المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كتاب العراق يحترق ... شهادات من قلب المقاومة



سمير
04-10-2006, 12:58 AM
اكد ان الزرقاوي حقيقة لا اسطورة ولا يعتبره وهما اميركيا


"العراق يحترق" شهادات ميدانية من المدن والجماعات الاسلامية



عرض: انور الياسين


يصادف غدا ذكرى مرور اربع سنوات على سقوط النظام العراقي السابق ورئيسه صدام حسين, ومنذ قيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا بتحرير العراق صدر عن دور النشر العربية والغربية مئات الكتب التي تشرح تجارب ويوميات بعضها منحاز والآخر يحمل وجهة نظر موضوعية, مؤلف الكتاب »العراق يحترق« الصحافي زكي شهاب الصادر عن دار رياض الريس يتناول في هذا الكتاب الحالة العراقية من خلال تجاربه الخاصة, حاملا في ذاكرته صلة مراسلة بينه وبين احد شباب الفلوجة قبل خمسة وثلاثين عاماً. وصل الى ارض صاحبه الذي لم يره من قبل, وتعرف عن كثب على اعضاء في الحركات المسلحة الاسلامية, ناقلاً ما سمعه وما رآه من مفاجئات, قد تؤثر في اقسام ليست قليلة من الرأي العام العربي, الذي ظل مؤيدا لصدام حسين, بلا اية رؤية عقلانية, او مقاربة من داخل الحدث. وما اكتشفه المؤلف ان عدد كبير من اهل العوجة, قرية صدام حسين, لا يطيقون رئيس العراق السابق, وكان يتمنون زواله, وكذلك حال تكريت وغيرها من مدن غرب العراق.

الكتاب غني بتفاصيل متنوعة ومعقدة ومثيرة, تعكس مفارقات الشأن العراقي ومفاجآته.

يقول المؤلف انه كان ينام في الفلوجة بنصف عين خشية من مباغتة عملية ارهابية او اجتياح دبابة اميركية للمنزل الذي يأوي فيه. وجد مسلحين كثيرين افرحهم اعتقال صدام حسين في 13 ديسمبر ,2003 لان كل عملية كانوا يقومون بها كانت تكرس قيادته الموهومة, او تنظيم البعث, الذي اعاد تشكيل نفسه, من دون توافق كلي مع المسلحين الآخرين.

المؤلف يبدأ الكتاب بشرح عن الحركة الاسلامية المسلحة, وما يجمعها من قواسم مشتركة, وما تختلف حوله. وكيف ان المد الاسلامي لم يكن وليد الاحتلال, بقدر ما اظهره الاحتلال الى السطح, ودفعه الى رفع السلاح واعلان المواجهة.

وفي المقابل وجد اغلب العراقيين قد افرحهم سقوط دولة البعث بهذه الطريقة او غيرها, وان كان للفرح درجات. لكن تخبط الاميركان وفضائح التعذيب بالسجون, والظهور في الساحات والطرقات بدرجة قصوى من العنف, ادى الى تضاؤل تلك المشاعر, وشجع الانخراط في العمليات المسلحة ضدهم. صاحب ذلك قرارات حمقاء من وزن حل الجيش العراقي, ليصبح نحو نصف مليون عسكري عاطلين عن العمل, يقفون لايام واسابيع بانتظار جزء من رواتبهم, او البحث عن اعمال مدنية اخرى. ثم جاء قرار اجتثاث البعث, الذي ضاعف الحماس للانخراط في العمليات العسكرية.

سأل المؤلف احد المقاومين, او الحامين لهم, عن استهداف المدنيين واقسام الشرطة, فرد قائلاً: »ان تحذيرات تنشر في بغداد ومدن اخرى, طالبة من المواطنين العراقيين الابتعاد عن قوات الاحتلال والدبابات المصفحة, وبهذه الطريقة تستطيع خلايانا المقاتلة تنفيذ عملياتها الاستشهادية من دون الحاق الاذى بالمدنيين. بيد اننا لن نشعر بالذنب اذا قتل اي من مواطنينا المتعاملين مع الاميركيين او العاملين معهم«. وهنا لا يحسب المسلحون حساب الفوضى, ومحدودية نشر البيانات, ولهذا يعد هذا التصريح اصرارا على القتل الجماعي.

وقال محمود الندا, رئيس عشيرة البيجات بتكريت, بعد ان طلب منه المؤلف اجراء مقابلة: »ابحث عن المنزل الاكبر في القرية وستجدني..بيتي اكبر من بيت صدام حسين«! كان هذا قبل القبض على صدام في الحفرة المشهورة, وعندما سأله عن مكانه, قال: »انا متأكد انه مختبئ في مكان في هذه القرية«. تدلك الاجابة على انه لم يعد مهموما بمصير صدام حسين, وان الرئيس السابق مجرد تابع من اتباع عشيرته لم تزد الرئاسة فيه شيئاً, الا انه من الصعب التنازل عن العرف العشائري ليحصل على الخمسة والعشرين مليون دولار, ويدل على مكانه, مع ان آل الندا نكبوا بغدر صدام حسين, عندما اغتال محمد بن احمد حسن البكر ,1968 وقضى على زوجته واختها وهما بنات آل الندا.

بعد قراءة الفصلين الخاصين بالمقاومة الاسلامية, يتأكد لنا وجود الاردني ابو مصعب الزرقاوي حقيقة لا اسطورة, كما يذهب الكثيرون, ويعتبرونه وهما اميركيا. يقول من قلب الحدث:»انشأ ابو مصعب الزرقاوي, الناشط الاردني, قاعدة قوية في الفلوجة, بالقرب من الرمادي, هذه المدينة التي التقيت فيها للمرة الاولى بعناصر مجموعة من المقاومة. وقد ترقى الزرقاوي في صفوف القاعدة »فشرفه« اسامة بن لادن بمنحه لقب امير »القاعدة في بلاد الرافدين«. ونجح رجال بن لادن في العراق بتجنيد مئات العراقيين, ما لم يكن الآلاف منهم, اضافة الى عدة مئات من المقاتلين من دول عربية اخرى« ومع ذلك قلل المؤلف من عدد المقاتلين او الانتحاريين العرب بالعراق, على خلاف ما تقدمه وسائل الاعلام, وتقارير الحكومة العراقية من ان عددهم اكثر من ثلاثة الاف.

نقل احدهم للمؤلف وصفاً للقائه بابي مصعب الزرقاوي, امير حركة التوحيد والجهاد, وكيف حول الارض الزراعية, الواقعة خلف ما عرف بالمثلث السني, الى ارض محروسة ومحكمة, ومعظم حراسه عراقيون, وهو يتخذ من غرفة طينية, لاتلفت النظر, غرفة عمليات, ويتكلم بهدوء ويتمتع بعقلية متوازنة, ويحفظ الاسماء, ويتعرف على من مر به سابقاً وان كان متنكرا. ويكثر من تلاوة القرآن, والاصغاء الى محاضرات اسلامية مصورة, ومتابعة الاخبار, اضافة الى ذلك انه صاحب العقل المدبر لعمليات الموت, وقطع الاعناق, وإلحاق الاذى. وهناك تفاصيل اخرى نظرها زكي شهاب عن قرب تؤكد وجود الزرقاوي, وانه ليس اسطورة, وكل قطع رقبة بدم بارد ربما كان من تدبيره المباشر.

يستهل المؤلف الفصل الثاني من الكتاب »مقاتلون اجانب« بتكليف تلقاه من صديق للمساعدة في البحث عن شاب اسمه زياد الجراح, يعيش في المانيا, وجندته »القاعدة« لصالحها, ثم كان احد ربابنة الطائرات التي هاجمت نيويورك في 11 سبتمبر2001 لكن طائرته لم تصل الهدف, وانما سقطت في حقل من حقول بنسلفانيا الاميركية. كان هذا المستهل مدخلا مثيراً لقصة المقاتلين الاجانب بالعراق, وكيف كانت حركة انصار الاسلام الكردية هي مضيفهم الاول, وكيف حولت تلك الجماعة وديان المنطقة الى امارة طالبانية, ففرضوا الحجاب على النساء, ومقاسات للحى واشاعة مظاهر العبادة على طريقتهم, واخذ الجزية من غير حركتهم وان كانوا مسلمين. الا ان التفاف الميليشيات الكردية والطائرات الاميركية شتت اعضاءها, ودفع بهم الى داخل الاراضي الايرانية.

ويؤكد المؤلف ان جماعات من هؤلاء المقاتلين الاسلاميين دخلوا العراق بتنسيق مع النظام السابق, وقد احتفظت دوائر الامن بجوازاتهم, وكانوا مستعدين لمعركة فاصلة مع »الصليبيين« لكن بعد انهيار الجيش العراقي, وانسحاب البعثيين الى بيوتهم ومخابئهم شعر هؤلاء انهم بلا هدف, وبلا جوازات سفر ومواطنة. ووجدوا انفسهم عاجزين عن العودة من حيث اتوا »لذا لجأوا الى صفوف الجماعات المتمردة المطلقة العنان في البلاد. وكانت جماعة انصار الاسلام من تلك الجماعات«.

في فصول الكتاب الاخرى تابع المؤلف تاريخ العلاقة بين المعارضة العراقية والاميركان منذ العام 1990 وظروف سجن ابو غريب ونظرة العراقيين للاحتلال الاميركي, كما يبحث الكتاب الشأن الشيعي والكردي, ودور المؤسسة الدينية, من مرجعية وهيئة علماء المسلمين, وهما مختلفان بطبيعة الحال, ولا نعني الاختلاف البدهي المذهبي, كون الاولى شيعية والثانية سنية. بل هما مختلفان, كما هو معروف, حول تقويم الوضع العراقي, وحول مستقبله السياسي, فالمرجعية مالت للتهدئة, ووجدت بسقوط النظام الخلاص من اضطهاد للشيعة وتهميشهم, الذي استمر عقوداً من تاريخ الدولة العرقية, بلغ ذروته في العقود الثلاثة الاخيرة.

تبقى الاشارة الى عنوان الكتاب »العراق يحترق«, وهو قد لا يطابق كل ما ورد في المتن, لكن للناشرين طرائقهم في الاثارة. فقد نظمت ثلاثة انتخابات, مرت بنجاح, وتحسنت احوال العراقيين الاقتصادية, وهم يتمتعون الآن بحرية ليست لها حدود, حسب مشاهدات المؤلف, وكل هذا لا يقودنا الى الاستنتاج بان العراق يحترق.

اسم الكتاب: العراق يحترق ¯ شهادات من قلب المقاومة
تأليف: زكي شهاب
الناشر: دار رياض الريس ¯ بيروت2006