فاطمة
05-18-2006, 06:44 AM
التعامل مع فتق القرص يتطلب إدراكاً من المصاب لماهية الإصابة والوسائل المتاحة للعلاج
الرياض: د. حسن محمد صندقجي
أعلن باحثون من الولايات المتحدة في الثالث عشر من الشهر الجاري عن وضع البروتوكول الخاص ببحث استشرافي يدرس التكلفة والفائدة للمقارنة بين قطع نتوء قرص ما بين فقرات الظهر المسبب للأعراض بواسطة منظار دقيق، وبين العملية الجراحية المعتادة لإصلاح ذلك. كما أعلن باحثون من جورجيا في الأسبوع الأول من الشهر وضمن فعالىات المؤتمر السنوي الرابع والأربعين للمجمع الأميركي للأشعة العصبية الذي عُقد في سان دييغوبالولايات المتحدة أن طريقة إزالة نتوء فتق القرص بالتدخل المحدود عبر الإبرة الرفيعة من خلال الجلد يُفيد في 85% من الحالات إذا ما تم انتقاء المناسب منها لهذه الطريقة.
وفي تطور سابق وضمن فعالىات المؤتمر السنوي للرابطة الأميركية لجراحي الأعصاب الذي عُقد أواخر الشهر الماضي بسان فرانسسكوأعلن الباحثون من شيكاغوأن طريقة المنظار الدقيق ذات نسبة عالىة في نجاح تخفيف أعراض المرضى. كما عرضت في المؤتمر دراستان قارنتا بين زراعة قرص صناعي بدل القرص المتهتك وبين عملية تلحيم الفقرات، وأشارتا إلى أفضلية الطريقة الأولى في بلوغ تخفيف الأعراض وسرعة التحسن فيها.
* إدراك لابد منه استخدام عبارة الانزلاق الغضروفي خطأ شائع بين الناس وانساق الأطباء في استخدامه عند ترجمة الوصف اللاتيني للمرض، والوصف الدقيق هوفتق قرص ما بين الفقرات كما سيأتي. وتسبب الترجمة الخاطئة قصوراً في تصور المريض لما ألم به وبالتالى تشويش ذهنه في فهم فوائد الوسائل العلاجية غير الجراحية وأيضاً في إدراك مدى مناسبة أي نوع من العلاج الجراحي لحالة مرضه عند مناقشته الأمر مع طبيبه.
وفتق قرص ما بين فقرات الظهر يمكن أن يسبب ألماً شديداً يُؤثر بشكل بالغ على كيفية ونوعية أداء الإنسان للأنشطة البدنية في حياته الىومية العملية والاجتماعية. وقرار العلاج وكيفية تطبيقيه ضمن الخيارات العديدة المتاحة الىوم في مراكز العلاج الجراحي العصبي والتدخلي العصبي بالأشعة، يخضع لمجريات النقاش بين الطبيب والمريض وفق ضوابط تحددها حالة الفتق لحلقة القرص، ومدى تأثير تداعياته على أنشطة المريض الحياتية، ومدى ملاءمة أي من خيارات العلاج لها، ورغبة المريض في أي منها، وإمكانيات توفر نوع الوسيلة العلاجية، وخبرات الأطباء فيها، فليس ثمة وسيلة مناسبة لكل الحالات، كما أن حاجة المريض الى أي منها قد تختلف من وقت لآخر.
وهذا الأمر هو لب الموضوع، وإدراكه بشكل سليم هو ثمرة طبيعية لفهم ماهية الفتق القرصي وماهية تداعياته وما أنواع العلاج المُتاحة ومدى فائدة كل وسيلة منها وإمكانيات إجرائها. ولأن حالات الفتق هذه شائعة وأسبابها متعددة وتطال الناس من كلا الجنسين في كافة الأعمار تقريباً وتداعياتها تتفاوت من مريض لأخر، بل من آن لأخر لدى نفس المريض، فإن علىنا أن ندرك جملة من الأمور كي نتصور العلاج المناسب ومدى الاستفادة منها. والعرض سيكون هنا حول ما يصيب أقراص ما بين فقرات الظهر السفلية دون الحديث عن فقرات الرقبة نظراً لعدم إمكانية المقام شمول كلا الأمرين بالحديث.
* التركيب التشريحي والوظيفي الظهر عند الإنسان عبارة عن شبكة معقدة من العظام والأربطة والعضلات والأعصاب، تترتب وفق نظام معقد جداً يُجانس في ما بينها كي يُمكن الإنسان الحفاظ على توازن جسمه، ومن القيام بمدى واسع من الحركات، ويزود الأطراف السفلى وتراكيب الحوض والبطن بالشبكة العصبية المنظمة والمسيطرة على أداء حركاتها ووظائفها.
ويُنظر الى العامود الفقري على أنه عمود الجسم وأساس تشكيل هيئته. وتلتصق به أجزاء الجسم من الأطراف والصدر والبطن والحوض والرأس. ويتكون العمود الفقري من قطع عظمية موضوعة الواحدة فوق الأخرى ويثبّت ترابطها بعضها ببعض أربطة ليفية صلبة. ويتكون العمود الفقري من 7 فقرات في الرقبة تليها 12 فقرة في منطقة الصدر، ثم 5 فقرات كبيرة في منطقة البطن، ودونها قطعة واحدة طويلة مكونة ملتحمة.
ويمتد من الدماغ حبل عصبي يمر من خلال تجويف أنبوبي كبير داخل الفقرات. ويتفرع من هذا الحبل العصبي أعصاب طرفية تغذي أجزاء مختلفة في الصدر والبطن والحوض والأطراف العلوية والسفلية. وهذه الأعصاب تخرج من تجويف قناة العامود الفقري من خلال فتحات جانبية، تقع بين العظم والأربطة، وذلك بمعدل عصب في كل جهة، أي على الجانبين لكل فقرة. وعدد الأعصاب هو31 زوجا.
وبين كل فقرة والأخرى التي فوقها أو تحتها تُوجد وسادة أو قرص ليفي يمنع احتكاك عظام الفقرات ويعطي لأجزاء العامود مرونة تمكنها من الحركة. أي أن بوجودها يُصبح بمقدور العامود العظمي الصلب أن ينحني الى الأمام بشكل كبير، والى الخلف بشكل يسير وكذا على الجانبين. وأساس فهم الفتق وخروج سوائل لبه ونواته، والتداعيات الناجمة عنه، هو تصور تركيب بنية القرص. فالقرص الليفي مكون من جزأين، الجزء الخارجي عبارة عن حلقة ليفية صلبة تشكل إطاراً يحفظ محتويات القرص الداخلية. والجزء الداخلي أونواة القرص عبارة عن مادة هلامية كالجلي. ويتكون القرص من الماء بنسبة 80%، ولا تتم تغذيته بالدم بشكل مباشر. وكلما تقدم أحدنا في العمر كلما أصبحت مكونات القرص أشد صلابة وأكثر جفافاً. وعملية التغير في كمية الماء هذه تبدأ في سن الثلاثين، وببلوغ الخمسين تجف نواة القرص وتغدو ليفية مثل الإطار أو الحلقة الخارجية له. وحول العمود الفقري تتوزع العضلات بأشكال مختلفة لإعطاء دعم وثبات لوضعية الفقرات فوق بعضها البعض ولتخفيف عبء الضغط على الأقراص في ما بينها وللتمكين أيضاً من حركات جذع الجسم.
* عرضة الإصابة والتشخيص من هو أكثر عُرضة للإصابة بالفتق القرصي، سؤال يُحاول الباحثون الإجابة عنه، لكن لا تُوجد إجابة محددة لذلك. والمعروف أن فقرات أسفل الظهر أكثر عرضة للإصابة. وأنه أكثر شيوعاً لدى من هم في ما بين الثلاثينات والأربعينات من العمر. وأن الرجال أكثر إصابة من النساء، وخاصة منهم من يُمارسون أعمالاً بشكل خاطئ كطريقة رفع وحمل الأشياء الثقيلة، أو وضعية الجلوس وغيرها.
والتشخيص لألم في الظهر أو ممتد الى خلف الفخذ يعتمد على نوعية وصف المصاب به له. والطبيب حين الفحص يُجري اختبارات لمدى حساسية الأعصاب للتأثر بأوضاع قد تجعل من السهل زيادة الضغط عليها من قبل المادة المتسربة خلال الفتق، وأهمها محاولة رفع الطرف السفلي حين الاستلقاء على الظهر ومعرفة الى أي مدى يستطيع المريض فعل ذلك مع تثبيت الطرف في الجهة الأخرى.
ومن بين الفحوصات بالأشعة فإن تصوير الرنين المغناطيسي لفقرات الظهر يكشف عادة وجود مادة متسربة من فتق القرص في ما بين الفقرات والمنطقة التي تضغط عليها.
خيارات العلاج الأساس في خيارات العلاج المناسبة لكل حالة هو النقاش مع الطبيب المُطلع على تفاصيل الحالة بشكل خاص. ولا يُمكن إسداء نصائح أو توجيهات تناسب كل المرضى أو تناسب المريض في كل الأوقات. لكن الخيارات عموماً تنقسم الى قسمين، وسائل علاجية غير جراحية، ووسائل جراحية.
وألم الفتق القرصي لا يُمكن التنبؤ بمساره، بمعنى أنه قد يستمر ما لم يُعالج جراحياً أو بوسائل غير جراحية، وقد يزول دونما أي علاج محدد، وقد يتكرر رغم العلاج.
ولا يلجأ الأطباء الى الحل الجراحي كأول ما يتم فعله إلا في حالات محددة، لأن المادة المتسربة ربما يخف قدرها وتنكمش، وهو ما يحصل لدى حوالي 80% من الحالات في غضون شهر الى شهرين. والحالات التي تستدعي تدخلاً هي ما كان مُصاحباً لها تدهور في قوة العضلات أو فقد للسيطرة على التبول أو التبرز.
* الحاجة لعلاج طارئ للفتق القرصي هناك بعض الأعراض التي تتطلب سرعة في الحضور الى المستشفى ومراجعة الطبيب، وهي:
ـ ضعف العضلات بدرجة واضحة أو استمرار حصوله. كأن يكون بمقدور الإنسان رفع قدمه أو الوقوف على أطراف أصابعه عند بداية ظهور الألم، ثم يغدو من الصعب على المريض فعل ذلك.
ـ فقد سيطرة التحكم على عمليتي التبرز أو التبول أوأحدهما.
ـ فقد الإحساس في المنطقة التي يجلس عليها الإنسان من الالية.
ـ فقد القدرة على حركة أي من الأطراف السفلى.
ـ زيادة متطورة في الألم.
ـ حمى لأكثر من يومين.
ـ ألم يزداد حال الراحة أو في الليل.
* الوسائل غير الجراحية غالب الحالات تستجيب لاتباعها، والهدف منها تخفيف الضغط والتهيج للعصب، إضافة الى تقوية العضلات الداعمة للعامود الفقري. وتشمل هذه الوسائل:
ـ تخفيف الألم عبر تناول مسكنات الألم والأدوية المخففة للشد العضلي وربما حُقن الكورتيزون الموضعية في الظهر، لكن كل هذا وفق توجيهات الطبيب.
ـ تقليل النشاط البدني، والراحة والاستلقاء على فراش ذي سطح صلب نسبياً. وتجنب الجلوس الطويل أو الانحناء أو حمل الأشياء.
ـ الكمادات الباردة أو الدافئة تحت إشراف نصائح الطبيب، وخاصة الحارة لأنها قد تزيد من الألم والالتهاب من خلال زيادة تدفق الدم الى المنطقة المصابة.
ـ حزام الظهر محدود الفائدة وربما يُؤثر سلبياً عبر إضعافه لعضلات الظهر.
ـ العلاج الطبيعي، وهو أفضل ما يُمكن فعله وفق برنامج تحت إشراف متخصص.
* الوسائل الجراحية
* وتنقسم الى نوعين بشكل عام، نوع التدخل الجراحي فيه محدود، ونوع آخر جراحي بالمعنى المعروف من فتح للجلد وإجراء عملية في الجزء المصاب من الأقراص. والهدف من أي منهما هو إبعاد النتوء المتسرب من فتق القرص عن الأعصاب وتخفيف الألم بالتالي. وعادة ما يتريث الأطباء في إجراء أي منها. والحل المثالي هو العملية الجراحية، لكن الأطباء يُحاولون إيجاد وسائل محدودة التدخل وأقل إرهاقاً من العملية الجراحية.
* التدخل المحدود
* تهدف طريقة التدخل المحدود الى الوصول الى القرص وإزالة جزء من المادة السائلة الهلامية فيه، وبالتالي تراجع النتوء عن الضغط على العصب. وهناك عدة وسائل لذلك، منها:
ـ حث عملية التحلل الكيميائي لنواة القرص عبر حقن القرص بمادة أنزيمية كيمائية تُذيب الهلام كمواد مستخلصة من أشجار ثمار الباباي. ولا تُفضل استخدامها بعض الأطباء نظراً لمضاعفاتها خاصة تفاعل الحساسية، وإن كان البعض يرى خلاف ذلك.
ـ تخفيف ضغط النواة بتبخير النواة. وتُجرى عبر إدخال إبرة رفيعة الى منطقة لب أو نواة القرص، ثم إعطاء كمية من الحرارة تعمل على تبخير أجزاء من الهلام، وبالتالي تخفيف الضغط في القرص وسحب مادة النتوء المتسربة. وهناك طريقة أخرى تتم بشفط المادة الهلامية وتتطلب إبرة أكبر من التحليل الحراري ومضاعفاتها أكثر.
ـ العلاج بالأكسجين والأوزون. وذلك بحقنهما في نواة القرص كي يقل حجمه. وعادة ما يُعطى الكورتيزون معهما ليزيدا من فاعلية الكورتيزون لتخفيف الالتهاب. وهذه الطرق بسيطة وتتم دون الحاجة الى البقاء للمبيت في المستشفى، ويزاول المريض نشاطه اليومي تقريباً مباشرة بعدها.
* التدخل الجراحي
* وهو نوعان، إما إجراء العملية بالمنظار عبر فتحة صغيرة في الجلد ودون قطع للعضلات للوصول الى منطقة القرص وإزالة النتوء، وإما العملية الجراحية بمعناها المعروف من فتحة قد تصل الى 5 سم في الجلد وإبعاد للعضلات وصولاً الى معاينة منطقة القرص وعظم الفقرة وإجراء اللازم فيها. والعملية إما إزالة أجزاء من العظم الخلفي للفقرة والمحيط بالعصب ،أي العظم المكمل لحلقة الفتحة الدائرية في الفقرة، أو إجراء، بالإضافة الى هذا أو بدونه، إزالة لأجزاء من القرص نفسه. ولا تُجرى عملية تثبيت أو تلحيم الفقرات مع بعضها البعض إلا في حالات محددة تتطلب تثبيت العمود الفقري. والبديل عنها هو زراعة قرص صناعي بدلاً من التالف.
إن التعامل السليم مع إصابات فتق قرص ما بين الفقرات يتطلب من المريض فهم ما الذي أُصيب به، وتصور كيفية مساعدة وسائل العلاج غير الجراحي للتخفيف من أعراض حالته، كما تتطلب متابعة ومناقشة الطبيب لإمكانيات حلول العلاج التدخلي أو الجراحية في مساعدته، واختيار المناسب منها.
Chemonucleolysis Nucleoplasty Oxygen-ozone therapy
* دراسات ومؤتمرات عالمية حديثة لوسائل العلاج > الضغط والالتهاب الذي يسببهما الفتق الحاصل في أحد الأقراص في ما بين فقرات أسفل الظهر يُمكن التخفيف منهما باستخدام طريقة عملية أقل عمقاً في التدخل من الطريقة الجراحية المُعتادة. والطريقة هذه أكثر مناسبة لحالة من يعانون من أعراض عرق النِّسا ضمن مواصفات معينة وفق ما أعلنه الباحثون من ولاية جورجيا الأميركية في المؤتمر الرابع والأربعين للمجمع الأميركي للأشعة العصبية.
ومن المعلوم أن ألم عرق النّسا ينجم عن ضغط أو إصابة متلفة للعصب الوَركي الذي يقع في منطقة خلف الفخذ حينما تضغط عليه مادة منزلقة من خلال فتق في الحلقة الخارجية لأحد أقراص الفقرات. وفي حين أن الطريقة الجراحية المُعتادة تتطلب فتح الجلد ومنطقة القرص، فإن فتحة صغيرة في الجلد كي يتم من خلالها قطع وإزالة المادة المنزلقة يُمكن أن تتم بسهولة. ويُوضح الدكتور جيفري ستون رئيس قسم العلاج التدخلي بالأشعة العصبية في كلية جورجيا للطب بأن مفتاح النجاح في إتمام الطريقة هو الاختيار المناسب للمريض الذي فتق القرص لديه يُلائم هذه الطريقة. وتتطلب إزالة النتوء الهلامي إدخال إبرة رفيعة من خلال الجلد الى منطقة الفتق حيث يُمكن شفط المادة الخارجة من نواة القرص والمسببة للنتوء.
ويستدرك الدكتور ستون قائلاً إن الطريقة لا تُناسب كل مرضى ألم عرق النسا، بل هناك من الاختبارات ما قد يبين ذلك، أحدها حقن مادة ملونة في القرص لمعرفة هل ارتفاع الضغط يزيد من الألم، وحين شفطها وانخفاض الضغط فيه هل يقل الألم أم لا. والآخر اختبار فائدة حقن مادة مخدرة مع أحد الأدوية المضادة للالتهاب من الستيرويد في منطقة العصب الواقع تحت الضغط. فلو تحسن الألم كان هذا مؤشراً على احتمال الاستفادة من الطريقة الجديدة. وهذا الاختبار في الحقيقة ربما هو علاج أيضاً، بيد أن فائدته محدودة ويزول مفعوله في تخفيف الألم بعد بضعة أسابيع.
والذي يبدو أن الأمر منطقي، لأن كلا الاختبارين يحاولان تحديد مدى حيوية تأثير الفتق على العصب، وهو إذا ما كان كذلك كان أقرب للاستجابة لشفط أو إزالة النتوء المنزلق من القرص.
ووفق ما ذكره في المؤتمر من خبرة له، فإن 85% من الحالات المناسبة يُمكن أن يخف الألم فيها بشكل كبير، وبعض الحالات استمر التحسن فيها حوالي خمس سنوات.
كما أنه يُؤكد أن الحالات التي لا يزيد الألم فيها ارتفاع الضغط على العصب أو التهابه، قد لا يُفيدها الطريقة الجديدة بل الحاجة تدعو الى اتباع الأسلوب الجراحي المعروف، وكذلك الحال فيما لو كان القرص قد تفتت أو دخل في منطقة قناة الحبل الشوكي. ويعمل الدكتور ستون حالياً على دمج طرقة التدخل عبر الجلد لإزالة نتوء فتق القرص مع طريقة العلاج الحراري الكهربائي في رتق الفتق وإصلاحه بغية تخفيف الألم بشكل أبلغ، ويرى نظرياً أن العمليتين هما أهون من عملية الفتح الجراحي.
وصحيح أنهما أهون من العملية الجراحية إلا أن ضوابط مناسبة إجرائها أيضاً صارمة نسبياً وتناسب بعضاً من المرضى دون كثير منهم.
وفي وسيلة مشابهة من حيث محدودية متطلبات العملية مقارنة بالعملية الجراحية، فإن استخدام منظار ميكروسكوبي وفق ما عرضه الدكتور ريتشارد فليسر رئيس جراحي الأعصاب بجامعة شيكاغو يتطلب فتحة صغيرة لا تتجاوز سنتيمترين مقارنة بالفتحة الجراحية البالغة حوالي 5 سم، ولا تتطلب أيضاً قطعاً خلال عضلات الظهر. وبالرغم من أن هذه الطريقة تتم ممارستها منذ بضعة سنوات إلا أن بحث مدى نجاح نتائجها لم يكن واضحاً. وعرض الدكتور فليسر نتائج العمليات التي تمت لحوالي 115 شخص في الفترة ما بين عام 2002 وعام 2005. وأظهرت علو نسبة النجاح في تخفيف الأعراض ودوام ذلك لدى المتابعة لأكثر من سنة ونصف بعد العملية. وأضاف أن العملية لا تستغرق أكثر من ساعتين، ومعدل بقاء المريض في المستشفى بعدها هو حوالي 10 ساعات.
وفي جانب ذي علاقة، قُدمت في المؤتمر نتائج دراستين شملتا حوالي ألف مريض أجريت لهم إما زراعة أقراص صناعية أو تلحيم الفقرات لإعطائها ثباتاً، وتبين أن الذين زرعت لديهم الأقراص عادوا بشكل أسرع الى مزاولة أعمالهم المعتادة.
* كيف ينشأ الفتق والتسريب؟
> في الغالب لا يستطيع الكثيرون تحديد حركة أو تصرف معين على أنه بداية أو سبب نشوء أعراض فتق أو تمزق قرص ما بين الفقرات. وحصول الأمر يتبع في العادة عملية ضعف بطيئة مع التقدم في العمر. إذْ حينها تغدو بنية العمود الفقري أكثر سوءاً ويفقد مرونته في الحركة. ومع فقد كميات من الماء من تراكيب القرص وجفافه، فإنه يُصبح أرق سمكاً وأكثر قابلية لتفتت أجزاء منه. وهذه التغيرات تُعتبر طبيعية وقد لا تسبب للإنسان أية أعراض.
المشكلة ليست هنا، بل هي أن الضعف حينما يعتري الحلقة الخارجية الحافظة للمحتويات الداخلية السائلة للقرص الداخلية فقد يُؤدي الى تمزقه في نقاط أو نقطة معينة. وبالتالي فإن كميات من محتويات نواة القرص المركزية، أي المادة اللزجة الهلامية تتسرب الى الخارج. وهذا النتوء الخارجي الجديد قادرة على الضغط وتهييج الأعصاب المجاورة له والخارجة للتو من الحبل الشوكي أو أن النتوء نفسه يضغط على الحبل الشوكي وامتداداته داخل قناة العمود الفقري. وهنا مربط الفرس في فهم موضوع مشاكل أقراص الفقرات، فالحديث هوعن تسريب مواد سائلة هلامية من نواة القرص تسبب للمرضى كل الأعراض والتداعيات حينما تضغط على الأعصاب. والخطأ في فهم المرض وعلاجاته ناجم عن مصطلحات شائعة لا علاقة لها بآلية وحقيقة المرض، فليس هناك أي انزلاق للغضروف بالكامل، بل ليس هناك أي غضروف بالأصل.
الرياض: د. حسن محمد صندقجي
أعلن باحثون من الولايات المتحدة في الثالث عشر من الشهر الجاري عن وضع البروتوكول الخاص ببحث استشرافي يدرس التكلفة والفائدة للمقارنة بين قطع نتوء قرص ما بين فقرات الظهر المسبب للأعراض بواسطة منظار دقيق، وبين العملية الجراحية المعتادة لإصلاح ذلك. كما أعلن باحثون من جورجيا في الأسبوع الأول من الشهر وضمن فعالىات المؤتمر السنوي الرابع والأربعين للمجمع الأميركي للأشعة العصبية الذي عُقد في سان دييغوبالولايات المتحدة أن طريقة إزالة نتوء فتق القرص بالتدخل المحدود عبر الإبرة الرفيعة من خلال الجلد يُفيد في 85% من الحالات إذا ما تم انتقاء المناسب منها لهذه الطريقة.
وفي تطور سابق وضمن فعالىات المؤتمر السنوي للرابطة الأميركية لجراحي الأعصاب الذي عُقد أواخر الشهر الماضي بسان فرانسسكوأعلن الباحثون من شيكاغوأن طريقة المنظار الدقيق ذات نسبة عالىة في نجاح تخفيف أعراض المرضى. كما عرضت في المؤتمر دراستان قارنتا بين زراعة قرص صناعي بدل القرص المتهتك وبين عملية تلحيم الفقرات، وأشارتا إلى أفضلية الطريقة الأولى في بلوغ تخفيف الأعراض وسرعة التحسن فيها.
* إدراك لابد منه استخدام عبارة الانزلاق الغضروفي خطأ شائع بين الناس وانساق الأطباء في استخدامه عند ترجمة الوصف اللاتيني للمرض، والوصف الدقيق هوفتق قرص ما بين الفقرات كما سيأتي. وتسبب الترجمة الخاطئة قصوراً في تصور المريض لما ألم به وبالتالى تشويش ذهنه في فهم فوائد الوسائل العلاجية غير الجراحية وأيضاً في إدراك مدى مناسبة أي نوع من العلاج الجراحي لحالة مرضه عند مناقشته الأمر مع طبيبه.
وفتق قرص ما بين فقرات الظهر يمكن أن يسبب ألماً شديداً يُؤثر بشكل بالغ على كيفية ونوعية أداء الإنسان للأنشطة البدنية في حياته الىومية العملية والاجتماعية. وقرار العلاج وكيفية تطبيقيه ضمن الخيارات العديدة المتاحة الىوم في مراكز العلاج الجراحي العصبي والتدخلي العصبي بالأشعة، يخضع لمجريات النقاش بين الطبيب والمريض وفق ضوابط تحددها حالة الفتق لحلقة القرص، ومدى تأثير تداعياته على أنشطة المريض الحياتية، ومدى ملاءمة أي من خيارات العلاج لها، ورغبة المريض في أي منها، وإمكانيات توفر نوع الوسيلة العلاجية، وخبرات الأطباء فيها، فليس ثمة وسيلة مناسبة لكل الحالات، كما أن حاجة المريض الى أي منها قد تختلف من وقت لآخر.
وهذا الأمر هو لب الموضوع، وإدراكه بشكل سليم هو ثمرة طبيعية لفهم ماهية الفتق القرصي وماهية تداعياته وما أنواع العلاج المُتاحة ومدى فائدة كل وسيلة منها وإمكانيات إجرائها. ولأن حالات الفتق هذه شائعة وأسبابها متعددة وتطال الناس من كلا الجنسين في كافة الأعمار تقريباً وتداعياتها تتفاوت من مريض لأخر، بل من آن لأخر لدى نفس المريض، فإن علىنا أن ندرك جملة من الأمور كي نتصور العلاج المناسب ومدى الاستفادة منها. والعرض سيكون هنا حول ما يصيب أقراص ما بين فقرات الظهر السفلية دون الحديث عن فقرات الرقبة نظراً لعدم إمكانية المقام شمول كلا الأمرين بالحديث.
* التركيب التشريحي والوظيفي الظهر عند الإنسان عبارة عن شبكة معقدة من العظام والأربطة والعضلات والأعصاب، تترتب وفق نظام معقد جداً يُجانس في ما بينها كي يُمكن الإنسان الحفاظ على توازن جسمه، ومن القيام بمدى واسع من الحركات، ويزود الأطراف السفلى وتراكيب الحوض والبطن بالشبكة العصبية المنظمة والمسيطرة على أداء حركاتها ووظائفها.
ويُنظر الى العامود الفقري على أنه عمود الجسم وأساس تشكيل هيئته. وتلتصق به أجزاء الجسم من الأطراف والصدر والبطن والحوض والرأس. ويتكون العمود الفقري من قطع عظمية موضوعة الواحدة فوق الأخرى ويثبّت ترابطها بعضها ببعض أربطة ليفية صلبة. ويتكون العمود الفقري من 7 فقرات في الرقبة تليها 12 فقرة في منطقة الصدر، ثم 5 فقرات كبيرة في منطقة البطن، ودونها قطعة واحدة طويلة مكونة ملتحمة.
ويمتد من الدماغ حبل عصبي يمر من خلال تجويف أنبوبي كبير داخل الفقرات. ويتفرع من هذا الحبل العصبي أعصاب طرفية تغذي أجزاء مختلفة في الصدر والبطن والحوض والأطراف العلوية والسفلية. وهذه الأعصاب تخرج من تجويف قناة العامود الفقري من خلال فتحات جانبية، تقع بين العظم والأربطة، وذلك بمعدل عصب في كل جهة، أي على الجانبين لكل فقرة. وعدد الأعصاب هو31 زوجا.
وبين كل فقرة والأخرى التي فوقها أو تحتها تُوجد وسادة أو قرص ليفي يمنع احتكاك عظام الفقرات ويعطي لأجزاء العامود مرونة تمكنها من الحركة. أي أن بوجودها يُصبح بمقدور العامود العظمي الصلب أن ينحني الى الأمام بشكل كبير، والى الخلف بشكل يسير وكذا على الجانبين. وأساس فهم الفتق وخروج سوائل لبه ونواته، والتداعيات الناجمة عنه، هو تصور تركيب بنية القرص. فالقرص الليفي مكون من جزأين، الجزء الخارجي عبارة عن حلقة ليفية صلبة تشكل إطاراً يحفظ محتويات القرص الداخلية. والجزء الداخلي أونواة القرص عبارة عن مادة هلامية كالجلي. ويتكون القرص من الماء بنسبة 80%، ولا تتم تغذيته بالدم بشكل مباشر. وكلما تقدم أحدنا في العمر كلما أصبحت مكونات القرص أشد صلابة وأكثر جفافاً. وعملية التغير في كمية الماء هذه تبدأ في سن الثلاثين، وببلوغ الخمسين تجف نواة القرص وتغدو ليفية مثل الإطار أو الحلقة الخارجية له. وحول العمود الفقري تتوزع العضلات بأشكال مختلفة لإعطاء دعم وثبات لوضعية الفقرات فوق بعضها البعض ولتخفيف عبء الضغط على الأقراص في ما بينها وللتمكين أيضاً من حركات جذع الجسم.
* عرضة الإصابة والتشخيص من هو أكثر عُرضة للإصابة بالفتق القرصي، سؤال يُحاول الباحثون الإجابة عنه، لكن لا تُوجد إجابة محددة لذلك. والمعروف أن فقرات أسفل الظهر أكثر عرضة للإصابة. وأنه أكثر شيوعاً لدى من هم في ما بين الثلاثينات والأربعينات من العمر. وأن الرجال أكثر إصابة من النساء، وخاصة منهم من يُمارسون أعمالاً بشكل خاطئ كطريقة رفع وحمل الأشياء الثقيلة، أو وضعية الجلوس وغيرها.
والتشخيص لألم في الظهر أو ممتد الى خلف الفخذ يعتمد على نوعية وصف المصاب به له. والطبيب حين الفحص يُجري اختبارات لمدى حساسية الأعصاب للتأثر بأوضاع قد تجعل من السهل زيادة الضغط عليها من قبل المادة المتسربة خلال الفتق، وأهمها محاولة رفع الطرف السفلي حين الاستلقاء على الظهر ومعرفة الى أي مدى يستطيع المريض فعل ذلك مع تثبيت الطرف في الجهة الأخرى.
ومن بين الفحوصات بالأشعة فإن تصوير الرنين المغناطيسي لفقرات الظهر يكشف عادة وجود مادة متسربة من فتق القرص في ما بين الفقرات والمنطقة التي تضغط عليها.
خيارات العلاج الأساس في خيارات العلاج المناسبة لكل حالة هو النقاش مع الطبيب المُطلع على تفاصيل الحالة بشكل خاص. ولا يُمكن إسداء نصائح أو توجيهات تناسب كل المرضى أو تناسب المريض في كل الأوقات. لكن الخيارات عموماً تنقسم الى قسمين، وسائل علاجية غير جراحية، ووسائل جراحية.
وألم الفتق القرصي لا يُمكن التنبؤ بمساره، بمعنى أنه قد يستمر ما لم يُعالج جراحياً أو بوسائل غير جراحية، وقد يزول دونما أي علاج محدد، وقد يتكرر رغم العلاج.
ولا يلجأ الأطباء الى الحل الجراحي كأول ما يتم فعله إلا في حالات محددة، لأن المادة المتسربة ربما يخف قدرها وتنكمش، وهو ما يحصل لدى حوالي 80% من الحالات في غضون شهر الى شهرين. والحالات التي تستدعي تدخلاً هي ما كان مُصاحباً لها تدهور في قوة العضلات أو فقد للسيطرة على التبول أو التبرز.
* الحاجة لعلاج طارئ للفتق القرصي هناك بعض الأعراض التي تتطلب سرعة في الحضور الى المستشفى ومراجعة الطبيب، وهي:
ـ ضعف العضلات بدرجة واضحة أو استمرار حصوله. كأن يكون بمقدور الإنسان رفع قدمه أو الوقوف على أطراف أصابعه عند بداية ظهور الألم، ثم يغدو من الصعب على المريض فعل ذلك.
ـ فقد سيطرة التحكم على عمليتي التبرز أو التبول أوأحدهما.
ـ فقد الإحساس في المنطقة التي يجلس عليها الإنسان من الالية.
ـ فقد القدرة على حركة أي من الأطراف السفلى.
ـ زيادة متطورة في الألم.
ـ حمى لأكثر من يومين.
ـ ألم يزداد حال الراحة أو في الليل.
* الوسائل غير الجراحية غالب الحالات تستجيب لاتباعها، والهدف منها تخفيف الضغط والتهيج للعصب، إضافة الى تقوية العضلات الداعمة للعامود الفقري. وتشمل هذه الوسائل:
ـ تخفيف الألم عبر تناول مسكنات الألم والأدوية المخففة للشد العضلي وربما حُقن الكورتيزون الموضعية في الظهر، لكن كل هذا وفق توجيهات الطبيب.
ـ تقليل النشاط البدني، والراحة والاستلقاء على فراش ذي سطح صلب نسبياً. وتجنب الجلوس الطويل أو الانحناء أو حمل الأشياء.
ـ الكمادات الباردة أو الدافئة تحت إشراف نصائح الطبيب، وخاصة الحارة لأنها قد تزيد من الألم والالتهاب من خلال زيادة تدفق الدم الى المنطقة المصابة.
ـ حزام الظهر محدود الفائدة وربما يُؤثر سلبياً عبر إضعافه لعضلات الظهر.
ـ العلاج الطبيعي، وهو أفضل ما يُمكن فعله وفق برنامج تحت إشراف متخصص.
* الوسائل الجراحية
* وتنقسم الى نوعين بشكل عام، نوع التدخل الجراحي فيه محدود، ونوع آخر جراحي بالمعنى المعروف من فتح للجلد وإجراء عملية في الجزء المصاب من الأقراص. والهدف من أي منهما هو إبعاد النتوء المتسرب من فتق القرص عن الأعصاب وتخفيف الألم بالتالي. وعادة ما يتريث الأطباء في إجراء أي منها. والحل المثالي هو العملية الجراحية، لكن الأطباء يُحاولون إيجاد وسائل محدودة التدخل وأقل إرهاقاً من العملية الجراحية.
* التدخل المحدود
* تهدف طريقة التدخل المحدود الى الوصول الى القرص وإزالة جزء من المادة السائلة الهلامية فيه، وبالتالي تراجع النتوء عن الضغط على العصب. وهناك عدة وسائل لذلك، منها:
ـ حث عملية التحلل الكيميائي لنواة القرص عبر حقن القرص بمادة أنزيمية كيمائية تُذيب الهلام كمواد مستخلصة من أشجار ثمار الباباي. ولا تُفضل استخدامها بعض الأطباء نظراً لمضاعفاتها خاصة تفاعل الحساسية، وإن كان البعض يرى خلاف ذلك.
ـ تخفيف ضغط النواة بتبخير النواة. وتُجرى عبر إدخال إبرة رفيعة الى منطقة لب أو نواة القرص، ثم إعطاء كمية من الحرارة تعمل على تبخير أجزاء من الهلام، وبالتالي تخفيف الضغط في القرص وسحب مادة النتوء المتسربة. وهناك طريقة أخرى تتم بشفط المادة الهلامية وتتطلب إبرة أكبر من التحليل الحراري ومضاعفاتها أكثر.
ـ العلاج بالأكسجين والأوزون. وذلك بحقنهما في نواة القرص كي يقل حجمه. وعادة ما يُعطى الكورتيزون معهما ليزيدا من فاعلية الكورتيزون لتخفيف الالتهاب. وهذه الطرق بسيطة وتتم دون الحاجة الى البقاء للمبيت في المستشفى، ويزاول المريض نشاطه اليومي تقريباً مباشرة بعدها.
* التدخل الجراحي
* وهو نوعان، إما إجراء العملية بالمنظار عبر فتحة صغيرة في الجلد ودون قطع للعضلات للوصول الى منطقة القرص وإزالة النتوء، وإما العملية الجراحية بمعناها المعروف من فتحة قد تصل الى 5 سم في الجلد وإبعاد للعضلات وصولاً الى معاينة منطقة القرص وعظم الفقرة وإجراء اللازم فيها. والعملية إما إزالة أجزاء من العظم الخلفي للفقرة والمحيط بالعصب ،أي العظم المكمل لحلقة الفتحة الدائرية في الفقرة، أو إجراء، بالإضافة الى هذا أو بدونه، إزالة لأجزاء من القرص نفسه. ولا تُجرى عملية تثبيت أو تلحيم الفقرات مع بعضها البعض إلا في حالات محددة تتطلب تثبيت العمود الفقري. والبديل عنها هو زراعة قرص صناعي بدلاً من التالف.
إن التعامل السليم مع إصابات فتق قرص ما بين الفقرات يتطلب من المريض فهم ما الذي أُصيب به، وتصور كيفية مساعدة وسائل العلاج غير الجراحي للتخفيف من أعراض حالته، كما تتطلب متابعة ومناقشة الطبيب لإمكانيات حلول العلاج التدخلي أو الجراحية في مساعدته، واختيار المناسب منها.
Chemonucleolysis Nucleoplasty Oxygen-ozone therapy
* دراسات ومؤتمرات عالمية حديثة لوسائل العلاج > الضغط والالتهاب الذي يسببهما الفتق الحاصل في أحد الأقراص في ما بين فقرات أسفل الظهر يُمكن التخفيف منهما باستخدام طريقة عملية أقل عمقاً في التدخل من الطريقة الجراحية المُعتادة. والطريقة هذه أكثر مناسبة لحالة من يعانون من أعراض عرق النِّسا ضمن مواصفات معينة وفق ما أعلنه الباحثون من ولاية جورجيا الأميركية في المؤتمر الرابع والأربعين للمجمع الأميركي للأشعة العصبية.
ومن المعلوم أن ألم عرق النّسا ينجم عن ضغط أو إصابة متلفة للعصب الوَركي الذي يقع في منطقة خلف الفخذ حينما تضغط عليه مادة منزلقة من خلال فتق في الحلقة الخارجية لأحد أقراص الفقرات. وفي حين أن الطريقة الجراحية المُعتادة تتطلب فتح الجلد ومنطقة القرص، فإن فتحة صغيرة في الجلد كي يتم من خلالها قطع وإزالة المادة المنزلقة يُمكن أن تتم بسهولة. ويُوضح الدكتور جيفري ستون رئيس قسم العلاج التدخلي بالأشعة العصبية في كلية جورجيا للطب بأن مفتاح النجاح في إتمام الطريقة هو الاختيار المناسب للمريض الذي فتق القرص لديه يُلائم هذه الطريقة. وتتطلب إزالة النتوء الهلامي إدخال إبرة رفيعة من خلال الجلد الى منطقة الفتق حيث يُمكن شفط المادة الخارجة من نواة القرص والمسببة للنتوء.
ويستدرك الدكتور ستون قائلاً إن الطريقة لا تُناسب كل مرضى ألم عرق النسا، بل هناك من الاختبارات ما قد يبين ذلك، أحدها حقن مادة ملونة في القرص لمعرفة هل ارتفاع الضغط يزيد من الألم، وحين شفطها وانخفاض الضغط فيه هل يقل الألم أم لا. والآخر اختبار فائدة حقن مادة مخدرة مع أحد الأدوية المضادة للالتهاب من الستيرويد في منطقة العصب الواقع تحت الضغط. فلو تحسن الألم كان هذا مؤشراً على احتمال الاستفادة من الطريقة الجديدة. وهذا الاختبار في الحقيقة ربما هو علاج أيضاً، بيد أن فائدته محدودة ويزول مفعوله في تخفيف الألم بعد بضعة أسابيع.
والذي يبدو أن الأمر منطقي، لأن كلا الاختبارين يحاولان تحديد مدى حيوية تأثير الفتق على العصب، وهو إذا ما كان كذلك كان أقرب للاستجابة لشفط أو إزالة النتوء المنزلق من القرص.
ووفق ما ذكره في المؤتمر من خبرة له، فإن 85% من الحالات المناسبة يُمكن أن يخف الألم فيها بشكل كبير، وبعض الحالات استمر التحسن فيها حوالي خمس سنوات.
كما أنه يُؤكد أن الحالات التي لا يزيد الألم فيها ارتفاع الضغط على العصب أو التهابه، قد لا يُفيدها الطريقة الجديدة بل الحاجة تدعو الى اتباع الأسلوب الجراحي المعروف، وكذلك الحال فيما لو كان القرص قد تفتت أو دخل في منطقة قناة الحبل الشوكي. ويعمل الدكتور ستون حالياً على دمج طرقة التدخل عبر الجلد لإزالة نتوء فتق القرص مع طريقة العلاج الحراري الكهربائي في رتق الفتق وإصلاحه بغية تخفيف الألم بشكل أبلغ، ويرى نظرياً أن العمليتين هما أهون من عملية الفتح الجراحي.
وصحيح أنهما أهون من العملية الجراحية إلا أن ضوابط مناسبة إجرائها أيضاً صارمة نسبياً وتناسب بعضاً من المرضى دون كثير منهم.
وفي وسيلة مشابهة من حيث محدودية متطلبات العملية مقارنة بالعملية الجراحية، فإن استخدام منظار ميكروسكوبي وفق ما عرضه الدكتور ريتشارد فليسر رئيس جراحي الأعصاب بجامعة شيكاغو يتطلب فتحة صغيرة لا تتجاوز سنتيمترين مقارنة بالفتحة الجراحية البالغة حوالي 5 سم، ولا تتطلب أيضاً قطعاً خلال عضلات الظهر. وبالرغم من أن هذه الطريقة تتم ممارستها منذ بضعة سنوات إلا أن بحث مدى نجاح نتائجها لم يكن واضحاً. وعرض الدكتور فليسر نتائج العمليات التي تمت لحوالي 115 شخص في الفترة ما بين عام 2002 وعام 2005. وأظهرت علو نسبة النجاح في تخفيف الأعراض ودوام ذلك لدى المتابعة لأكثر من سنة ونصف بعد العملية. وأضاف أن العملية لا تستغرق أكثر من ساعتين، ومعدل بقاء المريض في المستشفى بعدها هو حوالي 10 ساعات.
وفي جانب ذي علاقة، قُدمت في المؤتمر نتائج دراستين شملتا حوالي ألف مريض أجريت لهم إما زراعة أقراص صناعية أو تلحيم الفقرات لإعطائها ثباتاً، وتبين أن الذين زرعت لديهم الأقراص عادوا بشكل أسرع الى مزاولة أعمالهم المعتادة.
* كيف ينشأ الفتق والتسريب؟
> في الغالب لا يستطيع الكثيرون تحديد حركة أو تصرف معين على أنه بداية أو سبب نشوء أعراض فتق أو تمزق قرص ما بين الفقرات. وحصول الأمر يتبع في العادة عملية ضعف بطيئة مع التقدم في العمر. إذْ حينها تغدو بنية العمود الفقري أكثر سوءاً ويفقد مرونته في الحركة. ومع فقد كميات من الماء من تراكيب القرص وجفافه، فإنه يُصبح أرق سمكاً وأكثر قابلية لتفتت أجزاء منه. وهذه التغيرات تُعتبر طبيعية وقد لا تسبب للإنسان أية أعراض.
المشكلة ليست هنا، بل هي أن الضعف حينما يعتري الحلقة الخارجية الحافظة للمحتويات الداخلية السائلة للقرص الداخلية فقد يُؤدي الى تمزقه في نقاط أو نقطة معينة. وبالتالي فإن كميات من محتويات نواة القرص المركزية، أي المادة اللزجة الهلامية تتسرب الى الخارج. وهذا النتوء الخارجي الجديد قادرة على الضغط وتهييج الأعصاب المجاورة له والخارجة للتو من الحبل الشوكي أو أن النتوء نفسه يضغط على الحبل الشوكي وامتداداته داخل قناة العمود الفقري. وهنا مربط الفرس في فهم موضوع مشاكل أقراص الفقرات، فالحديث هوعن تسريب مواد سائلة هلامية من نواة القرص تسبب للمرضى كل الأعراض والتداعيات حينما تضغط على الأعصاب. والخطأ في فهم المرض وعلاجاته ناجم عن مصطلحات شائعة لا علاقة لها بآلية وحقيقة المرض، فليس هناك أي انزلاق للغضروف بالكامل، بل ليس هناك أي غضروف بالأصل.