المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ركوب الحافلة الخطأ يقود طالبين سعوديين إلى السجن في أميركا



سلسبيل
05-22-2006, 06:49 AM
لندن: كمال قبيسي

يوم الجمعة الماضي صعد طالبان سعوديان في مدينة تامبا، بولاية فلوريدا الاميركية، الى إحدى الحافلات وجلسا على مقعدين متجاورين. ولم تمض ربع ساعة تقريبا حتى وصلت الحافلة الى المحطة التي كانت تقصدها، وهناك كان بانتظارها عدد كبير من رجال الشرطة، فاقتحموها على عجل واقتادوا الطالبين السعوديين مكبلين الى مركز للاعتقال وحققوا مع كل منهما على انفراد، فوجدوا تناقضا بين رواية الطالب نعيم صالح، البالغ من العمر 23 سنة، وزميله الذي يصغره بثلاث سنوات، شاكر محسن السدران، بحسب ما ورد في تقرير الشرطة.

ويقول المصري أحمد بدير، وهو مدير مكتب مجلس العلاقات الاسلامية ـ الأميركية (كير) في تامبا، ان صالح والسدران وقعا ضحية عدم المامهما تماما باللغة الانجليزية وبطبيعة الحياة في مدينة وصلا اليها مع 148 طالبا سعوديا منذ 6 اشهر ضمن بعثة حكومية لتعلم الانجليزية في احدى كليات جامعة جنوب فلوريدا بالمدينة «ويوم الجمعة الماضي ركبا إحدى الحافلات، فصادف أنه مخصص لنقل طلاب مدرسة أخرى، ولكنهما لم يكونا على علم بذلك، كما أن السائق لم يلفت انتباههما الى شيء، لكنه في الوقت نفسه أجرى اتصالا مع مخفر للشرطة يعلمه بأن في الحافلة راكبين ليسا بين ركابه الاعتياديين اليوميين ويتحدثان بلغة يبدو أنها العربية، وأحدهما ملتح، فانتظرتهما الشرطة عند باب الكلية التي كانت الحافلة متوجهة اليها وهناك اعتقلوهما».

يتابع بدير ويقول ان الطالبين السعوديين حاولا بلغة انجليزية أن يشرحا للمحققين في المخفر بأنهما طالبان أيضا في كلية أخرى لتعلم الانجليزية وأنهما صعدا الى الحافلة خطأ، فأجرى المحققون اتصالات بالمعهد الذي يدرسان فيه وتأكدوا من صحة كلامهما، لذلك فرضوا عليهما مبلغ 250 دولارا ككفالة ليتم من بعدها إطلاق سراحهما، فقام عدد من زملائهما بجمع المبلغ وتوجهوا الى ادارة السجن لدفعه، لكن مدير السجن رفض وقال ان الأمر أصبح في يد القضاء، فنام الطالبان ليلتهما الأولى وراء القضبان» بحسب ما روى بدير عبر هاتفه النقال.

في اليوم التالي، أي السبت الماضي، تم ادخال الطالبين الى قاعة محكمة حيث قابلتهما قاضية اسمها مونيكا سييرا. وفيها طلب الادعاء العام رفع قيمة الكفالة المصرفية، أو الغاءها بالمرة «فأسرعت القاضية ووافقت على الشق الثاني من الطلب، وتم الغاء الكفالة والابقاء على الطالبين محتجزين الى حين مثولهما أمام المحكمة غدا بتهمة التسلل، باعتبار أن الحافلة تابعة لمدرسة حكومية، وربما بتهمة خرق قوانين الهجرة، وهي تهمة معقدة ولها توابع وإجراءات». وذكر بدير ان منظمة «كير» قامت بتأمين محام يدرس الآن قضية الطالبين التي بث المجلس القضائي في تامبا بعض المعلومات عنها في موقع له على الإنترنت، مع صورتيهما.

وقال بدير ان أي تناقض بدا في رواية صالح والسدران هو من تأويل المحققين «وناتج بالتأكيد من عدم المامهما باللغة الانجليزية في مثل هذه الحالات، ومن ارتباكهما، ومن عدم معرفتهما تماما بطبيعة الحياة في تامبا ونوعية وسائل النقل فيها». وأضاف بدير ان للطالب نعيم محسن، وهو من مدينة نجران، قريبا يقيم في تامبا اسمه حسن، لكن نعيم لم يكن يقيم معه بل في شقة أخرى مع زميل سعودي ضمن البعثة، وكله بمعرفة الكلية». وذكر أن الشرطة قامت بتفتيش مكثف لشقة كل منهما ولم تعثر على ما يدين الطالبين بشيء أو يعزز تهمة خرقهما لقوانين الهجرة، وقال بدير: «أعتقد أن كل ما في الأمر هو أن طالبين عربيين أثارا الشكوك بصعودهما الى حافلة غير مخصصة للنقل العام في بلاد ما زالت متوترة من أحداث 11 سبتمبر العام 2001 بحسب تعبيره».

وقد اطلعت «الشرق الأوسط» على ما أورده المحققون عن لسان الطالبين خلال التحقيق، فورد فيه أن احدهما ذكر في البداية أنهما من المغرب، لكنه اعترف بعدها أنه وزميله من السعودية، وأنهما يدرسان الانجليزية في كلية بجامعة جنوب فلوريدا. وورد أيضا أن أحد الطالبين ذكر أنهما صعدا الى الحافلة لمجرد المتعة بالتفرج على المدينة من حافلة للطلاب، لكن أحمد بدير شرح أن هذا كله ناتج عن ضعفهما بالانجليزية وأن محاميا سيدافع عنهما في المحكمة غدا وهو قادر على اثبات براءتهما «مع أن القاضية لمحت عندما مثلا أمامها السبت الماضي الى أنهما قد يكونان خرقا قوانين الهجرة» بحسب ما قال بدير.