سلسبيل
03-20-2006, 03:03 PM
الاهرام المصرية
محمد حقي
جذب انتباهي عنوان في صحيفة وول ستريت جورنال وهي الصحيفة الاقتصادية الأولي في الولايات المتحدة, وفي الوقت نفسه الصحيفة التي تناصر الرئيس بوش واليمين المتطرف والمحافظين الجدد ومن يوالونهم, والعنوان يقول: أعمدة الحماقة السبعة, والمقال كله تطاول علي الدول العربية الغنية والمنتجة للبترول, بقلم أدوارد تشانسلور يعدد فيه ـ من وجهة نظره ـ الاستثمارات التي لا معني لها. أو المبالغ فيها بسبب أرباح البترول الزائدة التي تملأ خزائن هذه الدول بما يسمي ـ بدولارات البترول ـ
التي وصلت إلي1.3 ترليون دولار منذ سنة1998, وقال الكاتب إن لورانس العرب استعار عنوان كتابه الشهير: أعمدة الحكمة السبعة من جزء من الأنجيل يقول: إن الحكمة بنت لنفسها بيتا يعتمد علي سبعة أعمدة, ولكنه ـ أي تشانسلور ـ يفضل أن يتحدث عن أعمدة الحماقة السبعة لوصف التصرفات العربية بأموالهم. وإذا كان لنا أن نتحدث عن أعمدة الحماقات الأمريكية, فلاينبغي أن نعددها بسبعة أو أقل أو أكثر ولكن دعونا نختر بعضها فقط:
في المؤتمر السنوي الذي عقدته منظمة إيباك وهي اللوبي الرسمي لإسرائيل في الولايات المتحدة, والذي اتهم اثنان من كبار موظفيه بالتجسس لحساب إسرائيل, سوف يقدمان للمحاكمة في الشهر القادم, تحدث سفير إسرائيل لدي واشنطن دانييل جيلرمان فهاجم الإسلام, وهاجمته صحيفة واشنطن بوست ونعتته بالوقاحة لأنه استخدم عبارات مستهجنة في حديثه, ومما قال جيلرمان: إنه قد يكون صحيحا أنه ليس كل المسلمين إرهابيين, فالواقع المسلم به أن كل الإرهابيين مسلمون,
وقال كاتب المقال: إنه من الغريب أن أحدا في المؤتمر الذي ضم أكثر من4500 عضو لم يجرؤ علي أن يذكر قضية التجسس علي أمريكا من قبل أعضاء منظمة إيباك التي يحج إلي مؤتمراتها السنوية كل المسئولين الأمريكيين من الإدارة والكونجرس ويعتبرون اشتراكهم فيها شرفا كبيرا.
وقد كتب روبرت باري في مجلة كونسورتيوم نيوز معلقا علي مؤتمر إيباك يقول: من الصعب أن نفهم كيف تحاول الولايات المتحدة أن تكسب حرب الآراء في العالم الإسلامي إذا ما هرول قادتها إلي مثل هذا المؤتمر المنعقد في واشنطن, حيث يصبح التهجم علي الإسلام علنا مستباحا ولا يعترض عليه أحد من هؤلاء القادة سواء الجمهوريون أو الديمقراطيون بل إن أحدا منهم لم يستهجن علنا كلام السفير الإسرائيلي.
وخص باري بالذكر خطاب نائب الرئيس الأمريكي تشيني أمام المؤتمر الذي ــ وإن لم يتهجم علي الدين الإسلامي مباشرة ــ فقد كانت لهجته كلها تنضح بالكراهية بدءا بالهجوم علي إيران, وأننا لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي من دون أن يذكر أيا من الدول الأخري مثل إسرائيل وباكستان والهند, وقال باري: إنه بالرغم من أن خطاب تشيني تجنب استخدام لغة أو عبارات معادية للإسلام( وهذا صحيح بمراجعة نص الخطاب) فقد اختص تشيني التطرف الإسلامي
بأنه يمثل أكبر خطر يهدد العالم بأجمعه, وكرر ماسبق أن أعلنه الرئيس بوش من أن الإرهابيين المسلمين يسعون لبناء امبراطورية تمتد من إسبانيا إلي اندونيسيا عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا حتي اندونيسيا.
ويقول باري إن ما رواه تشيني يدل علي التعصب الواضح لأنه لا يذكر مثلا الأمثلة المتعددة للإرهاب حول العالم, بل وداخل الولايات المتحدة نفسها, مثل تفجير سيارة سنة1967 لاغتيال معارض من شيلي اسمه أورلاندو ليتيليه, قررت حكومة شيلي الدكتاتورية يومها تصفيته وسط حي السفارات في واشنطن ومعه زميل أمريكي, أو حادثة تفجير مبني أوكلاهوما بقيادة تيموتي ماكفن أو غير ذلك.
ويفند باري الأمثلة التي ذكرها تشيني واحدة بعد الأخري علي أنها معارك بين القوات الأمريكية مثل تفجير مبني معسكرات المارينز في بيروت, وقال علي قدر مافي ذلك من فظاعة, فلم تكن عملا إرهابيا أو ماحدث في الصومال من اسقاط طائرة هليكوبتر في مقديشيو فلم يكن ذلك عملا إرهابيا وإنما نتيجة معركة بين القوات الأمريكية الخاصة وميليشيات أحد قادة الثوار أو المتمردين الصوماليين, والغرض أنه ليس كل الضحايا الأمريكيين يروحون ضحية أعمال إرهابية ولكن في نزاعات بين القوات الأمريكية
وسكان الدول التي تقع فيها هذه الحوادث, بل إنه يصل إلي أن غالبية ما يحدث في العراق اليوم, فإن تفجير المساجد مثلا وقتل المدنيين الأبرياء يشكل أعمالا إرهابية, ولكن تفجير القنابل في طريق قوافل القوات الأمريكية الغازية أو نصب الكمائن لها فإنه لا يعد من الأعمال الإرهابية, وخلص الكاتب من ذلك بقوله: إن مثل هذه اللغة التي يستخدمها السفير الإسرائيلي وتشيني لا تخدم سوي بعض عناصر المحافظين الجدد المتعصبين, ولكنها بالقطع لاتخدم لا القوات الأمريكية ولا الشعب الأمريكي, ولا تكسب أحدا في معركة الرأي العام في العالم الإسلامي.
والمفارقة أنه في الوقت نفسه الذي انعقد فيه مؤتمر إيباك الذي تحدث فيه تشيني قام16 من ضباط المخابرات السابقين, وعلي رأسهم رامي ماكجزن بزيارة إلي الكونجرس الأمريكي وهم يلبسون لباس السجن البرتقالي التي يلبسها مساجين جوانتانامو ويكممون أفواههم بشريط كتب عليه التعذيب وقام ماكجزن بإعادة الوسام الذي حصل عليه أثناء خدمته في أجهزة الأمن الأمريكية ووكالات المخابرات المركزية إلي بيت هوكسترا عضو الكونجرس ورئيس اللجنة المختارة الدائمة للاستخبارات قائلا: إنها كمسألة تخص صميم أعماق ضميري
فإنني أعيد إليكم هذا الوسام الذي منحته لحسن بلاءي في أداء وظيفتي علي امتداد27 عاما, فإنني لم أعد أقبل أن يقترن اسمي بوكالة تنخرط في أعمال التعذيب, فهذا أمر يدمر وجداني من الداخل. لاسيما بعد نشر التقارير التي ثبتت ممارستها في الخريف الماضي والتي وافق عليها مدير المخابرات الحالي بورتر جوس, ونائب الرئيس ديك تشيني, الذي وصفته صحيفة واشنطن بوست بنائب الرئيس لشئون التعذيب, وتدخلهم لدي السناتور جون ماكين ليستثني وكالة المخابرات المركزية من القانون الذي تقدم به لمنع التعذيب علي يد الأجهزة الأمريكية.
وقد ــ الكلام لايزال لضابط المخابرات السابق ــ ثبت من التحقيقات بعد ذلك أنه تمت عدة حوادث لتعذيب المعتقلين العراقيين في العراق حتي لقي عدد منهم حتفهم في السجون.
وقال الضابط الأمريكي إن رضوخ مديري الجهاز ـ جورج تنيت وبيتر جوس ـ لتعليمات البيت الأبيض قد سبب ضررا بالغا لا سبيل إلي تناسيه للجهاز والبلد, فضلا عن أولئك الذين فقدوا حياتهم أثناء هذا التعذيب. ثم أضاف: ولو أن بعض الضباط الألمان في الثلاثينيات تحدثوا علنا عن الأساليب الوحشية التي كانت ترتكب يوما لعرف الشعب الألماني بها وأوقفها, وأنا لا أريد لاحفادي أن يسألوني: ماذا فعلت ياجدي لوضع حد لعمليات التعذيب هذه. أريد أن أقول لهم لقد حاولت لقاء القسم الذي قطعته علي نفسي
كضابط في الجيش والمخابرات أن أدافع عن الدستور, فإنني لم أرفع صوتي فقط, وإنما قمت بعمل رمزي لكي استبعد نفسي عن هذه العملية كلها, ولا أريد لاسمي أو للوسام الذي حصلت عليه أن يلوث سمعتي, واسمح لي ياسيدي بإعادة هذا الوسام إليكم لتحطموه بمعرفتكم!
محمد حقي
جذب انتباهي عنوان في صحيفة وول ستريت جورنال وهي الصحيفة الاقتصادية الأولي في الولايات المتحدة, وفي الوقت نفسه الصحيفة التي تناصر الرئيس بوش واليمين المتطرف والمحافظين الجدد ومن يوالونهم, والعنوان يقول: أعمدة الحماقة السبعة, والمقال كله تطاول علي الدول العربية الغنية والمنتجة للبترول, بقلم أدوارد تشانسلور يعدد فيه ـ من وجهة نظره ـ الاستثمارات التي لا معني لها. أو المبالغ فيها بسبب أرباح البترول الزائدة التي تملأ خزائن هذه الدول بما يسمي ـ بدولارات البترول ـ
التي وصلت إلي1.3 ترليون دولار منذ سنة1998, وقال الكاتب إن لورانس العرب استعار عنوان كتابه الشهير: أعمدة الحكمة السبعة من جزء من الأنجيل يقول: إن الحكمة بنت لنفسها بيتا يعتمد علي سبعة أعمدة, ولكنه ـ أي تشانسلور ـ يفضل أن يتحدث عن أعمدة الحماقة السبعة لوصف التصرفات العربية بأموالهم. وإذا كان لنا أن نتحدث عن أعمدة الحماقات الأمريكية, فلاينبغي أن نعددها بسبعة أو أقل أو أكثر ولكن دعونا نختر بعضها فقط:
في المؤتمر السنوي الذي عقدته منظمة إيباك وهي اللوبي الرسمي لإسرائيل في الولايات المتحدة, والذي اتهم اثنان من كبار موظفيه بالتجسس لحساب إسرائيل, سوف يقدمان للمحاكمة في الشهر القادم, تحدث سفير إسرائيل لدي واشنطن دانييل جيلرمان فهاجم الإسلام, وهاجمته صحيفة واشنطن بوست ونعتته بالوقاحة لأنه استخدم عبارات مستهجنة في حديثه, ومما قال جيلرمان: إنه قد يكون صحيحا أنه ليس كل المسلمين إرهابيين, فالواقع المسلم به أن كل الإرهابيين مسلمون,
وقال كاتب المقال: إنه من الغريب أن أحدا في المؤتمر الذي ضم أكثر من4500 عضو لم يجرؤ علي أن يذكر قضية التجسس علي أمريكا من قبل أعضاء منظمة إيباك التي يحج إلي مؤتمراتها السنوية كل المسئولين الأمريكيين من الإدارة والكونجرس ويعتبرون اشتراكهم فيها شرفا كبيرا.
وقد كتب روبرت باري في مجلة كونسورتيوم نيوز معلقا علي مؤتمر إيباك يقول: من الصعب أن نفهم كيف تحاول الولايات المتحدة أن تكسب حرب الآراء في العالم الإسلامي إذا ما هرول قادتها إلي مثل هذا المؤتمر المنعقد في واشنطن, حيث يصبح التهجم علي الإسلام علنا مستباحا ولا يعترض عليه أحد من هؤلاء القادة سواء الجمهوريون أو الديمقراطيون بل إن أحدا منهم لم يستهجن علنا كلام السفير الإسرائيلي.
وخص باري بالذكر خطاب نائب الرئيس الأمريكي تشيني أمام المؤتمر الذي ــ وإن لم يتهجم علي الدين الإسلامي مباشرة ــ فقد كانت لهجته كلها تنضح بالكراهية بدءا بالهجوم علي إيران, وأننا لن نسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي من دون أن يذكر أيا من الدول الأخري مثل إسرائيل وباكستان والهند, وقال باري: إنه بالرغم من أن خطاب تشيني تجنب استخدام لغة أو عبارات معادية للإسلام( وهذا صحيح بمراجعة نص الخطاب) فقد اختص تشيني التطرف الإسلامي
بأنه يمثل أكبر خطر يهدد العالم بأجمعه, وكرر ماسبق أن أعلنه الرئيس بوش من أن الإرهابيين المسلمين يسعون لبناء امبراطورية تمتد من إسبانيا إلي اندونيسيا عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا حتي اندونيسيا.
ويقول باري إن ما رواه تشيني يدل علي التعصب الواضح لأنه لا يذكر مثلا الأمثلة المتعددة للإرهاب حول العالم, بل وداخل الولايات المتحدة نفسها, مثل تفجير سيارة سنة1967 لاغتيال معارض من شيلي اسمه أورلاندو ليتيليه, قررت حكومة شيلي الدكتاتورية يومها تصفيته وسط حي السفارات في واشنطن ومعه زميل أمريكي, أو حادثة تفجير مبني أوكلاهوما بقيادة تيموتي ماكفن أو غير ذلك.
ويفند باري الأمثلة التي ذكرها تشيني واحدة بعد الأخري علي أنها معارك بين القوات الأمريكية مثل تفجير مبني معسكرات المارينز في بيروت, وقال علي قدر مافي ذلك من فظاعة, فلم تكن عملا إرهابيا أو ماحدث في الصومال من اسقاط طائرة هليكوبتر في مقديشيو فلم يكن ذلك عملا إرهابيا وإنما نتيجة معركة بين القوات الأمريكية الخاصة وميليشيات أحد قادة الثوار أو المتمردين الصوماليين, والغرض أنه ليس كل الضحايا الأمريكيين يروحون ضحية أعمال إرهابية ولكن في نزاعات بين القوات الأمريكية
وسكان الدول التي تقع فيها هذه الحوادث, بل إنه يصل إلي أن غالبية ما يحدث في العراق اليوم, فإن تفجير المساجد مثلا وقتل المدنيين الأبرياء يشكل أعمالا إرهابية, ولكن تفجير القنابل في طريق قوافل القوات الأمريكية الغازية أو نصب الكمائن لها فإنه لا يعد من الأعمال الإرهابية, وخلص الكاتب من ذلك بقوله: إن مثل هذه اللغة التي يستخدمها السفير الإسرائيلي وتشيني لا تخدم سوي بعض عناصر المحافظين الجدد المتعصبين, ولكنها بالقطع لاتخدم لا القوات الأمريكية ولا الشعب الأمريكي, ولا تكسب أحدا في معركة الرأي العام في العالم الإسلامي.
والمفارقة أنه في الوقت نفسه الذي انعقد فيه مؤتمر إيباك الذي تحدث فيه تشيني قام16 من ضباط المخابرات السابقين, وعلي رأسهم رامي ماكجزن بزيارة إلي الكونجرس الأمريكي وهم يلبسون لباس السجن البرتقالي التي يلبسها مساجين جوانتانامو ويكممون أفواههم بشريط كتب عليه التعذيب وقام ماكجزن بإعادة الوسام الذي حصل عليه أثناء خدمته في أجهزة الأمن الأمريكية ووكالات المخابرات المركزية إلي بيت هوكسترا عضو الكونجرس ورئيس اللجنة المختارة الدائمة للاستخبارات قائلا: إنها كمسألة تخص صميم أعماق ضميري
فإنني أعيد إليكم هذا الوسام الذي منحته لحسن بلاءي في أداء وظيفتي علي امتداد27 عاما, فإنني لم أعد أقبل أن يقترن اسمي بوكالة تنخرط في أعمال التعذيب, فهذا أمر يدمر وجداني من الداخل. لاسيما بعد نشر التقارير التي ثبتت ممارستها في الخريف الماضي والتي وافق عليها مدير المخابرات الحالي بورتر جوس, ونائب الرئيس ديك تشيني, الذي وصفته صحيفة واشنطن بوست بنائب الرئيس لشئون التعذيب, وتدخلهم لدي السناتور جون ماكين ليستثني وكالة المخابرات المركزية من القانون الذي تقدم به لمنع التعذيب علي يد الأجهزة الأمريكية.
وقد ــ الكلام لايزال لضابط المخابرات السابق ــ ثبت من التحقيقات بعد ذلك أنه تمت عدة حوادث لتعذيب المعتقلين العراقيين في العراق حتي لقي عدد منهم حتفهم في السجون.
وقال الضابط الأمريكي إن رضوخ مديري الجهاز ـ جورج تنيت وبيتر جوس ـ لتعليمات البيت الأبيض قد سبب ضررا بالغا لا سبيل إلي تناسيه للجهاز والبلد, فضلا عن أولئك الذين فقدوا حياتهم أثناء هذا التعذيب. ثم أضاف: ولو أن بعض الضباط الألمان في الثلاثينيات تحدثوا علنا عن الأساليب الوحشية التي كانت ترتكب يوما لعرف الشعب الألماني بها وأوقفها, وأنا لا أريد لاحفادي أن يسألوني: ماذا فعلت ياجدي لوضع حد لعمليات التعذيب هذه. أريد أن أقول لهم لقد حاولت لقاء القسم الذي قطعته علي نفسي
كضابط في الجيش والمخابرات أن أدافع عن الدستور, فإنني لم أرفع صوتي فقط, وإنما قمت بعمل رمزي لكي استبعد نفسي عن هذه العملية كلها, ولا أريد لاسمي أو للوسام الذي حصلت عليه أن يلوث سمعتي, واسمح لي ياسيدي بإعادة هذا الوسام إليكم لتحطموه بمعرفتكم!