المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لصوص الذهب



yasmeen
04-24-2006, 08:35 AM
محمد صادق دياب

اعترف 19 من العمالة الوافدة الموجودة في السعودية، بسرقة أكثر من 2000 كيلوغرام من الذهب الخام، من منجم مهد الذهب تقدر قيمتها بالملايين، وتصل نسبة الذهب الصافي فيها ما بين 80 إلى 85%.. ضحكت وأنا أقرأ هذا الخبر قبل أيام في صحيفة «المدينة» السعودية، وبالغ الحزن ما يضحك، فهناك مثل شعبي يقول: «المال السايب يعلم السرقة»، فما بالكم بالذهب السائب؟ فالذهب الذي يوصف كأجل معدن في الوجود، لا بد وأنه قد أغرى هذه العمالة، وكان يمكن أن يغري غيرها أيضا لعدم توفر الحماية المانعة لهذا الإغراء.

ولزيادة الخسائر، يضيف الخبر أنه تم تشكيل لجنة عليا من إدارة معادن الرياض، تضم نائب رئيس شركة المعادن للخدمات المركزية ومساعده ومدير عام الأمن الصناعي لزيارة المنجم والاطلاع عن كثب على مجريات التحقيق!!.. وبجردة حساب بسيطة، يمكننا أن نكتشف أن هذه اللجنة ستكلف الشركة ماليا ما بين بدلات انتداب، وتنقل ما كان يكفي لتوظيف المزيد من الحراسة على الموقع لمنع حدوث مثل هذه السرقة!

وأنا أتفهم ضعف هذه العمالة أمام بريق الذهب، كأن تسرق كيلوغراما، كيلوين، وحتى ثلاثة، أما أن تسرق 2000 كيلوغرام، فهذا يعني أنها «مافيا» تمارس عملا احترافيا، يتطلب أيضا مهارات تسويقية وفنية مصاحبة للسرقة يحتاجها فصل الذهب الخام عن الشوائب.. وقد حدث حينما كنت طالبا، أن تفجر الذهب من أنقاض أحد البيوت العتيقة التي أزالتها البلدية بمدينة جدة، فتحول الموقع في لحظة إلى معركة بالفؤوس والعصي وأدوات الحفر بحثا عن الذهب، وقد هرب الطلاب من مدارسهم، وتغيب الموظفون عن أعمالهم، وأغلق صغار التجار متاجرهم، واستحدث الصيارفة مواقع مؤقتة لهم بجوار الأنقاض، وقد عثر بعض الباحثين على عدد من السبائك والحلي والمجوهرات.. ورغم مرور عقود على الحادثة، لا يعرف الناس على وجه اليقين صاحب ذلك الكنز المخبوء في ذلك البناء العتيق، وإن كان بعض الناس يتذكر الحادثة ويترحم على أيامها.. أما أنا فأشعر أن صاحب ذلك الكنز قد فعل ما فعل عامدا متعمدا مع سبق الإصرار والترصد، فلقد أراد أن يشتري لنفسه مقعدا في ذاكرة هذه المدينة وقد فعل، حتى أن واحدا من أهم شوارع جدة المطل على موقع الحدث، أصبح يحمل اسم شارع الذهب، تخليدا لذكرى ذلك الرجل المجهول، عفا الله عنه.

وأنا اقترح أن تقوم محافظة مهد الذهب، التي يقع المنجم المسروق في نطاقها، بإطلاق اسم شارع الذهب على الطريق الموصل إلى المنجم، كي يستدل به الطامحون، إذ أنني على ثقة بأن قوافل «الحالمين» ستكثر زياراتها «السياحية» إلى هناك، ولربما لسان حال بعضهم يقول: «القريب أولى من الغريب».

m.diyab@asharqalawsat.com