زهير
05-19-2006, 07:18 AM
خبراء يتوافدون على نيروبي لدراسة أسباب الانخفاض السريع في نسبة عدد المصابين
نيروبي: غيليا دوغر
باتت كينيا دولة مميزة ونادرة في افريقيا، خصوصاً لأن نسبة عدد المصابين بمرض فقدان المناعة (الايدز) يتناقص بشكل سريع ولافت في قارة يتزايد في غالبية دولها انتشار هذا المرض. وأصبحت هذه الدولة التي تشتهر برحلات السفاري بلدا لممارسة نوع آخر من الصيد، حيث تجذب صانعي القرار السياسي والباحثين العلميين الذين يعملون لإيجاد وسائل لحل مشكلة انتشار وباء الايدز في القارة.
ويقدر الخبراء الطبيون في كينيا، أن عدد حالات الاصابة الجديدة انخفضت خلال العام الماضي من 200 الف شخص سنويا، إلى أقل من 90 ألف شخص. ويبدو أن التغييرات في السلوكيات الجنسية تساهم في هذا الانخفاض. ويذكر الرجال انهم يمارسون الجنس مع عدد أقل من النساء، وتشير الفتيات الى انهم يفقدن عذريتهن في فترة متأخرة بالمقارنة بالماضي. ومثل هذه التغييرات المسجلة في احصاءات على نطاق واسع، تشير الى ان برامج الامتناع عن ممارسة الجنس التي يشجعها الجمهوريون في الكونغرس الأميركي لديها بعض فرص النجاح. بينما يقول نقاد ذلك المنطلق انه ركز على الامتناع عن ممارسة الجنس على حساب العازل الواقي وغيرها من استراتيجيات منع الحمل. ويعترف المسؤولون الصحيون في كينيا، بصراحة، بالافتقار الى الادلة حول فاعلية البرامج التي تروج للعازل او الامتناع عن ممارسة الجنس.
وطبقا لوكالة الايدز التابعة للامم المتحدة، فإن كل من كينيا واوغندا وزيمبابوي هي الدول الواقعة جنوب الصحراء الذين سجلوا انخفاضا في حالات الاصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب. ولكنهم يقولون ايضا ان تغييرات السلوك قد ساهمت هي الاخرى. ففي اوغندا زاد استخدام العوازل الصحية.
ويشير المسؤولون عن الصحة ان انتشار المعلومات حول كيفية منع انتشار العدوى وزيادة موجة الوفيات كان عاملا مهما. فثلاثة ارباع الكينيين يعرفون شخصا اصيب او مات بالايدز، بالمقارنة بـ40 في المائة قبل عام. وقال جودفري بالتزار وهو خبير في الاوبئة يشرف على مراقبة برامج مكافحة الايدز التي تجريها الحكومة الكينية، ان ذلك «صدمة علاجية».
ومع تزايد تبرعات تمويل برامج مكافحة الايدز، تغير مفهوم وممارسات المنع. ومنذ انطلاق خطة الرئيس جورج بوش لمكافحة الايدز عام 2003، اصبحت الولايات المتحدة الدولة المانحة الرئيسية في كينيا، حيث انفقت ما يقرب من 208 ملايين دولار سنويا على مكافحة الايدز، وهو اكثر من كل الدول الاخرى مجتمعة.
ويمول أكثر من نصف المبلغ على التوجه المحموم نحو تشخيص الايدز ومعالجة الأشخاص المصابين هنا. وقد زاد العدد الذي جرى اختباره في كينيا، التي يبلغ تعداد سكانها 32 مليون نسمة، أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2003، ليصل الى 1.5 مليون العام الماضي. وارتفع عدد مرضى الايدز الذين يتلقون معالجة بالأدوية مما يقل عن 10 آلاف في عام 2003 الى 70 ألفا.
ومما يثير المفارقة أن النمو الانفجاري في الاختبار والمعالجة قد يكون مساهمة واشنطن الأكثر أهمية لمنع انتشار المرض. وما أن يعرف الناس ان الايدز ليس حكما بالاعدام، فإنهم يكونون أكثر استعدادا لاجراء الاختبار. وهذه المعرفة حاسمة في ضوء حكم الخبراء من أن ما يزيد على نصف الاصابات الجديدة في كينيا هي عند أزواج يكون أحدهما ايجابيا من ناحية الفيروس.
وتدفع الولايات المتحدة أيضا لبرامج تهدف الى تغيير السلوك. وخلال السنة الجارية ستنفق 15.7 مليون دولار على برامج تعزز الامتناع عن الممارسات الجنسية، و7.8 مليون دولار على منع نقل الفيروس، بما في ذلك توزيع العازل الواقي على الجماعات الأكثر تعرضا للمخاطر.
وعند النظر من زاوية كينيا، فإن الجدل المثار في واشنطن حول الايدز والجنس يبدو في بعض الأحيان أكثر انعكاسا لحروب الثقافة الأميركية منه الى الوقائع الأفريقية.
وأدخل الزعماء الجمهوريون المحافظون في مجلس النواب بندا في قانون 2003 يدعو الى توجيه ثلث أموال منع الايدز الى برامج تعزز الامتناع عن الممارسات الجنسية.
وبموجب ذلك يمكن أن تستخدم الأموال في المدارس لتعليم الأطفال في عمر الرابعة عشرة وأصغر حول الامتناع عن الممارسات الجنسية، مع اضافة التعليم بشأن موانع الحمل بالنسبة لمن بلغ الخامسة عشرة فما فوق. وتسمح القوانين للمعلمين والمتطوعين بالاجابة عن أسئلة الأطفال حول العازل الواقي. وبتمويل من الولايات المتحدة تنظم «بوبيوليشن سيرفيسيز انترناشينال»، وهي مؤسسة غير ربحية، نوادي الامتناع عن الممارسة الجنسية للأطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 10 الى 15 سنة في كينيا. ولا تعلم المؤسسة الأطفال بشأن العازل الواقي، ولكنها تجيب على أسئلتهم. وقالت تيرير ماثينج، 19 سنة، وهي متطوعة مع منظمة لمكافحة انتشار الايدز، انها استجابت فورا الى جانب فتاة (10 سنوات)، عندما صفعها والدها بعدما سألت عن العوازل المطاطية الواقية. وقالت تيري ماثينج انه من الافضل المواجهة بصورة مباشرة والتزام جانب الحقيقة لأن الحقيقة هي المنقذة. لكنها قالت ايضا الامتناع مهم ايضا، وأضافت في هذا السياق قائلا ان صوت العازل المطاطي، كان اعلى من صوت الامتناع، إلا ان ذلك تغير الآن. ومن ضمن الذين كانوا يستمعون لها في نيروبي في الآونة الاخيرة مايكل غيرسون، وهو قس انجليكاني ومستشار مقرب من الرئيس بوش. قال غيرسون مخاطبا الشباب الذين تجمعوا للاستماع اليه، ان الجدل في الولايات المتحدة حول الايدز ينقسم بين تيارين، تيار يفضل الامتناع عن الملذات وتيار آخر يرى ان الترويج للامتناع عن الملذات فكرة ساذجة. وفي وقت لاحق قال غيرسون ان افضل البرامج، هي تلك التي تنجح في وضع نموذج للسلوك الجنسي، وتكون مثالية فيما يتعلق بالطبيعة البشرية وتتعامل مع الشباب بالطريقة المناسبة، وهذه تتطلب احيانا خيار التشجيع على استخدام العازل الواقي. وأضاف قائلا ان اهتمام الكونغرس بتمويل البرامج المشجعة على الامتناع عن الملذات كان ضروريا لتصحيح التركيز الزائد على خيار الواقي المطاطي. وقال الدكتور لورانس ماروم، رئيس برنامج مكافحة الايدز في كينيا التابع مراكز الولايات المتحدة للوقاية من الأمراض والحد منها، ان برامج الامتناع عن الجنس تزود الفتيات بالثقة لمقاومة الضغوط الداعية لممارسته. وتبرز الحاجة إلى هذه البرامج في ظل الاحصاءات، التي تشير الى أن نسبة المراهقات المصابات بالفيروس مقارنة بالأولاد 6 إلى 1. وأشار ماروم الى ان عدد قليل من المراهقين يمارس الجنس قبل سن 15 عاما، مؤكدا على حاجتهم الى دروس في كيفية حماية انفسهم باستخدام العازل الواقي قبل ان يصبحوا ناشطين جنسيا. يقول علماء انه لا بد من بذل المزيد من المجهودات للتوصل الى افضل السبل وأكثرها فعالية من بين الخيارات المتوفرة ـ العازل الواقي والامتناع عن الملذات والإخلاص وعدم الخيانة. ويؤكد مايكل كريمر، وهو استاذ للاقتصاد بجامعة هارفارد ومن المشاركين في البرنامج، انه لم يجر التوصل بعد الى الوسيلة الأكثر فعالية. إلا ان المجهودات الرامية الى منع انتشار مرض الايدز لن تنتظر التوصل الى دليل على أي الوسائل اكثر فعالية. في المجتمعات التي تؤدي فيها ممارسة الجنس الى الموت يعتقد كثيرون ان امتناع الشباب هو الخيار الافضل. كما من الواضح ان الكثير من الشباب سيمارس الجنس رغم المخاطر وأن الدعوة الى الامتناع وحدها لن تثنيه عنه.
*خدمة «نيويورك تايمز»
نيروبي: غيليا دوغر
باتت كينيا دولة مميزة ونادرة في افريقيا، خصوصاً لأن نسبة عدد المصابين بمرض فقدان المناعة (الايدز) يتناقص بشكل سريع ولافت في قارة يتزايد في غالبية دولها انتشار هذا المرض. وأصبحت هذه الدولة التي تشتهر برحلات السفاري بلدا لممارسة نوع آخر من الصيد، حيث تجذب صانعي القرار السياسي والباحثين العلميين الذين يعملون لإيجاد وسائل لحل مشكلة انتشار وباء الايدز في القارة.
ويقدر الخبراء الطبيون في كينيا، أن عدد حالات الاصابة الجديدة انخفضت خلال العام الماضي من 200 الف شخص سنويا، إلى أقل من 90 ألف شخص. ويبدو أن التغييرات في السلوكيات الجنسية تساهم في هذا الانخفاض. ويذكر الرجال انهم يمارسون الجنس مع عدد أقل من النساء، وتشير الفتيات الى انهم يفقدن عذريتهن في فترة متأخرة بالمقارنة بالماضي. ومثل هذه التغييرات المسجلة في احصاءات على نطاق واسع، تشير الى ان برامج الامتناع عن ممارسة الجنس التي يشجعها الجمهوريون في الكونغرس الأميركي لديها بعض فرص النجاح. بينما يقول نقاد ذلك المنطلق انه ركز على الامتناع عن ممارسة الجنس على حساب العازل الواقي وغيرها من استراتيجيات منع الحمل. ويعترف المسؤولون الصحيون في كينيا، بصراحة، بالافتقار الى الادلة حول فاعلية البرامج التي تروج للعازل او الامتناع عن ممارسة الجنس.
وطبقا لوكالة الايدز التابعة للامم المتحدة، فإن كل من كينيا واوغندا وزيمبابوي هي الدول الواقعة جنوب الصحراء الذين سجلوا انخفاضا في حالات الاصابة بفيروس نقص المناعة المكتسب. ولكنهم يقولون ايضا ان تغييرات السلوك قد ساهمت هي الاخرى. ففي اوغندا زاد استخدام العوازل الصحية.
ويشير المسؤولون عن الصحة ان انتشار المعلومات حول كيفية منع انتشار العدوى وزيادة موجة الوفيات كان عاملا مهما. فثلاثة ارباع الكينيين يعرفون شخصا اصيب او مات بالايدز، بالمقارنة بـ40 في المائة قبل عام. وقال جودفري بالتزار وهو خبير في الاوبئة يشرف على مراقبة برامج مكافحة الايدز التي تجريها الحكومة الكينية، ان ذلك «صدمة علاجية».
ومع تزايد تبرعات تمويل برامج مكافحة الايدز، تغير مفهوم وممارسات المنع. ومنذ انطلاق خطة الرئيس جورج بوش لمكافحة الايدز عام 2003، اصبحت الولايات المتحدة الدولة المانحة الرئيسية في كينيا، حيث انفقت ما يقرب من 208 ملايين دولار سنويا على مكافحة الايدز، وهو اكثر من كل الدول الاخرى مجتمعة.
ويمول أكثر من نصف المبلغ على التوجه المحموم نحو تشخيص الايدز ومعالجة الأشخاص المصابين هنا. وقد زاد العدد الذي جرى اختباره في كينيا، التي يبلغ تعداد سكانها 32 مليون نسمة، أكثر من ثلاث مرات منذ عام 2003، ليصل الى 1.5 مليون العام الماضي. وارتفع عدد مرضى الايدز الذين يتلقون معالجة بالأدوية مما يقل عن 10 آلاف في عام 2003 الى 70 ألفا.
ومما يثير المفارقة أن النمو الانفجاري في الاختبار والمعالجة قد يكون مساهمة واشنطن الأكثر أهمية لمنع انتشار المرض. وما أن يعرف الناس ان الايدز ليس حكما بالاعدام، فإنهم يكونون أكثر استعدادا لاجراء الاختبار. وهذه المعرفة حاسمة في ضوء حكم الخبراء من أن ما يزيد على نصف الاصابات الجديدة في كينيا هي عند أزواج يكون أحدهما ايجابيا من ناحية الفيروس.
وتدفع الولايات المتحدة أيضا لبرامج تهدف الى تغيير السلوك. وخلال السنة الجارية ستنفق 15.7 مليون دولار على برامج تعزز الامتناع عن الممارسات الجنسية، و7.8 مليون دولار على منع نقل الفيروس، بما في ذلك توزيع العازل الواقي على الجماعات الأكثر تعرضا للمخاطر.
وعند النظر من زاوية كينيا، فإن الجدل المثار في واشنطن حول الايدز والجنس يبدو في بعض الأحيان أكثر انعكاسا لحروب الثقافة الأميركية منه الى الوقائع الأفريقية.
وأدخل الزعماء الجمهوريون المحافظون في مجلس النواب بندا في قانون 2003 يدعو الى توجيه ثلث أموال منع الايدز الى برامج تعزز الامتناع عن الممارسات الجنسية.
وبموجب ذلك يمكن أن تستخدم الأموال في المدارس لتعليم الأطفال في عمر الرابعة عشرة وأصغر حول الامتناع عن الممارسات الجنسية، مع اضافة التعليم بشأن موانع الحمل بالنسبة لمن بلغ الخامسة عشرة فما فوق. وتسمح القوانين للمعلمين والمتطوعين بالاجابة عن أسئلة الأطفال حول العازل الواقي. وبتمويل من الولايات المتحدة تنظم «بوبيوليشن سيرفيسيز انترناشينال»، وهي مؤسسة غير ربحية، نوادي الامتناع عن الممارسة الجنسية للأطفال الذين تتراوح اعمارهم بين 10 الى 15 سنة في كينيا. ولا تعلم المؤسسة الأطفال بشأن العازل الواقي، ولكنها تجيب على أسئلتهم. وقالت تيرير ماثينج، 19 سنة، وهي متطوعة مع منظمة لمكافحة انتشار الايدز، انها استجابت فورا الى جانب فتاة (10 سنوات)، عندما صفعها والدها بعدما سألت عن العوازل المطاطية الواقية. وقالت تيري ماثينج انه من الافضل المواجهة بصورة مباشرة والتزام جانب الحقيقة لأن الحقيقة هي المنقذة. لكنها قالت ايضا الامتناع مهم ايضا، وأضافت في هذا السياق قائلا ان صوت العازل المطاطي، كان اعلى من صوت الامتناع، إلا ان ذلك تغير الآن. ومن ضمن الذين كانوا يستمعون لها في نيروبي في الآونة الاخيرة مايكل غيرسون، وهو قس انجليكاني ومستشار مقرب من الرئيس بوش. قال غيرسون مخاطبا الشباب الذين تجمعوا للاستماع اليه، ان الجدل في الولايات المتحدة حول الايدز ينقسم بين تيارين، تيار يفضل الامتناع عن الملذات وتيار آخر يرى ان الترويج للامتناع عن الملذات فكرة ساذجة. وفي وقت لاحق قال غيرسون ان افضل البرامج، هي تلك التي تنجح في وضع نموذج للسلوك الجنسي، وتكون مثالية فيما يتعلق بالطبيعة البشرية وتتعامل مع الشباب بالطريقة المناسبة، وهذه تتطلب احيانا خيار التشجيع على استخدام العازل الواقي. وأضاف قائلا ان اهتمام الكونغرس بتمويل البرامج المشجعة على الامتناع عن الملذات كان ضروريا لتصحيح التركيز الزائد على خيار الواقي المطاطي. وقال الدكتور لورانس ماروم، رئيس برنامج مكافحة الايدز في كينيا التابع مراكز الولايات المتحدة للوقاية من الأمراض والحد منها، ان برامج الامتناع عن الجنس تزود الفتيات بالثقة لمقاومة الضغوط الداعية لممارسته. وتبرز الحاجة إلى هذه البرامج في ظل الاحصاءات، التي تشير الى أن نسبة المراهقات المصابات بالفيروس مقارنة بالأولاد 6 إلى 1. وأشار ماروم الى ان عدد قليل من المراهقين يمارس الجنس قبل سن 15 عاما، مؤكدا على حاجتهم الى دروس في كيفية حماية انفسهم باستخدام العازل الواقي قبل ان يصبحوا ناشطين جنسيا. يقول علماء انه لا بد من بذل المزيد من المجهودات للتوصل الى افضل السبل وأكثرها فعالية من بين الخيارات المتوفرة ـ العازل الواقي والامتناع عن الملذات والإخلاص وعدم الخيانة. ويؤكد مايكل كريمر، وهو استاذ للاقتصاد بجامعة هارفارد ومن المشاركين في البرنامج، انه لم يجر التوصل بعد الى الوسيلة الأكثر فعالية. إلا ان المجهودات الرامية الى منع انتشار مرض الايدز لن تنتظر التوصل الى دليل على أي الوسائل اكثر فعالية. في المجتمعات التي تؤدي فيها ممارسة الجنس الى الموت يعتقد كثيرون ان امتناع الشباب هو الخيار الافضل. كما من الواضح ان الكثير من الشباب سيمارس الجنس رغم المخاطر وأن الدعوة الى الامتناع وحدها لن تثنيه عنه.
*خدمة «نيويورك تايمز»