باباك خورمدين
05-19-2006, 09:05 PM
تبرز هذه الكلمة لسماحة آية الله العظمى السيد محمد حسين فضل الله (دام ظله) عدة نقاط مهمة في الرؤية الإسلامية للثروة .
إن النقطة الأولى تتمثل في وعي سماحته بالوضع الحقيقي والطبيعي للثروة سواء كانت عامة أو خاصة حيث عرف هذا الوضع بـ : " يعتبر الإسلام أنّ كل طاقة في واقع الأمة، سواء أكانت مادية أو معنوية، هي ثروة في رصيدها، ويجب استثمار هذه الثروة والإفادة منها، ولا يجوز تبديدها أو هدرها بأي شكل من الأشكال، وثمّة مسؤولية شرعية قانونية في هذا المجال. فقد حرّم الإسلام الإسراف والتبذير ولو في الأمور اليسيرة والحقيرة، فكيف إذا كانت المسألة تمثّل تلاعباً وهدراً لثروات كبيرة ومصيرية " وهو ما يعني أن الثروة حتى لو كانت مملوكة لأشخاص فهي في العموم يجب أن تصب من ناحية النتائج في مصلحة عموم الأمة بما يعني أنه ليس ثمة حرية مطلقة في التعامل معها بما يضر الصالح العام .
أما النقطة الثانية فتبرز في رؤيته للثروة العامة والثروة الخاصة .. يقول سماحة السيد في تعريفه لأنواع الثروة العامة أنها تتكون من : " منابع النفط والمعادن والماء والثروات الجوفية ومجاري الأنهار وما في البحار ورؤوس الجبال وغيرها مما تعارف على جعل إدارتها بيد الدول، لا بيد الأفراد، فهذه الثروات تمثّل مخزوناً استراتيجياً للأمة عبر أجيالها المتعاقبة. وقد وضع الإسلام برنامجاً تفصيلياً لإدارة هذه الثروات وتنظيم شؤونها، وذلك من خلال الحاكم الشرعي العادل ومن ينوب عنه، والذي يضع الأمور في مواضعها من دون حيف أو جور" .
ويبدو من كلمات سماحة السيد أنه يشير عموما لكل ما قد يؤدي إلى سيطرة أحد الأفراد على مصلحة أو حياة قطاع كبير من الجماهير بما قد يعني تأثيره عليهم سلبا نتيجة لقرارات أو ممارسات خاطئة .
أما الثروة الخاصة فهي تتكون من : " الثروات التي يتملكها الأفراد أو الجماعات من خلال أنشطتهم التجارية أو الصناعية أو الزراعية وغيرها، أو ما يكتسبونه ببعض أسباب التملك الأخرى كالميراث وسواه. وهذا النحو من الثروات هو الآخر محكومٌ لبرنامج تفصيلي وضعه الإسلام ومنع من تجاوزه، سواء لجهة تكوّن هذه الثروات أو لجهة تحريكها في الواقع، وكذلك بالنسبة إلى أداء حقها، لأن الإسلام وإن لم يقف موقفاً سلبياً من الملكية الفردية، ولكنه في برنامجه التشريعي حال دون تكدّس الثروات في أيدي جماعات أو أفراد قليلين من بني البشر. ومن هنا جاء نظام الضرائب الإسلامي، وكذلك نظام الميراث كعامل من عوامل تفتيت الثروة وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من الناس، ليكون الانتفاع بهذه الثروات انتفاعاً عاماً، فقد قال الإمام علي(ع): (ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني)، و(ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حقٌ مضيّع) " .
إن رؤية سماحة السيد يبدو منها قدراً كبيراً من الوعي بمؤثرات الثروة وامتلاكها في التطور والحراك الاجتماعي وما ينتجه ذلك من فرض لأوضاع سياسية معينة ، وتبدو إشارة سماحته لمنع الإسلام لتكدس الثروة في يد أقلية اجتماعية وعياً آخر بمحتوى بعض النصوص الإسلامية والتي يتعمد فقهاء آخرين تجاهلها معتمدين على أنه من الممكن للإنسان إن يتملك ما يشاء مادام ذلك بطريق حلال .
النقطة الثالثة تبرز في مدى اختصاص كل إقليم بثرواته ، وهنا يتبنى سماحة السيد رؤية أممية في إشارته لضرورة التكامل بين المجتمعات من ناحية الاستفادة من الثروات على أساس رفض إحتكار مجتمع ما لثرواته بما قد يؤدي إلى نوع من القطيعة الاقتصادية بين المجتمعات وإيقاف حركة التطور الاجتماعي والعلمي بناء عليها : " فإننا نعتقد أن هذه الثروات ليست ملكاً لإقليم دون آخر أو لعائلة معينة أو لعشيرةٍ ما لمجرد أن هذه الثروات تقع في منطقتها، بل إنّ هذه الثروات هي ملك الأمة بأجمعها، ومن حقّ الأمة أن تستفيد منها ليس في الإطار المادي فحسب، بل بما يرتبط بالأمور السياسية والاستراتيجية الكبرى لتتحول إلى مادة للدفاع عن قضايا الأمة في مواجهة أعدائها.إن هذه الثروات العظيمة لأمتنا تتعرض للنهب والهدر وسوء التوزيع، ويضع أفراد قليلون أيديهم عليها، كأنما هي ملكٌ خاص لهم، أو أن الله سبحانه وتعالى وهبها إليهم، وهذا التعاطي السيّىء مع هذه الثروات يمثل ظلماً كبيراً وإن غفل عنه الكثيرون بعدما صار أمراً واقعاً، وبعدما تقسّمت الأمة وتوزّعت دويلات وأحزاب، كل حزب بما لديهم فرحون " .
وأخيراً يشير سماحة السيد إلى ما يمارس من أشكال النهب الدولي على ثرواتنا بحيث تقوم الدول الاستعمارية باحتكار قيمتها والقدرة على تصنيعها فيما نخسر نحن من خلال هذه العملية مرتين ، الأولى في بيع هذه الثروة بأقل من قيمتها ، والثانية في عدم قدرتنا على الاستفادة القصوى منها واضطرارنا فيما بعد لشراء نفس الثروة بعد تطويرها على يد الخبراء الغربيين في شكل بضاعة مصنعة، وبالتالي فسماحة السيد يرى ضرورة وجود نوع من التكامل بين الدول والأقاليم المستضعفة والمنهوبة في مواجهة الإمبريالية الغربية .
إن هذه الكلمة للسيد فضل الله دام ظله مع قصرها إلا أنها عالجت مشكلة مازلنا كمجتمعات إسلامية نعاني منها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كنتيجة .
فخضوع الثروة لسيطرة مجموعة قليلة من الأشخاص بما يعني قدرتها على فرض احتكارها للقرار الاقتصادي والسياسي بما يصب في مصالحها هي دون مصلحة المجتعم ذاته ، كما أن ذلك يؤدي لتزايد معدلات الفقر والبطالة والعنوسة وزيادة التناقضات بين فئات وشرائح المجتمع والتي تبدو بوضوح في ارتفاع معدلات التطرف والإرهاب وارتفاع معدل الجريمة مما يؤدي لانهياره تماماً ، وليس ثمة ما يقلق الكثير من الفقهاء بكل هذه المشاكل الاجتماعية حيث أن السبب جاهز وهو ابتعاد الشباب والناس عن الله ، وهم في هذه الحالة يعتبرون الفقير مبتعدا عن الله في حين أن الغني المحتكر والذي يستغل ثروته لابتزاز السلطة السياسية وتحريكها لصالحه يرضى الله عنه لأن ثروته جاءت بشكل شرعي .
تحياتي
باباك خورمدين
إن النقطة الأولى تتمثل في وعي سماحته بالوضع الحقيقي والطبيعي للثروة سواء كانت عامة أو خاصة حيث عرف هذا الوضع بـ : " يعتبر الإسلام أنّ كل طاقة في واقع الأمة، سواء أكانت مادية أو معنوية، هي ثروة في رصيدها، ويجب استثمار هذه الثروة والإفادة منها، ولا يجوز تبديدها أو هدرها بأي شكل من الأشكال، وثمّة مسؤولية شرعية قانونية في هذا المجال. فقد حرّم الإسلام الإسراف والتبذير ولو في الأمور اليسيرة والحقيرة، فكيف إذا كانت المسألة تمثّل تلاعباً وهدراً لثروات كبيرة ومصيرية " وهو ما يعني أن الثروة حتى لو كانت مملوكة لأشخاص فهي في العموم يجب أن تصب من ناحية النتائج في مصلحة عموم الأمة بما يعني أنه ليس ثمة حرية مطلقة في التعامل معها بما يضر الصالح العام .
أما النقطة الثانية فتبرز في رؤيته للثروة العامة والثروة الخاصة .. يقول سماحة السيد في تعريفه لأنواع الثروة العامة أنها تتكون من : " منابع النفط والمعادن والماء والثروات الجوفية ومجاري الأنهار وما في البحار ورؤوس الجبال وغيرها مما تعارف على جعل إدارتها بيد الدول، لا بيد الأفراد، فهذه الثروات تمثّل مخزوناً استراتيجياً للأمة عبر أجيالها المتعاقبة. وقد وضع الإسلام برنامجاً تفصيلياً لإدارة هذه الثروات وتنظيم شؤونها، وذلك من خلال الحاكم الشرعي العادل ومن ينوب عنه، والذي يضع الأمور في مواضعها من دون حيف أو جور" .
ويبدو من كلمات سماحة السيد أنه يشير عموما لكل ما قد يؤدي إلى سيطرة أحد الأفراد على مصلحة أو حياة قطاع كبير من الجماهير بما قد يعني تأثيره عليهم سلبا نتيجة لقرارات أو ممارسات خاطئة .
أما الثروة الخاصة فهي تتكون من : " الثروات التي يتملكها الأفراد أو الجماعات من خلال أنشطتهم التجارية أو الصناعية أو الزراعية وغيرها، أو ما يكتسبونه ببعض أسباب التملك الأخرى كالميراث وسواه. وهذا النحو من الثروات هو الآخر محكومٌ لبرنامج تفصيلي وضعه الإسلام ومنع من تجاوزه، سواء لجهة تكوّن هذه الثروات أو لجهة تحريكها في الواقع، وكذلك بالنسبة إلى أداء حقها، لأن الإسلام وإن لم يقف موقفاً سلبياً من الملكية الفردية، ولكنه في برنامجه التشريعي حال دون تكدّس الثروات في أيدي جماعات أو أفراد قليلين من بني البشر. ومن هنا جاء نظام الضرائب الإسلامي، وكذلك نظام الميراث كعامل من عوامل تفتيت الثروة وتوزيعها على أكبر عدد ممكن من الناس، ليكون الانتفاع بهذه الثروات انتفاعاً عاماً، فقد قال الإمام علي(ع): (ما جاع فقير إلا بما مُتّع به غني)، و(ما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حقٌ مضيّع) " .
إن رؤية سماحة السيد يبدو منها قدراً كبيراً من الوعي بمؤثرات الثروة وامتلاكها في التطور والحراك الاجتماعي وما ينتجه ذلك من فرض لأوضاع سياسية معينة ، وتبدو إشارة سماحته لمنع الإسلام لتكدس الثروة في يد أقلية اجتماعية وعياً آخر بمحتوى بعض النصوص الإسلامية والتي يتعمد فقهاء آخرين تجاهلها معتمدين على أنه من الممكن للإنسان إن يتملك ما يشاء مادام ذلك بطريق حلال .
النقطة الثالثة تبرز في مدى اختصاص كل إقليم بثرواته ، وهنا يتبنى سماحة السيد رؤية أممية في إشارته لضرورة التكامل بين المجتمعات من ناحية الاستفادة من الثروات على أساس رفض إحتكار مجتمع ما لثرواته بما قد يؤدي إلى نوع من القطيعة الاقتصادية بين المجتمعات وإيقاف حركة التطور الاجتماعي والعلمي بناء عليها : " فإننا نعتقد أن هذه الثروات ليست ملكاً لإقليم دون آخر أو لعائلة معينة أو لعشيرةٍ ما لمجرد أن هذه الثروات تقع في منطقتها، بل إنّ هذه الثروات هي ملك الأمة بأجمعها، ومن حقّ الأمة أن تستفيد منها ليس في الإطار المادي فحسب، بل بما يرتبط بالأمور السياسية والاستراتيجية الكبرى لتتحول إلى مادة للدفاع عن قضايا الأمة في مواجهة أعدائها.إن هذه الثروات العظيمة لأمتنا تتعرض للنهب والهدر وسوء التوزيع، ويضع أفراد قليلون أيديهم عليها، كأنما هي ملكٌ خاص لهم، أو أن الله سبحانه وتعالى وهبها إليهم، وهذا التعاطي السيّىء مع هذه الثروات يمثل ظلماً كبيراً وإن غفل عنه الكثيرون بعدما صار أمراً واقعاً، وبعدما تقسّمت الأمة وتوزّعت دويلات وأحزاب، كل حزب بما لديهم فرحون " .
وأخيراً يشير سماحة السيد إلى ما يمارس من أشكال النهب الدولي على ثرواتنا بحيث تقوم الدول الاستعمارية باحتكار قيمتها والقدرة على تصنيعها فيما نخسر نحن من خلال هذه العملية مرتين ، الأولى في بيع هذه الثروة بأقل من قيمتها ، والثانية في عدم قدرتنا على الاستفادة القصوى منها واضطرارنا فيما بعد لشراء نفس الثروة بعد تطويرها على يد الخبراء الغربيين في شكل بضاعة مصنعة، وبالتالي فسماحة السيد يرى ضرورة وجود نوع من التكامل بين الدول والأقاليم المستضعفة والمنهوبة في مواجهة الإمبريالية الغربية .
إن هذه الكلمة للسيد فضل الله دام ظله مع قصرها إلا أنها عالجت مشكلة مازلنا كمجتمعات إسلامية نعاني منها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كنتيجة .
فخضوع الثروة لسيطرة مجموعة قليلة من الأشخاص بما يعني قدرتها على فرض احتكارها للقرار الاقتصادي والسياسي بما يصب في مصالحها هي دون مصلحة المجتعم ذاته ، كما أن ذلك يؤدي لتزايد معدلات الفقر والبطالة والعنوسة وزيادة التناقضات بين فئات وشرائح المجتمع والتي تبدو بوضوح في ارتفاع معدلات التطرف والإرهاب وارتفاع معدل الجريمة مما يؤدي لانهياره تماماً ، وليس ثمة ما يقلق الكثير من الفقهاء بكل هذه المشاكل الاجتماعية حيث أن السبب جاهز وهو ابتعاد الشباب والناس عن الله ، وهم في هذه الحالة يعتبرون الفقير مبتعدا عن الله في حين أن الغني المحتكر والذي يستغل ثروته لابتزاز السلطة السياسية وتحريكها لصالحه يرضى الله عنه لأن ثروته جاءت بشكل شرعي .
تحياتي
باباك خورمدين