المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عبدالكريم فضل الله ....الانتخابات لا تأتي بالأصلح... والإعلام سلطة أولى



فاطمي
04-29-2006, 06:00 PM
كتب علي العلاس - «الرأي العام»


كشف الأمين العام للحوزات العلمية في لبنان السيد عبدالكريم فضل الله عن بلورته لنظرية جديدة مرادفة للنظرية القائمة عليها الانتخابات، متوقعا «ان يكون للنظرية التي أسماها «نظرية التعيين والاختيار التلقائي»، صدى وانتشار واسعان في المستقبل».

وأكد فضل الله في حواره مع «الرأي العام» ان وضع النظرية الجديدة ينظم عملية التنافس على السلطة، عكس عمليات الصراع التي تفرزها عملية الانتخابات، مشيرا الى «ان أهم مميزات هذه النظرية» انها تأتي بالحد الأدنى من الجدارة التي تكون مطلوبة في الشخص الذي يتولى منصبا قياديا وعلى عكس الانتخابات التي ربما تأتي بشخص أمي».

واعتبر فضل الله ان الانتخابات «ما هي الا صناعة لديكتاتورية الاعلام التي تتحكم في ايصال أشخاص الى مراكز حساسة»، معتبرا ان «الاعلام هو السلطة الأولى وليســت الرابعة كما يشــاع».

وتطرق فضل الله في حديثه المطول «الى معارضته لفكرة الزواج المدني وما صاحبها من افكار سلبية اطلقها مريدوه دون معرفتهم بطبيعة الزواج المدني، معتقدين انها ستكون سببا مباشرا لوقف الحرب الأهلية, وقال ان «مسألة الزواج المدني كانت مسألة سياسية أكبر من كونها مشكلة اجتماعية».
وفي ما يتعلق بنظرية تعارف الحضارات التي طرحها في حواره مقابل نظرية صراع الحضارات واعتبرها اطروحة مستقاة من القرآن الكريم في سورة الحجرات»، «يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم».

وقال انه «لو تم التعارف بين الحضارات لانتهت مشاكل الدنيا» نافيا وجود صراع بين الحضارات وانما الصراع في المصالح التي تلبس ثوب الحضارة، وباسمها تغزو ثقافات الشعوب.
وفرق فضل الله في حديثه بين العولمة التي تفرض ثقافتها على الشعوب، وبين العالمية التي تدعو الى تعارف الشعوب وتلاقيها، وتبادل الثقافات بما يناسب كل شعب»، مؤكدا ان الجهل من أخطر الأسباب التي تؤدي الى الحروب بين الثقافات المختلفة».

وفي ما يلي نص الحوار

أنت ضد إجراء الانتخابات، ما هي الأسباب التي دفعتك الى هذا الموقف، وما الطريقة المثلى لاختيار ممثلي الشعب؟

- بالنسبة للانتخابات، هناك مسألة شغلت بال العالم منذ سيدنا آدم عليه السلام الى يومنا هذا، وهذه المسألة تبلورت في شكل سؤال عن ماهية المشرع ومن هو الحاكم؟ وكيف يختار المشرع وكيف يختار الحاكم؟ فكان هناك زخموا من النظريات التي ناقشت هذه المسألة، وآخر نظريات التاريخ التي نعمل بها هي نظرية الديموقراطية والانتخابات، ومن دون شك فإن هذه النظرية تطورت وانا اعتبرها نظرية وفكرة جيدة وايجابية لأنها حقنت دماء، ولكن المشكلة فيها انها لا تأتي بالأصلح بل على العكس فكثيرا ما تأتي بغير الأصلح، وفي هذه الحالة يمكن القول ان الانتخابات المرادفة لكلمة الديموقراطية ليست بشر مطلق وانا دائما لي مقوله ارددها في مؤتمراتي وندواتي وهي «انا شخصا أعشق الحرية حتى الثمالة ولا أعشق الديموقراطية».

القائمون على العملية الانتخابية وضعوا لها تشريعات عدة، بعضهم تأثر بالفكر الاسلامي والبعض الآخر تأثر بالفكر الغربي، فهل لك ان توضح لنا نوعية الفكر الانتخابي وتشريعاته؟
- هناك مقامان، مقام التشريعات ومقام التدبيريات، ففي مقام التشريعات نحو نقول ان الله عز وجل هو المشرع ولا استطيع ان آخذ برأي الأكثرية كما هو معمول به في ديموقراطية الانتخابات «وما الحكم إلا لله»، فالله سبحانه وتعالى أعرف بخصائص البشر وأعرف بكيانات البشر، فالذي يريد ان يضع منظومة تشريعية قانونية عليه ان يعرف خصائص البشر أيديولوجيا وفسيولوجيا ومورفولوجيا، ان يعرف التاريخ والماضي والحاضر، ان يعرف أعماق البشرية ويعرف اعماق التفكير النفسي «سيكولوجية البشر»، ويجب عليه ان يعرف كل شيء حتى يخرج بقانون مرتب، اذن نحن توصلنا اللى نتيجة منطقية ان الله سبحانه وتعالى وحده هو الذي يعرف خصائص البشر لأن الخالق القادر على كل شيء.

عقل الانسان لا يقف عند حد معين، بل دائما يطور الأفكار ويبلورها حتى تأخذ شكلها النهائي ومن ضمن الأشياء التي طورها العقل فكرة الانتخابات,,, فم رأيك؟

- نعم «أنا دائما أقول «ان عقل الانسان عظيم وافضل عضو ميز الله به الانسان» بك اثيب وبك أعاقب» (حديث شريف)، ولكن العقل مرتبط بكمية وصحة المعلومات التي تصل اليه، ومن هنا كان لي تفسير في الآية القرآنية «يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا» فالمولى عز وجل لم يقل أوتيتم من العقل الا قليلا، لأن العلم شيء والعقل شيء آخر، العقل الانساني جبار مثل جهاز الحاسوب تعــطيه معلومات ناقصة يعطيك نتائج خاطئة، والعكس عندما تدخل اليه معلومات صحيحة وكاملة يعطيك نتائج مضبوطة»، ومن هناك نقول دوما ان معلومات الانسان ناقصة، فأي بشر يستطيع أو يدعي انه يعرف كل شيء؟ لا أحد يستطيع ولا مجموعة بشرية ولا كل البشر، فمن هنا كان من الأهمية البحث عن مشرع، ولذلك كان البحث عن المشرع من أهم الأشياء التي شغلت بال البشرية.

وعودة الى التأثير الغربي، فالفيلسوف الفرنسي «جان جاك روسو أو من يلقب بـ «أبو الانتخابات»، وأهم مفكري الثورة الفرنسية يقول: «انني أرفض البرلمانات وأرفض الانتخابات، ويكمل «كيف يمكن لجمهرة عمياء من الناس لا تعرف ماذا تريد ان تضع منظومة تشريعية؟» ثم يتابع قوله محددا شروطه«نحن بحاجة الى إله ليضع قوانين البشر وبحاجة الى انسان معصوم»، وكأن هذا الكلام متأثر بالفكر الاسلامي الصافي، فالرجل «روسو»، وصل بفطرته الى ما ينادي به الفكر الاسلامي، «ان يكون هناك انسان معصوم فوق البشر ويعرف ما عند البشر».

والنبي توافرت فيه هذه الشروط «ما لهذا النبي يمشي في الأسواق يأكل ما تأكلون ويشرب ما تشربون»، ولكنه فوق البشر برسالته وبكماله وبعصمته ونبوته.

وهنا أقف عند كتاب «نهاية العالم» لصاحبه «فوكايما» الذي نادى فيه بالليبرالية التي تتمثل فيها العدالة والحرية، وصور العالم كأنه مساحة قرية، وانا اتفق معه على ان الحرية والعدالة مطمح البشرية وكل انسان يحب ويقدر هاتين الصفتين، لكن من قال ان الليبرالية تؤمن الحرية والعدالة؟ ومن قال ان وحش المال اذا فلت بدون ضوابط وبدون قيود تكون فيه عدالة؟ والانسان بطبيعته يحب السلطة والمال.
ولكن في مقام آ خر حدد «فوكايما» الوسيلة المناسبة لتنظيم الصراع على السلطة في عملية الانتخابات؟
- نعم، ففوكايما قال ان الانتخابات هي الوسيلة لتنظيم الصراع على السلطة، وايضا الأحزاب وسيلة لتنظيم الصراع على السلطة، ومن يستطع اقناع الرأي العام بأفكاره يربح والخاسر يستسلم ويهيئ نفسه للجولة القادمة».

نعم هذا فكر جيد لفوكايما» وبدأ ينتشر في العالم ولكن من قال انه سوف يستمر، ومن قال ان البطون التي تلد لا تلد أفكارا جديدة، ومن هنا يمكن القول ان الليبرالية ليست نهاية تاريخ الحرية، وان كانت الحرية والعدالة مطلبين مسلم بهما يتوق لهما كل البشر، ولكن الانتخابات عند فوكايما تأتي بالصالح كما تأتي بالطالح، تأتي بالجيد وتأتي بالسيئ، والانتخابات ونتائجها كثيرا ما تكون من صناعة ديكتاتورية الاعلام وانا اقول دوما ان الاعلام ليس السلطة الرابعة كما يقال، بل هو السلطة الأولى التي تجيش الرأي العام في اتجاه معين، فالاعلام هو الذي ينتخب رئيس جمهورية وهو نفسه الذي ينتخب رئيس مجلس وزراء,,, الخ ومن وجهة نظري أقول ان الانتخابات تؤدي الى قتل الكفاءات، على عكس وجهة نظر العلمانيين الذين يرون ان الانتخابات افضل ما هو موجود وهــنا اتفــق مع رأي فــوكـايما عنــدما قال «ان الانتخــابات ليست نهاية العالم»، فربما يأتي شيء أفضل من الانتخابات، ولكن من مــيزات الانتخابات انها تشــرك النــاس في الرأي والقــرار، وهذا موجود في القرآن الكريم «وأمرهم شورى بينهم».

في مؤتمر حركة التوافق الاسلامية الثالث الذي عقد قبل أيام كشفت فيه عن وضــع نظرية جديدة خاصة بك لتنظيم عملية التنافس على السلطة، ما هو الفرق بين نظريتك وعملية الانتخابات السائدة؟
- للأمانة أحب ان أقول ان هذه النظرية الجديدة كانت عبارة عن فكرة لأخي ولكن اخذت هذه الفكرة وبلورتها بشكل جيد في اطار نظرية واسميتها «نظرية التعيين والاصطفاء والاختيار التلقائي» وأتوقع لها صدى واسع الانتشار في الايام المقبلة، خاصة انها افضل من نظرية الانتخابات، أو على الأقل رديف لها», فالمتداول في اختيار الحاكم ومتولي الأمور التدبيرية هو اما التعيين أو الانتخاب أو الغلبة، ولكن اعتقد انه يوجد ما هو أفضل منها، وهو ما اسميته بنظرية «التعيين»، ذلك بأن مواصفات من له أهلية الحكم تكاد تكون مجمعا عليها بين البشر، مثل العدالة والحزم والإرادة والرحمة والعلم والشجاعة والإخلاص والعطاء، فإذا تمكنا من جعل وسائل اثبات لهذه الصفات التي هي محل اجماع من قبيل الشهادات والسيرة العلمية وغير ذلك، واستطعنا تثقيف الناس بقبول الأفضل في انطباق المواصفات عليه، فإذا استوى في ذلك مجموعة فليعين من كانت المواصفات فيه أكثر وملخص النظرية ان تشكل لجان متخصصة وان توضع صفات متوافق عليها وتوضع مقابل كل صفة يحــصل عليها المتنافس علامة أو درجة والذي يأخذ علامات أكثر هو الذي ينال المنصب، سواء كان رئيسا أو وزيرا أو رئيس بلدية».

على أي أساس تشكل اللجان، ومن يقوم باختيارها؟
- اللجان تشكل من أهل الاختصاص، وتكون جماعية الوجه السياسي للكل الاجتماعي، والذي يجري الانتخابات يجب ان يضع مميزات للمتنافسين، والمميزات تكون مأخوذة من أهل الاختصاص المشكلة منهم اللجان، سواء علماء نفس أو علم اجتماع أو فقهاء حتى يضعوا المواصفات المطلوبة في المتنافس ولو امعنت النظر في النظرية ستلاحظ ان اللجان سيكون دورها ثانويا لأن الصفات التي سوف تضعها سيكون عليها اتفاق من كل البشر وتلك اللجان تكون فيها نسبة الأخطاء، قليلة جدا، وحدود الأهواء محدودة جدا عكس الانتخابات التي انتخب فيها شخص قريب لي وربما قد لا يكون عنده كفاءة».
ومن اهم مميزات هذه النظرية انها تأتي بالحد الأدني للجدارة، ولكن لا يمكن ان تتعدى الخط الأحمر، ويأتي شخص ليس لديه كفاءة، مثلما يحدث في الانتخابات، فالحد الأدنى محافظ عليه في هذه النظرية، وربما يأتي في المرات التالية اشخاص أفضل وتتبلور النظرية أكثر وأكثر.

وأنا اقول ليس من أول مرة سنصل الى الجودة المطلوبة ولكننا سوف نحافظ على مستوى معين للحد الأدنى من الجدارة، واعتقد ان هذه النظرية لو تممناها ونشرناها ستكون بديلا افضل من الانتخابات، وستكون الطريقة الوحيدة للاتيان بالأصلح في المناصب».

ومسألة الاتيان بالاصلح عن طريق المواصفات كانت موجودة في الاسلام متمثلة في نظام المرجعية عند الشيعة والامامية عند اهل السنة، فالامام عند الشيعة يجب ان يكون هو الاعلم والاروع والانقى ويكون من نسل طاهر الى آخره من الصفات التي تميزه عن غيره ولذلك اقول ان نظام اختيار المرجعية عند الشيعة جداً راق حيث الاختيار التلقائي الذي ياتي بالافضل عكس الاختيار عن طريق الانتخاب الذي ربما يأتي بغير الأهل لتولي المنصب.

ومن هنا حفظت المرجعية على الرغم من عدم وجود انتخابات والامر نفسه عند امام الجماعة فيجب ان تتوافر فيه شروط ومثال لذلك لو توافر امامان على امامة الصلاة ماذا يفعلان؟ يسألان المصلين عن الأورع والأتقى والأعلم والأفقه، وغيرها من الشروط التي يجب توافرها في الامام.
ولذلك نقول ايضا ان امام الجماعة نموذج صغير من بعض النماذج، والمرجعية نموذج كبير، فإذا استطعنا ان ننطلق من هذا الاساس في اختيار المواقع التي تدير شؤون البلاد فأعتقد ان النظرية سيكون لها رواج عالمي في المستقبل».

عودة الى نظام الانتخابات، ما الرأي الفقهي في الانتخابات؟
- بالنسبة للرأي الفقهي في الانتخابات، القرآن الكريم حدد نمطين من الآيات الكريمة، آيات تقول «وأمرهم شورى بينهم»، وظاهرها ان الناس هم أصحاب القرار، وآيات تقول «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون»، فالحكم اذن لله، قسم يقول الأمر للناس والآخر يقول ان الحكم لله، ولذلك كانت الأحكام منقسمة الى قسمين، أحكام جعلية مثل الخمر حرام والماء حلال، وأحكام تدبيرية تحتاج الى أمير أو الى رئيس لتدبير الأمور، وهذا الأمير أو الرئيس لا يمكنه ان يشرع تشريعات ربانية بمعنى انه ليس بقادر ان يقول ان الخمر حلال أو حرام، فهذا الحكم لله، بل يمكن له ان يشرع في الأمور التدبيرية الحياتية، مثلما هو معمول به في قرارات الوزارات المختلفة الخاصة بإدارة شؤون الأفراد»، ولهذا يمكن القول ان الآيتين ليستا متناقضتين وقد ورد ذلك في نهج البلاغة في قول الامام علي بن ابي طالب عندما وصله قول الخوارج«ان الحكم إلا لله»، فقال كلمته التاريخية «كلمة حق يراد بها باطل».

فالله خلق الكون والتشريعات له، ولكن الناس هي التي تنتخب أميرا ورئيسا حتى تتدبر أمورها، ولا بد للناس من امام يؤمن الطريق والسبل حتى تسير الدولة في نظام والناس من دون نظام لا يستطيعون العيش، ولذلك اجمع العلماء والفقهاء على ان حفظ المال العام واجب شرعي والنظام العام فيه مصالح الناس».

عن الأمور التدبيرية والتشريعية، مثلا انتم رفضتم طرح الزواج المدني، لأنه يدخل في أمر تشريعي مخالف للدين؟ هل يمكن ان توضح لنا الثغرات الموجــودة في الزواج المدني؟
- البرلمان اللبناني أقر الزواج المدني، وكان هناك خلط بين الأمور التشريعية والتدبيرية، فالأمور التشريعية لله عز وجل»، فمشكلة الزواج المدني في لبنان اتسعت لماذا؟ لأنهم لا يعرفون معنى الزواج المدني، وقبل فترة طرحت فكرة الزواج المدني في نظام كتيبات وزعت في الجامعات اللبنانية وأحدثت نوعا من«الهمروجة».

فمسألة الزواج المدني كانت مسألة سياسية أكبر من كونها مشكلة اجتماعية، ولكن المشكلة الأكبر كانت في الذين أقروا الزواج المدني فهم كانوا لا يعرفون معناه.
ومن هنا أصدرت كتابا بينت فيه معنى الزواج المدني ووزع في جامعات لبنان وأدى بالفعل الى قلب الرأي العام، وفندت فيه المتغيرات والتصورات حول الزواج المدني بأنه يساعد على وقف الحرب الأهلية، وبينت خطأ معتقداتهم بالاثباتات وضربت لهم أمثلة ايام حرب البوسنة عندما طبق الزواج المدني لمدة 70 عاما لغرض وقف الحرب الأهلية ولكنها لم تقف، وايضا في ايرلندا عندما كانت هناك حرب ناشبة بين الكاثوليك والبروتستانت وطبق الزواج المدني وفشل في ايقاف الحرب الأهلية، ولهذا قلت: متى كان الزواج المدني يمنع وقوع الحرب الأهلية؟

فلنمنع الحرب الأهلية لا بد ان نعرف بعضنا البعض، هكذا يمكن ان تقف الحرب الأهلية بالثوابت السياسية الكبرى.

واذا كان للذين أرادوا اقرار الزواج المدني اغراض أخرى غير ايقاف الحرب الأهلية، كتسهيل شروط الزواج، فالاسلام يسر الزواج.

البعض يعتقد ان الزواج المدني يعطي حرية اكثر عكس الزواج التقليدي، فما رأيك؟
- انا تخصصت في دراسة الزواج المدني وقرأته كثيرا، ووجدت ان هناك خمسة مشاريع للزواج المدني كل مشروع أو كل قانون يختلف عن الآخر، فالذين يريدون الزواج المدني كانوا يعتقدون انه يمنح الحرية، وهو ضد الحرية، ومثال لذلك «الغيبة المنقطعة»، فأحد قوانين الزواج المدني تقول: «اذا غابت الزوجة عن زوجها وتركته لا يحق للزوج ان يقيم دعوى طلاق قبل مرور خمس سنوات على الأقل من غيابها، ولو افترضنا انه أقام دعوى بعد خمس سنوات فهذه الدعوى سوف تستغرق اجراءاتها أربع سنوات اضافية، لتصل الى تسع سنوات والمشكلة ان الزوج أو الزوجة لا يستطيع ان يتزوج لأن الزواج المتعدد ممنوع ولا يستطيع ان يطلق.

وهناك سلبيات أخرى يحويها قانون الزواج المدني، فالطلاق بالتراضي ممنوع، اذن اصبح الزواج المدني سجنا كبيرا بدل الحرية التي كانوا ينشدونها!».

انتم تدعون الى تعارف الحضارات، فهل التعارف يوصل الى الغاية المنشودة في التعامل بين الشعوب؟
- لو عدنا سريعا الى موضوع الانتخابات ونظرية الاصطفاء او التعيين» للاحظت انهم يريدون الانتخابات من أجل تنظيم الصراع على السلطة، وفي نظرية التعيين تحاول ان تنقل الصراع على السلطة الى تنافس عليها! «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون» فالتنافس على السلطة شيء والصــراع عليــها شيء آخر».

ومن هنا نصل الى الغاية المنشودة من تعارف الحضارات النظرية المضادة لنظرية صراع الحضارات، وسبق لي ان تحدثت في جامعة «أوتاوا» وكانت هناك محاضرة عن العولمة من وجهة النظر الاسلامية، والفرق بينها وبين العالمية، وأوضحت الفرق الشاسع بين المفهومين لأن العولمة معناها السيطرة وسلك اي طريق حتى ولو كان بالقوة على حساب ثقافات الشعوب، على عكس العالمية التي تدعو الى تعارف الشعوب وتلاقيها، وان تتبادل الشعوب ثقافات بعضها البعض، يما يناسب كل ثقافة، خاصة ان العالم اصبح قرية صغيرة بسبب ثورة الاتصالات.

ومن هنا يشير المولى عز وجل الى معنى جميل جدا لو نستطيع ان نطبقه «يا ايها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، فالمولى عز وجل بدأ بقوله «إنا خلقناكم من ذكر وأنثى» ليعني ان الدنيا بطبيعتها متنوعة لا حيوية في الحياة ولا جمال فيها من دون نفع، ولكن جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، وذلك لغاية التعارف تحت سقف «إن أكرمكم عند الله أتقاكم» تلك التقوى العميقة التي ينظر فيها الانسان الى المولى عز وجل في كل حركة وسكنة، ولا ينظر الى مصالحه الشخصية ويبيح لنفسه ان يفتح المجازر ويدمر الشعوب لأجل مصالحه الشخصية، أو بمعنى استباحة الشعوب لأجل مصلحة أمة»، فتقوى الله هي الأساس ومن هنا جاءت فكرة تعارف الحضارات قبل حوار الحضارات وتفاعل الحضارات، فالتعارف مهم جدا لأني لو لم أعــرفك سوف أظلمك وتتكون في ذهني صورة خاطئة عنك، ولهذا فالمسلمون الآن في العالم يظلمون، لأنه صور للعالم ان الاسلام دين تعدد الزوجات ودين منفصل عما حوله.

ولو سألت شخصا في أوروبا عن ماهية الاسلام؟ قال لك انه دين السيف ودين تعدد الزوجات، بمعنى انه «دين نساء وعنف»، فتلك الصورة مرسومة في اذهان الفئة الكبرى في المجتمعات الغربية، عدا النخب القليلة جدا الواعية والمثقفة، وهم لا يشكلون واحدا من الف من المجموع العام لماذا؟ لأن هناك جهلا بحقيقة الاسلام، و هم حرموا أنفسهم من الاستفادة من مبادئ وحضارة الاسلام وباتوا خاسرين، ونحن كذلك إذا كنا لا نعرف احدا آخر فسوف نقع في دائرة الخاسرين ايضا».

وأكبر مثال على ذلك ما يحصل بين المسلمين بعضهم البعض، وهذه من كبرى المشاكل التي خلفها الجهل، ولكن اذا عرفنا بعضنا البعض تنتهي القصة بكل هدوء وتنتهي الكثير من المشاكل».
ومن هنا أحب ان أؤكد ان مسألة تعارف الحضارات مسألة مهمة جدا، وانا في رأيي انها تقابل نظرية صراع الحضارات كما قال السيد خاتمي في موضوع حوار الحضارات.

على أي أساس بنيت نظرية صراع الحضارات، وما صحتها من وجهة نظرك؟
- نظرية صراع الحضارات نظرية غير سليمة وذلك بسبب واحد، وهو انني أتحدى أحدا ان يثبت لي ان الحضارات تتصارع، بل ان الصراع دائما يتجسد في المصالح التي تلبث ثوب حضارة، وتقول عن نفسها «انني ممثل هذه الحضارة وأريد ان أنشرها وبهذه الطريقة تغزو العالم ولكن تغزوه من أجل مصالحها، والدليل ايضا على ان المسألة صراع مصالح وليس صراع حضارات، واعطوني مناطق العالم التي لا توجد لها أهمية استراتيجية أو سياسية أو اقتصادية، هل هناك أحد يتصارع عليها بالطبع لا، لأنها تفتقر الى مقومات الإغراء، وغدا ربما تكتشف في مثل هذه المناطق ثروات فيحدث عليها تكالب وتسارع من أجل المصالح فقط، فلماذا التصارع على المناطق التي تحوي النفط والمعادن؟

لماذا التصارع قائم بين بريطانيا واسبانيا على منطقة جبل طارق؟ لأنها مناطق استراتيجية عكس مناطق القطبين الشمالي والجنوبي، ولذلك أعتقد انه لو تم تعارف الحضارات في العالم بشكل سليم فإن أكثر مشاكل الدنيا تنتهي، وعندها نكون لسنا في حاجة الى مجلس الأمن أو الى أمم متحدة ولا يحزنون»، فالحضارات كونها انسانية لا تتصارع، وانما الذي تتصارع هي المصالح التي تلبس ثوب الحضارات وتريد فرض سيطرتها».

هل تعتقد ان غياب عملية التعارف بشكل سليم بين ابناء البلد الواحد تؤدي الى نشوب الحرب، مثلما يحدث الآن في العراق أو كما حدث من قــبل في لبنان؟

- نعم بكل تأكيد، فجهل الآخر للآخر كان من أهم اسباب الحرب الأهلية التي قامت في لبنان.
وأقول ان أحسن طريقة، ان صح التعبير لايجاد ثورات وفتن هو الجهل، واذا أردت ان تصنع حربا فلا بد من ان تعبئ الطرفين ضد بعضهما لأن الجهل من أفضل التربات الخصبة للحروب».

وانا لدي قناعة ان أكثر الشعوب لديها قيم مشتركة وجميلة لو تم تعارفها ستكون البشرية في أمان تلك القيم الانسانية الموجودة في الاسلام والمسيحية وحتى في الديانة البوذية توجد قيم جميلة».
ولكن الاســــلام يختلف عن باقــي الديانــــــات في ان القيم الموجودة فيه محاطة بالتشريعات والأحكام».