yasmeen
04-24-2006, 09:01 AM
ودعوات لتبني قانون العمل الموحد في أوروبا
مدريد: جون وورد أندرسون وجنيفر غرين *
آنا ديلغادو، لديها طفلان يبلغان من العمر 4 و7 سنوات، وهي تتمنى، مثل كأي أم أخرى، ان تأخذهما من المدرسة بعد انتهاء وقت الدراسة، وقضاء عدة ساعات معهما في العصر، وتتناول العشاء معهما في المساء. لكنها بدلا عن ذلك، تعاني ديلغادو، 36 سنة، مما يعاني منه غالبية الاسبان: القيلولة. فهي مثل الكثير من أبناء وطنها، مجبرة على أخذ فترة استراحة طويلة تمتد من الواحدة والنصف حتى الرابعة مساء، مما يجعلها مضطرة لدفع برنامج أسرتها اليومي إلى ساعة متأخرة، حيث انها لا تكمل عملها قبل الثامنة مساء. وتقول ديلغادو، التي تعمل في دائرة خاصة بالحسابات والقضايا القانونية: «أتمنى لو أعود إلى البيت مبكرا، لكن شركتي لا تسمح بذلك». لكن الحكومة الاسبانية اطلقت اخيراً حملة لإنهاء القيلولة بعد تناول الغداء، باعتبارها عادة قديمة ومضرة بالاقتصاد وتتعارض مع صورة أسبانيا كقوة مهمة في أوروبا.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعدت الحكومة اللوائح التي تجبر كل الدوائر الفيدرالية، إعطاء العاملين استراحة تمتد لـ45 دقيقة فقط، تبدأ من الساعة الثانية عشرة والنصف، ثم يذهب العاملون إلى بيوتهم الساعة السادسة. وهي تأمل أن تتبنى الشركات الأهلية هذا النظام، حسبما قال فرناندو موراليدا المتحدث الرسمي الحكومي الذي اضاف: «عندما يذهبون إلى بيوتهم، الكثير من الآباء يرون أبناءهم فقط في حالة نوم. يوم عملنا يشمل الصباح والعصر والمساء. نحن نريد تقليل وقت الغداء ومنح وقت أطول للعائلة».
ويأمل أنصار التغيير، أن تكون له آثار إيجابية على المجتمع الأسباني ككل لأن ساعات العمل المتأخرة تدفع الكثير من الأسبان لتناول عشائهم في الساعة العاشرة أو بعد ذلك، وتوضح دراسات أن نتيجة هذا النظام هي ان الاسبان ينامون أقل من الاوروبيين ليلا، بمعدل 40 دقيقة، مما أدى إلى زيادة نسبة حوادث العمل وخفض إنتاجية العمل.
وقالت نورية شينشيلا المدرسة بكلية «آي.ايه.اس.ايه» المتخصصة في مجال الاعمال: «لدى اسبانيا سوق العمل الأوروبي والعملة الأوروبية، لكن ليس ساعات العمل الأوروبية. كل أمر يتطلب اعادة النظر بدءا من ساعة فتح المطاعم الى مواعيد الأخبار في التلفزيون».
وقال موراليدا إن قوانين فترة الغداء الجديدة تطول مليونا و200 الف موظف فيدرالي. لكن ايغناسيو بوكوراس يباخ، رئيس المجموعة البحثية «فاندكشن اندبندنت»، التي حثت بقوة على إنهاء نظام القيلولة، قال ان «هناك 44 مليون شخص في اسبانيا، والتغيير يطالهم جميعاً».
ويعود تقليد القيلولة الى أوائل القرن الماضي، عندما كان الفقراء الأسبان يؤدون وظيفتين أو يعملون في نوبتين ويذهبون الى البيت للتمتع باستراحة طويلة بين فترتي العمل. وقالت نورية تشينتشيلا: «كان من المعتاد هنا تناول طعام الغداء على الساعة الواحدة بعد الظهر والعشاء في الساعة الثامنة مساء، فما الذي تغير؟». احد الأسباب انه كانت هناك مجاعة خلال الحرب الأهلية في سنوات 1936 ـ 1939. وأضافت انه «تعين على الناس أن يعملوا بنوبات عمل مضاعفة من الثامنة الى الثالثة، مما دفع وقت الغداء الى الوراء ثم من الرابعة حتى التاسعة أو العاشرة». لكن الناس في هذه الأيام يعيشون بعيدا عن أماكن عملهم، وهناك حالات ازدحام مروري، وبالتالي فإنه من غير العملي بالنسبة لهم أن يذهبوا الى البيت لتناول طعام الغداء، كما يقول معارضو نظام القيلولة.
وتلقى الضوابط الجديدة رواجاً لكن ببطء. وقال بعض العاملين الحكوميين، ان رؤساءهم في العمل لا يلتزمون القواعد الجديدة، لكن آخرين يتذمرون من أنه حتى مع الفترة القصيرة الخاصة بتناول الغداء، يبقى الكثير من العمل بانتظار الانجاز، مما يجعل من الصعوبة بمكان على المرء ان يغادر مبكرا. ويقول بعض هؤلاء، انه على الرغم من وجود نسبة عالية من العاملين الحكوميين الذين ينفذون الخطة، فإن كبار الموظفين في الادارة، أي الوزراء والمديرين العامين وأمثالهم، ليسوا كذلك ولهذا تأثير متعدد.
لكن اتحادات العمل القوية تدعم ضوابط الغداء الجديدة، التي تعد جزءا من مجموعة تشريعات أوسع دعمها رئيس الوزراء الاشتراكي خوزيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، وتعرف باسم «قانون التسوية» لأنها تهدف للحفاظ على التوازن بين الجوانب الشخصية والمهنية في حياة الأسبان.
وقال ميتي غارابيتا، الموظف في «كوميسيونز أوبريراس»، أحد أكبر الاتحادات النقابية في أسبانيا، ان «هناك اشياء كثيرة يتضمنها القانون وليس المواعيد فقط. فهو يسهل العناية بأفراد العائلة المعتمدين على الآخرين مثل كبار السن أو الأطفال».
وتدعم بعض الشركات الخاصة قانون الغداء، لكنها تقول ان ما هو جيد بالنسبة للحكومة قد لا يكون جيدا بالنسبة لهم.
وتدرس الحكومة تقديم حوافز للشركات الخاصة من اجل ان تحذو حذوها. وقالت آنا بوسادا الموظفة في «جمعية رجال الأعمال»، التي يعمل أعضاؤها في بعض أكبر الشركات الوطنية والمتعددة الجنسية في اسبانيا: «أردنا أن نوجه رسالة الى الشركات بأن قانون التسوية يمكن أن يكون أداة جيدة لتحسين المنافسة». والرسالة التي توجهها الجمعية الى العاملين هي أن «هذا لا يعني العمل اقل وانما العمل بصورة افضل نوعا ما». والنصيحة التي تقدمها للحكومة هي ان تكون دقيقة في اعداد القوانين التي تتعامل مع الشركات كأنها متماثلة.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»
مدريد: جون وورد أندرسون وجنيفر غرين *
آنا ديلغادو، لديها طفلان يبلغان من العمر 4 و7 سنوات، وهي تتمنى، مثل كأي أم أخرى، ان تأخذهما من المدرسة بعد انتهاء وقت الدراسة، وقضاء عدة ساعات معهما في العصر، وتتناول العشاء معهما في المساء. لكنها بدلا عن ذلك، تعاني ديلغادو، 36 سنة، مما يعاني منه غالبية الاسبان: القيلولة. فهي مثل الكثير من أبناء وطنها، مجبرة على أخذ فترة استراحة طويلة تمتد من الواحدة والنصف حتى الرابعة مساء، مما يجعلها مضطرة لدفع برنامج أسرتها اليومي إلى ساعة متأخرة، حيث انها لا تكمل عملها قبل الثامنة مساء. وتقول ديلغادو، التي تعمل في دائرة خاصة بالحسابات والقضايا القانونية: «أتمنى لو أعود إلى البيت مبكرا، لكن شركتي لا تسمح بذلك». لكن الحكومة الاسبانية اطلقت اخيراً حملة لإنهاء القيلولة بعد تناول الغداء، باعتبارها عادة قديمة ومضرة بالاقتصاد وتتعارض مع صورة أسبانيا كقوة مهمة في أوروبا.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أعدت الحكومة اللوائح التي تجبر كل الدوائر الفيدرالية، إعطاء العاملين استراحة تمتد لـ45 دقيقة فقط، تبدأ من الساعة الثانية عشرة والنصف، ثم يذهب العاملون إلى بيوتهم الساعة السادسة. وهي تأمل أن تتبنى الشركات الأهلية هذا النظام، حسبما قال فرناندو موراليدا المتحدث الرسمي الحكومي الذي اضاف: «عندما يذهبون إلى بيوتهم، الكثير من الآباء يرون أبناءهم فقط في حالة نوم. يوم عملنا يشمل الصباح والعصر والمساء. نحن نريد تقليل وقت الغداء ومنح وقت أطول للعائلة».
ويأمل أنصار التغيير، أن تكون له آثار إيجابية على المجتمع الأسباني ككل لأن ساعات العمل المتأخرة تدفع الكثير من الأسبان لتناول عشائهم في الساعة العاشرة أو بعد ذلك، وتوضح دراسات أن نتيجة هذا النظام هي ان الاسبان ينامون أقل من الاوروبيين ليلا، بمعدل 40 دقيقة، مما أدى إلى زيادة نسبة حوادث العمل وخفض إنتاجية العمل.
وقالت نورية شينشيلا المدرسة بكلية «آي.ايه.اس.ايه» المتخصصة في مجال الاعمال: «لدى اسبانيا سوق العمل الأوروبي والعملة الأوروبية، لكن ليس ساعات العمل الأوروبية. كل أمر يتطلب اعادة النظر بدءا من ساعة فتح المطاعم الى مواعيد الأخبار في التلفزيون».
وقال موراليدا إن قوانين فترة الغداء الجديدة تطول مليونا و200 الف موظف فيدرالي. لكن ايغناسيو بوكوراس يباخ، رئيس المجموعة البحثية «فاندكشن اندبندنت»، التي حثت بقوة على إنهاء نظام القيلولة، قال ان «هناك 44 مليون شخص في اسبانيا، والتغيير يطالهم جميعاً».
ويعود تقليد القيلولة الى أوائل القرن الماضي، عندما كان الفقراء الأسبان يؤدون وظيفتين أو يعملون في نوبتين ويذهبون الى البيت للتمتع باستراحة طويلة بين فترتي العمل. وقالت نورية تشينتشيلا: «كان من المعتاد هنا تناول طعام الغداء على الساعة الواحدة بعد الظهر والعشاء في الساعة الثامنة مساء، فما الذي تغير؟». احد الأسباب انه كانت هناك مجاعة خلال الحرب الأهلية في سنوات 1936 ـ 1939. وأضافت انه «تعين على الناس أن يعملوا بنوبات عمل مضاعفة من الثامنة الى الثالثة، مما دفع وقت الغداء الى الوراء ثم من الرابعة حتى التاسعة أو العاشرة». لكن الناس في هذه الأيام يعيشون بعيدا عن أماكن عملهم، وهناك حالات ازدحام مروري، وبالتالي فإنه من غير العملي بالنسبة لهم أن يذهبوا الى البيت لتناول طعام الغداء، كما يقول معارضو نظام القيلولة.
وتلقى الضوابط الجديدة رواجاً لكن ببطء. وقال بعض العاملين الحكوميين، ان رؤساءهم في العمل لا يلتزمون القواعد الجديدة، لكن آخرين يتذمرون من أنه حتى مع الفترة القصيرة الخاصة بتناول الغداء، يبقى الكثير من العمل بانتظار الانجاز، مما يجعل من الصعوبة بمكان على المرء ان يغادر مبكرا. ويقول بعض هؤلاء، انه على الرغم من وجود نسبة عالية من العاملين الحكوميين الذين ينفذون الخطة، فإن كبار الموظفين في الادارة، أي الوزراء والمديرين العامين وأمثالهم، ليسوا كذلك ولهذا تأثير متعدد.
لكن اتحادات العمل القوية تدعم ضوابط الغداء الجديدة، التي تعد جزءا من مجموعة تشريعات أوسع دعمها رئيس الوزراء الاشتراكي خوزيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، وتعرف باسم «قانون التسوية» لأنها تهدف للحفاظ على التوازن بين الجوانب الشخصية والمهنية في حياة الأسبان.
وقال ميتي غارابيتا، الموظف في «كوميسيونز أوبريراس»، أحد أكبر الاتحادات النقابية في أسبانيا، ان «هناك اشياء كثيرة يتضمنها القانون وليس المواعيد فقط. فهو يسهل العناية بأفراد العائلة المعتمدين على الآخرين مثل كبار السن أو الأطفال».
وتدعم بعض الشركات الخاصة قانون الغداء، لكنها تقول ان ما هو جيد بالنسبة للحكومة قد لا يكون جيدا بالنسبة لهم.
وتدرس الحكومة تقديم حوافز للشركات الخاصة من اجل ان تحذو حذوها. وقالت آنا بوسادا الموظفة في «جمعية رجال الأعمال»، التي يعمل أعضاؤها في بعض أكبر الشركات الوطنية والمتعددة الجنسية في اسبانيا: «أردنا أن نوجه رسالة الى الشركات بأن قانون التسوية يمكن أن يكون أداة جيدة لتحسين المنافسة». والرسالة التي توجهها الجمعية الى العاملين هي أن «هذا لا يعني العمل اقل وانما العمل بصورة افضل نوعا ما». والنصيحة التي تقدمها للحكومة هي ان تكون دقيقة في اعداد القوانين التي تتعامل مع الشركات كأنها متماثلة.
* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»