على
05-03-2006, 10:23 AM
بيروت: زينة خليل
يبحث السياح في رحلاتهم وجولاتهم في لبنان عن الآثار التاريخية والجمال، فيتهيبون أمام هياكل بعلبك وكتابات أبجدية جبيل، ويطربون في ظلال الأرز. أما على مسافة 26 كيلومترا عن بيروت وارتفاع يتراوح بين 500 و 650 مترا، ثمة مكان له خصوصيته الروحية والجمالية، حيث يشكل جبل حريصا لوحة خضراء أبدية تغمض عينيها على كنوز طبيعية لا تستوعبها العين ولا يرتوي منها الناظر، وهو المطل على خليج جونيه الذي استلقى عبر تاريخه على صوت البحر وهدير أمواجه حتى شاع المثل القائل: «شو هم جونيه من هدير البحر»، فجمع هذا الخليج على مّر التاريخ شعوبا عدة، وسكن في رحابه إنسان العرق المتوسطي وصولا الى الفينيقيين ومن عاصرهم من شعوب فاستخدم مربضا لأسطولهم وترسانة لتشييد سفنهم، مما جعله يؤدي دورا سياحيا بارزا.
وهذا الجبل الذي أطلق عليه اسم حريصا اي «الطرف الحاد» باللغة الفينيقية، سحر العديد من الشعراء والأدباء العرب والأجانب، وأدهش الرحالة والسياح بمعالمه الطبيعية المتناسقة ومناظره المميزة التي تشرف على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. ومن أبرز الذين فتنهم جبل حريصا الأب دي جيران الذي وقف فوق إحدى تلال حريصا وقال جملته الشهيرة «ليأت إلى حريصا! ليأت مهما كلف الأمر كل كافر عديم الإيمان، ويتنشق هواء هذا الجبل النقي.. وعند ذلك سيخرّ ساجدا أمام الذي بإشارة واحدة منه، أبدع كل هذه الروائع». وشهرة حريصا كموقع سياحي لا تخفى على أحد، لاسيما متتبعي أفلام الأسود والأبيض العربية. ونادرا ما صور فيلم في لبنان وخلا من مشهد الجبل الأخضر وشرفته المطلة على خليج جونيه المتميز بصخوره من جهة وشاطئه الرملي من جهة أخرى، فازدان بلوحة جمالية فريدة لطالما شكلت استديو مكتمل العناصر في الهواء الطلق. أما عن تسمية حريصا، فقد أشار عضو بلدية درعون ـ حريصا طوني يونس إلى ان «الاسم ارتبط بتفسير شعبي، تداوله الأجداد ويرتبط بشخص يدعى يونس يونس نزح مع عائلته من بلدة تحمل التسمية نفسها، وهي حريصا في تنورين (شمال لبنان) واشترى عقارات شاسعة في منطقة درعون، حيث استقر وعاش مع عائلته التي كبرت وتوسعت، فأخذ أهالي المناطق المجاورة يطلقون عليهم اسم (أهالي حريصا)، وبعد مسح الأراضي عرفت المنطقة المحاذية لدرعون بهذا الاسم».
هذا الجبل الذي يكسوه الصنوبر والشربين ويغطس عاري القدمين في الخضم، اختير ليحتضن في راحتيه أجمل تماثيل العذراء مريم في العالم، تمثال سيدة لبنان ليصبح محط أنظار آلاف الزائرين يوميا من كل أنحاء العالم ومن كل الأديان، فحوله لا تنقطع الصلوات والأدعية، وزيارة حريصا خلال شهر مايو (أيار) تكون مميزة لأنه شهر العذراء مريم.
يقول الأخ جان ماري المير «ان تمثال سيدة لبنان صنع في فرنسا من البرونز المصهور المكون من سبع قطع جمعت فوق القاعدة التي أنشئ في داخلها معبد صغير، وقد طلي باللون الأبيض، طوله 8.50 متر، ووزنه 15 طنا»، وأضاف: «ركز التمثال عام 1908 فوق المزار الرئيسي الأول، ويمكن الصعود اليه عبر درج لولبي يتيح للزائر التمتع بأجمل المناظر من على حريصا». الجدير بالذكر، أن في عام 1970 وضع حجر الأساس للبازليك المحاذي للتمثال والمستوحى من شكل الأرزة اللبنانية والسفينة الفينيقية. هذا الجبل الذي تكثر فيه الأديرة، شكل نقطة التقاء مع البحر الذي يشكل عند قدميه ميناء طبيعيا لحماية السفن، ناضل سكان جونيه كثيرا لفتحه أمام التجارة حتى افتتح عام 1912 على عهد المتصرف أوهانس قيومجيان باشا، واعتبر مرفأ رئيسا «للمتصرفية مع مرفأ آخر على ساحل الشوف هو مرفأ النبي يونس». يذكر أن مرفأ جونيه يتألف من ثلاثة أقسام؛ الأول عبارة عن مرفأ لصيد الأسماك البحرية يستخدمه الصيادين في شكل دائم وهو مجهز بغرف يستخدمونها لحاجياتهم وفي محاذاتها مسمكة حديثة. كما يحوي هذا المرفأ مراكب للنزهة تتيح للسائح الإبحار مدة 15 دقيقة والتمتع بأجمل المناظر، أما المرفأ الثاني ويضم قاعدة بحرية وناديا وحوضا واسعا ترسو فيه قطع البحرية اللبنانية، والمرفأ الثالث خصص لليخوت وتبلغ مساحته 26 ألف متر مربع بأعماق مختلفة تتراوح بين المترين والسبعة أمتار وتقوم الإنشاءات فيه على مسافة 145 ألف متر مربع، ويتألف بناؤه من طبقتين: في السفلى مخازن وقاعة عرض وقاعة اجتماعات ومطعم ومكان خاص لنادي السيارات واليخوت، وفي الطبقة العليا بهو فسيح وقاعة كبيرة للألعاب وفي محاذاتها مطعم ومدرسة لتعليم التزلج على الماء وقيادة المراكب الشراعية وملاعب لكرة المضرب والكرة الطائرة. وشكل خليج جونيه مع جبل حريصا حركة سياحية مميزة، حيث تنتشر على روابي الجبل المطاعم التي يقصدها السياح مستخدمين التلفريك أي المركبات الملونة المعلقة كهربائيا «التي تنقل السائح في 9 دقائق إلى ارتفاع 550 مترا عن الساحل، كما يستطيع السائح الجلوس عند أقدام البحر للتمتع برونقه».
وقال المسؤول عن القسم الفني في «التلفريك» فيكتور موسى «إن مشروع التلفريك يخضع للصيانة والتحديث في شكل متواصل من قبل شركتين الألمانية الأم والفرنسية، ويعمل فريق الصيانة في معالجة كل المشكلات التي تعترضهم، كما يخضع المشروع لقانون التجارة والإشراف الفني لوزارة السياحة وختم: «يستقبل التلفريك السياح كل أيام الأسبوع وخلال الأعياد، لكن في فصل الشتاء يتم إقفال المشروع يوم الاثنين للاستراحة والقيام بالأعمال التي تحتاج اليها المركبات».
في محاذاة التلفريك، شّيد مطعم على اسم «التلفريك» يشرف على خليج جونيه ويستقبل العرب والأجانب الذين يستهويهم المطبخ اللبناني. وقد أشارت المسؤولة عن المطعم جاكلين حبيقة إلى أن «الأطباق اللبنانية التي تقدم تشمل التبولة، الفتوش، الخبز المرقوق، اللبنة، الجبنة، شنكليش، كبة، شيشبرك..»، وذلك لجعل السائح يتلذذ بأشهى الأطباق اللبنانية».
أما بشارة يونس صاحب مطعم بيل فيو حريصا، فقد شاء لمطعمه خصوصية العمارة اللبنانية، فاستخدم سنابل القمح والخشب في تشييد سقف مطعمه وزينه بالأخشاب ليجعل منه موقعا متناسقا مع محيطه، كما عمل على تقسيم المطعم الى قاعتين، خصصت الأولى لمحبي الموسيقى الهادئة والرومانسية الغربية عبر تقديم الأطباق الأجنبية والثانية لعشاق صوت فيروز والنارجيلة والأطباق اللبنانية. وأضاف بشارة الى أنه «يتم بناء فندق على طراز العمارة اللبنانية في محاذاة المطعم لاستقطاب السياح والحفلات والأعراس».
كما تضم الطريق من خليج جونيه الى جبل حريصا مقاهي عدة تتميز بأسلوبها الريفي المعتمد على تقديم المناقيش على التنور والشاي، ولا ننسى النارجيلة تجذب الزائر وتسمره أمام أجمل تحفة من صنع الخالق. حريصا التي كانت في الأساس «بيتين وتنورا» أي بضعة منازل وفرنا متواضعا والتي تشكل همزة وصل مع خليج جونيه الذي لعب دورا مهما في عالمي التجارة والسياحة، تشهد اليوم حركة سياحية مميزة تجعلها لؤلؤة على عرش جبال لبنان وروابي ه الخضراء.
يبحث السياح في رحلاتهم وجولاتهم في لبنان عن الآثار التاريخية والجمال، فيتهيبون أمام هياكل بعلبك وكتابات أبجدية جبيل، ويطربون في ظلال الأرز. أما على مسافة 26 كيلومترا عن بيروت وارتفاع يتراوح بين 500 و 650 مترا، ثمة مكان له خصوصيته الروحية والجمالية، حيث يشكل جبل حريصا لوحة خضراء أبدية تغمض عينيها على كنوز طبيعية لا تستوعبها العين ولا يرتوي منها الناظر، وهو المطل على خليج جونيه الذي استلقى عبر تاريخه على صوت البحر وهدير أمواجه حتى شاع المثل القائل: «شو هم جونيه من هدير البحر»، فجمع هذا الخليج على مّر التاريخ شعوبا عدة، وسكن في رحابه إنسان العرق المتوسطي وصولا الى الفينيقيين ومن عاصرهم من شعوب فاستخدم مربضا لأسطولهم وترسانة لتشييد سفنهم، مما جعله يؤدي دورا سياحيا بارزا.
وهذا الجبل الذي أطلق عليه اسم حريصا اي «الطرف الحاد» باللغة الفينيقية، سحر العديد من الشعراء والأدباء العرب والأجانب، وأدهش الرحالة والسياح بمعالمه الطبيعية المتناسقة ومناظره المميزة التي تشرف على شاطئ البحر الأبيض المتوسط. ومن أبرز الذين فتنهم جبل حريصا الأب دي جيران الذي وقف فوق إحدى تلال حريصا وقال جملته الشهيرة «ليأت إلى حريصا! ليأت مهما كلف الأمر كل كافر عديم الإيمان، ويتنشق هواء هذا الجبل النقي.. وعند ذلك سيخرّ ساجدا أمام الذي بإشارة واحدة منه، أبدع كل هذه الروائع». وشهرة حريصا كموقع سياحي لا تخفى على أحد، لاسيما متتبعي أفلام الأسود والأبيض العربية. ونادرا ما صور فيلم في لبنان وخلا من مشهد الجبل الأخضر وشرفته المطلة على خليج جونيه المتميز بصخوره من جهة وشاطئه الرملي من جهة أخرى، فازدان بلوحة جمالية فريدة لطالما شكلت استديو مكتمل العناصر في الهواء الطلق. أما عن تسمية حريصا، فقد أشار عضو بلدية درعون ـ حريصا طوني يونس إلى ان «الاسم ارتبط بتفسير شعبي، تداوله الأجداد ويرتبط بشخص يدعى يونس يونس نزح مع عائلته من بلدة تحمل التسمية نفسها، وهي حريصا في تنورين (شمال لبنان) واشترى عقارات شاسعة في منطقة درعون، حيث استقر وعاش مع عائلته التي كبرت وتوسعت، فأخذ أهالي المناطق المجاورة يطلقون عليهم اسم (أهالي حريصا)، وبعد مسح الأراضي عرفت المنطقة المحاذية لدرعون بهذا الاسم».
هذا الجبل الذي يكسوه الصنوبر والشربين ويغطس عاري القدمين في الخضم، اختير ليحتضن في راحتيه أجمل تماثيل العذراء مريم في العالم، تمثال سيدة لبنان ليصبح محط أنظار آلاف الزائرين يوميا من كل أنحاء العالم ومن كل الأديان، فحوله لا تنقطع الصلوات والأدعية، وزيارة حريصا خلال شهر مايو (أيار) تكون مميزة لأنه شهر العذراء مريم.
يقول الأخ جان ماري المير «ان تمثال سيدة لبنان صنع في فرنسا من البرونز المصهور المكون من سبع قطع جمعت فوق القاعدة التي أنشئ في داخلها معبد صغير، وقد طلي باللون الأبيض، طوله 8.50 متر، ووزنه 15 طنا»، وأضاف: «ركز التمثال عام 1908 فوق المزار الرئيسي الأول، ويمكن الصعود اليه عبر درج لولبي يتيح للزائر التمتع بأجمل المناظر من على حريصا». الجدير بالذكر، أن في عام 1970 وضع حجر الأساس للبازليك المحاذي للتمثال والمستوحى من شكل الأرزة اللبنانية والسفينة الفينيقية. هذا الجبل الذي تكثر فيه الأديرة، شكل نقطة التقاء مع البحر الذي يشكل عند قدميه ميناء طبيعيا لحماية السفن، ناضل سكان جونيه كثيرا لفتحه أمام التجارة حتى افتتح عام 1912 على عهد المتصرف أوهانس قيومجيان باشا، واعتبر مرفأ رئيسا «للمتصرفية مع مرفأ آخر على ساحل الشوف هو مرفأ النبي يونس». يذكر أن مرفأ جونيه يتألف من ثلاثة أقسام؛ الأول عبارة عن مرفأ لصيد الأسماك البحرية يستخدمه الصيادين في شكل دائم وهو مجهز بغرف يستخدمونها لحاجياتهم وفي محاذاتها مسمكة حديثة. كما يحوي هذا المرفأ مراكب للنزهة تتيح للسائح الإبحار مدة 15 دقيقة والتمتع بأجمل المناظر، أما المرفأ الثاني ويضم قاعدة بحرية وناديا وحوضا واسعا ترسو فيه قطع البحرية اللبنانية، والمرفأ الثالث خصص لليخوت وتبلغ مساحته 26 ألف متر مربع بأعماق مختلفة تتراوح بين المترين والسبعة أمتار وتقوم الإنشاءات فيه على مسافة 145 ألف متر مربع، ويتألف بناؤه من طبقتين: في السفلى مخازن وقاعة عرض وقاعة اجتماعات ومطعم ومكان خاص لنادي السيارات واليخوت، وفي الطبقة العليا بهو فسيح وقاعة كبيرة للألعاب وفي محاذاتها مطعم ومدرسة لتعليم التزلج على الماء وقيادة المراكب الشراعية وملاعب لكرة المضرب والكرة الطائرة. وشكل خليج جونيه مع جبل حريصا حركة سياحية مميزة، حيث تنتشر على روابي الجبل المطاعم التي يقصدها السياح مستخدمين التلفريك أي المركبات الملونة المعلقة كهربائيا «التي تنقل السائح في 9 دقائق إلى ارتفاع 550 مترا عن الساحل، كما يستطيع السائح الجلوس عند أقدام البحر للتمتع برونقه».
وقال المسؤول عن القسم الفني في «التلفريك» فيكتور موسى «إن مشروع التلفريك يخضع للصيانة والتحديث في شكل متواصل من قبل شركتين الألمانية الأم والفرنسية، ويعمل فريق الصيانة في معالجة كل المشكلات التي تعترضهم، كما يخضع المشروع لقانون التجارة والإشراف الفني لوزارة السياحة وختم: «يستقبل التلفريك السياح كل أيام الأسبوع وخلال الأعياد، لكن في فصل الشتاء يتم إقفال المشروع يوم الاثنين للاستراحة والقيام بالأعمال التي تحتاج اليها المركبات».
في محاذاة التلفريك، شّيد مطعم على اسم «التلفريك» يشرف على خليج جونيه ويستقبل العرب والأجانب الذين يستهويهم المطبخ اللبناني. وقد أشارت المسؤولة عن المطعم جاكلين حبيقة إلى أن «الأطباق اللبنانية التي تقدم تشمل التبولة، الفتوش، الخبز المرقوق، اللبنة، الجبنة، شنكليش، كبة، شيشبرك..»، وذلك لجعل السائح يتلذذ بأشهى الأطباق اللبنانية».
أما بشارة يونس صاحب مطعم بيل فيو حريصا، فقد شاء لمطعمه خصوصية العمارة اللبنانية، فاستخدم سنابل القمح والخشب في تشييد سقف مطعمه وزينه بالأخشاب ليجعل منه موقعا متناسقا مع محيطه، كما عمل على تقسيم المطعم الى قاعتين، خصصت الأولى لمحبي الموسيقى الهادئة والرومانسية الغربية عبر تقديم الأطباق الأجنبية والثانية لعشاق صوت فيروز والنارجيلة والأطباق اللبنانية. وأضاف بشارة الى أنه «يتم بناء فندق على طراز العمارة اللبنانية في محاذاة المطعم لاستقطاب السياح والحفلات والأعراس».
كما تضم الطريق من خليج جونيه الى جبل حريصا مقاهي عدة تتميز بأسلوبها الريفي المعتمد على تقديم المناقيش على التنور والشاي، ولا ننسى النارجيلة تجذب الزائر وتسمره أمام أجمل تحفة من صنع الخالق. حريصا التي كانت في الأساس «بيتين وتنورا» أي بضعة منازل وفرنا متواضعا والتي تشكل همزة وصل مع خليج جونيه الذي لعب دورا مهما في عالمي التجارة والسياحة، تشهد اليوم حركة سياحية مميزة تجعلها لؤلؤة على عرش جبال لبنان وروابي ه الخضراء.