فاتن
04-07-2006, 08:22 AM
جريدة الرأي العام الكويتية
لم يكن حلول ابريل عام 2004، حدثا اعتياديا في حياة العراقيين بصورة عامة ومدينة الفلوجة على وجه الخصوص، إذ وصلت الأزمة في هذه المدينة بين المسلحين الذين كانوا يسيطرون عليها والقوات الأمريكية وقوات الحكومة العراقية الموقتة، ذروتها الامر الذي ادى الى نزوح الالاف العوائل الساكنة فيها الى مناطق ومدن مختلفة.
ومع بداية ابريل من ذلك العام، بدأ العد التنازلي للمعركة الفاصلة التي عدها الكثير من الساسة والمحللين العسكريين آنذاك انتحارا للمسلحين في جبهة لا يتجاوز حجمها أربعة كيلومترات عرضا ومثلها طولا، ورغم ذلك، اصر المسلحون على هذا «الانتحار» وفشلت مفاوضات اللحظة الاخيرة بين وفد من اهالي المدينة والحكومة العراقية، لتبدأ الطائرات والمدافع الاميركية باسقاط قذائفها في الخامس من ابريل.
لكن كل حسابات المنطق تدل على ان هذه المدينة لن تشكل عقبة في وجه الجيش الذي احتل العراق في مدة قصيرة قبل عام من هذه المعركة، فما الذي حصل في معركة الفلوجة الاولى؟
يقول مراقبون للاحداث التي جرت انذاك، ان القوات الاميركية تعرضت الى ضربتين لوجستيتين ادتا بالنتيجة الى اضعاف موقفها في تلك العملية العسكرية الكبيرة والتي عدت انذاك اكبر عملية يقوم بها الجيش بعد حرب فيتنام، حسب القادة العسكريين, واولى هاتين الضربتين، رفض الفوج 36 من الجيش العراقي، وكان أغلب جنوده من جنوب العراق، الاشتراك في هذه المعركة، والأخرى التركيز الاعلامي الكبير على الاحداث التي جرت في تلك الفترة ونقل المعاناة الانسانية لاهالي المدينة مما اوقع الادارة الاميركية وقواتها في حرج كبير.
هذه الامور وغيرها جعلت القوات الاميركية تخطئ في الحساب، بين البيدر والحقل، كما يقول المثل العربي الدارج، لكنها رغم ذلك، اصرت على شن هذه العملية العسكرية رغم ان الجو العراقي والعربي والعالمي كان مشحونا بعواطف جياشة تجاه ما يجري في هذه المدينة.
يقول الشيخ خالد حمود، امام مسجد الفردوس في الفلوجة، ورئيس الوفد المفاوض للاهالي مع الحكومة: «كنا ندرك ان المدينة ماضية نحو الدمار الشامل بفعل القوة العسكرية الهائلة للجيش الاميركي الا ان ما كان يجعلنا نصبر التعاطف الكبير مع المدينة بحيث تحول العراق كله الى حضن كبير ضم الاهالي والعائلات النازحة هربا من جحيم المعركة, قامت القوات الاميركية بشن غارات جوية وقصف مدفعي مكثف على احياء المدينة المختلفة وسقط اثناء هذه الغارات عشرات المدنيين الابرياء من الاهالي».
وقال رافع العيساوي، مدير مستشفى الفلوجة العام في تلك الفترة، «ان ماحصل في هذه المعركة كان جريمة انسانية كبرى وقد وصل حد بشاعتها ان اكثر من 200 طفل قتلوا انذاك اضافة الى مئات اخرين بين امرأة وشيخ ورجل».
وعن عدد الضحايا أفاد «بان اكثر من 600 من ابناء الفلوجة سقطوا قتلى وتحول ملعب المدينة الرياضي الى مقبرة».
ويستذكر العيساوي تلك الايام، بالقول «ان هناك عددا من الحالات لا يمكن نسيانها تدل على بشاعة ما جرى ومنها مقتل امرأة حامل وقد اجريت لها عملية وهي ميتة لإخراج طفلها الذي ولد حيا بالرغم من موت والدته».
وأدى القصف الاميركي الى تدمير عدد كبير من المنازل طوال مدة المعركة التي استمرت فعليا عشرة ايام، الا ان كل هذا القصف وما رافقه من اشتباكات مسلحة عنيفة، لم يفت عضد المسلحين الذين صمدوا حتى اللحظة الاخيرة التي انتهت بتوقيع اتفاق لوقف النار وتسليم المدينة لجيش شكل من ابنائها.
واعلن العيساوي «ان الاحداث التي دارت في تلك الفترة تحتاج الى مساحة كبيرة حتى نتناولها بشيء من الروية والتفصيل، الا ان ما يمكن قوله، ان معركة الفلوجة الاولى شكلت ضربة موجعة لقوات الاحتلال، ووجعها لم يكن عسكريا اطلاقا، بل كان في معرفة الشعور الطاغي المعبر عن كره الشعب العراقي الكبير لها ووحدته في هذا الشعور مما استوجب اعادة هذه القوات لحساباتها من جديد، وهذا باعتقادي هو السبب الرئيس الذي دفع بالادارة الاميركية وقواتها بالقبول بنتيجة تلك المعركة».
وأضاف انه «رغم كل ما جرى، شكلت معركة الفلوجة الاولى بكل ما حملته من ملابسات وتداعيات ونتائج بداية صفحة شرسة للقوات الاميركية في العراق صفحة كانت كلماتها الاولى هي استهداف المدن والمدنيين الرافضين للاحتلال، فبدأت بعد ذلك فصول من العنف الدموي الذي راح ضحيته الالاف من العراقيين».
لم يكن حلول ابريل عام 2004، حدثا اعتياديا في حياة العراقيين بصورة عامة ومدينة الفلوجة على وجه الخصوص، إذ وصلت الأزمة في هذه المدينة بين المسلحين الذين كانوا يسيطرون عليها والقوات الأمريكية وقوات الحكومة العراقية الموقتة، ذروتها الامر الذي ادى الى نزوح الالاف العوائل الساكنة فيها الى مناطق ومدن مختلفة.
ومع بداية ابريل من ذلك العام، بدأ العد التنازلي للمعركة الفاصلة التي عدها الكثير من الساسة والمحللين العسكريين آنذاك انتحارا للمسلحين في جبهة لا يتجاوز حجمها أربعة كيلومترات عرضا ومثلها طولا، ورغم ذلك، اصر المسلحون على هذا «الانتحار» وفشلت مفاوضات اللحظة الاخيرة بين وفد من اهالي المدينة والحكومة العراقية، لتبدأ الطائرات والمدافع الاميركية باسقاط قذائفها في الخامس من ابريل.
لكن كل حسابات المنطق تدل على ان هذه المدينة لن تشكل عقبة في وجه الجيش الذي احتل العراق في مدة قصيرة قبل عام من هذه المعركة، فما الذي حصل في معركة الفلوجة الاولى؟
يقول مراقبون للاحداث التي جرت انذاك، ان القوات الاميركية تعرضت الى ضربتين لوجستيتين ادتا بالنتيجة الى اضعاف موقفها في تلك العملية العسكرية الكبيرة والتي عدت انذاك اكبر عملية يقوم بها الجيش بعد حرب فيتنام، حسب القادة العسكريين, واولى هاتين الضربتين، رفض الفوج 36 من الجيش العراقي، وكان أغلب جنوده من جنوب العراق، الاشتراك في هذه المعركة، والأخرى التركيز الاعلامي الكبير على الاحداث التي جرت في تلك الفترة ونقل المعاناة الانسانية لاهالي المدينة مما اوقع الادارة الاميركية وقواتها في حرج كبير.
هذه الامور وغيرها جعلت القوات الاميركية تخطئ في الحساب، بين البيدر والحقل، كما يقول المثل العربي الدارج، لكنها رغم ذلك، اصرت على شن هذه العملية العسكرية رغم ان الجو العراقي والعربي والعالمي كان مشحونا بعواطف جياشة تجاه ما يجري في هذه المدينة.
يقول الشيخ خالد حمود، امام مسجد الفردوس في الفلوجة، ورئيس الوفد المفاوض للاهالي مع الحكومة: «كنا ندرك ان المدينة ماضية نحو الدمار الشامل بفعل القوة العسكرية الهائلة للجيش الاميركي الا ان ما كان يجعلنا نصبر التعاطف الكبير مع المدينة بحيث تحول العراق كله الى حضن كبير ضم الاهالي والعائلات النازحة هربا من جحيم المعركة, قامت القوات الاميركية بشن غارات جوية وقصف مدفعي مكثف على احياء المدينة المختلفة وسقط اثناء هذه الغارات عشرات المدنيين الابرياء من الاهالي».
وقال رافع العيساوي، مدير مستشفى الفلوجة العام في تلك الفترة، «ان ماحصل في هذه المعركة كان جريمة انسانية كبرى وقد وصل حد بشاعتها ان اكثر من 200 طفل قتلوا انذاك اضافة الى مئات اخرين بين امرأة وشيخ ورجل».
وعن عدد الضحايا أفاد «بان اكثر من 600 من ابناء الفلوجة سقطوا قتلى وتحول ملعب المدينة الرياضي الى مقبرة».
ويستذكر العيساوي تلك الايام، بالقول «ان هناك عددا من الحالات لا يمكن نسيانها تدل على بشاعة ما جرى ومنها مقتل امرأة حامل وقد اجريت لها عملية وهي ميتة لإخراج طفلها الذي ولد حيا بالرغم من موت والدته».
وأدى القصف الاميركي الى تدمير عدد كبير من المنازل طوال مدة المعركة التي استمرت فعليا عشرة ايام، الا ان كل هذا القصف وما رافقه من اشتباكات مسلحة عنيفة، لم يفت عضد المسلحين الذين صمدوا حتى اللحظة الاخيرة التي انتهت بتوقيع اتفاق لوقف النار وتسليم المدينة لجيش شكل من ابنائها.
واعلن العيساوي «ان الاحداث التي دارت في تلك الفترة تحتاج الى مساحة كبيرة حتى نتناولها بشيء من الروية والتفصيل، الا ان ما يمكن قوله، ان معركة الفلوجة الاولى شكلت ضربة موجعة لقوات الاحتلال، ووجعها لم يكن عسكريا اطلاقا، بل كان في معرفة الشعور الطاغي المعبر عن كره الشعب العراقي الكبير لها ووحدته في هذا الشعور مما استوجب اعادة هذه القوات لحساباتها من جديد، وهذا باعتقادي هو السبب الرئيس الذي دفع بالادارة الاميركية وقواتها بالقبول بنتيجة تلك المعركة».
وأضاف انه «رغم كل ما جرى، شكلت معركة الفلوجة الاولى بكل ما حملته من ملابسات وتداعيات ونتائج بداية صفحة شرسة للقوات الاميركية في العراق صفحة كانت كلماتها الاولى هي استهداف المدن والمدنيين الرافضين للاحتلال، فبدأت بعد ذلك فصول من العنف الدموي الذي راح ضحيته الالاف من العراقيين».