موالى
04-11-2006, 12:19 AM
الشيخ عصام تليمة : بتاريخ 9 - 4 - 2006
رحم الله الأستاذ محمد المأمون الهضيبي، فقد كان له من أبيه (المستشار حسن الهضيبي) نصيب، فقد انهالت على الابن الاتهامات ممن تصوروا الرجل خطأ، كما انهالت من قبل على أبيه ممن تصوروه خطأ كذلك، ولست اليوم بصدد الدفاع عن الهضيبي الأب ولا الهضيبي الابن، ولكني أردت أن أبين موقفا للتاريخ والحق، لم يشأ الله لهذا الموقف أن يذيع وينتشر بين الناس، وأراه من باب الوفاء والأمانة التاريخية أن يذكر.
عرفت بوفاة الأستاذ الهضيبي في الساعة الثانية قبل فجر يوم الجمعة الموافق: 9/1/2004، وفي الصباح الباكر اتصلت بالشيخ القرضاوي لأبلغه بخبر وفاة الأستاذ الهضيبي، فعلمت منه أنه عرف بذلك، وخرج الشيخ لخطبة الجمعة، ثم رثى الأستاذ الهضيبي بكلمات قصيرة، فلا يوجد ـ إلى الآن ـ كتاب أو جزء من كتاب يتناول تفصيلات عن حياة المستشار مأمون الهضيبي، بحيث تكون في متناول أي باحث يرغب في الكتابة عن مرشدي الإخوان، وقد طلب الشيخ معلومات مفصلة عن الهضيبي الابن، ثم صلى الشيخ صلاة الغائب في مسجد عمر بن الخطاب، أشهر وأكبر مساجد العاصمة القطرية: الدوحة.
وبعد الجمعة كنت أُقِل الشيخ القرضاوي إلى بيته، فوجئت بسر يذكره الشيخ لأول مرة، وهذا السر يبين مدى أن الهضيبي الابن رحمه الله لم يكن متشبثا بقيادة الإخوان كما أشيع عنه، وكما افترى من افترى، والموقف أرويه للقارئ كما رواه لي الشيخ القرضاوي، إذ يقول:
في بداية شهر رمضان الماضي، طلب أحد كبار المفكرين الإسلاميين في مصر لقائي، وكان الشيخ آنذاك في مكة المكرمة، وأن يكونا منفردين، فالتقيا، وقال المفكر للشيخ: أتيتك برسالة من الإخوان، وتحديدا من مرشد الإخوان المسلمين (الأستاذ مأمون الهضيبي) وأنا موافق على مضمون الرسالة، ومعي من المفكرين الموافقين فلان وفلان وفلان، وذكر عددا من المفكرين الإسلاميين المرموقين في مصر، وهم كذلك موافقون على هذا الطلب، فقال الشيخ: وما هذا الطلب، أو ما مضمون الرسالة؟
قال المفكر للشيخ: يقول لك الأستاذ الهضيبي: أنا مستعد للتنازل لك عن منصب المرشد العام للإخوان المسلمين، وإذا وافقت على ذلك لن أكون عقبة أمامك في أي شيء، وسوف أساعدك على ذلك، وأذلل لك كل الصعاب، وسوف أكون ـ ومعي كل الإخوان المسلمين ـ عونا لك على أداء دورك ومهامك.
ولم يخبر الشيخ القرضاوي بهذا اللقاء أحدا، ولم يستشر فيه أحدا، قبل وفاة الأستاذ الهضيبي، إلا رفيق دربه وكفاحه، وزميل دراسته، الدكتور أحمد العسال، فكان نصيحته للشيخ بعدم القبول. ولما أعاد الشيخ القرضاوي ما طلب منه من قبل، عندما كنت معه، كان رأينا: نفس رأي الدكتور العسال، لعدة أسباب، منها: أن قبول الشيخ لهذا المنصب، سيحول بينه وبين الظهور الكثير في الفضائيات وغيرها، لانشغاله بهذا المنصب، كما أنه سيمنع من كثرة أسفاره، وهو رئيس مجلس الإفتاء الأوربي، يعني قبول المنصب سيكون حرمانا له وللمسلمين من كل أنشطته العامة، وهذا ليس بمفيد له وللدعوة، بل الأفيد أن يظل كما هو رجلا عاما، يتحرك كيف شاء، وأنى شاء.
ثم قلت للشيخ القرضاوي مازحا: ما رأيك لو عرض عليك الإخوان منصب المرشد، أن تقبل ثم تتنحى لأحد جيل الشباب، الذين تحبهم، وذكرت له مثلا: الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو الدكتور عصام العريان؟! فقهقه الشيخ ضحكا من الاقتراح.
ثم ذكرت بعد ذلك هذا الموقف للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فأكد صحة الخبر فعلا، وأن الأستاذ الهضيبي استشاره في ذلك وأخبره بنيته في التنحي عن منصب المرشد للشيخ القرضاوي.
لقد تبين لنا من موقف الأستاذ الهضيبي رحمه الله: أنه لم يكن متمسكا ولا متكالبا على قيادة الإخوان، كما افترى عليه من افترى، وزعم من زعم، وأساء من أساء إلى شخص الرجل حيا وميتا، ورحم الله الهضيبي الكبير والصغير، فقد كان للهضيبي الصغير من أبيه نصيب.
Essamt74@hotmail.com
رحم الله الأستاذ محمد المأمون الهضيبي، فقد كان له من أبيه (المستشار حسن الهضيبي) نصيب، فقد انهالت على الابن الاتهامات ممن تصوروا الرجل خطأ، كما انهالت من قبل على أبيه ممن تصوروه خطأ كذلك، ولست اليوم بصدد الدفاع عن الهضيبي الأب ولا الهضيبي الابن، ولكني أردت أن أبين موقفا للتاريخ والحق، لم يشأ الله لهذا الموقف أن يذيع وينتشر بين الناس، وأراه من باب الوفاء والأمانة التاريخية أن يذكر.
عرفت بوفاة الأستاذ الهضيبي في الساعة الثانية قبل فجر يوم الجمعة الموافق: 9/1/2004، وفي الصباح الباكر اتصلت بالشيخ القرضاوي لأبلغه بخبر وفاة الأستاذ الهضيبي، فعلمت منه أنه عرف بذلك، وخرج الشيخ لخطبة الجمعة، ثم رثى الأستاذ الهضيبي بكلمات قصيرة، فلا يوجد ـ إلى الآن ـ كتاب أو جزء من كتاب يتناول تفصيلات عن حياة المستشار مأمون الهضيبي، بحيث تكون في متناول أي باحث يرغب في الكتابة عن مرشدي الإخوان، وقد طلب الشيخ معلومات مفصلة عن الهضيبي الابن، ثم صلى الشيخ صلاة الغائب في مسجد عمر بن الخطاب، أشهر وأكبر مساجد العاصمة القطرية: الدوحة.
وبعد الجمعة كنت أُقِل الشيخ القرضاوي إلى بيته، فوجئت بسر يذكره الشيخ لأول مرة، وهذا السر يبين مدى أن الهضيبي الابن رحمه الله لم يكن متشبثا بقيادة الإخوان كما أشيع عنه، وكما افترى من افترى، والموقف أرويه للقارئ كما رواه لي الشيخ القرضاوي، إذ يقول:
في بداية شهر رمضان الماضي، طلب أحد كبار المفكرين الإسلاميين في مصر لقائي، وكان الشيخ آنذاك في مكة المكرمة، وأن يكونا منفردين، فالتقيا، وقال المفكر للشيخ: أتيتك برسالة من الإخوان، وتحديدا من مرشد الإخوان المسلمين (الأستاذ مأمون الهضيبي) وأنا موافق على مضمون الرسالة، ومعي من المفكرين الموافقين فلان وفلان وفلان، وذكر عددا من المفكرين الإسلاميين المرموقين في مصر، وهم كذلك موافقون على هذا الطلب، فقال الشيخ: وما هذا الطلب، أو ما مضمون الرسالة؟
قال المفكر للشيخ: يقول لك الأستاذ الهضيبي: أنا مستعد للتنازل لك عن منصب المرشد العام للإخوان المسلمين، وإذا وافقت على ذلك لن أكون عقبة أمامك في أي شيء، وسوف أساعدك على ذلك، وأذلل لك كل الصعاب، وسوف أكون ـ ومعي كل الإخوان المسلمين ـ عونا لك على أداء دورك ومهامك.
ولم يخبر الشيخ القرضاوي بهذا اللقاء أحدا، ولم يستشر فيه أحدا، قبل وفاة الأستاذ الهضيبي، إلا رفيق دربه وكفاحه، وزميل دراسته، الدكتور أحمد العسال، فكان نصيحته للشيخ بعدم القبول. ولما أعاد الشيخ القرضاوي ما طلب منه من قبل، عندما كنت معه، كان رأينا: نفس رأي الدكتور العسال، لعدة أسباب، منها: أن قبول الشيخ لهذا المنصب، سيحول بينه وبين الظهور الكثير في الفضائيات وغيرها، لانشغاله بهذا المنصب، كما أنه سيمنع من كثرة أسفاره، وهو رئيس مجلس الإفتاء الأوربي، يعني قبول المنصب سيكون حرمانا له وللمسلمين من كل أنشطته العامة، وهذا ليس بمفيد له وللدعوة، بل الأفيد أن يظل كما هو رجلا عاما، يتحرك كيف شاء، وأنى شاء.
ثم قلت للشيخ القرضاوي مازحا: ما رأيك لو عرض عليك الإخوان منصب المرشد، أن تقبل ثم تتنحى لأحد جيل الشباب، الذين تحبهم، وذكرت له مثلا: الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أو الدكتور عصام العريان؟! فقهقه الشيخ ضحكا من الاقتراح.
ثم ذكرت بعد ذلك هذا الموقف للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح فأكد صحة الخبر فعلا، وأن الأستاذ الهضيبي استشاره في ذلك وأخبره بنيته في التنحي عن منصب المرشد للشيخ القرضاوي.
لقد تبين لنا من موقف الأستاذ الهضيبي رحمه الله: أنه لم يكن متمسكا ولا متكالبا على قيادة الإخوان، كما افترى عليه من افترى، وزعم من زعم، وأساء من أساء إلى شخص الرجل حيا وميتا، ورحم الله الهضيبي الكبير والصغير، فقد كان للهضيبي الصغير من أبيه نصيب.
Essamt74@hotmail.com