المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما تصبح أسرارنا سلاحا في يد الآخرين



فاطمي
04-17-2006, 06:52 AM
تحقيق: ثائرة محمد


في وجود الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة أصبحنا في مجتمع العولمة الذي جعل المجتمعات حولنا قرية صغيرة تفتقر إلى الخصوصية، فأصبحنا مكشوفين بعضنا على البعض الآخر وبأدق تفاصيل حياتنا.
الموبايل على سبيل المثال أصبح بسلاح كاميرته يلتقط صور الأشخاص في أي وقت أو أي مكان الأمر الذي جعل الناس يفقدون خصوصيتهم.
في هذا التحقيق سنعرف المزيد من التفاصيل التي جعلت الناس لا يستطيعون الحفاظ على ما يخصهم أو يخص غيرهم.
كما سنحاول الاجابة عن سؤال آخر: من هم الأشخاص الذين نستطيع أن نطلعهم على سرنا أو ما يخصنا ويزعجنا؟ وهل انعدمت الثقة بين الناس؟ أم انه لم يعد هناك مكان للأسرار في المجتمع الحديث؟ تابعوا معنا آراء مختلفة حول هذا الموضوع.


يقولون 'العين أبركت الجمل'، فالعين والحسد والخوف من الآخرين جعلت الإنسان لا يثق بالآخر خوفا من ان يصاب بعينه أو بأذى قد يلحق به إذا ما اخبره عن نجاحات تمكن من تحقيقها.
هذا ما قالته نورة العلي التي ترى ان المبادئ اختلفت في المجتمع اليوم عن ما كانت عليه في السابق، وضاع في زحمة تطوره كثير من القيم والاخلاقيات التي كانت سائدة في الماضي، وذلك بحجة التطور. وأضافت:
ان مفهوم الثقة اليوم بات يختلف عن الأمس، حيث انها كانت بالامس كلمة والتزاما وصدقا وامانة اسرار وقيما واخلاقيات كثيرة، اما اليوم فينظر الى الشخص الذي يضع ثقته في آخر على انه طيب وساذج و'أهبل' أو مخدوع.. ولهذا اصبح الناس يخفون بعضهم عن البعض الآخر كثيرا من خصوصياتهم، خصوصانورة ما يتعلق بالنجاحات التي حققوها خوفا من العين في كثير من الأحيان، على اعتبار انه من النادر أن تجد أحدا اليوم يتمنى الخير للآخرين. فالانانية اصبحت صفة شائعة في عصرنا الحالي الذي ضاعت فيه اخلاقيات الماضي.
الناس باتوا يخافون الآخرين ولا يرغبون في البوح بنجاحاتهم حتى امام اقرب الناس اليهم خوفا من ان ينقلب النجاح الى فشل.

الأسرار سلاح في يد الآخرين

وحول هذه النقطة أيضا ترى مياسة العيسوي ان البعض يخشى من البوح باسراره الى الاصدقاء أو المعارف، خصوصا ما يتعلق منها بالمشاكل والأزمات خوفا من استغلالها ضده. وتقول:
اذا ما اختلف شخصان فمن الممكن جدا هذه الايام ان يفشي كل منهما ما يعلمه عن خصوصيات الآخر أو مشاكله رغبة في الانتقام منه أو إيذائه.

وكثير من الناس في وقتنا الحاضر يعانون صدمات نفسية نتيجة فقدان الثقة بالآخرين، خاصة بعد أن يكونوا منحوا ثقتهم لاشخاص معنيين استغلوا هذه الثقة عند حدوث أول خلاف أو سوء فهم. واصبح الكثير من الناس يستغلون أسرار الآخرين لمحاربتهم حتى في مجال عملهم أحيانا، لمصلحة شخصية. ولهذا فان البوح بالاسرار السلبية اصبح في حدود ضيقة، لان الناس اصبحوا اكثر وعيا ويحسبون ألف حساب قبل ان تكشف أسرارهم الى أحد.

تكتم لصعوبة الحياة

وترى الفنانة التشكيلية سكينة الكردي:
الناس يعيشون في عصرنا الحالي حالة من القلق والخوف، فالصداقة مثلا لم يعد لها وجود بمفهومها الحقيقي، واصبح معظم الناس يتكتمون بشدة حول خصوصياتهم أو ما ينوون فعله خوفا من الآخرين الذين لا يعرفون ما يضمرون بأنفسهم من خير أو شر. الفنانون مثلا يخفون مشاريعهم بعضهم عن البعض الآخر، ربما خوفا من ان يسرق الاخرون أفكارهم أو ينسبوها لانفسهم أو ربما لعدم وجود ثقة بالآخر.

الإنترنت ووسائل الإعلام

اما المحامي عبدالعزيز طاهر فيرى ان وسائل الاتصال الحديثة، من انترنت ووسائل اعلام مختلفة جعلت الاحتفاظ بالاسرار امرا غاية في الصعوبة، فالاخبار سريعة الوصول والانتشار، ويقول:
الفنانون مثلا أصبحت حياتهم الخاصة مشاعا للعامة، فهم ملاحقون دائما، ولا يستطيعون كتمان أي سر مهما كانت درجة خصوصيته.

ان وسائل الاتصال الحديثة، ومنها الموبايل، جعلت التقاط الصور لهؤلاء الفنانين ممكنا في أي مكان واي وقت ومن أي شخص. وكلما كان الانسان اكثر شهرة، ارتفعت نسبة الاهتمام بشؤونه الخاصة.
اما عن مدى اهتمام الناس بمعرفة اسرار الاخرين فتتوقف كذلك على درجة اهمية الشخص بالنسبة إلى كل منا.

الأم وحدها مستودع الأسرار

عبير السعدي صبية في العشرين ترى انه ما زالت هناك أسرار وخصوصية بين الناس، وخاصة بين الأصدقاء الذين يمكن ان نبوح لهم بأسرارنا ونأخذ منهم النصيحة والمشورة. والاختيار الصحيح للاصدقاء هو ما يؤمن جانب خيانة السر. وتضيف عبير:
علينا ان نتأكد من حسن نوايا الأصدقاء وأن نعرفهم معرفة تامة قبل البوح لهم بأسرارنا لنأمن جانبهم. وعلينا ان لا نبوح باسرارنا لكل من هب ودب حتى لا نقع في فخ تهورنا فيما بعد.

وأنا أرى ان الأم هي أهم من يمكن ان يحتفظ بأسرارنا وتقدم لنا النصيحة الصادقة من دون أي هدف ويليها في الأهمية الاهل.

اما شقيقتها وفاء السعدي فترى:

ان وجود صديق أو صديقة وفية هذه الايام امر في غاية الصعوبة. فعندما تخبر احدا بان هذا سر كأنك تقول له 'طير وانشره'. ومن الأفضل أن نحتفظ بأسرارنا حتى لا يستغلها الاخرون.
كذلك ترى أم مشعل ان الناس اليوم لا يؤمن جانبهم وانه من الافضل ان يحتفظ الانسان باسراره لنفسه. وتقول:

اذا لم تحفظ سرك فكيف يحفظه الاخرون؟

كثيرة هي الامثال التي يجري تداولها عن الاسرار وتعبر في مجملها عن ان هناك من لا يستطيع الاحتفاظ بالسر، وهؤلاء كيف لهم ان يحتفظوا باسرار الاخرين.
عن هذا الامر تحدثنا روان المشعل:

البعض لا يستطيع الاحتفاظ باسراره لنفسه.. وهؤلاء عادة ما يتصفون بكثرة الكلام والثرثرة، فهم يريدون التحدث مع الآخرين بغرض الكلام فحسب، من دون ان يحسبوا أي حساب لعواقب ما يقولون ورد فعل من يحدثونه.
وهؤلاء عادة ما توقعهم كثرة ثرثرتهم في مشاكل وخيمة، وقد لا يستطيعون ضبط ألسنتهم لانهم تعودوا على الفضفضة لاي انسان وفي أي وقت

البعض لا يقاوم السر

رنا فرح ترى ان الناس في كشف السر أنواع:
فمنهم من يبوح بالأسرار بحسن نية لانهم اعتادوا الكلام فيما يعنيهم ويعني الآخرين، وهناك من يبوح بالاسرار عن سوء نية بغرض النيل من الاخرين والاساءة اليهم.. وفي الحالتين يقاس الامر تبعا لشخصية الانسان نفسه وتربيته واخلاقياته.

وترى رنا ان الام وحدها هي التي يمكن ان نبوح لها بأسرارنا من دون ادنى خوف من العواقب، فلا نستطيع اليوم ان نأمن باسرارنا إلى أحد، حتى ولو كانوا اخوتنا من لحمنا ودمنا.

كاميرات البلوتوث

رشا الخطيب مديرة تحرير احدى المجلات المتخصصة ترى اننا لا نستطيع الاحتفاظ بالاسرار اليوم لان طبيعة الحياة اختلفت، وتضيف:
الفضائيات ووسائل الاعلام وكاميرات البلوتوث لم تبق سرا لاحد. والناس اصبحوا مكشوفين بعضهم أمام البعض الآخر، واي شخص ينوي ان يعرف شيئا عن الآخر يستطيع ذلك من خلال الوسائل الحديثة و 'التلصص' على الآخرين .. فالآن هناك الاقمار الصناعية التي يستطيع بعض الأشخاص عبرها كشف ما يدور في غرف النوم والوصول الى أي موقع أو منزل في العالم، اضافة الى تمكن بعض الاشخاص من اقتحام مواقع الآخرين على الانترنت وكشف أسرارهم ومع من يتحدثون... الى غير ذلك.

أيضا هناك أشخاص يشعرون بالنقص ولا يجدون تعويضا عنه إلا بالثرثرة نتيجة الفراغ في كثير من الأحيان، فهم يتحدثون ولا يخفون أي شيء حتى ما يخصهم. وهؤلاء غالبا لا يقصدون بتصرفهم هذا أذية الآخرين بل مجرد التعويض بإسقاط مشاكلهم على الآخرين.