yasmeen
05-20-2006, 06:19 AM
البغلي: نرفض تنقيح الدستور لإرضاء التيارات الدينية... ونؤيد تعديله لمزيد من إرساء الحريات في الكويت
الدستور الكويتي... هل بحاجة إلى تعديل بعض نصوصه..? ولماذا ظهرت انفراجة حكومية بشأن التعديل وأغلقت مرة أخرى..? والرافضون لتعديل الدستور... لماذا يتبنون هذا الرأي ومن أي شيء يتخوفون..? وطالما أن الكويت تسير الآن في حقبة من الإصلاحات السياسية على مختلف الأوجه لماذا لا يكون تعديل الدستور الكويتي ضمن أطر هذه الإصلاحات..?
وإذا كانت التيارات الدينية ترى بضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور ليكون الدين الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع فهل هذه التيارات هدفها سامٍ لإعلاء كلمة الله أم أنها تزايد كما يقول بذلك التيار الليبرالي الذي يعترض بشدة على المساس بالمادة الثانية ويرون أنه لا مجال في هذا العصر ليكون المصدر الأساسي للتشريع الدين الإسلامي وأنه يكفي أن يكون أحد المصادر الأساسية للتشريع نظراً لأن هناك الكثير من القضايا التي استجدت على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية لم تكن موجودة إبان العصور الإسلامية الأولى.
ورداً على جملة هذه التساؤلات أقدمت »السياسة« على فتح ملف »تنقيح الدستور... بين الانفراجة الحكومية والتخوف الشعبي« لنستعرض فيه كل الآراء بحيادية وشفافية وموضوعية.
والكثير ممن التقيناهم اتفقوا على ضرورة تعديل الدستور الكويتي شريطة أن يكون ذلك ضمن المادة »175« التي تسمح بالتعديل لإعطاء المزيد من الحريات... لافتين إلى أن هناك الكثير من التغيرات التي ظهرت في المجتمع الكويتي منذ وضع الدستور الكويتي وإلى الآن منها أن عدد المواطنين في مطلع الستينات كان لا يزيد عن 300 ألف مواطن في وقت وصل فيه عدد أبناء الكويت إلى مليون نسمة هذا فضلاً عن المقيمين على أرض هذا الوطن... مما يحتم أن تتعدل القوانين لتكون هناك زيادة في عدد نواب مجلس الأمة وعدد وزراء الحكومة.
حاوره: ناجح بلال:
طالب وزير النفط الاسبق المحامي علي البغلي بضرورة تعديل الدستور وفق المادة »175« التي تجيز التعديل لما يتماشى مع اعطاء المزيد من الحريات للمجتمع رافضا ان يكون التعديل منصباً حول المادة »الثانية« كما تطالب التيارات الدينية بذلك التي ترى بأهمية ان تعدل تلك المادة ليكون الاسلام المصدر الرئيسي للتشريع دون ان يكون احد مصادر التشريع حسبما هو موجود الان في المادة الثانية.
وقال البغلي في حوار ل¯ »السياسة« انه لايجب ان يحتكر بدر الناشي او سليمان العودة او السيد محمد باقر المهري او المرجع السيد علي السيستاني الشريعة الاسلامية حسب منهج كل واحد منهم لان الشريعة الاسلامية تتسع لكل هذه الاراء.
متسائلا: بأنه اذا عدل الدستور وطبقت الشريعة الاسلامية فهل سيتم تطبيق منهج السلف او الاخوان او الشيعة او المعتزلة او الخوارج.
وذكر البغلي اننا مع التعديل لزيادة عدد نواب مجلس الامة وزيادة عدد الوزراء ولذا علينا الا نتخوف من اي تعديل لان الكثير من الدول المتقدمة عدلت دساتيرها تمشياً مع تطورات العصر... خصوصا وان الحقبة التي وضع فيها الدستور الكويتي عام 1962 تخلتف تماما عن تلك الحقبة التي نعيشها الان.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء مع المحامي علي البغلي:
مواكبة العصر
\ بداية هناك من يرى ان الدستور به نصوص يجب تعديلها لتتواكب مع روح العصر... فما رأيك حول هذا الموضوع كرجل قانون?
/ دستورنا يعتبر من الدساتير الجامدة ومعنى جموده ان هناك صعوبة لاجراءات تعديله... واقول ان الدستور الكويتي صدر العام 1992 ونحن الان نعيش في عام 2006 ... ومعنى ذلك ان عمر هذا الدستور حاليا 44 سنة. وانا لن اردد مقولة ان الدستور ليس قرآناً لانه ليس هناك مقارنة بين الدستور والإسلام .. وكل ما أقوله ان هناك الكثير من الدساتير للدول المتقدمة مثل الدستور الفرنسي والأميركي التي تنقحت للأفضل..ونص المادة (175) من دستورنا يقول ان التنقيح يمكن أن يكون للأفضل .. إذن فلماذا نخاف من التنقيح طالما ان هناك نواباً في مجلس الأمة وسياسيون يراقبون موضوع التعديل.
تجربة سابقة
لكن كانت هناك تجربة سابقة لتنقيح الدستور في عام 1976 ?
نعم شكلت لجنة في السابق لتنقيح الدستور الكويتي ولكنها لم تنجح .. وانا اقول لماذا يتم التخويف والرعب من موضوع تعديل الدستور .. فهل هو الخوف من فتح شهية الحكومة أو أي جهات بأن يتم التنقيح لأكثر من مادة فأنا اقول لا.. ويجب ان نذكر ان جوهر الحريات في الدستور الأميركي تم من خلال التعديل على الدستور الاميركي مثل تعديل حرية التنقل وحرية التعبير.. وأقول ان علينا ان نعيش عصرنا وننقح الدستور لما يتلاءم مع هذا العصر .
تعداد الشعب
تعداد الشعب الكويتي ابان وضع الدستور الكويتي يختلف عن الآن بفوارق كبيرة جدا ألأجل ذلك انت مع التعديل?
عندما وضع الدستور الكويتي كان تعداد المواطنين لا يزيد عن 300 ألف مواطن ونحن الان في حدود مليون مواطن..ولذلك فإن هذا التغيير في التركيبة السكانية للمواطنين ومع ظهور الكثير من المستجدات فإن الوضع يتطلب تعديل الدستور الكويتي.
التيارات الدينية
بعض التيارات الدينية تطالب بقوة تعديل المادة الثانية لتكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وليست ضمن مصادر التشريع .. فهل تؤيد ذلك?
أنا أقول ان المطالبة بتعديل المادة الثانية عبارة عن مزايدة فجة وسبقهم في ذلك الرئيس المصري السابق أنور السادات وغير الدستور المصري ووضع الشريعة الاسلامية المصدر الأساسي ومع هذا نجد أن الخمور تباع وهناك الرقص وهناك سلبيات اخرى... ولذلك أقول للتيارات الدينية في بلادنا يجب ان تبتعدوا عن المزايدة وأي قانون يرونه غير متوافق مع الشريعة الإسلامية أو يتعارض مع الشريعة فليتقدموا بتعديل له.
المادة الثانية
\ ولماذا أنت ضد تعديل المادة الثانية?
/ لأنهم يريدون ممارسة ارهاب فكري على المجتمع وأن يمارسوا تفكير أحادي لأنهم لا يؤمنون بحرية العقيدة ولا بحرية التعبير.. ولا ندري الى أي فرقة إسلامية نحتكم إليها اذا تم تطبيق الشريعة الإسلامية حسب منهجها... فمثلا اذا كانت الاغلبية للسلف فهل هنا نذهب الى السلف على اعتبار انهم الاغلبية رغم ان هناك اتجاهات كارثية في السلف فهذا اسامة بن لادن سلفي والزرقاوي يؤمن بالعقيدة السلفية وهناك اساطين العقيدة السلفية الوهابية الذي يكفرون ويرسلون الشباب الى الجهاد فهؤلاء يؤمنون بالعقيدة السلفية... واذا اخذ الاغلبية الاخوان المسلمين فهل نطبع الدولة كلها بأطروحات الاخوان وأفكار سيد قطب الذي يكفر المجتمعات ويدعو للخروج عنها... ولذلك اقول لهم ابتعدوا عن المزايدة ونحن كناشطين في المجتمع المدني سنتصدى لهم بكل قوة ونتمنى من الحكومة ان تمتلك الشجاعة وتكون واقعية وان قولهم بتعديل المادة الثانية »مأخوذ خيره« وهو كلام مزايدة وكلامهم غير مواكب للعصر ونحن بحمد الله مسلمون مثلهم أو أكثر منهم.
الإخوان المسلمين
\ في لقاء سابق مع الأمين العام للحركة الدستورية د. بدر الناشي قال إن تطبيق الشريعة الإسلامية ليس ضد مواكبة حياة العصر?
/ د. بدر الناشي عنصر معتدل من الاخوان وما اقوله له أي شريعة إسلامية تريدون? هل شريعة الإخوان المسلمين أم السلفيين أم الشيعة أم الصوفية أم المعتزلة أم البهائية أو الخوارج?
لذلك لا يجب ان يحتكر بدر الناشي او سليمان العودة او السيد محمد باقر المهري او المرجع السيد علي السيستاني الشريعة الاسلامية.. لان الشريعة الاسلامية تتسع لكل هذه الآراء ويجب الا يفرض علينا منطق معين او اتجاه معين من الشريعة الاسلامية لان هذه الشريعة موجودة وكل شخص يأخذ الذي يناسبه منها.
ليرونا شطارتهم
وهل يكفي ان يقول الدستور في مادته الثانية ان الاسلام مصدر رئيسي من مصادر التشريع من وجهة نظرك?
نعم هذا يكفي واكثر وانا اتحدى هؤلاء اذا وجدوا اي قانون يتعارض مع الشريعة الاسلامية واتحداهم ان يعدلوا مثلا نص القانون التجاري عن الفائدة البنكية وعليهم ان »يفرجونا« عن شطارتهم و»مراجلهم« لانهم اذا فعلوا ذلك فإن النظام البنكي كله سينهار واقول لهم ان هناك بنوكا عادية وهناك بنوك اسلامية والناس هي التي تختار فمن يريد البنك الاسلامي فليذهب له ومن يريد البنوك الاخرى ليذهب لها.
زيادة النواب والوزراء
يقال ان الكويت الآن تختلف عن حقبة مطلع الستينات التى وضع فيها الدستور الكويتي ولذلك فإن الوضع بحاجة الى زيادة عدد النواب ووزراء الحكومة فما قولك في ذلك?
الكويت الان توسعت عمرانيا بشكل كبير ولذلك انا اتفق مع الآراء المطالبة بضرورة زيادة اعضاء مجلس الامة الى 60 عضوا وهناك ضرورة لزيادة الوزراء.
تعديلات اخرى
هناك من يتخوف من تعديل الدستور حتى لا يجر الحكومة هذا التعديل الى تعديلات اخرى من شأنها تقييد بعض الحريات فما رأيك في ذلك?
وهل الدستور وكالة من غير بواب واذا تم اقرار تعديل مادة ما فيجب ان يتم تعديلها بعينها دون ان نعدل بقية المواد الاخرى والتعديل في حد ذاته ليس كارثة كما يرى البعض لان هذا التعديل سيكون محدودا واذا كانت هناك مواد اخرى سيتم تعديلها فيجب ان يكون ذلك ضمن مادة »175« التي تنص على المزيد من الحريات.
الظواهر السلبية
\ اذا كنت مع زيادة اعداد نواب مجلس الامة دستوريا فهناك من يرى ان كلما زاد عدد الاعضاء في البرلمان كلما ادى ذلك الى زيادة الظواهر السلبية مثل تفشي الواسطة والمزايدة فما رايك في ذلك?
/ اقول مثلما تكونوا يولى عليكم وهل سنأتي بوزراء ونواب من المريخ »فهذا الله وهذه هي حكمته«.
الاحزاب السياسية
\ هناك مطالب لاشهار الاحزاب السياسية والدستور الكويتي لم يفصل في هذا الامر فهل انت مع التعديل لافساح المجال لاشهار الاحزاب?
/ في موضوع اشهار الاحزاب ترك الدستور الكويتي الباب موارباً للاحزاب فهو لم يمنع اشهار الاحزاب السياسية ولم يوافق عليها ومع هذا فان الاحزاب موجودة وتمارس دورها في الحياة السياسية كما هو الحال لجمعيات النفع العام.. انا ليس عندي اي اعتراض لاشهار الاحزاب التي لدينا حتى نطلع على تمويلها وتحركاتها ومن هم اعضائها واهدافها حتى تكون نابعة من المجتمع.
تغريب المجتمع
\ انتم كليبراليين يقال انكم تريدون تعديل الدستور الكويتي لاعطاء المزيد من الحريات ولتغريب المجتمع ويقال ان التيارات الدينية تريد التعديل من اجل تطبيق الشريعة.. فما رأيك في ذلك?
/ كلام فاضي ما يقال بأننا نريد تغريب المجتمع وكلام مردود عليه .. اما التيار الديني عندما يقال عنه انه يريد تعديل الدستور لتطبيق الشريعة فحديثهم هذا للمزايدات فقط, وهم يريدون فقط ان يضعونا في ازمة .. واذا عدلوا المادة الثانية لربما ذهبوا الى المحكمة الدستورية وحكموا بعدم دستورية الكثير من القوانين لانها في هذه الحالة ستتعارض مع المادة الثانية اذا عدلت حسب ما يريدون واذا حدث ذلك فستكون هناك فوضى.
ومع هذا اقول اننا بلد مسلم ونعرف الاسلام قبل ان يعرفه هؤلاء.. ونحن لسنا ضد ان نأخذ بالاسلام ولكن بالاسلام الوسطى المعتدل الذي يتفق مع معتقدات الكل وليس معتقدات الاقلية لان السلف والاخوان اقلية واقول ان الاغلبية هنا للكويتي المسلم الوسطي المعتدل وانا اعتبر الاخوان والفسل بانهم تيارات تغريبية في المجتمع الكويتي.
\ ماذا تقصد بتغريبية?
/ ليس معنى تغريبي انهم اتوا من الغرب بل تغريبي بمعنى انهم غرباء عن المجتمع الكويتي الوسطي المعتدل.
\ انت كمحام اترى ان هناك بعض القوانين تتعارض مع نصوص الدستور الكويتي?
/ هناك الكثير من القوانين التي تتعارض مع الدستور الكويتي ونحمد الله ان المحكمة الدستورية اصدرت لنا حكما بالغاء قانون التجمعات ونتمنى الغاء الكثير من القوانين الاخرى التي تتعارض مع نصوص الدستور الكويتي ونود ان يكون الغاء قانون التجمعات هو البداية لتعديل القوانين المخالفة للدستور ونتمنى ان تنصفنا المحكمة الدستورية في ذلك كما انصفتنا في قانون التجمعات لان الحكومة لم تنصفنا في الغاء هذا القانون واقول ان مجلس الامة نفسه لم ينصفنا هو الاخر في الغاء هذا القانون .
تأخر المحكمة الدستورية
\ ولكن لماذا انصفت المحكمة الدستورية هذه المرة الشعب بالغاء قانون التجمعات رغم انه كانت هناك مطالب منذ الثمانينات بالغاء هذا القانون?
/ هذا القانون تأخر الغاؤه لان المحكمة الدستورية في السابق كانت ترفض دعاوى الافراد وكانت ترى ان الافراد يرفعون هذه الدعاوى بقصد المجيئ اليها ونعلم ان مجلس الامة حاول في السابق الغاء هذا القانون ولكنه كان يسحب الدعاوى المرفوعة وتتم التسوية حتى لا يصدر حكم في ذلك.
المرأة الكويتية
\ المرأة الكويتية في هذه الحقبة حصلت على حقوقها السياسية وتم الغاء قانون التجمعات لعدم دستوريته فهل ترى ان البلاد قادمة على مجموعة من الاصلاحات السياسية في مختلف الاتجاهات?
نحن نرى بالفعل ان هناك حراكا سياسيا في المجتمع وهذه التحركات صحية ونشجعها ونتمنى ان يتمخض هذا التحرك عن الكثير من الاصلاحات..ونحن ككويتيين نتطلع دائما لنرى بلادنا فيها كل الجوانب الايجابية وان نكون بمنأى عن اي جوانب سلبية لان الكويت بلدنا جميعا وهي التي تجمعنا كلنا في ارضها وكلنا ندين لها بالولاء والانتماء ولذلك يجب ان ننزع عنا اي انتماءات عرقية او سياسية او فكرية او مذهبية او قبلية لان البلد لا يتحمل هذه التقسيمات.
قضية البدون
اذا كانت الكويت الان تشهد الكثير من الاصلاحات السياسية ويدور الحديث عنها الان حول تعديل الدستور فلماذا لا يتم حسم قضية »البدون« تحسينا لاسم الكويت في منظمات حقوق الانسان كما يرى البعض?
نحن جميعا ننادي بحل هذه القضية الانسانية ومع انهاء معاناة هذه الشريحة ولذلك نطالب باعطاء الجنسية لكل من يستحقها من اجل حل هذه المشكلة التي تؤرق عدد كبير يعيش في وطننا ومازلنا نؤكد على ان تتجه الكويت نحو الكثير من الاصلاحات السياسية والاقتصادية ومنها تعديل الدستور الكويتي لاعطاء المجتمع الكويتي من الحريات خصوصا وان الكويت لديها ديمقراطية متفتحة ولديها دستور منذ العام 1962 ولدينا صحافة حرة وكل هذه الجوانب مجتمعة تجعل الارضية الكويتية مهيأة للاصلاحات في مختلف الاتجاهات.
الدستور الكويتي... هل بحاجة إلى تعديل بعض نصوصه..? ولماذا ظهرت انفراجة حكومية بشأن التعديل وأغلقت مرة أخرى..? والرافضون لتعديل الدستور... لماذا يتبنون هذا الرأي ومن أي شيء يتخوفون..? وطالما أن الكويت تسير الآن في حقبة من الإصلاحات السياسية على مختلف الأوجه لماذا لا يكون تعديل الدستور الكويتي ضمن أطر هذه الإصلاحات..?
وإذا كانت التيارات الدينية ترى بضرورة تعديل المادة الثانية من الدستور ليكون الدين الإسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع فهل هذه التيارات هدفها سامٍ لإعلاء كلمة الله أم أنها تزايد كما يقول بذلك التيار الليبرالي الذي يعترض بشدة على المساس بالمادة الثانية ويرون أنه لا مجال في هذا العصر ليكون المصدر الأساسي للتشريع الدين الإسلامي وأنه يكفي أن يكون أحد المصادر الأساسية للتشريع نظراً لأن هناك الكثير من القضايا التي استجدت على الساحة الدولية والإقليمية والمحلية لم تكن موجودة إبان العصور الإسلامية الأولى.
ورداً على جملة هذه التساؤلات أقدمت »السياسة« على فتح ملف »تنقيح الدستور... بين الانفراجة الحكومية والتخوف الشعبي« لنستعرض فيه كل الآراء بحيادية وشفافية وموضوعية.
والكثير ممن التقيناهم اتفقوا على ضرورة تعديل الدستور الكويتي شريطة أن يكون ذلك ضمن المادة »175« التي تسمح بالتعديل لإعطاء المزيد من الحريات... لافتين إلى أن هناك الكثير من التغيرات التي ظهرت في المجتمع الكويتي منذ وضع الدستور الكويتي وإلى الآن منها أن عدد المواطنين في مطلع الستينات كان لا يزيد عن 300 ألف مواطن في وقت وصل فيه عدد أبناء الكويت إلى مليون نسمة هذا فضلاً عن المقيمين على أرض هذا الوطن... مما يحتم أن تتعدل القوانين لتكون هناك زيادة في عدد نواب مجلس الأمة وعدد وزراء الحكومة.
حاوره: ناجح بلال:
طالب وزير النفط الاسبق المحامي علي البغلي بضرورة تعديل الدستور وفق المادة »175« التي تجيز التعديل لما يتماشى مع اعطاء المزيد من الحريات للمجتمع رافضا ان يكون التعديل منصباً حول المادة »الثانية« كما تطالب التيارات الدينية بذلك التي ترى بأهمية ان تعدل تلك المادة ليكون الاسلام المصدر الرئيسي للتشريع دون ان يكون احد مصادر التشريع حسبما هو موجود الان في المادة الثانية.
وقال البغلي في حوار ل¯ »السياسة« انه لايجب ان يحتكر بدر الناشي او سليمان العودة او السيد محمد باقر المهري او المرجع السيد علي السيستاني الشريعة الاسلامية حسب منهج كل واحد منهم لان الشريعة الاسلامية تتسع لكل هذه الاراء.
متسائلا: بأنه اذا عدل الدستور وطبقت الشريعة الاسلامية فهل سيتم تطبيق منهج السلف او الاخوان او الشيعة او المعتزلة او الخوارج.
وذكر البغلي اننا مع التعديل لزيادة عدد نواب مجلس الامة وزيادة عدد الوزراء ولذا علينا الا نتخوف من اي تعديل لان الكثير من الدول المتقدمة عدلت دساتيرها تمشياً مع تطورات العصر... خصوصا وان الحقبة التي وضع فيها الدستور الكويتي عام 1962 تخلتف تماما عن تلك الحقبة التي نعيشها الان.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء مع المحامي علي البغلي:
مواكبة العصر
\ بداية هناك من يرى ان الدستور به نصوص يجب تعديلها لتتواكب مع روح العصر... فما رأيك حول هذا الموضوع كرجل قانون?
/ دستورنا يعتبر من الدساتير الجامدة ومعنى جموده ان هناك صعوبة لاجراءات تعديله... واقول ان الدستور الكويتي صدر العام 1992 ونحن الان نعيش في عام 2006 ... ومعنى ذلك ان عمر هذا الدستور حاليا 44 سنة. وانا لن اردد مقولة ان الدستور ليس قرآناً لانه ليس هناك مقارنة بين الدستور والإسلام .. وكل ما أقوله ان هناك الكثير من الدساتير للدول المتقدمة مثل الدستور الفرنسي والأميركي التي تنقحت للأفضل..ونص المادة (175) من دستورنا يقول ان التنقيح يمكن أن يكون للأفضل .. إذن فلماذا نخاف من التنقيح طالما ان هناك نواباً في مجلس الأمة وسياسيون يراقبون موضوع التعديل.
تجربة سابقة
لكن كانت هناك تجربة سابقة لتنقيح الدستور في عام 1976 ?
نعم شكلت لجنة في السابق لتنقيح الدستور الكويتي ولكنها لم تنجح .. وانا اقول لماذا يتم التخويف والرعب من موضوع تعديل الدستور .. فهل هو الخوف من فتح شهية الحكومة أو أي جهات بأن يتم التنقيح لأكثر من مادة فأنا اقول لا.. ويجب ان نذكر ان جوهر الحريات في الدستور الأميركي تم من خلال التعديل على الدستور الاميركي مثل تعديل حرية التنقل وحرية التعبير.. وأقول ان علينا ان نعيش عصرنا وننقح الدستور لما يتلاءم مع هذا العصر .
تعداد الشعب
تعداد الشعب الكويتي ابان وضع الدستور الكويتي يختلف عن الآن بفوارق كبيرة جدا ألأجل ذلك انت مع التعديل?
عندما وضع الدستور الكويتي كان تعداد المواطنين لا يزيد عن 300 ألف مواطن ونحن الان في حدود مليون مواطن..ولذلك فإن هذا التغيير في التركيبة السكانية للمواطنين ومع ظهور الكثير من المستجدات فإن الوضع يتطلب تعديل الدستور الكويتي.
التيارات الدينية
بعض التيارات الدينية تطالب بقوة تعديل المادة الثانية لتكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع وليست ضمن مصادر التشريع .. فهل تؤيد ذلك?
أنا أقول ان المطالبة بتعديل المادة الثانية عبارة عن مزايدة فجة وسبقهم في ذلك الرئيس المصري السابق أنور السادات وغير الدستور المصري ووضع الشريعة الاسلامية المصدر الأساسي ومع هذا نجد أن الخمور تباع وهناك الرقص وهناك سلبيات اخرى... ولذلك أقول للتيارات الدينية في بلادنا يجب ان تبتعدوا عن المزايدة وأي قانون يرونه غير متوافق مع الشريعة الإسلامية أو يتعارض مع الشريعة فليتقدموا بتعديل له.
المادة الثانية
\ ولماذا أنت ضد تعديل المادة الثانية?
/ لأنهم يريدون ممارسة ارهاب فكري على المجتمع وأن يمارسوا تفكير أحادي لأنهم لا يؤمنون بحرية العقيدة ولا بحرية التعبير.. ولا ندري الى أي فرقة إسلامية نحتكم إليها اذا تم تطبيق الشريعة الإسلامية حسب منهجها... فمثلا اذا كانت الاغلبية للسلف فهل هنا نذهب الى السلف على اعتبار انهم الاغلبية رغم ان هناك اتجاهات كارثية في السلف فهذا اسامة بن لادن سلفي والزرقاوي يؤمن بالعقيدة السلفية وهناك اساطين العقيدة السلفية الوهابية الذي يكفرون ويرسلون الشباب الى الجهاد فهؤلاء يؤمنون بالعقيدة السلفية... واذا اخذ الاغلبية الاخوان المسلمين فهل نطبع الدولة كلها بأطروحات الاخوان وأفكار سيد قطب الذي يكفر المجتمعات ويدعو للخروج عنها... ولذلك اقول لهم ابتعدوا عن المزايدة ونحن كناشطين في المجتمع المدني سنتصدى لهم بكل قوة ونتمنى من الحكومة ان تمتلك الشجاعة وتكون واقعية وان قولهم بتعديل المادة الثانية »مأخوذ خيره« وهو كلام مزايدة وكلامهم غير مواكب للعصر ونحن بحمد الله مسلمون مثلهم أو أكثر منهم.
الإخوان المسلمين
\ في لقاء سابق مع الأمين العام للحركة الدستورية د. بدر الناشي قال إن تطبيق الشريعة الإسلامية ليس ضد مواكبة حياة العصر?
/ د. بدر الناشي عنصر معتدل من الاخوان وما اقوله له أي شريعة إسلامية تريدون? هل شريعة الإخوان المسلمين أم السلفيين أم الشيعة أم الصوفية أم المعتزلة أم البهائية أو الخوارج?
لذلك لا يجب ان يحتكر بدر الناشي او سليمان العودة او السيد محمد باقر المهري او المرجع السيد علي السيستاني الشريعة الاسلامية.. لان الشريعة الاسلامية تتسع لكل هذه الآراء ويجب الا يفرض علينا منطق معين او اتجاه معين من الشريعة الاسلامية لان هذه الشريعة موجودة وكل شخص يأخذ الذي يناسبه منها.
ليرونا شطارتهم
وهل يكفي ان يقول الدستور في مادته الثانية ان الاسلام مصدر رئيسي من مصادر التشريع من وجهة نظرك?
نعم هذا يكفي واكثر وانا اتحدى هؤلاء اذا وجدوا اي قانون يتعارض مع الشريعة الاسلامية واتحداهم ان يعدلوا مثلا نص القانون التجاري عن الفائدة البنكية وعليهم ان »يفرجونا« عن شطارتهم و»مراجلهم« لانهم اذا فعلوا ذلك فإن النظام البنكي كله سينهار واقول لهم ان هناك بنوكا عادية وهناك بنوك اسلامية والناس هي التي تختار فمن يريد البنك الاسلامي فليذهب له ومن يريد البنوك الاخرى ليذهب لها.
زيادة النواب والوزراء
يقال ان الكويت الآن تختلف عن حقبة مطلع الستينات التى وضع فيها الدستور الكويتي ولذلك فإن الوضع بحاجة الى زيادة عدد النواب ووزراء الحكومة فما قولك في ذلك?
الكويت الان توسعت عمرانيا بشكل كبير ولذلك انا اتفق مع الآراء المطالبة بضرورة زيادة اعضاء مجلس الامة الى 60 عضوا وهناك ضرورة لزيادة الوزراء.
تعديلات اخرى
هناك من يتخوف من تعديل الدستور حتى لا يجر الحكومة هذا التعديل الى تعديلات اخرى من شأنها تقييد بعض الحريات فما رأيك في ذلك?
وهل الدستور وكالة من غير بواب واذا تم اقرار تعديل مادة ما فيجب ان يتم تعديلها بعينها دون ان نعدل بقية المواد الاخرى والتعديل في حد ذاته ليس كارثة كما يرى البعض لان هذا التعديل سيكون محدودا واذا كانت هناك مواد اخرى سيتم تعديلها فيجب ان يكون ذلك ضمن مادة »175« التي تنص على المزيد من الحريات.
الظواهر السلبية
\ اذا كنت مع زيادة اعداد نواب مجلس الامة دستوريا فهناك من يرى ان كلما زاد عدد الاعضاء في البرلمان كلما ادى ذلك الى زيادة الظواهر السلبية مثل تفشي الواسطة والمزايدة فما رايك في ذلك?
/ اقول مثلما تكونوا يولى عليكم وهل سنأتي بوزراء ونواب من المريخ »فهذا الله وهذه هي حكمته«.
الاحزاب السياسية
\ هناك مطالب لاشهار الاحزاب السياسية والدستور الكويتي لم يفصل في هذا الامر فهل انت مع التعديل لافساح المجال لاشهار الاحزاب?
/ في موضوع اشهار الاحزاب ترك الدستور الكويتي الباب موارباً للاحزاب فهو لم يمنع اشهار الاحزاب السياسية ولم يوافق عليها ومع هذا فان الاحزاب موجودة وتمارس دورها في الحياة السياسية كما هو الحال لجمعيات النفع العام.. انا ليس عندي اي اعتراض لاشهار الاحزاب التي لدينا حتى نطلع على تمويلها وتحركاتها ومن هم اعضائها واهدافها حتى تكون نابعة من المجتمع.
تغريب المجتمع
\ انتم كليبراليين يقال انكم تريدون تعديل الدستور الكويتي لاعطاء المزيد من الحريات ولتغريب المجتمع ويقال ان التيارات الدينية تريد التعديل من اجل تطبيق الشريعة.. فما رأيك في ذلك?
/ كلام فاضي ما يقال بأننا نريد تغريب المجتمع وكلام مردود عليه .. اما التيار الديني عندما يقال عنه انه يريد تعديل الدستور لتطبيق الشريعة فحديثهم هذا للمزايدات فقط, وهم يريدون فقط ان يضعونا في ازمة .. واذا عدلوا المادة الثانية لربما ذهبوا الى المحكمة الدستورية وحكموا بعدم دستورية الكثير من القوانين لانها في هذه الحالة ستتعارض مع المادة الثانية اذا عدلت حسب ما يريدون واذا حدث ذلك فستكون هناك فوضى.
ومع هذا اقول اننا بلد مسلم ونعرف الاسلام قبل ان يعرفه هؤلاء.. ونحن لسنا ضد ان نأخذ بالاسلام ولكن بالاسلام الوسطى المعتدل الذي يتفق مع معتقدات الكل وليس معتقدات الاقلية لان السلف والاخوان اقلية واقول ان الاغلبية هنا للكويتي المسلم الوسطي المعتدل وانا اعتبر الاخوان والفسل بانهم تيارات تغريبية في المجتمع الكويتي.
\ ماذا تقصد بتغريبية?
/ ليس معنى تغريبي انهم اتوا من الغرب بل تغريبي بمعنى انهم غرباء عن المجتمع الكويتي الوسطي المعتدل.
\ انت كمحام اترى ان هناك بعض القوانين تتعارض مع نصوص الدستور الكويتي?
/ هناك الكثير من القوانين التي تتعارض مع الدستور الكويتي ونحمد الله ان المحكمة الدستورية اصدرت لنا حكما بالغاء قانون التجمعات ونتمنى الغاء الكثير من القوانين الاخرى التي تتعارض مع نصوص الدستور الكويتي ونود ان يكون الغاء قانون التجمعات هو البداية لتعديل القوانين المخالفة للدستور ونتمنى ان تنصفنا المحكمة الدستورية في ذلك كما انصفتنا في قانون التجمعات لان الحكومة لم تنصفنا في الغاء هذا القانون واقول ان مجلس الامة نفسه لم ينصفنا هو الاخر في الغاء هذا القانون .
تأخر المحكمة الدستورية
\ ولكن لماذا انصفت المحكمة الدستورية هذه المرة الشعب بالغاء قانون التجمعات رغم انه كانت هناك مطالب منذ الثمانينات بالغاء هذا القانون?
/ هذا القانون تأخر الغاؤه لان المحكمة الدستورية في السابق كانت ترفض دعاوى الافراد وكانت ترى ان الافراد يرفعون هذه الدعاوى بقصد المجيئ اليها ونعلم ان مجلس الامة حاول في السابق الغاء هذا القانون ولكنه كان يسحب الدعاوى المرفوعة وتتم التسوية حتى لا يصدر حكم في ذلك.
المرأة الكويتية
\ المرأة الكويتية في هذه الحقبة حصلت على حقوقها السياسية وتم الغاء قانون التجمعات لعدم دستوريته فهل ترى ان البلاد قادمة على مجموعة من الاصلاحات السياسية في مختلف الاتجاهات?
نحن نرى بالفعل ان هناك حراكا سياسيا في المجتمع وهذه التحركات صحية ونشجعها ونتمنى ان يتمخض هذا التحرك عن الكثير من الاصلاحات..ونحن ككويتيين نتطلع دائما لنرى بلادنا فيها كل الجوانب الايجابية وان نكون بمنأى عن اي جوانب سلبية لان الكويت بلدنا جميعا وهي التي تجمعنا كلنا في ارضها وكلنا ندين لها بالولاء والانتماء ولذلك يجب ان ننزع عنا اي انتماءات عرقية او سياسية او فكرية او مذهبية او قبلية لان البلد لا يتحمل هذه التقسيمات.
قضية البدون
اذا كانت الكويت الان تشهد الكثير من الاصلاحات السياسية ويدور الحديث عنها الان حول تعديل الدستور فلماذا لا يتم حسم قضية »البدون« تحسينا لاسم الكويت في منظمات حقوق الانسان كما يرى البعض?
نحن جميعا ننادي بحل هذه القضية الانسانية ومع انهاء معاناة هذه الشريحة ولذلك نطالب باعطاء الجنسية لكل من يستحقها من اجل حل هذه المشكلة التي تؤرق عدد كبير يعيش في وطننا ومازلنا نؤكد على ان تتجه الكويت نحو الكثير من الاصلاحات السياسية والاقتصادية ومنها تعديل الدستور الكويتي لاعطاء المجتمع الكويتي من الحريات خصوصا وان الكويت لديها ديمقراطية متفتحة ولديها دستور منذ العام 1962 ولدينا صحافة حرة وكل هذه الجوانب مجتمعة تجعل الارضية الكويتية مهيأة للاصلاحات في مختلف الاتجاهات.