yasmeen
04-27-2006, 10:21 AM
د نجم عبد الكريم
المتابع لحمّى معارك انتخابات الرئاسة الأمريكية، يكتشف أنه صراعٌ تُستخدم فيه كافة أنواع الأسلحة المعنوية والمادية، وأحياناً القانونية.
ولكن في حكايتنا لقرّاء إيلاف اليوم سنقف أمام لمحاتٍ من تاريخ الرئيس الأمريكي السابع (آندرو جاكسون)، لنسلّط بصيصاً من الضوء على معاناته، عندما تعرضت زوجته المحبوبة إلى حملة تشويهٍ يوم وجِّهت إليها تهمة الخيانة، وارتكاب الإثم، لأن أعداء جاكسون، استخدموا تلك القاعدة التي تقوم على مقولة شهيرة: (إذا أردت أن تنال من خصمك، فهاجمه في زوجته!!)، وهي قاعدة طبقتها حروب النذالة على امتداد التاريخ، وبكل أسف، كثيراً ما تأتي ثمارها الكريهة أكلها!!
كان آندرو جاكسون أحد ضحايا تلك القاعدة، وظلّت آثارها ملازمة له حتى آخر يوم في حياته، وقد اتضح ذلك من كلماته الأخيرة، قبل أن يسلم الروح إلى بارئها، حيث قال:
" في استطاعتي أن أغفر لكل من أخطأ في حقي، ولكنني في حاجة إلى عون كبير من الله ليهبني القدرة على أن أعفو عن أولئك الذين ألحقوا الأذى بسمعة زوجتي.."
تحرير الوطن:
الحرب بين الولايات المتحدة، والاستعمار البريطاني على أشدّها، والمطالبون باستقلالهم يقاومون قوة وشراسة المحتلين في استماتة.. في إحدى هذه المواجهات والمعارك الطاحنة، وقع الفتى (آندرو جاكسون) أسيراً في أيدي البريطانيين، وحققوا معه بقسوة في سبيل أن يدلّهم على موقع قائده (توماس جيفرسون)، وتحت التعذيب أذعن على أن يأخذهم إلى بيت القائد.. ولكنه استخفّ بهم، بعد أن طوّحهم في العراء في خديعةٍ منه، لكي يطيل المسافة أولاً، وليكونوا في العراء المكشوف، فترمقهم عيون (جيفرسون)، فيركن إلى الفرار من ملاحقتهم له.
ولما أدرك الإنجليز بالخديعة، أخذوا (آندرو جاكسون) إلى سجن كامدن، ولقى فيه أهوالاً ملأت قلبه حقداً على المستعمر، بعد أن رأى النساء يلقين حتفهنّ من الجوع والإهمال، وأطفالاً يولدون اليوم ليموتوا في الغد، ناهيك عن تفشّي الأمراض، فالجدري كان يقضي على المساجين، بل حتى الحرّاس كانوا يموتون من الجوع الواحد بعد الآخر.
الانتصار:
ولما تمكن جورج واشنطن من تحقيق الانتصار، بعد أن ألحق بالإنجليز الهزيمة بعد الهزيمة، فحرر بلاده ليغدو أول رئيس منتخب لها، وخرج (آندرو جاكسون) من سجن كامدن ليعيش في مدينة (ساليسبري) وبعد أن درس القانون، واشتغل بالمحاماة، حمل البندقية من جديد، ليتوجه إلى مدينة كامبرلاند، لأن الفرنسيين هناك كانوا يحاولون أن يحلّوا محلّ الإنجليز، فجوبهوا بمواجهةٍ عنيفة، اضطرتهم إلى أن يبيعوا الأماكن التي احتلوها، وبعد أن قبضوا الثمن، أعطوا كل ما لديهم من أسلحة وعتاد إلى الهنود الحمر، لكي يكيدوا للجمهورية الوليدة بإثارة الهنود عليها بشنّ غاراتٍ يستخدمون فيها الأسلحة التي تركها الفرنسيون.
في مدينة كمبرلاند، أقام (جاكسون) في دارٍ لرجلٍ عُرف عنه حُبّه الجمّ لجمع المال، وكان يتعامل مع الفرنسيين، كما يتعامل الآن مع الهنود الحمر.. ولذا نجده كثيراً ما كان يحذّر (آندرو جاكسون) بألا يستخدم سكنه لعقد اجتماعات تُكرّس لاتخاذ قرارات وخطط لمهاجمة الهنود الحمر.
وحدثت في مدينة كمبرلاند مناوشات ومعارك بين الهنود ورجال المقاومة الذين يرأسهم (توماس جيفرسون)، وذات يوم، وبينما كان هو نائماً، وإذا بزوجة ذلك الرجل توقظه من النوم قائلةً:
" أرجو أن تكون قد نلت قسطاً من الراحة، لأنك قاتلت ليومين وليلتين بشكلٍ متواصل دون راحة ودون طعام.." .. ثم قدمت له الطعام.. وأخذت على عاتقها مهمة القيام على راحته وشؤونه، مما جعلها تحتل مكانةً من الاحترام والتقدير في نفسه، لكنه جاهد ليخفي مشاعره تلك عن الجميع.. إلا أنه اضطر يوماً لأن يتدخل، كي يمنع عنها أذى زوجها السكير، والعصبي المزاج، لكن الزوج صاح فيه:"لست أقبل منك أيها الضابط أندرو أن تتدخل بيني وبين زوجتي !!.. إنك تستأجر مكانا للإقامة في هذا المنزل، ولك حق استعمال غرفة الطعام، ولكن ليس لك ما هو أكثر من هذا!!.. أسمعت؟!.. إنك كبقية المغرورين الذين يعتقدون أن في استطاعتهم تجربة سحر شبابهم مع زوجتي!!.. إني أُحذّرك!!.. لو رأيتك تبتسم لزوجتي مرة أخرى، أو تتحدث إليها على انفراد، فسوف...!!.. وهنا يتدخل (آندرو جاكسون) مقاطعاً إياه، قائلاً له بأدبٍ جمّ: "سيدي أكرر لك اعتذاري، ولكنني أرجوك ألا تسيء فهم مقاصدي".. فيجيبه الزوج: "أعرف قصدك.. إنها قذرة كوجهك!!.."
واستبدّ الغضب بـ (آندرو جاكسون)، خاصةً وأن الرجل أخذ يوجه إليه سيل الاتهامات أمام حشدٍ من النزلاء، وبعد أن تمالك أعصابه، وجّه جاكسون كلامه إليه: "إذا كنت رجلاً شريفاً كما تدّعي، عليك أن تكفر عن زلة لسانك هذه، وأن تحدد الزمان والمكان لمبارزةٍ بيني وبينك، ومن حقك أن تختار السلاح الذي تحسن استخدامه؟!!"
فتدخلت الزوجة، وقالت لـ (آندرو جاكسون): " إنه لا يحسن سوى التكالب على جمع النقود، واحتساء الخمر.. فأرجوك بحق السماء، أن تقبل اعتذاري عن الإهانة التي وجهها إليك".
.. فما كان من زوجها (روبار) الكريه، إلا أن صفعها، وأمرها بالرحيل إلى أهلها في مدينة ناشفيل وهناك عاشت لأكثر من عامين منتظرة أوراق طلاقها، و في خلال هذه الفترة، لم تنقطع زيارات (آندروجاكسون) لها، حيث تولد من التقدير والاحترام الحب بين قلبيهما.
ولما تلقت أوراق طلاقها، سألها (آندرو): إن كانت ترغب بالزواج منه، لأنه يجدها المرأة المناسبة له.. فأجابته: أنت تعرف يا (آندرو) إجابتي على سؤالك، ولكني لا أريد أن أحيل بينك وبين مستقبلك المشرق، و زواجي منك سيقضي على كل آمالك، فـ (روبار) زوجي السابق أعطى مبرراً لطلاقي منه، بأنني هربت معك إلى (ناشفيل)، وبعد هذا أخذ الناس يتهمونني بالخيانة الزوجية، وقد جلبت العار لسمعة عائلتي، وغدوت طريدةً للمجتمع.. حتى أنت أيها الرجل النبيل، قد ورد اسمك فيما نُشِر عنّي بغمزات لا تخلو من إهانة!!"
قال لها: "علينا أن نوجه كل هذه العقبات، وإنني على ثقة أنها ستتضاءل أمام صِدقنا .. وحُبّنا".
مرحلة جديدة!!
وتزوجا.. وفي غمرة سعادتهما، يدق ناقوس الحرب مرةً أخرى، عندما حاولت انجلترا القيام باحتلال الولايات المتحدة من جديد، فهاجمتها من الجنوب بأسطولها البحري.. ويتولى (آندرو جاكسون) قيادة قوات الدفاع البرية والبحرية... وعندما وقف خطيباً أمام الجنود قال:
".. أيها المواطنون، لا يمكن لنا أن نعود ثانيةً إلى حياة العبودية تحت نير الاستعمار البريطاني، ولهذا سنواجه البريطانيين بزئيركم، وسندافع عن جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية إلى آخر قطرة من دمنا.."
وانتصر (آندرو جاكسون) حيث أغرق الأسطول البريطاني في خليج المكسيك، وبانتهاء الحرب، تحققت له أسمى طموحاته، عندما حصل على رتبة (جنرال).
ويعيش الزوجان في أنعم وأرغد حياة زوجية يحلم بها إنسان، فعندما تم ترشيح (آندرو جاكسون) لرئاسة الجمهورية، أخذت صحف الحزب الجمهوري تهاجمه بعنفٍ وبشدة، بعد أن أخذ الزوج السابق لزوجة (جاكسون) بالمطالبة بعودتها ثانيةً... إلى عصمته، بعد أن زعم أنها لا زالت زوجته، وبالتالي أخذ يطالبها بالعودة إليه!!.. لكن المرشّح الجديد للرئاسة الأمريكية يقول لزوجته: "لا عليك يا حبيبتي، سنحاربه في المحاكم إلى آخر يوم في حياتنا.."
وكتبت إحدى صحف الحزب الجمهوري كلاماً جارحاً، نجتزىء سطوراً منه:
" على الأمريكيين أن يفكروا جيداً قبل أن يصلوا إلى صناديق الانتخاب، وليسألوا أنفسهم هذا السؤال: لمصلحة من نضع في البيت، على رأس المجتمع النسائي في أمريكا كلها، امرأة من طراز راكيا روبار، التي لم تُطلَّق من زوجها، ومع هذا فهي تعيش دون زواج مع الرجل الذي يريد أن يجلس في البيت الأبيض؟!..
كيف نبرر هذا لأنفسنا، وللأجيال المقبلة..؟!"
.. وتداعت الزوجة المسكينة تحت الضربات القاسية.. ففي كل مكان تذهب إليه، تسمع الهمسات القاسية والمتجنية.. وصار الاتهام بالخيانة والإثم.. ملاحقاً لها في كل الولايات المتحدة.
.. و(روبار) الخبيث اكتظت جيوبه بآلاف الدولارات التي أخذ يغدق بها عليه خصوم (جاكسون) السياسسيين.
وصار... يكتب بأسلوب درامي قصصاً مخترعة ملفّقة، عن محاولات آندرو جاكسون في التخطيط لاختطاف زوجته منه.
وصدر الحكم!!..
وقبل أن يصدر الحكم بتبرئة الزوجة المسكينة من تهمة الحياة الآثمة والخياتة الزوجية، كان الموت لها بالمرصاد.
وظلّ (آندرو جاكسون) يعيش حياةً حزينة، رغن أنه انتُخب لرئاسة بلاده مرتين متتاليتين.
وبعد أحد عشر عاماً على وفاتها، لم يكن في مكتبه، وفي غرفة نومه، سوى صورة كبيرة لها.. وعندما اقتربت ساعته، أشار إلى تلك الصورة بعينيه وقال:
" ادفنوني إلى جانبها".
المتابع لحمّى معارك انتخابات الرئاسة الأمريكية، يكتشف أنه صراعٌ تُستخدم فيه كافة أنواع الأسلحة المعنوية والمادية، وأحياناً القانونية.
ولكن في حكايتنا لقرّاء إيلاف اليوم سنقف أمام لمحاتٍ من تاريخ الرئيس الأمريكي السابع (آندرو جاكسون)، لنسلّط بصيصاً من الضوء على معاناته، عندما تعرضت زوجته المحبوبة إلى حملة تشويهٍ يوم وجِّهت إليها تهمة الخيانة، وارتكاب الإثم، لأن أعداء جاكسون، استخدموا تلك القاعدة التي تقوم على مقولة شهيرة: (إذا أردت أن تنال من خصمك، فهاجمه في زوجته!!)، وهي قاعدة طبقتها حروب النذالة على امتداد التاريخ، وبكل أسف، كثيراً ما تأتي ثمارها الكريهة أكلها!!
كان آندرو جاكسون أحد ضحايا تلك القاعدة، وظلّت آثارها ملازمة له حتى آخر يوم في حياته، وقد اتضح ذلك من كلماته الأخيرة، قبل أن يسلم الروح إلى بارئها، حيث قال:
" في استطاعتي أن أغفر لكل من أخطأ في حقي، ولكنني في حاجة إلى عون كبير من الله ليهبني القدرة على أن أعفو عن أولئك الذين ألحقوا الأذى بسمعة زوجتي.."
تحرير الوطن:
الحرب بين الولايات المتحدة، والاستعمار البريطاني على أشدّها، والمطالبون باستقلالهم يقاومون قوة وشراسة المحتلين في استماتة.. في إحدى هذه المواجهات والمعارك الطاحنة، وقع الفتى (آندرو جاكسون) أسيراً في أيدي البريطانيين، وحققوا معه بقسوة في سبيل أن يدلّهم على موقع قائده (توماس جيفرسون)، وتحت التعذيب أذعن على أن يأخذهم إلى بيت القائد.. ولكنه استخفّ بهم، بعد أن طوّحهم في العراء في خديعةٍ منه، لكي يطيل المسافة أولاً، وليكونوا في العراء المكشوف، فترمقهم عيون (جيفرسون)، فيركن إلى الفرار من ملاحقتهم له.
ولما أدرك الإنجليز بالخديعة، أخذوا (آندرو جاكسون) إلى سجن كامدن، ولقى فيه أهوالاً ملأت قلبه حقداً على المستعمر، بعد أن رأى النساء يلقين حتفهنّ من الجوع والإهمال، وأطفالاً يولدون اليوم ليموتوا في الغد، ناهيك عن تفشّي الأمراض، فالجدري كان يقضي على المساجين، بل حتى الحرّاس كانوا يموتون من الجوع الواحد بعد الآخر.
الانتصار:
ولما تمكن جورج واشنطن من تحقيق الانتصار، بعد أن ألحق بالإنجليز الهزيمة بعد الهزيمة، فحرر بلاده ليغدو أول رئيس منتخب لها، وخرج (آندرو جاكسون) من سجن كامدن ليعيش في مدينة (ساليسبري) وبعد أن درس القانون، واشتغل بالمحاماة، حمل البندقية من جديد، ليتوجه إلى مدينة كامبرلاند، لأن الفرنسيين هناك كانوا يحاولون أن يحلّوا محلّ الإنجليز، فجوبهوا بمواجهةٍ عنيفة، اضطرتهم إلى أن يبيعوا الأماكن التي احتلوها، وبعد أن قبضوا الثمن، أعطوا كل ما لديهم من أسلحة وعتاد إلى الهنود الحمر، لكي يكيدوا للجمهورية الوليدة بإثارة الهنود عليها بشنّ غاراتٍ يستخدمون فيها الأسلحة التي تركها الفرنسيون.
في مدينة كمبرلاند، أقام (جاكسون) في دارٍ لرجلٍ عُرف عنه حُبّه الجمّ لجمع المال، وكان يتعامل مع الفرنسيين، كما يتعامل الآن مع الهنود الحمر.. ولذا نجده كثيراً ما كان يحذّر (آندرو جاكسون) بألا يستخدم سكنه لعقد اجتماعات تُكرّس لاتخاذ قرارات وخطط لمهاجمة الهنود الحمر.
وحدثت في مدينة كمبرلاند مناوشات ومعارك بين الهنود ورجال المقاومة الذين يرأسهم (توماس جيفرسون)، وذات يوم، وبينما كان هو نائماً، وإذا بزوجة ذلك الرجل توقظه من النوم قائلةً:
" أرجو أن تكون قد نلت قسطاً من الراحة، لأنك قاتلت ليومين وليلتين بشكلٍ متواصل دون راحة ودون طعام.." .. ثم قدمت له الطعام.. وأخذت على عاتقها مهمة القيام على راحته وشؤونه، مما جعلها تحتل مكانةً من الاحترام والتقدير في نفسه، لكنه جاهد ليخفي مشاعره تلك عن الجميع.. إلا أنه اضطر يوماً لأن يتدخل، كي يمنع عنها أذى زوجها السكير، والعصبي المزاج، لكن الزوج صاح فيه:"لست أقبل منك أيها الضابط أندرو أن تتدخل بيني وبين زوجتي !!.. إنك تستأجر مكانا للإقامة في هذا المنزل، ولك حق استعمال غرفة الطعام، ولكن ليس لك ما هو أكثر من هذا!!.. أسمعت؟!.. إنك كبقية المغرورين الذين يعتقدون أن في استطاعتهم تجربة سحر شبابهم مع زوجتي!!.. إني أُحذّرك!!.. لو رأيتك تبتسم لزوجتي مرة أخرى، أو تتحدث إليها على انفراد، فسوف...!!.. وهنا يتدخل (آندرو جاكسون) مقاطعاً إياه، قائلاً له بأدبٍ جمّ: "سيدي أكرر لك اعتذاري، ولكنني أرجوك ألا تسيء فهم مقاصدي".. فيجيبه الزوج: "أعرف قصدك.. إنها قذرة كوجهك!!.."
واستبدّ الغضب بـ (آندرو جاكسون)، خاصةً وأن الرجل أخذ يوجه إليه سيل الاتهامات أمام حشدٍ من النزلاء، وبعد أن تمالك أعصابه، وجّه جاكسون كلامه إليه: "إذا كنت رجلاً شريفاً كما تدّعي، عليك أن تكفر عن زلة لسانك هذه، وأن تحدد الزمان والمكان لمبارزةٍ بيني وبينك، ومن حقك أن تختار السلاح الذي تحسن استخدامه؟!!"
فتدخلت الزوجة، وقالت لـ (آندرو جاكسون): " إنه لا يحسن سوى التكالب على جمع النقود، واحتساء الخمر.. فأرجوك بحق السماء، أن تقبل اعتذاري عن الإهانة التي وجهها إليك".
.. فما كان من زوجها (روبار) الكريه، إلا أن صفعها، وأمرها بالرحيل إلى أهلها في مدينة ناشفيل وهناك عاشت لأكثر من عامين منتظرة أوراق طلاقها، و في خلال هذه الفترة، لم تنقطع زيارات (آندروجاكسون) لها، حيث تولد من التقدير والاحترام الحب بين قلبيهما.
ولما تلقت أوراق طلاقها، سألها (آندرو): إن كانت ترغب بالزواج منه، لأنه يجدها المرأة المناسبة له.. فأجابته: أنت تعرف يا (آندرو) إجابتي على سؤالك، ولكني لا أريد أن أحيل بينك وبين مستقبلك المشرق، و زواجي منك سيقضي على كل آمالك، فـ (روبار) زوجي السابق أعطى مبرراً لطلاقي منه، بأنني هربت معك إلى (ناشفيل)، وبعد هذا أخذ الناس يتهمونني بالخيانة الزوجية، وقد جلبت العار لسمعة عائلتي، وغدوت طريدةً للمجتمع.. حتى أنت أيها الرجل النبيل، قد ورد اسمك فيما نُشِر عنّي بغمزات لا تخلو من إهانة!!"
قال لها: "علينا أن نوجه كل هذه العقبات، وإنني على ثقة أنها ستتضاءل أمام صِدقنا .. وحُبّنا".
مرحلة جديدة!!
وتزوجا.. وفي غمرة سعادتهما، يدق ناقوس الحرب مرةً أخرى، عندما حاولت انجلترا القيام باحتلال الولايات المتحدة من جديد، فهاجمتها من الجنوب بأسطولها البحري.. ويتولى (آندرو جاكسون) قيادة قوات الدفاع البرية والبحرية... وعندما وقف خطيباً أمام الجنود قال:
".. أيها المواطنون، لا يمكن لنا أن نعود ثانيةً إلى حياة العبودية تحت نير الاستعمار البريطاني، ولهذا سنواجه البريطانيين بزئيركم، وسندافع عن جمهورية الولايات المتحدة الأمريكية إلى آخر قطرة من دمنا.."
وانتصر (آندرو جاكسون) حيث أغرق الأسطول البريطاني في خليج المكسيك، وبانتهاء الحرب، تحققت له أسمى طموحاته، عندما حصل على رتبة (جنرال).
ويعيش الزوجان في أنعم وأرغد حياة زوجية يحلم بها إنسان، فعندما تم ترشيح (آندرو جاكسون) لرئاسة الجمهورية، أخذت صحف الحزب الجمهوري تهاجمه بعنفٍ وبشدة، بعد أن أخذ الزوج السابق لزوجة (جاكسون) بالمطالبة بعودتها ثانيةً... إلى عصمته، بعد أن زعم أنها لا زالت زوجته، وبالتالي أخذ يطالبها بالعودة إليه!!.. لكن المرشّح الجديد للرئاسة الأمريكية يقول لزوجته: "لا عليك يا حبيبتي، سنحاربه في المحاكم إلى آخر يوم في حياتنا.."
وكتبت إحدى صحف الحزب الجمهوري كلاماً جارحاً، نجتزىء سطوراً منه:
" على الأمريكيين أن يفكروا جيداً قبل أن يصلوا إلى صناديق الانتخاب، وليسألوا أنفسهم هذا السؤال: لمصلحة من نضع في البيت، على رأس المجتمع النسائي في أمريكا كلها، امرأة من طراز راكيا روبار، التي لم تُطلَّق من زوجها، ومع هذا فهي تعيش دون زواج مع الرجل الذي يريد أن يجلس في البيت الأبيض؟!..
كيف نبرر هذا لأنفسنا، وللأجيال المقبلة..؟!"
.. وتداعت الزوجة المسكينة تحت الضربات القاسية.. ففي كل مكان تذهب إليه، تسمع الهمسات القاسية والمتجنية.. وصار الاتهام بالخيانة والإثم.. ملاحقاً لها في كل الولايات المتحدة.
.. و(روبار) الخبيث اكتظت جيوبه بآلاف الدولارات التي أخذ يغدق بها عليه خصوم (جاكسون) السياسسيين.
وصار... يكتب بأسلوب درامي قصصاً مخترعة ملفّقة، عن محاولات آندرو جاكسون في التخطيط لاختطاف زوجته منه.
وصدر الحكم!!..
وقبل أن يصدر الحكم بتبرئة الزوجة المسكينة من تهمة الحياة الآثمة والخياتة الزوجية، كان الموت لها بالمرصاد.
وظلّ (آندرو جاكسون) يعيش حياةً حزينة، رغن أنه انتُخب لرئاسة بلاده مرتين متتاليتين.
وبعد أحد عشر عاماً على وفاتها، لم يكن في مكتبه، وفي غرفة نومه، سوى صورة كبيرة لها.. وعندما اقتربت ساعته، أشار إلى تلك الصورة بعينيه وقال:
" ادفنوني إلى جانبها".