yasmeen
04-27-2006, 09:59 AM
فرج بوالعَشّة - ايلاف
من المؤكد أن التاريخ يعيد نفسه. قد تكون الإعادة هزلية، وربما أكثر مأساوية. لكن من المؤكد أن الروم والفرس قد عادوا إلى الصراع على أرض العرب. أتحدث عن الصدام الأمريكي ـ الفارسي في بداية الألفية الثالثة. مع الأخذ باعتبار أن فرس اليوم لا يعبدون النار وإنما الله الواحد الأحد الذي جاء ببيانه نبي عربي.
والمعنى أن الروم الجدد، بهرقلهم التكساسي، في البيت الأبيض، يواجهون مشكلة استراتيجية جدية. فهاهم أجنادهم يتجندلون في عراق العرب السنة، فيما الإدارة البوشية، وبجنرالاتها في البنتاغون، وجهابذتها في مجلس الأمن القومي، يتخبطون في استراتيحياتهم الفاشلة.
فلا هم قادرون على السيطرة على الوضع، في العراق، ولا هم يملكون خطة واضحة للخروج منه، بعدما ورطهم "كليم الله" التكساسي في حرب لم تكن، بأي حال من الأحوال، لمصلحة الأمريكيين، إنما كانت حرب المحافظين المتصهينين لصالح إسرائيل باستخدام، الجنود الأمريكيين وقودا لها. وكان الفرس يدركون أن العراق ليس سوى طريق فرعي إلى إيران. وكان بوش الصغير الانجليكاني يحلم أنه سيفطر في بغداد ويتغدى في دمشق، ويتعشى في طهران، وينام في مزرعة شارون. وواقع الحال أن أمريكا البوشية، بعد، ثلاثة سنوات من التورط الأحمق في العراق، تجد نفسها قد دخلت في الحرب الخطأ في الوقت الخطأ. لكنها لا تستطيع الاعتراف علنا بالفشل خشية على مصيرها السياسي. والحال جاءت الفرصة الاستراتيجية الذهبية إلى إيران. والتي لم تكن لتتوفر لها لو لم يُورط المحافظون الصهاينة الجدد القوة الأمريكية، العسكرية والمالية، في غزو العراق واحتلاله.
وهكذا بينما تجري الكثير من جيوش أنظمة العرب مناورات عسكرية مع القوات الأمريكية، وبعضها مع إسرائيل، تعتمد إيران استراتيجية أمن قومي تفسر، عمليا، المعني القرآني لمفهوم الإعداد لما يستطاع من قوة، مترجمة في بناء قوة عسكرية إقليمية ضاربة. كما تترجم رباط الخيل إلى رباط سلاح رادع شامل، يحفظ الأمة الإيرانية المسلمة، والفارسية إذا شئت، من أن تُعديها كيانات العرب المصابة بوباء الجبن والخنوع، مع الاعتذار لمحمد بن عبد الله وآل بيته، الذين أكاد أجزم أن صلتهم الروحية، اليوم، بالفرس أكثر مما هي صلتهم العرقية بالعرب!!
إذ بينما تطلق الأنظمة العربية بيانات الشجب والتنديد ، في أفضل الأحوال، وإن حتى هي لم تعد تطلقها، نجد إيران تطلق أحدث الصورايخ العابرة للحدود، وأسرع الصواريخ العابرة تحت الماء، وأقوى الطوربيدات البحرية تدميراً، والزوارق البحرية الطائرة. . . .
وبينما تعمل إيران، بجد واجتهاد، على بناء تكنولوجيا متطورة تستخدم في الصناعات الجوية والبحرية والفضائية والصاروخية وسائر الصناعات الدفاعية الأخري، وستنضم قريبا إلى نادي الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية؛نجد الأنظمة العربية الاستبدادية تعمل، بجد واجتهاد أيضا، ولكن على إدامة حكمها، واستمراره في نسل الحاكم، البليد نفسه، بمزيد من إنتاج الفساد والفاسدين، وبمزيد من تخنيع الشعوب العربية الخانعة في حالتها القطيعية، راضية مرضية. لا تهش ولا تنش. وإن كانت تشاهد مع المشاهدين تبني الإيرانيون، حكومة ومعارضة، موقفا موحدا من الغرب المتكالب ضد بلادهم، وتمسكهم بحقهم الكامل في اكتساب التكنولوجيا النووية باعتبارها البديل الحقيقي في المستقبل لثروة النفط الزائلة. وإدراكهم الواعي بأن هدف الغرب، من ملاحقة مشروع إيران النووي، هو حماية إسرائيل وجعلها، وحدها، صاحبة النفوذ والقوة المهيمنة في الشرق الأوسط. وإذا كانت الأنظمة العربية الرخوة الخانعة تقبل بذلك، فإن إيران ترفض أن تُحسب في خانة الرخويات.
وبينما يحكم إيران قائد وطني، أحمد نجادي، البسيط ملبسا وسلوكا، لكن الصلب بصلابة إرادة شعبه. يتحدث باسمه، ويدافع عن مصالحه، في مواجهة أمريكا والغرب وإسرائيل، دون خشية على كرسيه، لأنه يملك شرعية شعبية؛نجد معظم الحكام العرب، لا شرعية شعبية لهم، وبالتالي لا هم لهم إلا استرضاء بوش الصغير، حتى يسكت عن نقد أنظمتهم الاستبدادية في خطاباته. وتكون فرحتهم أوسع من فرحة العذراء ليلة دخلتها إذا ذكر أنظمتهم باستحسان، على جارى ذكره لبعض الأنظمة العربية المطيعة للسياسة الأمريكية، على أنها إنموذج للإصلاح الديموقراطي في المنطقة.
وهي الأنظمة العربية التي يُضرب فيه المثل الأمريكي على التوبة وطلب العفو عند المقدرة، كما هو الحال في إنموذج "الاستسلام الوقائي" للقذافي، بحسبانه إنموذجا مثاليا تريد أمريكا من إيران أن تتبعه. فسخرت منه. فالفرس ليسوا عربان هذا الزمان. الفرس، اليوم، هم خلفاء الأمة الإسلامية. فهم من اجبروا الأمريكان على القبول بالتفاوض معهم حول الشأن العراقي، في اعتراف أمريكي صريح بإيران كقوة إقليمية. وهي إيران، نفسها، التي وصفها بوش الصغير بأنها أحد دعائم محور الشر، ودولة إرهابية، لأنها راعية وآوية للإرهاب، وبالتالي، حسب تعاليم "كليم الله" لا يجوز التحاور أو التفاوض معها. لكن الإيرانيين يدركون أن الأمريكيين لا يحترمون إلا من يضربهم على رؤوسهم كي يراجعوا أنفسهم.
وفي الوقت الذي تتقرب أمريكا إلى إيران، علنا وسرا، من أجل التحاور معها بما يحفظ مصالحها، تتحرك السياسة الأمريكية إلى الخليج لجس نبض تشكيل محور خليجي مضاد لإيران، في محاولة لاستخدام دول الخليج في ما يشبه حرب باردة لمواجهة إيران.
وليس بمستغرب أن تُستخدم دول الخليج في إطار تكتل سني ضد ما سماها الملك الأردني، بموافقة أمريكية، قوس شيعي. وزاده الرئيس حسني مبارك بتصريحه الناري، الذي شكك فيه بوطنية شيعة العراق على حساب ولائهم لإيران. وكذلك ليس بمستغرب، في وقت من الأوقات القريبة القادمة، أن تنطلق حملة أمريكية دعائية تقودها وسائل إعلام عربية، تُعيد وصف إيران بـ"الفرس المجوس" وشيعة العراق بـ"الصفويين"الذين يريدون السيطرة على عراق الرشيد السني. ليعاد إنتاج الحطاب الدعائي الخليجي القديم في مديح صدام حسين سيف العرب، وحارس البوابة الشرقية، في صورة الصديق الأمريكي حامي "الأمة العربية" من الخطر الفارسي النووي!!!!
falasha@libya-nclo.org
من المؤكد أن التاريخ يعيد نفسه. قد تكون الإعادة هزلية، وربما أكثر مأساوية. لكن من المؤكد أن الروم والفرس قد عادوا إلى الصراع على أرض العرب. أتحدث عن الصدام الأمريكي ـ الفارسي في بداية الألفية الثالثة. مع الأخذ باعتبار أن فرس اليوم لا يعبدون النار وإنما الله الواحد الأحد الذي جاء ببيانه نبي عربي.
والمعنى أن الروم الجدد، بهرقلهم التكساسي، في البيت الأبيض، يواجهون مشكلة استراتيجية جدية. فهاهم أجنادهم يتجندلون في عراق العرب السنة، فيما الإدارة البوشية، وبجنرالاتها في البنتاغون، وجهابذتها في مجلس الأمن القومي، يتخبطون في استراتيحياتهم الفاشلة.
فلا هم قادرون على السيطرة على الوضع، في العراق، ولا هم يملكون خطة واضحة للخروج منه، بعدما ورطهم "كليم الله" التكساسي في حرب لم تكن، بأي حال من الأحوال، لمصلحة الأمريكيين، إنما كانت حرب المحافظين المتصهينين لصالح إسرائيل باستخدام، الجنود الأمريكيين وقودا لها. وكان الفرس يدركون أن العراق ليس سوى طريق فرعي إلى إيران. وكان بوش الصغير الانجليكاني يحلم أنه سيفطر في بغداد ويتغدى في دمشق، ويتعشى في طهران، وينام في مزرعة شارون. وواقع الحال أن أمريكا البوشية، بعد، ثلاثة سنوات من التورط الأحمق في العراق، تجد نفسها قد دخلت في الحرب الخطأ في الوقت الخطأ. لكنها لا تستطيع الاعتراف علنا بالفشل خشية على مصيرها السياسي. والحال جاءت الفرصة الاستراتيجية الذهبية إلى إيران. والتي لم تكن لتتوفر لها لو لم يُورط المحافظون الصهاينة الجدد القوة الأمريكية، العسكرية والمالية، في غزو العراق واحتلاله.
وهكذا بينما تجري الكثير من جيوش أنظمة العرب مناورات عسكرية مع القوات الأمريكية، وبعضها مع إسرائيل، تعتمد إيران استراتيجية أمن قومي تفسر، عمليا، المعني القرآني لمفهوم الإعداد لما يستطاع من قوة، مترجمة في بناء قوة عسكرية إقليمية ضاربة. كما تترجم رباط الخيل إلى رباط سلاح رادع شامل، يحفظ الأمة الإيرانية المسلمة، والفارسية إذا شئت، من أن تُعديها كيانات العرب المصابة بوباء الجبن والخنوع، مع الاعتذار لمحمد بن عبد الله وآل بيته، الذين أكاد أجزم أن صلتهم الروحية، اليوم، بالفرس أكثر مما هي صلتهم العرقية بالعرب!!
إذ بينما تطلق الأنظمة العربية بيانات الشجب والتنديد ، في أفضل الأحوال، وإن حتى هي لم تعد تطلقها، نجد إيران تطلق أحدث الصورايخ العابرة للحدود، وأسرع الصواريخ العابرة تحت الماء، وأقوى الطوربيدات البحرية تدميراً، والزوارق البحرية الطائرة. . . .
وبينما تعمل إيران، بجد واجتهاد، على بناء تكنولوجيا متطورة تستخدم في الصناعات الجوية والبحرية والفضائية والصاروخية وسائر الصناعات الدفاعية الأخري، وستنضم قريبا إلى نادي الدول التي تمتلك التكنولوجيا النووية؛نجد الأنظمة العربية الاستبدادية تعمل، بجد واجتهاد أيضا، ولكن على إدامة حكمها، واستمراره في نسل الحاكم، البليد نفسه، بمزيد من إنتاج الفساد والفاسدين، وبمزيد من تخنيع الشعوب العربية الخانعة في حالتها القطيعية، راضية مرضية. لا تهش ولا تنش. وإن كانت تشاهد مع المشاهدين تبني الإيرانيون، حكومة ومعارضة، موقفا موحدا من الغرب المتكالب ضد بلادهم، وتمسكهم بحقهم الكامل في اكتساب التكنولوجيا النووية باعتبارها البديل الحقيقي في المستقبل لثروة النفط الزائلة. وإدراكهم الواعي بأن هدف الغرب، من ملاحقة مشروع إيران النووي، هو حماية إسرائيل وجعلها، وحدها، صاحبة النفوذ والقوة المهيمنة في الشرق الأوسط. وإذا كانت الأنظمة العربية الرخوة الخانعة تقبل بذلك، فإن إيران ترفض أن تُحسب في خانة الرخويات.
وبينما يحكم إيران قائد وطني، أحمد نجادي، البسيط ملبسا وسلوكا، لكن الصلب بصلابة إرادة شعبه. يتحدث باسمه، ويدافع عن مصالحه، في مواجهة أمريكا والغرب وإسرائيل، دون خشية على كرسيه، لأنه يملك شرعية شعبية؛نجد معظم الحكام العرب، لا شرعية شعبية لهم، وبالتالي لا هم لهم إلا استرضاء بوش الصغير، حتى يسكت عن نقد أنظمتهم الاستبدادية في خطاباته. وتكون فرحتهم أوسع من فرحة العذراء ليلة دخلتها إذا ذكر أنظمتهم باستحسان، على جارى ذكره لبعض الأنظمة العربية المطيعة للسياسة الأمريكية، على أنها إنموذج للإصلاح الديموقراطي في المنطقة.
وهي الأنظمة العربية التي يُضرب فيه المثل الأمريكي على التوبة وطلب العفو عند المقدرة، كما هو الحال في إنموذج "الاستسلام الوقائي" للقذافي، بحسبانه إنموذجا مثاليا تريد أمريكا من إيران أن تتبعه. فسخرت منه. فالفرس ليسوا عربان هذا الزمان. الفرس، اليوم، هم خلفاء الأمة الإسلامية. فهم من اجبروا الأمريكان على القبول بالتفاوض معهم حول الشأن العراقي، في اعتراف أمريكي صريح بإيران كقوة إقليمية. وهي إيران، نفسها، التي وصفها بوش الصغير بأنها أحد دعائم محور الشر، ودولة إرهابية، لأنها راعية وآوية للإرهاب، وبالتالي، حسب تعاليم "كليم الله" لا يجوز التحاور أو التفاوض معها. لكن الإيرانيين يدركون أن الأمريكيين لا يحترمون إلا من يضربهم على رؤوسهم كي يراجعوا أنفسهم.
وفي الوقت الذي تتقرب أمريكا إلى إيران، علنا وسرا، من أجل التحاور معها بما يحفظ مصالحها، تتحرك السياسة الأمريكية إلى الخليج لجس نبض تشكيل محور خليجي مضاد لإيران، في محاولة لاستخدام دول الخليج في ما يشبه حرب باردة لمواجهة إيران.
وليس بمستغرب أن تُستخدم دول الخليج في إطار تكتل سني ضد ما سماها الملك الأردني، بموافقة أمريكية، قوس شيعي. وزاده الرئيس حسني مبارك بتصريحه الناري، الذي شكك فيه بوطنية شيعة العراق على حساب ولائهم لإيران. وكذلك ليس بمستغرب، في وقت من الأوقات القريبة القادمة، أن تنطلق حملة أمريكية دعائية تقودها وسائل إعلام عربية، تُعيد وصف إيران بـ"الفرس المجوس" وشيعة العراق بـ"الصفويين"الذين يريدون السيطرة على عراق الرشيد السني. ليعاد إنتاج الحطاب الدعائي الخليجي القديم في مديح صدام حسين سيف العرب، وحارس البوابة الشرقية، في صورة الصديق الأمريكي حامي "الأمة العربية" من الخطر الفارسي النووي!!!!
falasha@libya-nclo.org