المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قدرة الدماغ التخزينية تفوق أحدث الكمبيوترات بحوالي ألف مرة



فاطمي
04-19-2006, 09:31 AM
إعداد: محمد حسن


لنفترض انك التقيت بشخص للمرة الاولى، فإنك عند رؤيته تبدأ باستيعاب كل شيء عنه، لون شعره وطوله، صوته والطريقة التي يتحدث بها، ودرجة اناقته او عدمها، عندها تكون المنطقة في الدماغ الخاصة بالذاكرة بدأت بتحويل كل تلك الاشارات الخارجية الى ذكرى، فكل الذكريات المحتملة لا بد ان تمر عبر هذه البوابة العقلية قبل ان تأخذ مكانها في ذاكرتنا.
منطقة الذاكرة هذه ما هي الا منطقة للحفظ وتمثل اول خطوة في عملية معقدة، وبعد تخزين الذكرى يتم تفكيكها الى مكونات حسية مختلفة ويجري توزيعها في جميع انحاء الدماغ، وفي وقت لاحق عندما يخطر بذهنك ذلك الشخص، او ان حدث وسمعت اسمه يتردد، او رأيت وجهه، فإن كل تلك المكونات تتجمع معا.

بداية الذاكرة
قد تعتقد ان امرا مهما مثل ميلادك لا بد وان يخلق اثرا لديك في الذاكرة الا اننا نجد ان الانسان يتذكر فقط الفترة التي تبدأ بعد بلوغه سن الخامسة. لماذا؟
تشير احدى النظريات الى غشاء ميلين الذي يحمي الاعصاب، ويساعد على جذب الاشارات، وقبل بلوغ الشخص لا يكون لديه ما يكفي من غشاء ميلين في الدماغ.
ويقول جونثان سكولر الاستاذ المساعد في قسم علم النفس في جامعة بريتش كولومبيا ان هذا الغشاء 'قد تكون له اهمية في الاحتفاظ بالذكريات القديمة'، وقد يكون هنالك تفسير آخر محتمل، وهو انه عندما نبدأ في تعلم الكلام لا يعد في مقدورنا الوصول الى الذكريات التي نشأت لدينا في مرحلة ما قبل الكلام، ويضيف سكولر: 'انه مع بداية الكلام وتعلم اللغة، فإن الطريقة التي نفكر بها قد تكون تغيرت، مما يجعل من المستحيل الرجوع الى ذكرياتنا القديمة'.

كيف يخزن الإنسان الذكريات؟
هنالك سباق متقارب بدأ بين ذاكرة الانسان وذاكرة الكمبيوتر، والانسان الى الآن ما زال متفوقا في هذا السباق، فقدرة ذاكرة الدماغ التخزينية تفوق قدرة اكثر الكمبيوترات تقدما بحوالي الف مرة (غير ان هذا الوضع قد يتغير بحلول عام 2020)، وبالاضافة الى ذلك، فإن المادة الرمادية في الدماغ تعد اداة اكثر كفاءة بكثير من اي كمبيوتر. فعلى خلاف اجهزة الكمبيوتر التي تخزن مجموعات كاملة من المعلومات في موقع محدد نجد ان دماغ الانسان يوزع الذكريات على اعصاب عدة. ويقول الدكتور ديفيد ليكي استاذ علوم الكمبيوتر في جامعة انديانا 'ان هذا انما يعني ان فقد عصب من الاعصاب لا يؤثر في كفاءة الذاكرة لدى الانسان'.

كيف يساعدنا التستترون على التذكر؟
التستترون يلعب دورا مهما في بناء الذكريات، بالاضافة الى العضلات. ففي دراسة اجريت في جامعة اوريغون للعلوم والصحة، اعطيت مجموعة من الذكور عقارا صمم لوقف افراز التستترون. وقد احدث ذلك تراجعا كبيرا في وظائف الذاكرة اللفظية لديهم مقارنة بمن لم يتناولوا ذلك العقار، ويقول البروفيسور جيري يانوفيسكي استاذ العلوم العصبية السلوكية والباحث المشارك في تلك الدراسة 'لقد اوضحت الدراسات التي اجريت على الحيوانات انه اذا تم وقف افراز التستترون تماما، فإن ذلك يؤدي الى خلل كبير في التواصل فيما بين الاعضاء المختلفة'.

ما هو فقدان الذاكرة؟
لا تعطي اهتماما لما تبثه المسلسلات التلفزيونية حول هذه المسألة، اذ يقول الدكتور الان بادلي 'ان فقد الذاكرة، اي الغياب التام للذاكرة كالذي نشاهده في المسلسلات التلفزيونية يعد امرا نادر الحدوث نسبيا'، فعندما يحدث فقد الذاكرة، فإنه غالبا ما يكون نتيجة صدمة نفسية حادة، وليس بسبب ضربة قوية على الرأس، بل ان الاصابة في الرأس من المحتمل ان تعزز الذاكرة اللحظية، ويقول البروفيسور مايكل ستادلر استاذ علم النفس في جامعة ميسوري 'تستطيع التحدث الى الشخص الذي يعاني من هذه الحالة وتجد ان في مقدوره ابلاغك عن اسمه، كما يستطيع الاستمرار في الحديث معك. ولكن اذا غادرت الغرفة وعدت اليها بعد مرور عشر دقائق فإنه لن يتذكرك'.

لماذا لا ننسى كيفية قيادة الدراجة؟
عندما يتعلم الطفل كيفية قيادة الدراجة تكون لديه مجموعتين من الذكريات احداهما الذاكرة الخارجية التي يسجل فيها اشياء، لون الدراجة ومتعة قيادتها والنشوة التي يشعر بها من دون ان يساعده اي شخص، والاخرى داخلية، وهي تسجل آليات الجسم المطلوبة في عملية قيادة الدراجة، ولهذا السبب نجد انه يطلق عليها احيانا اسم 'ذاكرة العضلات' وفق قول البرفيسور جانيت غيبسون استاذ علم النفس في كلية غرينيل في ولاية ايوا الاميركية، انه حتى في حالة فقد الذاكرة الخارجية فان الذاكرة الداخلية او 'ذاكرة العضلات' تظل باقية.

لماذا ينجح التنويم المغناطيسي احيانا؟
لا يعني مجرد عدم تذكرك لحادثة او لاسم شخص او وجه من الوجوه ان المعلومات الخاصة بها لم تعد متواجدة في الدماغ حيث يمكن استعادتها من خلال عملية التنويم المغناطيسي ويعود هذا الامر الى ما يبدو من ان ادمغتنا فيها حدود لما يمكن اعتباره ذاكرة اكتمل تشكيلها، وان التنويم المغنطيسي يقلل من هذه الحدود 'الا ان كيفية قيامه بذلك مازالت غير معروفة'. فاجزاء متفرقة من الذكريات وتلك التي لم يكتمل تشكيلها من تلك التي قد لا يتعرف عليها نظام استعادة الذاكرة في ادمغتنا عندما نكون في حالة الوعي يمكن التعرف عليها في حالة عدم الوعي اثناء التنويم المغناطيسي، ويقول البروفيسور سكولر 'انه يجعلنا نتخلى عن نظام الرقابة الداخلية' ولكن مع تخفيض تلك الحدود مؤقتا، تنخفض لدينا ايضا الرقابة الذهنية ونكون بالتالي عرضة للايحاءات، اي القيام بكل ما يطلبه منا او يوحي لنا به المنوم المغناطيسي، ونتذكر عبارات المنوم على انها ذكرياتنا الخاصة.

لماذا نفقد مفاتيح البيت والسيارة؟
انه من المستحيل بل من غير العملي تذكر جميع تفاصيل حياتنا اليومية وبالتالي فان ادمغتنا تعوض ذلك من خلال تشكيل ذكريات عمومية، فعلى سبيل المثال فانه بدلا من تذكر كل تفاحة تناولتها، فان الدماغ لدينا يضع لذلك صورة عامة للتفاح اي تفاح احمر او اخضر او حلو الطعم.
والأمر نفسه يحدث في حالة المفاتيح، اذ انه بدلا من تذكر جميع حالات وضعنا للمفاتيح مثل وضعنا لها في الطاولة قرب السرير، فاننا نضع صورة عامة ل'المفاتيح الطاولة قرب السرير' وبالتالي نجد صعوبة في تذكر المرات النادرة التي لا تدخل فيها المفاتيح ضمن هذه الصورة العامة.

كيف نحافظ على الذاكرة؟
اكثر اشكال فقد الذاكرة شيوعا هو ذلك المرتبط بالتقدم في السن، حيث يصعب على الشخص حفظ المعلومات الجديدة واستعادتها وبصفة خاصة المعلومات العادية مثل اسماء الناس'
واحدى الطرق التي يمكن من خلالها مكافحة استنزاف الدماغ هو محاولة الاعتماد على حاسة النظر. اذ يقول فرانك فيلر باوم الخبير في مجال تدريب الذاكرة ان 'حاسة النظر تشغل حوالي 60 في المائة تقريبا من حيز الدماغ' وبالتالي اذا اردت تذكر اسم شخص ما حوله الى صورة بصرية، واربطه بجزء بارز من مظهر الشخص من غير المحتمل ان يتغير مع مرور الزمن.
(عن مجلة مينز هيلث Mens Health)