مجاهدون
03-22-2006, 11:42 PM
غالب حسن الشابندر
روي الطبري عن حصين بن عبد الرحمن إن الحسين عندما لقيته الخيول في كربلاء (ناشدهم... أن يسيّروه إلى أمير المؤمنين، فيضع يده في يده، فقالوا: لا إلاّ على حكم ابن زياد...) 135 ــ6 ـ 316 ــ
يروي حصين بن عبد الرحمن ذلك بسندين، الأول فيه (الحسين بن نصر الآمل) وهو مصدر ا لرواية الأساسي في السند المذكور، ولهذا الراوي المؤسّس ثلاث روايات في الطبري بما فيها التي نحن بصددها، ففي الأولى (أُنزل القران على رسول الله صلى عليه وسلم وهو ابن ثلاثين وأربعين...) 136 ــ وفي الثانية يروي (إن رسول الله صلى عليه وسلم لبث في مكّة عشر سنين ينزل عليه القران وبالمدينة عشرا...) 136 ــ ومنها نفهم انّه راو غير دقيق في استقاء معلوماته وإخباره، وفي سنده حصين أيضا أو ربيعة، وهو منكر الحديث 137 ــ مُغني لذهبي رقم 4461 ــ و ليس له إلا هذه الرواية في الطبري، وفي سنده الثاني نلتقي بك (سعيد بن سلمان) وهو المُلقّب بك (سعوديه)، قال الدار القطني تكلّموا فيه، وعن احمد بن حنبل كان صاحب تصحيف ما شئت 138 ـ نفس المصدر رقم 2402 ــ والرواية وردت في البل اذري (حدّثنا سعودية، حدّثنا عباد بن العوام، حدّثني حصين، حدّثني هلال بن أساف إن يسيروه إلى يزيد فيضع يده في يده فأبوا إلاّ حكم ابن زياد...) 139 ــ انساب الإشراف ص 173 ــ ولكن من هو (سعوديه)؟
هل هو سعيد بن سليمان أم هو سعد بن سعد الجرجاني؟ إذا كان الأول فقد مرّ حاله، وإذا كان الثاني وهو الأرجح فقد قال عنه ابن عدي الجرجاني (لق أر للمتقدمين فيه كلاما لأنهم كانوا غافلين عنه وهو من بلدنا ونحن أعرف بت) 140 ــ الضعفاء لابن عدي 3 / 359 ــ
نرى إن من إلا حسن استعراض الرواية بكاملها (قال الحصين : فحدّثني هلال بن يساف قال... إن ابن زياد أمر بأخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام إلى طريق البصرة، فلا يدعون أحدا يلج ولا أحدا يخرج، فاقبل الحسين ولا يشعر بشيء حتى لقي الإعراب، فسألهم، فقالوا: لا والله لا ندري، غير إنا لا نستطيع إن نلج ولا نخرج، قال: فانطلق يسير نحو طريق الشام، نحو يزيد، فلق الخيول في كربلاء، فنزل يناشدهم الله والإسلام إن يسيّروه إلى اميرالمؤمنين، فيضع يده في يده، فقالوا: لا والله، إلاّ على حكم ابن زياد، وكان فيمن بعث إليه الحر بن يزيد ألحنظلي ثم النهشلي على خيل، فلمّا سمع ما يقول الحسين قال لهم:
ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم ! والله لو سألكم الترك والديلم ما حلَّ لكم إن تردوه، فأبوا إلا على حكم ابن زياد، فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق الحسين وأصحابه، فظنّوا إنّه إنما جاء ليقاتلهم، فلمّا دنا منهم قلب ترسه، وسلّم عليهم، ثمّ كرّ على ا صحاب زياد، فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمه الله).
إنّ الرواية تتضمن بعض الحقائق التاريخية إلا أنها مُساقة بشكل متقطّع، هناك تقافز زماني غير منتظم، إحداث غير منتظمة مع الزمن، الأمر الذي يوحي أنها في الأساس مُصاغة من نتف كانت شائعة في السوق الشعبي، فهي رواية مرتبكة، على أننا يجب إن لا ننسى إن الحصين بن عبد الرحمن هذا نسي في آخر عمره 141 ـ تهذيب التهذيب 2 رقم 659 ــ
يروي الطبري (قال أبو مختف : وأما ما حدّثنا به المجالد بن سعيد والصقعت بن زهير الازدي وغيرهما من المحدثين، فهو ما عليه جماعة المحدثين، قالوا: انّه قال: اختاروا مني خصالاً ثلاثاً، أمّا إن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه، وأمّا إن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيرى ما بيني وبينه رأيه، وإما إن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم، فأكون رجلاً من أهله، لي مالهم وعليّ ما عليهم) 142 ــ الطبري 6 / 339 ــ
في السند: مجالد بن سعيد، وقد قال البخاري : كان يحي بن سعيد يضعّفه، وكان احمد بن حنبل لا يراه شيئا، وقال أبو طالب عن احمد: ليس بشي، يرفع حديثاً كثيرا، لا يرفعه الناس 143 ـ تهذيب التهذيب 10 رقم 65 ــ ومهما يكن من أمر فإن الرواية مرسلة !
هذه الرواية نجدها في انساب الإشراف (قالوا: وتواقف الحسين وعمر بن سعد خلوين، فقال الحسين:اختاروا عني الرجوع إلى المكان الذي أقبلت منه، أو أن أضع يدي في يد يزيد، فهو أبن عمي، ليرى رأيه فيّ، وأما إن تسيروني إلى ثغر من ثغورا لمسلمين، فأكون رجلاً من أهل لي ماله، وعليّ ما عليه) 144 ــ ص 182 ـ الرواية مرسلة، أضف إلى ذلك، إن الحسين وعمر كانا متواقفين خلوين فمن أين استقى الراوي الخبر؟ وكيف عرف ما دار بينهما؟
يروي الطبري (قال أبو مخنف: حدّثني المجالد بن سعيد الهمداني والصعقب بن زهير أنّهما كانا التقيا الحسين ثلاثاً وأربعا حسين وعمر بن سعد، قال: فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد: إما بعد، فان الله أطفأ النائرة، وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأمة، هذا الحسين بن علي قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أنْ نسيره إلى أيّ ثغر من ثغور المسلمين شئنا، فيكون رجلاً من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو يأتي يزيد أميرا لمؤمنين فيضع يده في يده، فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا رضا، وللأمة صلاح، قال: فلمّا قرأ عبيد الله الكتاب، قال: هذا كتاب رجل ناصح لأميره، مشفق على قومه، نعم قبلت، قال:
فقال إليه الشمر بن ذي الجوشن، فقال: أتقبل هذا منه، وقد نزل في أرضك إلى جنبك، والله لئن رحل من بلدك، ولم يضع يده في يدك، ليكونّن أولى بالقوة والعزّة، وتكونّن أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة، فأنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فان عاقبت فأنت ولي العقوبة، وان غفرت كان ذلك منك، والله لقد بلغني إن حسيناً وعمر بن سعد يجلسان في العسكريين فيتحدثان عامّة الليل، فقال له ابن زياد :
نِعمَ ما رأيت، الرأي رأيك) 183 ــ 6 / 340 ــ والرواية مرسلة، فان مجاهد هذا فضلاً عن تضعيف الرجاليين له، توفي سنة 144 للهجرة، فحتى لو أستمر به العمر راجعا إلى يوم المعركة كم سيكون عليه من الوعي والفطنة والدراية؟ وطبقاً لقوانين أو مقتربات الواقع والظرف آنذاك يمكننا القول إن عبيد الله بن زياد كان مأموراً، وهو لا يخالف يزيد، وفي الوقت ذاته يخاف سطوته، فمن العسير جداً لت يبدر منه هذا الموقف، وإنّ مبايعة الحسين ليزيد بمثابة حلم، وهو الأمر الذي فكّر به معاوية وحاوله يزيد وحاكم المدينة، بل هو الأمر الذي كان يشغل الجهاز الحاكم كلّه، ويُعدُّ ضربة قاصمة لكل محاولة تهدف الخروج على الحكم الأموي اليزيدي الماثل آنذاك، فلو إن الحسين حقاً عرض مثل هذا الطلب لما توانى عبيد الله بن زياد إخبار يزيد بالموضوع، ولما تأخر يزيد بالموافقة على ذلك، وما يُذكر من أن عبيد الله بن زياد وافق على هذا الرأي وأن الشمر هو الذي أثناه بقوله (أتقبل هذا منه، وقد نزل بأرضك إلى جنبك، والله لئن رحل من بلدك، ولم يضع يده في يدك، ليكونّن أولى بالقوة والعزّة، وتكونّن أولى بالضعف والعجز، فلا تطعه هذه المنزلة فأنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فان عاقبت فأنت أولى بالعقوبة، وأن غفرت كان ذلك منك)، فليس أبن زياد بالشخص الذي يخفى عليه ذلك، فهو قد ورث الشجاعة وا لذكاء والحنكة، وقبل ذلك القدرة على اتحاد الموقف الحاسم، والقرار السريع، ولا الشمر يملك الجرأة على تفويت فرصة يزيد هذه. ثمّ لنتذكر جيدا أخلاق الحسين الفروسية.
يروي الطبري (حدّثني زكريا بن يحي الضرير قال: حدّثنا أحمد بن أحمد بن جناب المصيصي قال: حدّثنا خالد بن يزيد بن عبد الله القسري قال: حدّثنا عمار الدهني قال: قلت لأبي جعفر حدّثني عن مقتل الحسين حتى كأني حضرته... فتوجّه إليه ـ إي ا لي الحسين ــ عمر بن سعد، فلمّا أتاه قال له الحسين: اختر واحدة من ثلاث، أما إن تدعوني فانصرف من حيث جئت، وإما إن تدعوني فاذهب إلى يزيد، وإما إن تدعوني فالحق بالثغور، فقبل ذلك عمر، فكتب إليه عبيد الله بن زياد: لا، ولا كرامة، حتى يضع يده في يدي) 184 ــ 6 / 312 ــ وفي السند: خالد بن يزيد القسري، قال ابن عدي: لا يُتابع على روايته 185 ـ مغني الذهبي رقم 1894 ــ ـــ بل إن هذا الراوي كان ناصبيا 186 ــ المغني ص 302.
يروي الطبري عن أبي مخنف (فأما عبد الرحمن جندب، فحدّثني عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسيناً فخرجت معه من المدينة إلى مكّة، ومن مكّة إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل، وليس من كلمة بالمدينة، ولا بمكّة، ولا في الطريق، ولا بالعراق، ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلا ّ وسمعتها، ألا والله ما أعطاهم ما تذاكر به الناس، يزعمون من أن يضع يده بيد يزيد بن معاوية، ولا يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين، ولكنّه قال: دعوني لأذهب في هذه الأرض العريضة ح حتى ننظر ما يصير أمر الناس) 187 ــ 6 / 340 ــ
إن عقبة بن سمعان هذا كان مولى (رباب) زوجة الحسين، ساير الحسين من المدينة حتى كربلاء، وكان واحداً من اثنين كُتِب لهما النجاة، ففي الإخبار الطوال (ولم يسلم من أصحابه إلا رجلان، احدهما المرقّع بن ثمامة الاسدي، بعث به عمر بن سعد إلى زياد فسيّره إلى الربذة... والآخر مولى الرباب، أم سكينة، أخذه بعد مقتل الحسين، فأرادوا ضرب عنقه فقال لهم: إني عبد مملوك فخلّوا سبيله...) 188 ــ ص 359 ــ وقد روى له الطبري سبع روايات، كلّها تدور حول واقعة الطف، قبلها وبعدها، ولكن هنا نلتقي بمشكلة، ذلك إن الشيخ الطوسي قد عدّ (عقبة) هذا من المستشهدين في واقعة الطف، ولكن لا قيمة لهذا الاعتبار في تصوري، لان الشيخ الطوسي ليس مؤرخا.
أن رواية ا لاختيار بمبايعة يزيد أو رواية الاختيارات الثلاثة ينتابها اضطراب يخلّ في تماسكها وقوّتها ووحدتها، فان مجالد بن سعيد يذكر تارة أنّ الشمر هو الذي أثنى عبيد الله بن زياد عن قبول هذه الاختيارات، فيما في رواية أخرى لا يذكر شيئا من هذا القبيل ! نقرأ في تهذيب ابن عساكر (فلما التقيا ـ عمر بن سعد والحسين ــ قال له الحسين: اختر منّي إحدى ثلاث، إمّا إن الحق بثغر من الثغور، وإما أن ارجع إلى المدينة، وإما إن أضع يدي بيد يزيد بن معاوية، فقبل ذلك منه، وكتب به إلى عبيد الله، فكتب إليه لا اقبل منه حتى يضع يده بيدي) 189 ــ 4 / 340 ــ فيما الذي نستوحيه بل نفهمه بشكل مباشر من روايات الطبري إن الحسين خاطب القوم بذلك علنا، الأمر الذي ترتّب عليه الموقف الجديد للحر، ولم نجد في تضاعيف هذا النص أي إشارة إلى (الشمر)، ونقرأ في مقاتل الطالبيين (.. فوجّه ـ الحسين ـ إلى ـ عمر بن سعد ــ فقال: ماذا تريدون مني؟
أنّي مخيّركم ثلاثا، بين إن تتركوني ألحق بيزيد، أو أرجع من حيث جئت، أو أمضي إلى بعض ثغور المسلمين، فأقيم فيها، ففرح ابن سعد بذلك، وظنّ إن ابن زياد... يقبله منه، فوجّه إليه رسولاً يعلمه ذلك، ويقول لو سالك هذا بعض الديلم ولم تقبله ظلمته، فوجّه إليه زياد: طمعت يابن سعد في الراحة وركنت إلى دعة، ناجز الرجل وقاتله، ولا ترض منه الاّ إن ينزل على حكمي) ص 75 ــ، والاصفهاني في روايته ناقلا عن أبي مخنف، وقد ناقشنا رواياته بالتفصيل.
مرّة أخرى نقول لو أنّ الحسين حقاً عرض مشروع مبايعة يزيد لكان شيئا أخر، وممّا يؤيد ذلك ما نقرأه في الطبري والبداية والنهاية والإخبار ا لطوال حيث كتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد (بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد بلغني كتابك، فهمت ما ذكرت، فاعرض على الحسين إن يبايع ليزيد بن معاوية، هو وجميع أصحابه، فإذا فعل ذلك رأينا والسلام)، والرسالة في البداية والنهاية وفي الأخبار الطوال، وهنا لنهاية (وقال بعضهم: بل سأل منه ـ إي الحسين سال من عمر بن سعد ــ أما أن يذهب إلى يزيد، أو يتركه يرجع إلى الحجاز، أو يذهب إلى بعض الثغور فيقاتل الترك، فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد بذلك، فقال: نعم قد قبلت، فقام الشمر ذي الجوشن فقال: لا والله حتى ينزل على حكمك هو وأصحابه، ثمّ قال: والله لقد بلغني أن حسيناً وابن سعد يجلسان بين العسكر فيتحدّثان عامّة الليل، فقال له ابن زياد نِعمَ ما رأيت) 190 ـ 8 / 177 ــ وقد ساق صاحب البداية بلغة التمريض (قال بعضهم...) ممّا يعني تشكيكه بالخبر، وهناك إشارة إلى قتال الترك في سياق خيار التوجّه إلى احد الثغور، والإشارة غائبة في المصادر السابقة.
في الإمامة والسياسة (قال الحسين: يا عمرو اختر مني ثلاث خصال، إما إن تتركني أرجع كما جئت، فان أبيت هذه فأخرى، سيّرني إلى الترك أقاتلهم حتى أموت، أو تسيرني إلى يزيد أضع يدي في يده، فيحكم فيّ بما يريد، فأرسل عمر إلى ابن زياد بذلك فهمّ إن يسيّره إلى يزيد، فقال له شهر بن حوشب: قد أمكنك الله من عدوك، وتسيّره الي يزيد، والله لئن سار إلى يزيد لا رأى مكروهاً، وليكونن من يزيد بالمكان الذي لا تناله أنت منه، ولا غيرك من أهل الأرض، لا تسيّره ولا تبلعه ريقه حتى ينزل على حكمك، قال: فأرسل إليه يقول: لا، الاّ إن ينزل على حكمي) 191 ـ الإمامة والسياسة 2 / 11 ــ والإمامة والسياسة لم تثبت نسبته إلى ابن قتيبة، وهو خال من الإسناد، وفي النص نلتقي بمشكلة كبيرة، ذلك إن شهر بن حوشب راو معروف، وكان على خزائن اليزيد بن مهلّب سنة 98 للهجرة 192 ـ الكامل في التاريخ 5 / 33 ــ فأين هذا من الشمر بن ذي الجوشن؟ وفي تكملة النص فحش منسوب للحسين يأبى عنه هذا العبد الصالح.
في اليعقوبي (فلمّا كان الغد خرج فكلّم القوم، وعظّم عليهم حقّه، وذكّرهم الله عزّ وجل ورسوله، وسألهم إن يخلوا بينه وبين الرجوع، فأبوا إلا ّ قتاله، أو أخذه حتى يأتوا به عبيد الله بن زياد) 193 ــ 2 / 244 ــ
واليعقوبي يقتصر على خيار واحد، وهو الخيار المعقول من جانب الحسين في تلك الظروف، ورواية (عقبة بن سمعان) تتّفق ومضمون رواية اليعقوبي، ترى هل يمكن القول إن رواية الخيارات الثلاثة وما تتضّمنه من محاولات ابن سعد لحقن دماء الحسين وإطفاء النائرة، إنّما هي محاولة جادة مدروسة لتبرئة ابن سعد أو للتخفيف عن مسؤوليته في قتل الحسين؟ أو هي لتبرئة يزيد أصلا ً وصب اللوم على عبيد الله بن زياد بالكامل؟ أو الشمر بن ذي الجوشن؟
روي الطبري عن حصين بن عبد الرحمن إن الحسين عندما لقيته الخيول في كربلاء (ناشدهم... أن يسيّروه إلى أمير المؤمنين، فيضع يده في يده، فقالوا: لا إلاّ على حكم ابن زياد...) 135 ــ6 ـ 316 ــ
يروي حصين بن عبد الرحمن ذلك بسندين، الأول فيه (الحسين بن نصر الآمل) وهو مصدر ا لرواية الأساسي في السند المذكور، ولهذا الراوي المؤسّس ثلاث روايات في الطبري بما فيها التي نحن بصددها، ففي الأولى (أُنزل القران على رسول الله صلى عليه وسلم وهو ابن ثلاثين وأربعين...) 136 ــ وفي الثانية يروي (إن رسول الله صلى عليه وسلم لبث في مكّة عشر سنين ينزل عليه القران وبالمدينة عشرا...) 136 ــ ومنها نفهم انّه راو غير دقيق في استقاء معلوماته وإخباره، وفي سنده حصين أيضا أو ربيعة، وهو منكر الحديث 137 ــ مُغني لذهبي رقم 4461 ــ و ليس له إلا هذه الرواية في الطبري، وفي سنده الثاني نلتقي بك (سعيد بن سلمان) وهو المُلقّب بك (سعوديه)، قال الدار القطني تكلّموا فيه، وعن احمد بن حنبل كان صاحب تصحيف ما شئت 138 ـ نفس المصدر رقم 2402 ــ والرواية وردت في البل اذري (حدّثنا سعودية، حدّثنا عباد بن العوام، حدّثني حصين، حدّثني هلال بن أساف إن يسيروه إلى يزيد فيضع يده في يده فأبوا إلاّ حكم ابن زياد...) 139 ــ انساب الإشراف ص 173 ــ ولكن من هو (سعوديه)؟
هل هو سعيد بن سليمان أم هو سعد بن سعد الجرجاني؟ إذا كان الأول فقد مرّ حاله، وإذا كان الثاني وهو الأرجح فقد قال عنه ابن عدي الجرجاني (لق أر للمتقدمين فيه كلاما لأنهم كانوا غافلين عنه وهو من بلدنا ونحن أعرف بت) 140 ــ الضعفاء لابن عدي 3 / 359 ــ
نرى إن من إلا حسن استعراض الرواية بكاملها (قال الحصين : فحدّثني هلال بن يساف قال... إن ابن زياد أمر بأخذ ما بين واقصة إلى طريق الشام إلى طريق البصرة، فلا يدعون أحدا يلج ولا أحدا يخرج، فاقبل الحسين ولا يشعر بشيء حتى لقي الإعراب، فسألهم، فقالوا: لا والله لا ندري، غير إنا لا نستطيع إن نلج ولا نخرج، قال: فانطلق يسير نحو طريق الشام، نحو يزيد، فلق الخيول في كربلاء، فنزل يناشدهم الله والإسلام إن يسيّروه إلى اميرالمؤمنين، فيضع يده في يده، فقالوا: لا والله، إلاّ على حكم ابن زياد، وكان فيمن بعث إليه الحر بن يزيد ألحنظلي ثم النهشلي على خيل، فلمّا سمع ما يقول الحسين قال لهم:
ألا تقبلون من هؤلاء ما يعرضون عليكم ! والله لو سألكم الترك والديلم ما حلَّ لكم إن تردوه، فأبوا إلا على حكم ابن زياد، فصرف الحر وجه فرسه، وانطلق الحسين وأصحابه، فظنّوا إنّه إنما جاء ليقاتلهم، فلمّا دنا منهم قلب ترسه، وسلّم عليهم، ثمّ كرّ على ا صحاب زياد، فقاتلهم، فقتل منهم رجلين ثم قتل رحمه الله).
إنّ الرواية تتضمن بعض الحقائق التاريخية إلا أنها مُساقة بشكل متقطّع، هناك تقافز زماني غير منتظم، إحداث غير منتظمة مع الزمن، الأمر الذي يوحي أنها في الأساس مُصاغة من نتف كانت شائعة في السوق الشعبي، فهي رواية مرتبكة، على أننا يجب إن لا ننسى إن الحصين بن عبد الرحمن هذا نسي في آخر عمره 141 ـ تهذيب التهذيب 2 رقم 659 ــ
يروي الطبري (قال أبو مختف : وأما ما حدّثنا به المجالد بن سعيد والصقعت بن زهير الازدي وغيرهما من المحدثين، فهو ما عليه جماعة المحدثين، قالوا: انّه قال: اختاروا مني خصالاً ثلاثاً، أمّا إن أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه، وأمّا إن أضع يدي في يد يزيد بن معاوية فيرى ما بيني وبينه رأيه، وإما إن تسيروني إلى أي ثغر من ثغور المسلمين شئتم، فأكون رجلاً من أهله، لي مالهم وعليّ ما عليهم) 142 ــ الطبري 6 / 339 ــ
في السند: مجالد بن سعيد، وقد قال البخاري : كان يحي بن سعيد يضعّفه، وكان احمد بن حنبل لا يراه شيئا، وقال أبو طالب عن احمد: ليس بشي، يرفع حديثاً كثيرا، لا يرفعه الناس 143 ـ تهذيب التهذيب 10 رقم 65 ــ ومهما يكن من أمر فإن الرواية مرسلة !
هذه الرواية نجدها في انساب الإشراف (قالوا: وتواقف الحسين وعمر بن سعد خلوين، فقال الحسين:اختاروا عني الرجوع إلى المكان الذي أقبلت منه، أو أن أضع يدي في يد يزيد، فهو أبن عمي، ليرى رأيه فيّ، وأما إن تسيروني إلى ثغر من ثغورا لمسلمين، فأكون رجلاً من أهل لي ماله، وعليّ ما عليه) 144 ــ ص 182 ـ الرواية مرسلة، أضف إلى ذلك، إن الحسين وعمر كانا متواقفين خلوين فمن أين استقى الراوي الخبر؟ وكيف عرف ما دار بينهما؟
يروي الطبري (قال أبو مخنف: حدّثني المجالد بن سعيد الهمداني والصعقب بن زهير أنّهما كانا التقيا الحسين ثلاثاً وأربعا حسين وعمر بن سعد، قال: فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد: إما بعد، فان الله أطفأ النائرة، وجمع الكلمة، وأصلح أمر الأمة، هذا الحسين بن علي قد أعطاني أن يرجع إلى المكان الذي منه أتى، أو أنْ نسيره إلى أيّ ثغر من ثغور المسلمين شئنا، فيكون رجلاً من المسلمين له ما لهم وعليه ما عليهم، أو يأتي يزيد أميرا لمؤمنين فيضع يده في يده، فيرى فيما بينه وبينه رأيه، وفي هذا رضا، وللأمة صلاح، قال: فلمّا قرأ عبيد الله الكتاب، قال: هذا كتاب رجل ناصح لأميره، مشفق على قومه، نعم قبلت، قال:
فقال إليه الشمر بن ذي الجوشن، فقال: أتقبل هذا منه، وقد نزل في أرضك إلى جنبك، والله لئن رحل من بلدك، ولم يضع يده في يدك، ليكونّن أولى بالقوة والعزّة، وتكونّن أولى بالضعف والعجز، فلا تعطه هذه المنزلة، فأنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فان عاقبت فأنت ولي العقوبة، وان غفرت كان ذلك منك، والله لقد بلغني إن حسيناً وعمر بن سعد يجلسان في العسكريين فيتحدثان عامّة الليل، فقال له ابن زياد :
نِعمَ ما رأيت، الرأي رأيك) 183 ــ 6 / 340 ــ والرواية مرسلة، فان مجاهد هذا فضلاً عن تضعيف الرجاليين له، توفي سنة 144 للهجرة، فحتى لو أستمر به العمر راجعا إلى يوم المعركة كم سيكون عليه من الوعي والفطنة والدراية؟ وطبقاً لقوانين أو مقتربات الواقع والظرف آنذاك يمكننا القول إن عبيد الله بن زياد كان مأموراً، وهو لا يخالف يزيد، وفي الوقت ذاته يخاف سطوته، فمن العسير جداً لت يبدر منه هذا الموقف، وإنّ مبايعة الحسين ليزيد بمثابة حلم، وهو الأمر الذي فكّر به معاوية وحاوله يزيد وحاكم المدينة، بل هو الأمر الذي كان يشغل الجهاز الحاكم كلّه، ويُعدُّ ضربة قاصمة لكل محاولة تهدف الخروج على الحكم الأموي اليزيدي الماثل آنذاك، فلو إن الحسين حقاً عرض مثل هذا الطلب لما توانى عبيد الله بن زياد إخبار يزيد بالموضوع، ولما تأخر يزيد بالموافقة على ذلك، وما يُذكر من أن عبيد الله بن زياد وافق على هذا الرأي وأن الشمر هو الذي أثناه بقوله (أتقبل هذا منه، وقد نزل بأرضك إلى جنبك، والله لئن رحل من بلدك، ولم يضع يده في يدك، ليكونّن أولى بالقوة والعزّة، وتكونّن أولى بالضعف والعجز، فلا تطعه هذه المنزلة فأنها من الوهن، ولكن لينزل على حكمك هو وأصحابه، فان عاقبت فأنت أولى بالعقوبة، وأن غفرت كان ذلك منك)، فليس أبن زياد بالشخص الذي يخفى عليه ذلك، فهو قد ورث الشجاعة وا لذكاء والحنكة، وقبل ذلك القدرة على اتحاد الموقف الحاسم، والقرار السريع، ولا الشمر يملك الجرأة على تفويت فرصة يزيد هذه. ثمّ لنتذكر جيدا أخلاق الحسين الفروسية.
يروي الطبري (حدّثني زكريا بن يحي الضرير قال: حدّثنا أحمد بن أحمد بن جناب المصيصي قال: حدّثنا خالد بن يزيد بن عبد الله القسري قال: حدّثنا عمار الدهني قال: قلت لأبي جعفر حدّثني عن مقتل الحسين حتى كأني حضرته... فتوجّه إليه ـ إي ا لي الحسين ــ عمر بن سعد، فلمّا أتاه قال له الحسين: اختر واحدة من ثلاث، أما إن تدعوني فانصرف من حيث جئت، وإما إن تدعوني فاذهب إلى يزيد، وإما إن تدعوني فالحق بالثغور، فقبل ذلك عمر، فكتب إليه عبيد الله بن زياد: لا، ولا كرامة، حتى يضع يده في يدي) 184 ــ 6 / 312 ــ وفي السند: خالد بن يزيد القسري، قال ابن عدي: لا يُتابع على روايته 185 ـ مغني الذهبي رقم 1894 ــ ـــ بل إن هذا الراوي كان ناصبيا 186 ــ المغني ص 302.
يروي الطبري عن أبي مخنف (فأما عبد الرحمن جندب، فحدّثني عن عقبة بن سمعان قال: صحبت حسيناً فخرجت معه من المدينة إلى مكّة، ومن مكّة إلى العراق، ولم أفارقه حتى قتل، وليس من كلمة بالمدينة، ولا بمكّة، ولا في الطريق، ولا بالعراق، ولا في عسكر إلى يوم مقتله إلا ّ وسمعتها، ألا والله ما أعطاهم ما تذاكر به الناس، يزعمون من أن يضع يده بيد يزيد بن معاوية، ولا يسيّروه إلى ثغر من ثغور المسلمين، ولكنّه قال: دعوني لأذهب في هذه الأرض العريضة ح حتى ننظر ما يصير أمر الناس) 187 ــ 6 / 340 ــ
إن عقبة بن سمعان هذا كان مولى (رباب) زوجة الحسين، ساير الحسين من المدينة حتى كربلاء، وكان واحداً من اثنين كُتِب لهما النجاة، ففي الإخبار الطوال (ولم يسلم من أصحابه إلا رجلان، احدهما المرقّع بن ثمامة الاسدي، بعث به عمر بن سعد إلى زياد فسيّره إلى الربذة... والآخر مولى الرباب، أم سكينة، أخذه بعد مقتل الحسين، فأرادوا ضرب عنقه فقال لهم: إني عبد مملوك فخلّوا سبيله...) 188 ــ ص 359 ــ وقد روى له الطبري سبع روايات، كلّها تدور حول واقعة الطف، قبلها وبعدها، ولكن هنا نلتقي بمشكلة، ذلك إن الشيخ الطوسي قد عدّ (عقبة) هذا من المستشهدين في واقعة الطف، ولكن لا قيمة لهذا الاعتبار في تصوري، لان الشيخ الطوسي ليس مؤرخا.
أن رواية ا لاختيار بمبايعة يزيد أو رواية الاختيارات الثلاثة ينتابها اضطراب يخلّ في تماسكها وقوّتها ووحدتها، فان مجالد بن سعيد يذكر تارة أنّ الشمر هو الذي أثنى عبيد الله بن زياد عن قبول هذه الاختيارات، فيما في رواية أخرى لا يذكر شيئا من هذا القبيل ! نقرأ في تهذيب ابن عساكر (فلما التقيا ـ عمر بن سعد والحسين ــ قال له الحسين: اختر منّي إحدى ثلاث، إمّا إن الحق بثغر من الثغور، وإما أن ارجع إلى المدينة، وإما إن أضع يدي بيد يزيد بن معاوية، فقبل ذلك منه، وكتب به إلى عبيد الله، فكتب إليه لا اقبل منه حتى يضع يده بيدي) 189 ــ 4 / 340 ــ فيما الذي نستوحيه بل نفهمه بشكل مباشر من روايات الطبري إن الحسين خاطب القوم بذلك علنا، الأمر الذي ترتّب عليه الموقف الجديد للحر، ولم نجد في تضاعيف هذا النص أي إشارة إلى (الشمر)، ونقرأ في مقاتل الطالبيين (.. فوجّه ـ الحسين ـ إلى ـ عمر بن سعد ــ فقال: ماذا تريدون مني؟
أنّي مخيّركم ثلاثا، بين إن تتركوني ألحق بيزيد، أو أرجع من حيث جئت، أو أمضي إلى بعض ثغور المسلمين، فأقيم فيها، ففرح ابن سعد بذلك، وظنّ إن ابن زياد... يقبله منه، فوجّه إليه رسولاً يعلمه ذلك، ويقول لو سالك هذا بعض الديلم ولم تقبله ظلمته، فوجّه إليه زياد: طمعت يابن سعد في الراحة وركنت إلى دعة، ناجز الرجل وقاتله، ولا ترض منه الاّ إن ينزل على حكمي) ص 75 ــ، والاصفهاني في روايته ناقلا عن أبي مخنف، وقد ناقشنا رواياته بالتفصيل.
مرّة أخرى نقول لو أنّ الحسين حقاً عرض مشروع مبايعة يزيد لكان شيئا أخر، وممّا يؤيد ذلك ما نقرأه في الطبري والبداية والنهاية والإخبار ا لطوال حيث كتب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد (بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد، فقد بلغني كتابك، فهمت ما ذكرت، فاعرض على الحسين إن يبايع ليزيد بن معاوية، هو وجميع أصحابه، فإذا فعل ذلك رأينا والسلام)، والرسالة في البداية والنهاية وفي الأخبار الطوال، وهنا لنهاية (وقال بعضهم: بل سأل منه ـ إي الحسين سال من عمر بن سعد ــ أما أن يذهب إلى يزيد، أو يتركه يرجع إلى الحجاز، أو يذهب إلى بعض الثغور فيقاتل الترك، فكتب عمر بن سعد إلى عبيد الله بن زياد بذلك، فقال: نعم قد قبلت، فقام الشمر ذي الجوشن فقال: لا والله حتى ينزل على حكمك هو وأصحابه، ثمّ قال: والله لقد بلغني أن حسيناً وابن سعد يجلسان بين العسكر فيتحدّثان عامّة الليل، فقال له ابن زياد نِعمَ ما رأيت) 190 ـ 8 / 177 ــ وقد ساق صاحب البداية بلغة التمريض (قال بعضهم...) ممّا يعني تشكيكه بالخبر، وهناك إشارة إلى قتال الترك في سياق خيار التوجّه إلى احد الثغور، والإشارة غائبة في المصادر السابقة.
في الإمامة والسياسة (قال الحسين: يا عمرو اختر مني ثلاث خصال، إما إن تتركني أرجع كما جئت، فان أبيت هذه فأخرى، سيّرني إلى الترك أقاتلهم حتى أموت، أو تسيرني إلى يزيد أضع يدي في يده، فيحكم فيّ بما يريد، فأرسل عمر إلى ابن زياد بذلك فهمّ إن يسيّره إلى يزيد، فقال له شهر بن حوشب: قد أمكنك الله من عدوك، وتسيّره الي يزيد، والله لئن سار إلى يزيد لا رأى مكروهاً، وليكونن من يزيد بالمكان الذي لا تناله أنت منه، ولا غيرك من أهل الأرض، لا تسيّره ولا تبلعه ريقه حتى ينزل على حكمك، قال: فأرسل إليه يقول: لا، الاّ إن ينزل على حكمي) 191 ـ الإمامة والسياسة 2 / 11 ــ والإمامة والسياسة لم تثبت نسبته إلى ابن قتيبة، وهو خال من الإسناد، وفي النص نلتقي بمشكلة كبيرة، ذلك إن شهر بن حوشب راو معروف، وكان على خزائن اليزيد بن مهلّب سنة 98 للهجرة 192 ـ الكامل في التاريخ 5 / 33 ــ فأين هذا من الشمر بن ذي الجوشن؟ وفي تكملة النص فحش منسوب للحسين يأبى عنه هذا العبد الصالح.
في اليعقوبي (فلمّا كان الغد خرج فكلّم القوم، وعظّم عليهم حقّه، وذكّرهم الله عزّ وجل ورسوله، وسألهم إن يخلوا بينه وبين الرجوع، فأبوا إلا ّ قتاله، أو أخذه حتى يأتوا به عبيد الله بن زياد) 193 ــ 2 / 244 ــ
واليعقوبي يقتصر على خيار واحد، وهو الخيار المعقول من جانب الحسين في تلك الظروف، ورواية (عقبة بن سمعان) تتّفق ومضمون رواية اليعقوبي، ترى هل يمكن القول إن رواية الخيارات الثلاثة وما تتضّمنه من محاولات ابن سعد لحقن دماء الحسين وإطفاء النائرة، إنّما هي محاولة جادة مدروسة لتبرئة ابن سعد أو للتخفيف عن مسؤوليته في قتل الحسين؟ أو هي لتبرئة يزيد أصلا ً وصب اللوم على عبيد الله بن زياد بالكامل؟ أو الشمر بن ذي الجوشن؟