فاطمة
04-17-2006, 03:08 PM
محمد عبدالقادر الجاسم
15/4/2006
يجب علينا ككويتيين ان ننتبه جيدا لما يتأسس حاليا من تغييرات سياسية في الطريق, يمكننا ان نستغلها فنجعلها ايجابية, ويمكننا ان نتجاهلها فتتحول تلقائيا سلبية... هي تغييرات حتمية طال الزمن ام قصر, لها مبررات محلية ومبررات دولية, وهي تغييرات لن تقتصر على الكويت بل سوف تشمل كل دول الخليج ( انظمة الحكم العائلية) بدرجات متفاوتة وبتوقيت مختلف.
ان التغيير المتوقع يطال دور ونفوذ الأسر الحاكمة في الخليج وهيكلية نظام الحكم. ان الأسر الحاكمة في الخليج تتمتع حاليا بنفوذ مطلق في ادارة شؤون الدولة وهي تتحكم تماما في الوضع السياسي, حتى في الكويت, حيث يوجد نظام دستوري يكفل قدرا من المشاركة الشعبية في الحكم الا ان الاسرة الحاكمة هي اللاعب الرئيسي وهي من بيده ايرادات بيع النفط توزيع عوائده وهذا هو "مربط الفرس"! واذا كان من المعروف ان الاسر الحاكمة في الخليج تتمتع بنزعة "براغماتية" ومرونة تتيح لها التأقلم مع المتغيرات الدولية والمحلية, فإن تلك النزعة لا قيمة لها ان لم تقترن بحكمة وبعد نظر, واذا كان النفط يمكنه ان يشتري اي سلعة فإن الحكمة, التي تكاد تنضب, عيت على الشراء.
ان هناك مجموعة من التحديات تواجه الاسر الحاكمة في الخليج بشكل عام وهي التطرف الديني.. الفساد المالي والسياسي.. الخلافات والتنافس بين الشيوخ والامراء.. نقص الكفاءة في ادارة شؤون الدولة.. الضجر الشعبي نتيجة ارتفاع معدلات البطالة ووحشية النمط الاستهلاكي في المعيشة.. العمالة الاجنبية المستقرة.. النهوض الطائفي.. واخيرا افرازات السياسات الايرانية في اقليم الخليج والوضع في العراق. ان تحديات فعلية مثل ما سبق لا يمكن ان تواجه "بفطرة" الحكام التي لم تزل دول الخليج تدار بموجبها, كما لا يمكن ان تواجه بواسطة اصلاحات شكلية او تحسين الخطاب الاعلامي ورفع احدث الشعارات السياسية.
واذا خصصنا الحديث عن الكويت باعتبارها الدولة الخليجية الاوفر حظا للتغيير, فالكل يعلم ان الفساد المالي والسياسي وصراع الاقطاب والتنافس حول الخلافة ونقص الكفاءة في الحكم قد "انهك" النظام واركانه اكثر من اي شيء آخر,كما اننا نعلم ان هناك مشكلة كفاءة بين صفوف افراد الاسرة الحاكمة, والآن اذ استقرت امور الحكم فإن الصراع انتقل من صراع اقطاب الى صراع محاور (اقرأ مقال محور ناصر ومحور احمد بتاريخ 18 فبراير). ويأتي هذا الصراع الذي يبدو انه سوف يكون "معركة كسر عظم" بالنسبة للشيخ احمد الفهد, في وقت حساس جدا. فمرجعية الاسرة, بعد استقرار امر الخلافة, لم تعد تهتم بالشؤون اليومية حسبما يبدو, كما ان الشيخ احمد الفهد وهو ممن ساهموا في حسم الصراع على الكرسي الكبير يخشى من ان تطبق عليه "وصايا ميكيافيللي للأمراء" بشأن مرحلة ما بعد استلام الحكم ( حتما يشاركه القلق من نفس المصير رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي). وفي مقابل "عزوف المرجعية" نجد ان الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء يعمل وفق اجندة تحمل بندا واحدا هو اثبات اهليته وجدارته لتولي منصب رئاسة الوزراء, وهو في مسعاه هذا يأخذ خطا وطنيا يسهل حصوله على دعم القوى السياسية الوطنية بل ويوفر له التقدير لدى الغرب كونه يريد تحقيق اصلاحا سياسيا جوهريا لا شكليا سواء في موضوع الدوائر الانتخابية وتطبيق القانون عموما ومكافحة الفساد (وان كان يؤخذ عليه تساهله في قضية الشركة الدولية). وفي السياق نفسه نشاهد ايضا موقف النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع الشيخ جابر المبارك الذي يسعى بدوره لاثبات كفاءته واستقلاليته وقد نجح حتى الآن في اعطاء "لمحات" مما يريد اثباته سواء عبر موقفه الايجابي من قضية الدوائر الانتخابية او موقفه من احد ابناء الاسرة الحاكمة والقاء القبض عليه في قضية مخدرات.
واذا اخذنا قضية الدوائر الانتخابية كمثال سنجد ان رئيس الوزراء يريد المحافظة على مصداقيته امام البرلمان كما يريد اجراء تغيير جذري على تلك الدوائر وهو تغيير يترتب عليه حتما نتائج سياسية عديدة غير ان اهمها هو تقلص قدرة الاسرة الحاكمة في التأثير على نتائج الانتخابات. وهذا ما يقلق الشيخ احمد الفهد ومن معه من الذين يستمدون قيمتهم السياسية من قدرتهم على التأثير في الانتخابات وهو التأثير الذي يوفر لهم فيما بعد حصانة سياسية مضافة تجعلهم في منأى عن المساءلة السياسية. المهم في الامر ان فريق الشيخ احمد الفهد يستخدم حاليا عدة وسائل للحفاظ على نفوذه ومن بين تلك الوسائل محاولة "استنهاض" الاسرة الحاكمة عبر القول بأن تعديل الدوائر هو مقدمة لاشهار الاحزاب وان الاحزاب تقود الى خروج رئاسة الوزراء من حيازة الاسرة الحاكمة! وايا كانت النتائج فإن مجرد "استنهاض" الاسرة الحاكمة وطرح احتمال فقدان الاسرة لمنصب رئاسة الوزراء نتيجة خطوة واحدة من خطوات الاصلاح السياسي المحتوم في الكويت يظهر في الواقع مدى هشاشة النفوذ الذي بنته الاسرة خارج الاطار الدستوري كما يظهر ايضا مقدار تناقضه مع شعار الاصلاح الذي يراد له ان يكون شعار العهد الجديد!
على اي حال فإنني اعتقد ان سلطة الشيوخ الذين يعارضون الاصلاح السياسي ويتمسكون بنفوذهم المبني خارج النصوص الدستورية سوف تتقلص اذا استمر الشيخ ناصر المحمد ومعه الشيخ جابر المبارك في جهودهما لاثبات اهليتهما, ذلك ان كل من الشيخ ناصر والشيخ جابر لا يملكان حقيقة خيارا آخرا غير الاصلاح ان هما ارادا تسجيل شيء باسميهما في تاريخ الكويت, ولذلك اعتقد ان نفوذ مؤسسة الفساد والافساد سوف يتراجع تدريجيا خاصة مع احتمال تطبيق "وصايا ميكيافيللي" للأمراء الجدد والتي قد يكون الشيخ احمد الفهد اول "ضحاياها" حيث لن يشفع له "تاريخه".. بل ان هذا "التاريخ" هو سبب تحوله الى "ضحية"!!
واذا كان هناك شبه اجماع على ان نفوذ الاسرة الحاكمة خارج اطار الدستور ورعاية بعض افرادها للفساد وتبنيهم منهج الافساد هو سبب تردي الاوضاع في البلاد, فإن الصراع الذي يدور الآن حول الدوائر الانتخابية هو صراع بين "الخير والشر" وليس من المقبول ان ينتصر فيه "الشر". واذا ما انتصر" الخير" الذي تمثله توجهات الشيخ ناصر المحمد على "الشر" في القضية الرمزية وهي الدوائر الانتخابية فإن هذا يعني بداية اضمحلال النفوذ غير الشرعي لبعض افراد الاسرة الحاكمة, ومالم يتم "تعويض" الفراغ الذي سوف تتركه "قوى الشر" سريعا عبر تعزيز سلطة القانون وتطبيق جوهر الدستور بالدفع نحو شعبية الوزارة وتحجيم الاسرة الحاكمة في حدود الدستور فإن قوى الشر سوف تسعى لاستعادة مكانتها تحت شعار "علي وعلى اعدائي"!!
ان التغيير قادم لا محالة, ومن الافضل ان تتم قيادة هذا التغيير من داخل الاسرة الحاكمة, لذلك علينا نحن في الكويت ان نتهيأ لهذا التغيير عبر دعم واحتواء "قوى الخير" ونبذ ومحاربة "قوى الشر". ان الفرصة متاحة امامنا لذلك يجب الا نكتفي بدور المتفرج!
15/4/2006
يجب علينا ككويتيين ان ننتبه جيدا لما يتأسس حاليا من تغييرات سياسية في الطريق, يمكننا ان نستغلها فنجعلها ايجابية, ويمكننا ان نتجاهلها فتتحول تلقائيا سلبية... هي تغييرات حتمية طال الزمن ام قصر, لها مبررات محلية ومبررات دولية, وهي تغييرات لن تقتصر على الكويت بل سوف تشمل كل دول الخليج ( انظمة الحكم العائلية) بدرجات متفاوتة وبتوقيت مختلف.
ان التغيير المتوقع يطال دور ونفوذ الأسر الحاكمة في الخليج وهيكلية نظام الحكم. ان الأسر الحاكمة في الخليج تتمتع حاليا بنفوذ مطلق في ادارة شؤون الدولة وهي تتحكم تماما في الوضع السياسي, حتى في الكويت, حيث يوجد نظام دستوري يكفل قدرا من المشاركة الشعبية في الحكم الا ان الاسرة الحاكمة هي اللاعب الرئيسي وهي من بيده ايرادات بيع النفط توزيع عوائده وهذا هو "مربط الفرس"! واذا كان من المعروف ان الاسر الحاكمة في الخليج تتمتع بنزعة "براغماتية" ومرونة تتيح لها التأقلم مع المتغيرات الدولية والمحلية, فإن تلك النزعة لا قيمة لها ان لم تقترن بحكمة وبعد نظر, واذا كان النفط يمكنه ان يشتري اي سلعة فإن الحكمة, التي تكاد تنضب, عيت على الشراء.
ان هناك مجموعة من التحديات تواجه الاسر الحاكمة في الخليج بشكل عام وهي التطرف الديني.. الفساد المالي والسياسي.. الخلافات والتنافس بين الشيوخ والامراء.. نقص الكفاءة في ادارة شؤون الدولة.. الضجر الشعبي نتيجة ارتفاع معدلات البطالة ووحشية النمط الاستهلاكي في المعيشة.. العمالة الاجنبية المستقرة.. النهوض الطائفي.. واخيرا افرازات السياسات الايرانية في اقليم الخليج والوضع في العراق. ان تحديات فعلية مثل ما سبق لا يمكن ان تواجه "بفطرة" الحكام التي لم تزل دول الخليج تدار بموجبها, كما لا يمكن ان تواجه بواسطة اصلاحات شكلية او تحسين الخطاب الاعلامي ورفع احدث الشعارات السياسية.
واذا خصصنا الحديث عن الكويت باعتبارها الدولة الخليجية الاوفر حظا للتغيير, فالكل يعلم ان الفساد المالي والسياسي وصراع الاقطاب والتنافس حول الخلافة ونقص الكفاءة في الحكم قد "انهك" النظام واركانه اكثر من اي شيء آخر,كما اننا نعلم ان هناك مشكلة كفاءة بين صفوف افراد الاسرة الحاكمة, والآن اذ استقرت امور الحكم فإن الصراع انتقل من صراع اقطاب الى صراع محاور (اقرأ مقال محور ناصر ومحور احمد بتاريخ 18 فبراير). ويأتي هذا الصراع الذي يبدو انه سوف يكون "معركة كسر عظم" بالنسبة للشيخ احمد الفهد, في وقت حساس جدا. فمرجعية الاسرة, بعد استقرار امر الخلافة, لم تعد تهتم بالشؤون اليومية حسبما يبدو, كما ان الشيخ احمد الفهد وهو ممن ساهموا في حسم الصراع على الكرسي الكبير يخشى من ان تطبق عليه "وصايا ميكيافيللي للأمراء" بشأن مرحلة ما بعد استلام الحكم ( حتما يشاركه القلق من نفس المصير رئيس مجلس الامة جاسم الخرافي). وفي مقابل "عزوف المرجعية" نجد ان الشيخ ناصر المحمد رئيس الوزراء يعمل وفق اجندة تحمل بندا واحدا هو اثبات اهليته وجدارته لتولي منصب رئاسة الوزراء, وهو في مسعاه هذا يأخذ خطا وطنيا يسهل حصوله على دعم القوى السياسية الوطنية بل ويوفر له التقدير لدى الغرب كونه يريد تحقيق اصلاحا سياسيا جوهريا لا شكليا سواء في موضوع الدوائر الانتخابية وتطبيق القانون عموما ومكافحة الفساد (وان كان يؤخذ عليه تساهله في قضية الشركة الدولية). وفي السياق نفسه نشاهد ايضا موقف النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية والدفاع الشيخ جابر المبارك الذي يسعى بدوره لاثبات كفاءته واستقلاليته وقد نجح حتى الآن في اعطاء "لمحات" مما يريد اثباته سواء عبر موقفه الايجابي من قضية الدوائر الانتخابية او موقفه من احد ابناء الاسرة الحاكمة والقاء القبض عليه في قضية مخدرات.
واذا اخذنا قضية الدوائر الانتخابية كمثال سنجد ان رئيس الوزراء يريد المحافظة على مصداقيته امام البرلمان كما يريد اجراء تغيير جذري على تلك الدوائر وهو تغيير يترتب عليه حتما نتائج سياسية عديدة غير ان اهمها هو تقلص قدرة الاسرة الحاكمة في التأثير على نتائج الانتخابات. وهذا ما يقلق الشيخ احمد الفهد ومن معه من الذين يستمدون قيمتهم السياسية من قدرتهم على التأثير في الانتخابات وهو التأثير الذي يوفر لهم فيما بعد حصانة سياسية مضافة تجعلهم في منأى عن المساءلة السياسية. المهم في الامر ان فريق الشيخ احمد الفهد يستخدم حاليا عدة وسائل للحفاظ على نفوذه ومن بين تلك الوسائل محاولة "استنهاض" الاسرة الحاكمة عبر القول بأن تعديل الدوائر هو مقدمة لاشهار الاحزاب وان الاحزاب تقود الى خروج رئاسة الوزراء من حيازة الاسرة الحاكمة! وايا كانت النتائج فإن مجرد "استنهاض" الاسرة الحاكمة وطرح احتمال فقدان الاسرة لمنصب رئاسة الوزراء نتيجة خطوة واحدة من خطوات الاصلاح السياسي المحتوم في الكويت يظهر في الواقع مدى هشاشة النفوذ الذي بنته الاسرة خارج الاطار الدستوري كما يظهر ايضا مقدار تناقضه مع شعار الاصلاح الذي يراد له ان يكون شعار العهد الجديد!
على اي حال فإنني اعتقد ان سلطة الشيوخ الذين يعارضون الاصلاح السياسي ويتمسكون بنفوذهم المبني خارج النصوص الدستورية سوف تتقلص اذا استمر الشيخ ناصر المحمد ومعه الشيخ جابر المبارك في جهودهما لاثبات اهليتهما, ذلك ان كل من الشيخ ناصر والشيخ جابر لا يملكان حقيقة خيارا آخرا غير الاصلاح ان هما ارادا تسجيل شيء باسميهما في تاريخ الكويت, ولذلك اعتقد ان نفوذ مؤسسة الفساد والافساد سوف يتراجع تدريجيا خاصة مع احتمال تطبيق "وصايا ميكيافيللي" للأمراء الجدد والتي قد يكون الشيخ احمد الفهد اول "ضحاياها" حيث لن يشفع له "تاريخه".. بل ان هذا "التاريخ" هو سبب تحوله الى "ضحية"!!
واذا كان هناك شبه اجماع على ان نفوذ الاسرة الحاكمة خارج اطار الدستور ورعاية بعض افرادها للفساد وتبنيهم منهج الافساد هو سبب تردي الاوضاع في البلاد, فإن الصراع الذي يدور الآن حول الدوائر الانتخابية هو صراع بين "الخير والشر" وليس من المقبول ان ينتصر فيه "الشر". واذا ما انتصر" الخير" الذي تمثله توجهات الشيخ ناصر المحمد على "الشر" في القضية الرمزية وهي الدوائر الانتخابية فإن هذا يعني بداية اضمحلال النفوذ غير الشرعي لبعض افراد الاسرة الحاكمة, ومالم يتم "تعويض" الفراغ الذي سوف تتركه "قوى الشر" سريعا عبر تعزيز سلطة القانون وتطبيق جوهر الدستور بالدفع نحو شعبية الوزارة وتحجيم الاسرة الحاكمة في حدود الدستور فإن قوى الشر سوف تسعى لاستعادة مكانتها تحت شعار "علي وعلى اعدائي"!!
ان التغيير قادم لا محالة, ومن الافضل ان تتم قيادة هذا التغيير من داخل الاسرة الحاكمة, لذلك علينا نحن في الكويت ان نتهيأ لهذا التغيير عبر دعم واحتواء "قوى الخير" ونبذ ومحاربة "قوى الشر". ان الفرصة متاحة امامنا لذلك يجب الا نكتفي بدور المتفرج!