير عام»



سلسبيل
05-22-2006, 06:59 AM
شريكة في الحياة : نعم .. رئيسة في العمل: لا


القاهرة : نشوى الحوفي


من منا لا يتذكر فيلم «مراتي مدير عام» الذي قدمه الثنائي السينمائي صلاح ذو الفقار وشادية في الستينات من القرن الماضي، وناقشا من خلاله بأسلوب رومانسي ممزوج بالكوميديا قضية الزوجة التي ترأس زوجها في العمل والمشاكل التي تواجه تلك التجربة ؟ كان هذا منذ ما يزيد عن أربعين عاما، وظن البعض ان تلك العقلية قد تغيرت مع تطور العلاقة بين الرجل والمرأة وزيادة الحرية والصلاحية الممنوحة لها في العمل، إلا ان واقعة طلاق تداولتها الصحف المصرية أخيرا أثارت الجدل مرة أخرى حول هذه القضية.

تفاصيل القصة تعود الى زوجين كانا يعملان في إدارة واحدة بإحدى الشركات، ولتميز الزوجة في عملها ترقت لتترأس الإدارة التي تعمل بها هي وزوجها، ما أثار حفيظة هذا الأخير، وجعله لا يتحمل الموقف على الإطلاق. فقد بدأ في إثارة الخلافات بمناسبة وبدون معها، إلى الحد الذي ترك فيه بيت الزوجية. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل أفشى كل أسرارها لزملائهما في العمل من باب الانتقام، ما دفع الزوجة إلى إقامة دعوى طلاق ومطالبته هو لها في بيت الطاعة. القضية فتحت من جديد باب النقاش في هذه الظاهرة وبخاصة مع ما حققته المرأة من مكاسب في عملها أهلتها إلى تولي مناصب قيادية شتى. ففي مصر وحدها يبلغ عدد الموظفات 3.6 مليون. وطرحت القضية أيضا العديد من التساؤلات ذات الصلة بعلاقة الرجل بالمرأة في العمل سواء كانا متزوجين ام لا، وما إذا كان يفضل الرجل رئاسة المرأة له بوجه عام في العمل.

كريم، مهندس مدني في إحدى الشركات، ابدى منذ البداية رفضه العمل في مكان ترأسه فيه زوجته، مبررا ذلك بان ضغوط الحياة لا تسمح بالخلافات في البيت والعمل، مؤكدا ان الخلاف بين الرئيس والمرؤوس أمر وارد في العمل، وتساءل: «ماذا افعل إذا أخطأت في العمل أو حدث خلاف في وجهات النظر بيني وبين زوجتي؟ وهل اتركها توبخني أمام زملائي؟ بالطبع لا، لأنني لن اسمح لها بذلك». سماح، زوجة منذ 9 سنوات وتعمل في أحد البنوك كرئيسة لاحد الأقسام ويعمل زوجها في ذات البنك، ولكن في قسم آخر، قالت لـ«الشرق الأوسط»: «احمد الله ان طبيعة عملي انا وزوجي لا تؤهلنا للعمل في قسم واحد، لأنني رأيت بعيني كيف تسبب ذلك الوضع في تدمير العاطفة التي جمعت بين اثنين من زملائنا عندما تمت ترقية الزوجة قبل الزوج، ما أثار غيرته، ولولا انها تداركت الأمر وطلبت نقلها إلى قسم آخر غير الذي يعمل به لانتهت زيجتهما بالطلاق». وتؤكد سماح ان «الرجل الشرقي لا يحب في العادة تفوق الزوجة عليه بوجه عام، ويحب دائما ان تكون تابعة له في كل شيء حتى لو كان عملها بعيدا عنه، فما بالنا لو كانت الزوجة هي مديرة زوجها. لا شك ان الحياة بينهما ستصبح قنبلة موقوتة يترقب فيها الزوج أي هفوة تصدر عن زوجته».

الدكتور احمد المجدوب، أستاذ الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، أكد ان الرجل الشرقي لا يكره تفوق المرأة عليه في العمل، والدليل كم النساء اللاتي يتقلدن المناصب في المصالح الحكومية المختلفة، ولكنه قد يشعر بالإهانة إذا ما وجد زوجته هي رئيسته في العمل نظرا «لأننا كمجتمع لا نربي في أطفالنا من الذكور تقبل قيادة المرأة، ونغرس فيهم منذ الصغر رفض قيادتها للمركب حتى لو كانت شقيقته الكبرى أو والدته، بدعوى انه رجل البيت الأقدر على القيادة، كما انه ينشأ على مفهوم ان تنازله عن تلك القيادة فيه انتقاص لرجولته وقوامته، وان التنازل عن حقه في القيادة سيتبعه بلا شك تنازل في أمور أخرى. ليس هذا فقط، نحن نرى ازواجا يعتمدون على راتب الزوجة في تسيير أمور الحياة ويرفضون الاعتراف بمكانة ذلك الدخل وتأثيره في الحياة حتى لا يثير فخر الزوجة او إحساسها بقيمتها.. انها مسألة تربية وتنشئة، لاننا بحاجة إلى ان نربي في أولادنا ان القيادة لمن يستحقها بغض النظر عن جنسه».

«الأمر لا يتعلق بقيادة المرأة لزوجها في العمل فقط ونظرة كل منهما للآخر في ذلك الموقف، ولكنه يمتد إلى نظرة الأبناء» كما يقول نسيم الذي أصر على استقالة زوجته بعد ان صدر قرار بترقيتها قبله في مقر عملهما ما جعلها تذعن لرغبته وتتفرغ لرعاية الأبناء والبيت. يقول: «التحقت زوجتي بالعمل في الشركة التي عملت بها قبلي بنحو ستة اشهر ما جعلها تسبقني في الترقي ولم اكن أمانع، حتى كان قرار ترقيتها الأخير الذي كان يؤهلها لرئاستي وهو ما لم تتحمله طبيعتي الريفية، فطلبت منها الاختيار بين العمل وزواجنا والأبناء. ولم يكن تصرفي نابعا من الغيرة، كما قد يظن البعض، بل من عدم رغبتي في ان يقول الأبناء ان والدتهم افضل من أبيهم في العمل أو ان يشعروا انها صاحبة اليد الطولى في الإنفاق على المنزل لان راتبها اعلى من راتبي».

وعلى الرغم من عدم منطقية ما ساقه نسيم من مبررات إلا ان زوجته أدركت ـ كما تقول ـ ان طبيعته لا تتحمل ذلك الموقف وآثرت السلامة والبقاء في البيت للتفرغ لأسرتها، مؤكدة انه اضطر للالتحاق بعمل آخر بعد الظهر لتعويض غياب راتبها ليصل عدد ساعات عمله الى 19 ساعة في اليوم، ومع ذلك يرفض الاعتراف بما أصابه من إرهاق، مؤكدا سعادته بحالتهم كما هي.