فاطمي
04-05-2006, 11:26 AM
الاتحاد الاماراتية
د. عبدالحميد الأنصاري
نحن في زمن نجد فيه العجب العجاب، وحسب المثل "عشْ رجباً تجدْ عجباً"، من كان يصدق أن تتطوع المحامية السعودية "ريم الحبيب" للدفاع عن صدام؟ إنها آخر المدافعين وليست الأخير. لقد أعلنت المحامية السعودية أنها حصلت على موافقة مبدئية من ابنة صدام للدفاع عنه في قضية "الدجيل"، وأكدت أنها اتخذت هذا القرار عن قناعة شخصية بأنها تستطيع -وهي خريجة هارفرد في القانون- تقديم المساعدة لإظهار العدالة في هذه القضية، وقالت إنها لا تمثل الدولة السعودية ولا توجهاً معيناً أو جهة معينة.
ومع تمنياتنا لها بالنجاح في مهمتها الشاقة، إلا أنه من حقنا أن نتساءل كخليجيين لم يأمنوا بوائق جار السوء: ما حاجة صدام إلى جهود المحامية السعودية وعنده فريق ضخم من المحامين الدوليين والعرب والعراقيين؟! ما الذي ستضيفه "ريم الحبيب" إلى دفاع صدام؟!
حقاً إنها أمة عجيبة، يعيث طغاتها في أرضها فساداً ودماراً وتقتيلاً، يحبسون شعوبهم، يسومونهم سوء العذاب، فيهرع حراس القانون ودعاة العدالة وحماة القانون -فيها- إلى تمجيدهم والدفاع عنهم! هل هي نفوس ضعيفة ألفت الذل والطغيان، أم هي "كاريزما" يمتلكها "طغاة العرب" حتى بعد سقوطهم المهين؟!
صدام، حتى وهو في سجنه وبين محاكمته لا يزال يعتبر نفسه الرئيس الشرعي للعراق، ويشاطره في ذلك أعوانه بل ويسانده في ذلك قطاع عريض من الجماهير وسدنة القانون. نقابة المحامين بالأردن تعتبره "السيد الرئيس" وهي مجنّدة بالكامل لخدمته والدفاع عنه، وحتى نقابة المحامين العرب مشغولة بحقوق صدام وضمان المحاكمة العادلة بأكثر من اهتمامها بحقوق المواطن العربي المنتهكة في ظل الأنظمة العربية!
وزراء عدل سابقون تركوا أعمالهم وهبّوا وغامروا بالمجيء إلى بغداد دفاعاً عن صدام!
ما الذي فعله أو قدمه صدام لتلك الجماهير التي لا زالت تهتف بحياته وترفع صوره؟ خالد مشعل جاء إلى الكويت وحاول أن يجامل الكويتيين، فقال: إن هؤلاء الذين أيدوا صدام في غزوه للكويت ورفعوا صوره، لا يمثلون الفلسطينيين. فقامت قيامة هؤلاء ضد تصريحه وزاد هتافهم وتهليلهم للقائد الضرورة، الذي سيحرق إسرائيل ويحرر فلسطين ويعيد أمجاد العرب!
نحن نتفهم أن يقف بعض الفلسطينيين في صف صدام ويستمروا في الولاء له، وقد تكون لبعض العرب مبرراتهم في مساندة صدام نكاية بالأميركيين. ولكن ما لا نفهمه ولا نتقبله ولا نجد له تبريراً انضمام المحامية السعودية إلى جوقة المحامين عن صدام! هل نسيت المحامية مواقف صدام العدائية تجاه بلادها؟ ولولا لطف الله وعنايته بالمملكة وأهل الخليج ولولا حكمة خادم الحرمين الملك فهد -رحمه الله- وبُعد نظر إخوانه حكام الخليج، ولولا إرادة الأميركيين وعزيمتهم، هل كان صدام مكتفياً بالكويت؟!
لا أدري دوافع المحامية السعودية وسعيها الحثيث للانضمام إلى فريق صدام، ولكني على يقين من أن صداماً لا يستحق كل هذا التهافت للدفاع عنه، وهو غير محتاج للدفاع أصلاً لأنه الأقدر على الدفاع عن نفسه بأكثر من هذا الجيش من المحامين، وعنده من القدرة على التطاول على مقام القضاء وسلاطة اللسان ما ليس لدى المحامين. ألم يتلاسن مؤخراً مع القاضي ليقول له: لولا أميركا، لا أنت ولا أبوك تستطيعان إحضاري للمحكمة! ألا يقف بالساعات ليلقي خطبه السياسية فلا يستطيع القاضي إسكاته!
أود أن أقول للمحامية السعودية -مخلصاً- راجعي موقفك، والزمي بلدك وأهلك، ونساء بلدك من اللاتي يعانين في سبيل الحصول على حقوقهن القانونية والشرعية بين أروقة المحاكم سنيناً، أولى بجهودك وخبراتك من صدام. وصدام عنده ما يكفيه من المحامين والمدافعين ولن تضيفي شيئاً إليهم. النساء المهضومات الحقوق، الكسيرات أحوج إلى عونك ومساعدتك وأحق بها من صدام وزبانيته!
لقد نشرت جمعية حقوق الإنسان السعودية مؤخراً أنها تلقت (5600) قضية، 22% منها عنف أسري، وقال د. صالح الخثلان رئيس لجنة الرصد والمتابعة في الجمعية: "استحوذت شكاوى السجناء على 25% من جملة الشكاوى". وأضاف "أنهم معنيون بإخراج الأنظمة المحلية بشكل يتواءم مع النصوص والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السعودية وإزالة أي تناقض معها بما يخدم حقوق الإنسان".
فيا أيتها المحامية النشطة لا تبخلي بفرط نشاطك في هذا الميدان، والأقربون أولى بالمعروف، وخيركم خيركم لأهله. وهذا هو ميدان الجهاد الأكبر لنشاطك، مالك أنت وصدام!
دعي صداماً في حاله فعنده ما يكفيه ويغنيه، والتفتي إلى قضايا من هن بحاجة إليك!
وهب أنك دافعت عن صدام في قضية "الدجيل" وهي الآن في آخر مراحلها وحصلت على "البراءة"، فماذا تفعلين تجاه الملف الأسود الذي يُعدّ الأضخم في تاريخ المحاكمات -قديماً وحديثاً-؟! هناك (7) تهم رئيسية أخرى (حلبجة 88، قمع الشيعة 91، المقابر الجماعية 91، الحرب ضد إيران 80-1988، غزو الكويت 90-1991، قتل علماء الشيعة 80-1999، قتل عشيرة البرزاني)، غير دمار العراق وتلويث بيئة الخليج. فأين النجاة؟ وأين المفر؟
على أهل العراق بعد أن يفرغوا من محاكمة صدام، أن يحاكموا هؤلاء الذين دافعوا عن صدام من المحامين وغيرهم من الشعوب، التي وقفت تمجد صداماً ونظامه. وعلى العرب جميعاً أن يحاكموا تلك العقلية التي تمجد الطغيان ورموزه. ويبقى في النهاية أن نشاطر المفكر البحريني د. محمد جابر الأنصاري قلقه العميق بالنسبة إلى وعي هؤلاء تجاه قضايا الأمة المصيرية.
د. عبدالحميد الأنصاري
نحن في زمن نجد فيه العجب العجاب، وحسب المثل "عشْ رجباً تجدْ عجباً"، من كان يصدق أن تتطوع المحامية السعودية "ريم الحبيب" للدفاع عن صدام؟ إنها آخر المدافعين وليست الأخير. لقد أعلنت المحامية السعودية أنها حصلت على موافقة مبدئية من ابنة صدام للدفاع عنه في قضية "الدجيل"، وأكدت أنها اتخذت هذا القرار عن قناعة شخصية بأنها تستطيع -وهي خريجة هارفرد في القانون- تقديم المساعدة لإظهار العدالة في هذه القضية، وقالت إنها لا تمثل الدولة السعودية ولا توجهاً معيناً أو جهة معينة.
ومع تمنياتنا لها بالنجاح في مهمتها الشاقة، إلا أنه من حقنا أن نتساءل كخليجيين لم يأمنوا بوائق جار السوء: ما حاجة صدام إلى جهود المحامية السعودية وعنده فريق ضخم من المحامين الدوليين والعرب والعراقيين؟! ما الذي ستضيفه "ريم الحبيب" إلى دفاع صدام؟!
حقاً إنها أمة عجيبة، يعيث طغاتها في أرضها فساداً ودماراً وتقتيلاً، يحبسون شعوبهم، يسومونهم سوء العذاب، فيهرع حراس القانون ودعاة العدالة وحماة القانون -فيها- إلى تمجيدهم والدفاع عنهم! هل هي نفوس ضعيفة ألفت الذل والطغيان، أم هي "كاريزما" يمتلكها "طغاة العرب" حتى بعد سقوطهم المهين؟!
صدام، حتى وهو في سجنه وبين محاكمته لا يزال يعتبر نفسه الرئيس الشرعي للعراق، ويشاطره في ذلك أعوانه بل ويسانده في ذلك قطاع عريض من الجماهير وسدنة القانون. نقابة المحامين بالأردن تعتبره "السيد الرئيس" وهي مجنّدة بالكامل لخدمته والدفاع عنه، وحتى نقابة المحامين العرب مشغولة بحقوق صدام وضمان المحاكمة العادلة بأكثر من اهتمامها بحقوق المواطن العربي المنتهكة في ظل الأنظمة العربية!
وزراء عدل سابقون تركوا أعمالهم وهبّوا وغامروا بالمجيء إلى بغداد دفاعاً عن صدام!
ما الذي فعله أو قدمه صدام لتلك الجماهير التي لا زالت تهتف بحياته وترفع صوره؟ خالد مشعل جاء إلى الكويت وحاول أن يجامل الكويتيين، فقال: إن هؤلاء الذين أيدوا صدام في غزوه للكويت ورفعوا صوره، لا يمثلون الفلسطينيين. فقامت قيامة هؤلاء ضد تصريحه وزاد هتافهم وتهليلهم للقائد الضرورة، الذي سيحرق إسرائيل ويحرر فلسطين ويعيد أمجاد العرب!
نحن نتفهم أن يقف بعض الفلسطينيين في صف صدام ويستمروا في الولاء له، وقد تكون لبعض العرب مبرراتهم في مساندة صدام نكاية بالأميركيين. ولكن ما لا نفهمه ولا نتقبله ولا نجد له تبريراً انضمام المحامية السعودية إلى جوقة المحامين عن صدام! هل نسيت المحامية مواقف صدام العدائية تجاه بلادها؟ ولولا لطف الله وعنايته بالمملكة وأهل الخليج ولولا حكمة خادم الحرمين الملك فهد -رحمه الله- وبُعد نظر إخوانه حكام الخليج، ولولا إرادة الأميركيين وعزيمتهم، هل كان صدام مكتفياً بالكويت؟!
لا أدري دوافع المحامية السعودية وسعيها الحثيث للانضمام إلى فريق صدام، ولكني على يقين من أن صداماً لا يستحق كل هذا التهافت للدفاع عنه، وهو غير محتاج للدفاع أصلاً لأنه الأقدر على الدفاع عن نفسه بأكثر من هذا الجيش من المحامين، وعنده من القدرة على التطاول على مقام القضاء وسلاطة اللسان ما ليس لدى المحامين. ألم يتلاسن مؤخراً مع القاضي ليقول له: لولا أميركا، لا أنت ولا أبوك تستطيعان إحضاري للمحكمة! ألا يقف بالساعات ليلقي خطبه السياسية فلا يستطيع القاضي إسكاته!
أود أن أقول للمحامية السعودية -مخلصاً- راجعي موقفك، والزمي بلدك وأهلك، ونساء بلدك من اللاتي يعانين في سبيل الحصول على حقوقهن القانونية والشرعية بين أروقة المحاكم سنيناً، أولى بجهودك وخبراتك من صدام. وصدام عنده ما يكفيه من المحامين والمدافعين ولن تضيفي شيئاً إليهم. النساء المهضومات الحقوق، الكسيرات أحوج إلى عونك ومساعدتك وأحق بها من صدام وزبانيته!
لقد نشرت جمعية حقوق الإنسان السعودية مؤخراً أنها تلقت (5600) قضية، 22% منها عنف أسري، وقال د. صالح الخثلان رئيس لجنة الرصد والمتابعة في الجمعية: "استحوذت شكاوى السجناء على 25% من جملة الشكاوى". وأضاف "أنهم معنيون بإخراج الأنظمة المحلية بشكل يتواءم مع النصوص والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السعودية وإزالة أي تناقض معها بما يخدم حقوق الإنسان".
فيا أيتها المحامية النشطة لا تبخلي بفرط نشاطك في هذا الميدان، والأقربون أولى بالمعروف، وخيركم خيركم لأهله. وهذا هو ميدان الجهاد الأكبر لنشاطك، مالك أنت وصدام!
دعي صداماً في حاله فعنده ما يكفيه ويغنيه، والتفتي إلى قضايا من هن بحاجة إليك!
وهب أنك دافعت عن صدام في قضية "الدجيل" وهي الآن في آخر مراحلها وحصلت على "البراءة"، فماذا تفعلين تجاه الملف الأسود الذي يُعدّ الأضخم في تاريخ المحاكمات -قديماً وحديثاً-؟! هناك (7) تهم رئيسية أخرى (حلبجة 88، قمع الشيعة 91، المقابر الجماعية 91، الحرب ضد إيران 80-1988، غزو الكويت 90-1991، قتل علماء الشيعة 80-1999، قتل عشيرة البرزاني)، غير دمار العراق وتلويث بيئة الخليج. فأين النجاة؟ وأين المفر؟
على أهل العراق بعد أن يفرغوا من محاكمة صدام، أن يحاكموا هؤلاء الذين دافعوا عن صدام من المحامين وغيرهم من الشعوب، التي وقفت تمجد صداماً ونظامه. وعلى العرب جميعاً أن يحاكموا تلك العقلية التي تمجد الطغيان ورموزه. ويبقى في النهاية أن نشاطر المفكر البحريني د. محمد جابر الأنصاري قلقه العميق بالنسبة إلى وعي هؤلاء تجاه قضايا الأمة المصيرية.