زوربا
04-18-2006, 10:20 AM
http://www.asharqalawsat.com/2006/04/12/images/art.357805.jpg
محرر «نيويورك تايمز» بشؤون الأمن القومي يحذر من انهيارها
لندن: نامق كامل
مؤلف هذا الكتاب «دولة الحرب: التاريخ السري لوكالة المخابرات المركزية الاميركية وادارة بوش»، جيمي رايزن، هو صحافي اعتاد على تغطية مواضيع الأمن القومي الاميركي لصحيفة «نيويورك تايمز» والمعروف بأنه «يحضر في المكان المناسب»، مسترشدا بمفاتيح نادرة توصله الى مكان أسرار السلطة. لكن مصادر معلوماته تشترط عليه ان تبقى غير معروفة ومجهولة.
فرضية المؤلف المركزية في هذا الكتاب تتمثل في ان هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 قد استغلت من قبل وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني كذريعة لاختطاف أمن اميركا وسياستها الخارجية. فما ان تم دحر حركة طالبان في افغانستان حتى بدأت حملة تعبوية لاجتياح العراق. وحسب معلوماته، انه لم تكن هناك على الاطلاق اجتماعات تضم مستشاري بوش الرفيعين لتقرير ما اذا كان ينبغي اجتياح العراق أم لا، وإنما كانت هناك فقط الاجتماعات التي تتفق وموضوع الاجتياح. وبعد الاحتلال فإن أكثر القرارات كارثية، كان ذلك الذي أجاز «حل الجيش العراقي الذي اتخذ من دون علم الرئيس».
ان اغلب المعلومات التي ترد في الكتاب، استقاها المؤلف من موظفي المخابرات المركزية الاميركية، وهي تتحدث عما يصفه بـ«الكاوبويس الجدد» في البنتاغون و«المحافظون الجدد» في الادارة الاميركية وكيفية تلاعبهم بالمعلومات الخاصة بالعراق لاجل دعم مواقفهم في شن الحرب وكذلك تفاصيل لعبة القوى في واشنطن، اضافة الى ذلك، فإنه يلقي ضوءا جديدا على سلوك «المفبركين»، وكيف اسقط في يدهم حينما كشف النقاب عن المعلومات التي استخدمت لصالح شن الحرب، فيما المعلومات الحقيقية الأخرى حجبت وتم تجاوزها.
في هذا الصدد، يأتي المؤلف بأحد الأمثلة البارزة ويشير الى المساعي التي بذلت للاتصال بالعلماء العراقيين في الداخل من خلال أفراد عوائلهم الذين يعيشون في الولايات المتحدة الاميركية. ويذكر ان المسؤولين الاميركيين قد دفعوا بحوالي ثلاثين شخصا للسفر الى بغداد، مخاطرين بحياتهم لكي يتصلوا بأقربائهم والوقوف على حقيقة أسلحة الدمار الشامل. ولكن حينما عادوا الى اميركا اخبروا المسؤولين بأن اقرباءهم (العلماء) اكدوا لهم عدم وجود مثل هذه الأسلحة في العراق. مثل هذه المعلومات ـ يقول المؤلف ـ أهملتها ادارة بوش وأدخلتها في «نفق مظلم». بعد الحرب، وحينما تم الكشف عن تلك المعلومات والتقارير، اضافة الى موجة الاحتجاجات العاتية التي عمت المدن الاميركية ضد الحرب، وصلت «سمعة وكالة المخابرات المركزية الى الحضيض من حيث مصداقيتها في نقل المعلومات»، كما يعلق بعض موظفيها ممن لا يودون البوح بأسمائهم.
وتأسيسا على ذلك، يصل المؤلف رايزن الى خلاصة شاملة يختصرها بـ«الانهيار الحاصل في التدقيق والموازنة داخل احد اهم مفاصل الحكومة الاميركية»، مما ادى الى وجود «برنامج تجسس داخلي جديد وبالتالي دولة مخدرة في افغانستان وفوضى في العراق».
من هنا يستنتج بأنه «لا مركزية» في وكالة المخابرات المركزية التي تأسست عام 1947 لتكون مركز جمع وتحليل كل المعلومات التي تصل اليها من كافة مكاتب الحكومة الاميركية.
ويرى المؤلف بأنه خلال ادارة بوش تم تقويض وظيفة المخابرات المركزية تماما. ففي داخل البنتاغون يُدير وزير الدفاع الاميركي رامسفيلد مخابراته الخاصة به في منافسة مباشرة مع وكالة المخابرات المركزية. أما مساعده آنذاك بول وولفوفيتز، وكذلك دوغ فيث، فقد كانا متعطشين الى المعلومات التي تغذي توجهاتهما ومشاريعهما المحافظة الجديدة، لذا فقد أسسا وحدة خاصة تدعى بـ«مجموعة تقييم المعلومات المناهضة للإرهاب».
من جانب آخر، يرى المؤلف ان المخابرات المركزية كانت دائما عرضة لكبح جماحها بسبب صراع القوى داخل الادارات الاميركية المتعاقبة. فخلال إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، عانت هذه المخابرات من «عزلة شديدة صاحبها انهيار أخلاقي شهد هروب افضل العقول واستقرارها في العمل الاكاديمي حيث جندت من هناك لاول مرة، بل ويمكن القول بأن هذه العزلة وهذا الانهيار الاخلاقي قد اصاب المخابرات المركزية قبل ذلك بوقت طويل»، وهنا يتساءل المؤلف عما فعلته المخابرات المركزية طيلة السنوات المنصرمة، فيجيب بسرد جملة من الأمثلة على اخفاق الوكالة كما حصل عام 1950 مثلا حينما نزلت القوات الكورية الشمالية واحتلت كوريا الجنوبية ولم يكن لدى المخابرات المركزية اية معلومات عن تقدم هذه القوات، او كما اخفقت في التنبؤ بحل عقدة الحرب الباردة، وكذلك عدم علمها ان الهند قد انضمت الى النادي النووي حتى قامت بتجربتها النووية في مايو (ايار) عام 1998. بل واكثر من ذلك عدم استعدادها الكارثي لهجمات القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001. فعلى سبيل المثال لم تستطع الوكالة حتى الحصول على نسخة من وثيقة ميلاد أسامة بن لادن بعد الهجوم الأول على برج مركز التجارة العالمي في نيويورك فالتجأت الى دولة اخرى للحصول على هذه المعلومة.
ثم تعرض المؤلف بعد ذلك الى كيف ان المسؤولين في ادارة بوش وبمساعدة مدير وكالة المخابرات المركزية السابق جورج تينت اوصلوا كل نظام الوكالة الى حافة الانهيار. فخلال فترة ولايتهم تقننت مهنة الاستخبارات وبالذات فيما يخص السياسة الخارجية فأدى ذلك الى نتائج خطيرة.
ولكن، ورغم ما يمتلك من مصادر معلومات، وما لديه من علاقات شخصية، إلا من جيمس رايزن لم يستطع أن يحدد بالضبط ان كان اللوم في كل ذلك يقع على الرئيس بوش. وفيما اذا كان يتبنى برنامج «المحافظين الجدد» ام لا، او انه، ببساطة، يتعاون معهم فحسب، مع ان اكثر الدلائل التي يأتي بها تشير الى ان دور بوش ليس أكثر من دور المذعن والمستسلم للآخرين.
محرر «نيويورك تايمز» بشؤون الأمن القومي يحذر من انهيارها
لندن: نامق كامل
مؤلف هذا الكتاب «دولة الحرب: التاريخ السري لوكالة المخابرات المركزية الاميركية وادارة بوش»، جيمي رايزن، هو صحافي اعتاد على تغطية مواضيع الأمن القومي الاميركي لصحيفة «نيويورك تايمز» والمعروف بأنه «يحضر في المكان المناسب»، مسترشدا بمفاتيح نادرة توصله الى مكان أسرار السلطة. لكن مصادر معلوماته تشترط عليه ان تبقى غير معروفة ومجهولة.
فرضية المؤلف المركزية في هذا الكتاب تتمثل في ان هجمات الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 قد استغلت من قبل وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ونائب الرئيس ديك تشيني كذريعة لاختطاف أمن اميركا وسياستها الخارجية. فما ان تم دحر حركة طالبان في افغانستان حتى بدأت حملة تعبوية لاجتياح العراق. وحسب معلوماته، انه لم تكن هناك على الاطلاق اجتماعات تضم مستشاري بوش الرفيعين لتقرير ما اذا كان ينبغي اجتياح العراق أم لا، وإنما كانت هناك فقط الاجتماعات التي تتفق وموضوع الاجتياح. وبعد الاحتلال فإن أكثر القرارات كارثية، كان ذلك الذي أجاز «حل الجيش العراقي الذي اتخذ من دون علم الرئيس».
ان اغلب المعلومات التي ترد في الكتاب، استقاها المؤلف من موظفي المخابرات المركزية الاميركية، وهي تتحدث عما يصفه بـ«الكاوبويس الجدد» في البنتاغون و«المحافظون الجدد» في الادارة الاميركية وكيفية تلاعبهم بالمعلومات الخاصة بالعراق لاجل دعم مواقفهم في شن الحرب وكذلك تفاصيل لعبة القوى في واشنطن، اضافة الى ذلك، فإنه يلقي ضوءا جديدا على سلوك «المفبركين»، وكيف اسقط في يدهم حينما كشف النقاب عن المعلومات التي استخدمت لصالح شن الحرب، فيما المعلومات الحقيقية الأخرى حجبت وتم تجاوزها.
في هذا الصدد، يأتي المؤلف بأحد الأمثلة البارزة ويشير الى المساعي التي بذلت للاتصال بالعلماء العراقيين في الداخل من خلال أفراد عوائلهم الذين يعيشون في الولايات المتحدة الاميركية. ويذكر ان المسؤولين الاميركيين قد دفعوا بحوالي ثلاثين شخصا للسفر الى بغداد، مخاطرين بحياتهم لكي يتصلوا بأقربائهم والوقوف على حقيقة أسلحة الدمار الشامل. ولكن حينما عادوا الى اميركا اخبروا المسؤولين بأن اقرباءهم (العلماء) اكدوا لهم عدم وجود مثل هذه الأسلحة في العراق. مثل هذه المعلومات ـ يقول المؤلف ـ أهملتها ادارة بوش وأدخلتها في «نفق مظلم». بعد الحرب، وحينما تم الكشف عن تلك المعلومات والتقارير، اضافة الى موجة الاحتجاجات العاتية التي عمت المدن الاميركية ضد الحرب، وصلت «سمعة وكالة المخابرات المركزية الى الحضيض من حيث مصداقيتها في نقل المعلومات»، كما يعلق بعض موظفيها ممن لا يودون البوح بأسمائهم.
وتأسيسا على ذلك، يصل المؤلف رايزن الى خلاصة شاملة يختصرها بـ«الانهيار الحاصل في التدقيق والموازنة داخل احد اهم مفاصل الحكومة الاميركية»، مما ادى الى وجود «برنامج تجسس داخلي جديد وبالتالي دولة مخدرة في افغانستان وفوضى في العراق».
من هنا يستنتج بأنه «لا مركزية» في وكالة المخابرات المركزية التي تأسست عام 1947 لتكون مركز جمع وتحليل كل المعلومات التي تصل اليها من كافة مكاتب الحكومة الاميركية.
ويرى المؤلف بأنه خلال ادارة بوش تم تقويض وظيفة المخابرات المركزية تماما. ففي داخل البنتاغون يُدير وزير الدفاع الاميركي رامسفيلد مخابراته الخاصة به في منافسة مباشرة مع وكالة المخابرات المركزية. أما مساعده آنذاك بول وولفوفيتز، وكذلك دوغ فيث، فقد كانا متعطشين الى المعلومات التي تغذي توجهاتهما ومشاريعهما المحافظة الجديدة، لذا فقد أسسا وحدة خاصة تدعى بـ«مجموعة تقييم المعلومات المناهضة للإرهاب».
من جانب آخر، يرى المؤلف ان المخابرات المركزية كانت دائما عرضة لكبح جماحها بسبب صراع القوى داخل الادارات الاميركية المتعاقبة. فخلال إدارة الرئيس السابق بيل كلينتون، عانت هذه المخابرات من «عزلة شديدة صاحبها انهيار أخلاقي شهد هروب افضل العقول واستقرارها في العمل الاكاديمي حيث جندت من هناك لاول مرة، بل ويمكن القول بأن هذه العزلة وهذا الانهيار الاخلاقي قد اصاب المخابرات المركزية قبل ذلك بوقت طويل»، وهنا يتساءل المؤلف عما فعلته المخابرات المركزية طيلة السنوات المنصرمة، فيجيب بسرد جملة من الأمثلة على اخفاق الوكالة كما حصل عام 1950 مثلا حينما نزلت القوات الكورية الشمالية واحتلت كوريا الجنوبية ولم يكن لدى المخابرات المركزية اية معلومات عن تقدم هذه القوات، او كما اخفقت في التنبؤ بحل عقدة الحرب الباردة، وكذلك عدم علمها ان الهند قد انضمت الى النادي النووي حتى قامت بتجربتها النووية في مايو (ايار) عام 1998. بل واكثر من ذلك عدم استعدادها الكارثي لهجمات القاعدة في الحادي عشر من سبتمبر 2001. فعلى سبيل المثال لم تستطع الوكالة حتى الحصول على نسخة من وثيقة ميلاد أسامة بن لادن بعد الهجوم الأول على برج مركز التجارة العالمي في نيويورك فالتجأت الى دولة اخرى للحصول على هذه المعلومة.
ثم تعرض المؤلف بعد ذلك الى كيف ان المسؤولين في ادارة بوش وبمساعدة مدير وكالة المخابرات المركزية السابق جورج تينت اوصلوا كل نظام الوكالة الى حافة الانهيار. فخلال فترة ولايتهم تقننت مهنة الاستخبارات وبالذات فيما يخص السياسة الخارجية فأدى ذلك الى نتائج خطيرة.
ولكن، ورغم ما يمتلك من مصادر معلومات، وما لديه من علاقات شخصية، إلا من جيمس رايزن لم يستطع أن يحدد بالضبط ان كان اللوم في كل ذلك يقع على الرئيس بوش. وفيما اذا كان يتبنى برنامج «المحافظين الجدد» ام لا، او انه، ببساطة، يتعاون معهم فحسب، مع ان اكثر الدلائل التي يأتي بها تشير الى ان دور بوش ليس أكثر من دور المذعن والمستسلم للآخرين.