جمال
04-13-2006, 01:01 PM
الشرق الاوسط في كشمير ترصد التكلفة الإنسانية للنزاع بين الهند وباكستان
سيرنغار(كشيمر): براكريتي غوبتا
صدقوا أو لا تصدقوا. أطفال للبيع في جامو وكشمير جنوب الهند. فبوسع المرء ان يشتري طفلا بمبلغ يتراوح بين خمسة آلاف الى 20 الف روبية (الدولار الأميركي يعادل 44 روبية). ويرتفع السعر اذا كان المباع مراهقا وذكرا.
ويبيع الآباء في المناطق المضطربة النائية، مثل منطقة «دودا»، التي تقع على بعد 270 ميلا شمال جامو وكشمير، واحدا من أطفالهم في الأقل أو يرهنونه لاطعام الاطفال الآخرين. ففي هذا المنطقة الفقيرة من حيث مصادر الطبيعة، هناك مشكلة اخرى، وهي ان الجهود التي كان من المفترض ان تبذلها الدولة على مدار سنوات لتحسين مستويات العيش، وتوفير فرص لحياة افضل، اعاقها النزاع بين الهند وباكستان على كشمير. ومع ان أنظار العالم متركزة على الجانب العسكري من النزاع بين البلدين، الا ان القليل جدا يكتب او يذكر فيما يتعلق بالجوانب الانسانية. وبسبب الفقر المدقع، هرب ما يزيد على 600 من عوائل الهندوس والمسلمين المقيمين في معسكرات «تالوارا» للمهجرين الواقعة في منطقة «اودامبور» المجاورة، هربوا من بيوتهم بسبب الفقر والعنف والمصادمات التي لا تنتهي، بالرغم من فتح حوار بين الهند وباكستان لتهدئة التوتر حول كشمير. ويقدر أن ما يزيد على 200 عائلة باعوا أو رهنوا أطفالا لأغنياء من اجل اطعام العائلة.
وأقام كثير من أولياء الأمور أخيرا مزادا مفتوحا للأطفال في جامو وكشمير. وعرض الأطفال، ومعظمهم من البنات، مع بطاقات سعر تبدأ من 7 آلاف روبية أو أقل، من أجل بيعهم لعوائل تتمكن من رعايتهم. غير ان الحكومة أوقفت المزاد بالقوة وباستخدام الشرطة، لان القوانين تحظر هذه الممارسات. ويبحث نور محمد (55 عاما) عن مشتر لابنه اشفاق البالغ ثمانية أعوام مقابل 10 آلاف روبية. وكان قد باع ابنا يبلغ خمسة اعوام لعائلة في نيودلهي بمبلغ 12 الف روبية. محمد نور الذي فقد ذراعه اليمني في انفجار قنبلة قبل تسع سنوات، قال «لا خيار امامي سوى عرض ابني في المزاد لبيعه. لدي ثلاث بنات لابد من تزويجهن، وأنا غير قادر على العمل، ولهذا وضعت ابني في المزاد». وقال اشفاق موضحا لـ«الشرق الأوسط» لماذا لا يعترض على بيعه، بل يوافق والده على الخطوة «والدي يحبني ولكن كيف يمكنه تزويج شقيقاتي. يمكن ان أعمل مع العائلة التي ستشتريني لعدد من السنوات من أجل الحصول على الأموال. سأساعد والدي على تزويج شقيقاتي».
وكانت كريشنا ديفي من قرية «ثيلو بارنالي» قد أبقت بناتها الثلاث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10 الى 16 عاما مع عوائل مختلفة لقاء قرض تبلغ قيمته 10 آلاف روبية عن كل واحدة منهن. وتقوم الفتيات اللواتي يتم بيعهن او «إقراضهن لعائلات اخرى لعدد من السنوات بالعمل خادمات، او مساعدة الاسرة الجديدة في اعبائها، وفيما يتمتع بعضهن بمعاملة جيدة، تعاني اخريات من معاملة سيئة».
وقالت نيغات بي (50 عاما)، وهي ارملة قتل زوجها على يد مقاتلي «حزب المجاهدين» بتهمة عمله ضدهم مع قوات الأمن الهندية قبل سبع سنوات. وقالت «لم يكن لدي خيار سوى الهرب من البيت لأن المقاتلين كانوا يلاحقوننا. كان علي اعالة خمسة أطفال، ولهذا رهنت ابني وابنتي لدى عائلة مقابل 25 ألف روبية. وقد ساعدنا المبلغ على العيش، ذلك انه ليس لدي عمل أو مورد مالي آخر. كنا قد اعتدنا على العيش من خلال الانتاج الزراعي في بيتنا. الآن أريد استعادة اطفالي ولكن ليس لدي المال المطلوب لذلك». والى جانب نيغات بي، يريد كثير من أولياء الأمور استعادة أطفالهم ويسعون الى الحصول على مساعدة مالية من الحكومة. ومن بين هؤلاء رياض احمد الذي يريد استعادة ابنيه من عائلة في بانغالور، ويقول احمد لـ«الشرق الاوسط» «الآن فتحت محلا للبقالة ويمكنني اعالة عائلتي. ولكنني لا استطيع دفع مبلغ 25 ألف روبية لعائلتين من اجل استعادة ابنائي. أريد من الحكومة اما أن تدفع لي مالا او تنقذ أطفالي».
رياض احمد بدأ مع آخرين قبل فترة الاحتجاج لدى السلطات من اجل اخذ معونة مالية شهرية، تساعده على استعادة ابنائه. وتوفر حكومة كشمير معونة مالية بالفعل، لكن لأولئك الذين أرغموا على الهجرة من كشمير في سنوات التسعينات، الا ان مثل هذه المعونة لا تقدم لآخرين ممن هربوا من الاماكن التي يسيطر عليها المؤيدون لباكستان في منطقة جامو كشمير.
وكانت بوجا البالغة 19 عاما قد رهنت قبل ثمانية اعوام من جانب والدها للقيام بعمل منزلي مع عائلة في جامو مقابل 10 آلاف روبية. وقد تابعتها «الشرق الأوسط» وهي تقول انها تقوم بكل العمل مقابل مبلغ 500 روبية شهريا، وهو ما توفر جزءا منه لعائلتها. وقالت بوجا «أقوم بغسل الملابس واعداد الطعام وكل ما يتطلبه العمل في المنزل الذي أعيش فيه. اشعر بأنني في وضع سيئ». ولا يمكن تحرير بوجا ما لم يرجع والدها المبلغ المطلوب. أما شقيقتها ميتو فلديها قصة مماثلة، ولكن الفارق الوحيد يتمثل في انه سمح لها بالدراسة. فالبيت الذي تقيم فيه يتحمل نفقاتها، ولكن بدون ان تحصل على غداء مجاني، عليها ان تعمل من اجل لقمة العيش التي تأكلها، وهي مقارنة بأقارنها تعتبر محظوظة.
سيرنغار(كشيمر): براكريتي غوبتا
صدقوا أو لا تصدقوا. أطفال للبيع في جامو وكشمير جنوب الهند. فبوسع المرء ان يشتري طفلا بمبلغ يتراوح بين خمسة آلاف الى 20 الف روبية (الدولار الأميركي يعادل 44 روبية). ويرتفع السعر اذا كان المباع مراهقا وذكرا.
ويبيع الآباء في المناطق المضطربة النائية، مثل منطقة «دودا»، التي تقع على بعد 270 ميلا شمال جامو وكشمير، واحدا من أطفالهم في الأقل أو يرهنونه لاطعام الاطفال الآخرين. ففي هذا المنطقة الفقيرة من حيث مصادر الطبيعة، هناك مشكلة اخرى، وهي ان الجهود التي كان من المفترض ان تبذلها الدولة على مدار سنوات لتحسين مستويات العيش، وتوفير فرص لحياة افضل، اعاقها النزاع بين الهند وباكستان على كشمير. ومع ان أنظار العالم متركزة على الجانب العسكري من النزاع بين البلدين، الا ان القليل جدا يكتب او يذكر فيما يتعلق بالجوانب الانسانية. وبسبب الفقر المدقع، هرب ما يزيد على 600 من عوائل الهندوس والمسلمين المقيمين في معسكرات «تالوارا» للمهجرين الواقعة في منطقة «اودامبور» المجاورة، هربوا من بيوتهم بسبب الفقر والعنف والمصادمات التي لا تنتهي، بالرغم من فتح حوار بين الهند وباكستان لتهدئة التوتر حول كشمير. ويقدر أن ما يزيد على 200 عائلة باعوا أو رهنوا أطفالا لأغنياء من اجل اطعام العائلة.
وأقام كثير من أولياء الأمور أخيرا مزادا مفتوحا للأطفال في جامو وكشمير. وعرض الأطفال، ومعظمهم من البنات، مع بطاقات سعر تبدأ من 7 آلاف روبية أو أقل، من أجل بيعهم لعوائل تتمكن من رعايتهم. غير ان الحكومة أوقفت المزاد بالقوة وباستخدام الشرطة، لان القوانين تحظر هذه الممارسات. ويبحث نور محمد (55 عاما) عن مشتر لابنه اشفاق البالغ ثمانية أعوام مقابل 10 آلاف روبية. وكان قد باع ابنا يبلغ خمسة اعوام لعائلة في نيودلهي بمبلغ 12 الف روبية. محمد نور الذي فقد ذراعه اليمني في انفجار قنبلة قبل تسع سنوات، قال «لا خيار امامي سوى عرض ابني في المزاد لبيعه. لدي ثلاث بنات لابد من تزويجهن، وأنا غير قادر على العمل، ولهذا وضعت ابني في المزاد». وقال اشفاق موضحا لـ«الشرق الأوسط» لماذا لا يعترض على بيعه، بل يوافق والده على الخطوة «والدي يحبني ولكن كيف يمكنه تزويج شقيقاتي. يمكن ان أعمل مع العائلة التي ستشتريني لعدد من السنوات من أجل الحصول على الأموال. سأساعد والدي على تزويج شقيقاتي».
وكانت كريشنا ديفي من قرية «ثيلو بارنالي» قد أبقت بناتها الثلاث اللواتي تتراوح أعمارهن بين 10 الى 16 عاما مع عوائل مختلفة لقاء قرض تبلغ قيمته 10 آلاف روبية عن كل واحدة منهن. وتقوم الفتيات اللواتي يتم بيعهن او «إقراضهن لعائلات اخرى لعدد من السنوات بالعمل خادمات، او مساعدة الاسرة الجديدة في اعبائها، وفيما يتمتع بعضهن بمعاملة جيدة، تعاني اخريات من معاملة سيئة».
وقالت نيغات بي (50 عاما)، وهي ارملة قتل زوجها على يد مقاتلي «حزب المجاهدين» بتهمة عمله ضدهم مع قوات الأمن الهندية قبل سبع سنوات. وقالت «لم يكن لدي خيار سوى الهرب من البيت لأن المقاتلين كانوا يلاحقوننا. كان علي اعالة خمسة أطفال، ولهذا رهنت ابني وابنتي لدى عائلة مقابل 25 ألف روبية. وقد ساعدنا المبلغ على العيش، ذلك انه ليس لدي عمل أو مورد مالي آخر. كنا قد اعتدنا على العيش من خلال الانتاج الزراعي في بيتنا. الآن أريد استعادة اطفالي ولكن ليس لدي المال المطلوب لذلك». والى جانب نيغات بي، يريد كثير من أولياء الأمور استعادة أطفالهم ويسعون الى الحصول على مساعدة مالية من الحكومة. ومن بين هؤلاء رياض احمد الذي يريد استعادة ابنيه من عائلة في بانغالور، ويقول احمد لـ«الشرق الاوسط» «الآن فتحت محلا للبقالة ويمكنني اعالة عائلتي. ولكنني لا استطيع دفع مبلغ 25 ألف روبية لعائلتين من اجل استعادة ابنائي. أريد من الحكومة اما أن تدفع لي مالا او تنقذ أطفالي».
رياض احمد بدأ مع آخرين قبل فترة الاحتجاج لدى السلطات من اجل اخذ معونة مالية شهرية، تساعده على استعادة ابنائه. وتوفر حكومة كشمير معونة مالية بالفعل، لكن لأولئك الذين أرغموا على الهجرة من كشمير في سنوات التسعينات، الا ان مثل هذه المعونة لا تقدم لآخرين ممن هربوا من الاماكن التي يسيطر عليها المؤيدون لباكستان في منطقة جامو كشمير.
وكانت بوجا البالغة 19 عاما قد رهنت قبل ثمانية اعوام من جانب والدها للقيام بعمل منزلي مع عائلة في جامو مقابل 10 آلاف روبية. وقد تابعتها «الشرق الأوسط» وهي تقول انها تقوم بكل العمل مقابل مبلغ 500 روبية شهريا، وهو ما توفر جزءا منه لعائلتها. وقالت بوجا «أقوم بغسل الملابس واعداد الطعام وكل ما يتطلبه العمل في المنزل الذي أعيش فيه. اشعر بأنني في وضع سيئ». ولا يمكن تحرير بوجا ما لم يرجع والدها المبلغ المطلوب. أما شقيقتها ميتو فلديها قصة مماثلة، ولكن الفارق الوحيد يتمثل في انه سمح لها بالدراسة. فالبيت الذي تقيم فيه يتحمل نفقاتها، ولكن بدون ان تحصل على غداء مجاني، عليها ان تعمل من اجل لقمة العيش التي تأكلها، وهي مقارنة بأقارنها تعتبر محظوظة.