المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الملابس الداخلية .. للدولة



مجاهدون
05-19-2006, 06:25 PM
كتابات - باسم السعيدي


في صبيحة يوم الثلاثاء المكرود (16/5) شاءت الأقدار أن أصطف مع طابور البنزين (أكسير الحياة) العراقي ، وكذب من نفى وجود شيء إسمه أكسير الحياة فالبنزين في عراقنا بل في عراقيتنا صارت له الأولوية القصصصصصصصصصصوى .. فالسيارة تعمل بالبنزين ، والمولدة تعمل بالبنزين ، والمولدة الإحتياط (فيما لوعطلت المولدة رقم واحد ) تعمل بالبنزين .. والمولدة (إحتياط -2-) أيضاً تعمل بالبنزين .. صدٌوا او لا تصدقوا لدي ثلاث مولدات (إثنان منها backup وواحد أصيلة وبتدي حقن) أضف الى ذلك لدي إشتراك مع مولدة كبيرة في المنطقة (ساحب منها ستة أمبيرات بالتمام والكمال والرفاء والبنين) كل ذلك كعوامل إحتياطية لأمنا الكهرباء العزيزة .. أدام الله غفوتها الأبدية .

على أية حال فالكهرباء في العراق ( كرأس الحسين عليه السلام في مأدبة اللئام ) ولكنا (كشعب تمتد حضارته الى خمسة آلاف سنة ، وعلى رأي أحد المتموضوعيين ستة آلاف سنة ، وعلى رأي أحد المغالين سبعة آلاف سنة) وفي جمع المحتملات فإن القضية لا تقل عن الـ(آلاف) من السنين ، مما يعد ذخيرة وطنية هائلة وركيزة حضارية كبيرة ، وحضور تأريخي عظيم ، كل ذلك يجعل منَّا أكبر من (الإحتياج) الى الكهرباء ، ولما إستقرأت الواقع الميداني للكهرباء فوجدت شهر آذار (أعزه الله بعزه) وهو أحد أحسن الشهور في العراق من طيب وإعتدال الجو ودرجات الحرارة مما يجعل المواطن ليس بحاجة الى مدافئ ولا مراوح ولا مكيفات ... مما يعني إن الإستهلاك للكهرباء يكون في حدِّه الأدنى ، أعود فأقول وجدت في شهر آذار إن نسبة القطع المبرمج (والله مبرمج هذه ليست سوى على نحو المجاز لا الحقيقة) خمس ساعات قطع + ساعة واحد كهرباء (نظرياً) والتطبيق كما لايخفى على فطنة القارئ اللبيب يبتعد عن النظرية إبتعاد (الميمر) عن القيمر .

السؤال الذي يطرح نفسه بقوة – أحسب ساعات القطع المبرمج لشهر تموز آخذا بنظر الإعتبار درجة الحرارة والحاجة الى برادات المياه والمبردات والمكيفات (والسبلتات) و( البكجات) و (السنترالات) الخ الخ الخ .

فإذا أجبت (عزيزي القارئ) عن هذا السؤال ما إكتنفه من غموض وحللت ما به من معضلات فقل لي بصراحة ... هل هنالك داع لوجود وزارة كهرباء ؟

لو إحتسبنا (أيضاً ببساطة) عمليات الغمز واللمز والشفط واللفط و(الصفط) وهذه الكوادر الرائحة والغادية الى محطات توليد الطاقة ونقل الطاقة والشبكات ذات الضغط العالي وشبكات الضغط المتوسط والمنخفض (أم ال11 كي في) وصولاً الى كل أنواع حماية المنشآت والـ (أف بي أس ) والناس داخلة خارجة خارجة داخلة صبح وليل ليل وصبح .. والارهابيون قطعوا رؤوس (الويلاد) والمجاهدون قصفوا (محطة الويلاد) .. والوزير الفلاني حضر إجتماعات إعمار الكهرباء في (الدولة الفلانية) .. [ والله لقد كسبت عمَّان من المؤتمرات التي تخص إعمار العراق ما يعمِّر عمّان سبع مرّات ] بروح أبيك يا سيد جعفري أو علاوي أو مالكي .. هل هنالك داع لوجود وزارة كهرباء ؟

كل هذه الميزانيات وهذالصرف ومليارات الدولارات على وزارة وهمية لاوجود لها ؟

أما كانت وزارات أخرى أجدر بها منها ؟ كالصحة أو التعليم أو غيرها ؟



أعود ثانية الى إصطفافي مع طابور البنزين .. وقفت في السابعة صباحاً واخترت بنزين خانة أقل إقبالاً من غيرها .. والأقل إقبالاً تعني أن سعر اللتر فيها أعلى من المقرر فالسعر الرسمي هو 250 دينار بينما تبيع هذه البنزين خانة اللتر ب300 (خمسون ديناراً تحت العباءة) [بروح أهلك لحد يسولف للوزارة حتى لا يغلقونها] وهذا الفرق بالسعر يعني فيما يعنيه إن الطابور أقل من بقية المحطات ويترتب عليه قصر مدة الوقوف بالطابور فمن ساعة ونصف في بقية المحطات تقف أحياناً 20- 25 دقيقة فقط بخمسين ديناراً إضافياً فقط .

وقفت كعباد الله في السابعة صباحاً وإذا الطابور يسير مسرعاً كما هو معتاد .. ولكن برزت مشكلة صغيرة .. فقد كانت إحدى السيارات متروكة (إنقلب صاحبها على عقبيه لا يلوي على شي) وأول ما يتبادر الى الذهن ساعتها هو إن السيارة (مفخخة) وهنا قامت قيامة الحاضرين .. فمنهم من فرَّ بسيارته هارباً من الانفجار المحتوم .. ومنهم من (صار سبع) ونزل كي يدفعها بعيداً ، ومنهم من إنتهز الفرصة ليأخذ مكان أحد الهاربين (وكنت أنا من الصنف الثالث .. عليكم أخفيها ولكن على الله ليس بالإمكان) فتقدم بي الطابور مسافة ليست قصيرة حمدت الله سبع مرات عليها .

بالطبع لم أتخلَّ عن وطنيتي وخوفي على نفسي وعلى أبناء شعبي من الأبرياء ممن لا هم لهم في هذه الدنيا الا العودة الى بيوتهم سالمين كاملي الأعضاء حاملي (سلَّة الطعام وجليكان البنزين للمولدة) .. حملت هاتفي النقال ورحت أضغط على الأرقام التالية (1ــ3ــ0) أي 130 .. ثم ضغط على زر (call) وإذا الهاتف يرن [ تررن تررن ... تررن تررن .. تررن تررن .. تررن تررن ..] واستمر الهاتف يرن لمدة دقيقة وعشرين ثانية وانقطع ولم يرد أحد ..

سمحت لنفسي أن أتكلم مع نفسي قليلاً متناسياً وجود أحد المارَّة الذي سيظن بي الظنون ويصمني بالجنون .. قلت ( عجيب كيف هذه الإعلانات تملأ الفضائيات وتدعو المواطنين للإتصال .. ولما يتصل أحدهم يريد تحذير المواطنين والأجهزة الأمنية من خطر محتمل .. يجابه هذا (الصد) ؟؟؟

المعضلة هي إن أصحاب المحال التجارية كلما وصلت الى باب أحدهم بادر الى دفعها بعيداً عن محله خوفاً مما فيها .. ولا أدري الى أين إنتهى المطاف بها ..

ملأت سيارتي بالبنزين وحمدت الله بأن المولدة اليوم ستكون عامرة الإيمان .. ووقود الجلكان .. وعلى التكلان

عدت بعد الإنتهاء من عملي الى البيت وأخذت أحادث (أم العيال) بما جرى وكيف إتصلت بالهاتف 130 من دون رد وقامت (أم العيال) ففتحت جهاز التلفزيون لنرى الأخبار .. وفجأة ظهر وزير الداخلية على الشاشة بطولها وعرضها وهو يزور موقع (الإتصال الميداني بوزارة الداخلية الموقع – 130 - ) وهو يوصيهم ويرد بنفسه على إتصالات بعض المواطنين .. فحككت رأسي متسائلاً

( إذا كان الوزير يزورهم فهذا هو شكل تصرفهم .. في تجاهل المواطنين ؟ أما إذا لم يكن الوزير موجوداً فكيف كان ليكون ردهم؟)



بغداد


basim_alsaeedi@yahoo.com