زوربا
03-18-2006, 04:32 PM
كتبت لميس يونس وعبدالله دبي
ماذا جرى لك ايها الزمنِِ؟ لماذا انكفأت اوقاتكِِ وتراجعت عن قيم المحبة والنبل والانسانية؟
كيف تخلى البشر عن جوهر الحق والخير حتى تحول الأمر الى عقوق لأقرب الناس، وجحود لمن جعلهم الله سببا في وجودنا على ظهر الحياة الدنيا؟
اسئلة كثيرة موجعة تنكأ جراحات الواقع وتفتح نافذة الالمِِ والاجابة عنها اشد ايلاماِِ فالعين الراصدة لانكفاءة مجتمعاتنا وتدهور احوالنا المعيشية يجد ان الكثير من الظواهر السلبية بدأت تتنامى وتأخذ شكل سمات مميزة، ومن ذلك عقوق الابناء لوالديهم والاساءة المتكررة من بعض ابناء الجيل الصاعد لرمز المحبة والحنين وواحة الامان، والشاهد ان احترام الابناء لآبائهم بدأ يقل تدريجيا عن ذي قبل في ظل التأثر بالعادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعاتنا وقيمنا الاصيلةِِ ورحم الله زمانا كان فيه الابناء يضعون آباءهم في قلوبهم ويجلونهم بصورة تصل الى أعلى درجة من الاحترامِ
لكن الايام تغيرت وانقلبت الاحوال والاخلاقيات رأسا على عقب حتى اضحى العقوق مستساغا وشيئا مألوفا وظاهرة متكررة، وليس ادل على ذلك من وجود الكثير من القضايا في المخافر والمحاكم رفعها آباء معتدى عليهم من قبل فلذات اكبادهم!
والحياة الواقعية زاخرة بقصص الاساءة الى الوالدين مما يدق ناقوس الخطر الى ضرورة الالتفات الى انكفاءة واقعنا وتدهور الاحوال الاجتماعية، فبدلا من تماسك الاسرة واحترام الوالدين وبلورة الولاء والطاعة سلوكا قويما وبرا واحسانا فإن حدة العقوق تتصاعد الى ما يشبه صرخة الآباء في وجه العقوق التي تنكأ الجراحات ازاء التصدي لظاهرة تطاول الابناء على والديهم وتخليهم عن عاطفة المحبة والرحمة نحو اغلى الناسِ
لكن ما اسباب تنامي ظاهرة عقوق الابناء لوالديهم؟ هل هي التفكك الاسري وغياب القيم الاجتماعية والانسانية النبيلة؟ ام طبيعة العصر التي جارت على قيم النبل والاحترام بشكل عام؟
'قبس الشباب' تفتح ملف عقوق الوالدين وتدق ناقوس الخطر، لدراسة الامر من مختلف الجوانب الاجتماعية والنفسية ورصد هذه الظواهر السلوكية المؤرقةِ
سلوك مؤسف
يرى الاخصائي الاجتماعي ايهاب محمد ان عقوق الوالدين ظاهرة سلوكية مؤسفة، مؤكدا انها اخذت في التزايد خلال السنوات الماضية، وعزا ذلك الى التقليد الاعمى لقصص الافلام والمسلسلات، واللهاث خلف المادة والاحلام الوردية البعيدة عن ارض الواقعِ
وأوضح أن كثيرا من الأبناء يسعون إلى الحصول على مال أو مركز ما، من دون رؤية واضحة للظروف ومختلف أمورهم مما يفقدهم الإحساس بالمسؤولية تجاه والديهم وأفراد أسرهم، وينحصر جل اهتمامهم في الحصول على المالِ
وشدد محمد على ضرورة التمسك بالمحبة والعلاقات العائلية القوية وطاعة الوالدين وكل ذلك يعزز النجاح والتفوق في الحياةِ
زوجة الابن
ومن جانبها ترفض رهام الأفعال التي يقوم بها بعض الأبناء حينما يقدمون على شق عصا الطاعة ويخرجون عن دائرة احترام وتقدير والديهم وهم سبب وجودهم في الحياةِ
وسردت رهام قصة واقعية عايشتها بنفسها حيث كانت إحدى السيدات تسكن بجوارها وقد مات زوجها فقامت بتربية ابنها وتحملت في سبيل تعليمه الكثير من المشقة والكفاح ولما كبر وصار شابا راحت تبحث له عن زوجة وبمرور الأيام تحولت تلك الزوجة إلى مصدر قلق للأم، حيث كانت تعاملها معاملة سيئة ولم ترحم شيخوختها وشجعت زوجها على إيداع أمه في دار رعاية المسنين، بحجة كبرها في السن فأطاع الابن زوجته وأخذ أمه إلى دار المسنين دون أن تدري وأقنعها أنه سيأخذها لإجراء بعض الفحوصاتِ وتركها تنتظر ثم غادر بلا عودة، ومرت الساعات حتى بدأت الأم تتساءل عن ابنها ومازالت حتى الآن تنتظر بكل أمل عودتهِ
مريض نفسي
أما شهد فترى أن هؤلاء الشباب هم مرضى نفسيون، وأن من يقدم على إيذاء أمه أو أبيه ونسيان ما قدماه لأجله، فهو فاقد العقل والضمير، وتوضح أن الله أمرنا بطاعة الوالدين ففضلهم عظيمِ
وقصت شهد حكاية سمعتها وأثرت في نفسها حول فتاة أهانت أمها بسبب شخص تحبهِ
ويقول سعيد المنصور 'إنني أسمع من وقت لآخر عن قصص لشباب يؤذون آباءهم كقصة الابن الذي طرد أبيه في البرد القارس وعتمة الليل لأن زوجته قد انزعجت من هذا العجوزِ وأتساءل دوما أين عقل هذا الشاب العاق ألم يفكر في عقاب الله: ألم يفكر فيمن رعاه وهو صغير، وتكفل به كما أني أرى أن هذا الشاب العاق أناني وجاحد القلب، وإن أي عقاب دنيوي لا يكفي إزاء عقوقه لوالديه، وليتذكر من يؤذي والديه أن الأيام متداولة وغدا سيفعل به أبناؤه مثلما فعل بوالديهِ
يمهل ولا يهمل
أما نور محمد فيرى أن الشاب العاق لوالديه غير قادر على حب شخص آخر ولا يمكن الوثوق به، إضافة إلى أن من يهجر أبويه لا يتوقع سوى الهجر من أبنائه وزوجته وأصدقائه فالله 'يمهل ولا يهمل'، لقد سمعت عددا من القصص المأساوية التي يقترفها الأبناء في حق الآباء كتلك الحادثة التي تحكي عن 4 أبناء اتفقوا على أن يرفعوا قضية حجر على الأب لأخذ ماله وتقسيمه وهو على قيد الحياة، فذلك قمة القسوة والجحود، ولكن هذا لا يعني أن كل الشباب يمثل هذا النموذج الجاحد من البشر ولكن المثل السيئ يشوه سيرة الشاب الصالح منهِ
نعمة الوالدين
تؤكد جميلة فرحان 'إن الوالدين نعمة كبيرة لا نشعر بقيمتها إلا بعد فقدها، فلا يعرف قيمة الوالدين سوى المحروم من هذه النعمة، وعلى كل شاب أن يحمل والديه على أكف الراحة قبل فوات الأوان، وقد سمعت قصة فتاة هجرت والدتها التي سهرت على راحتها وتولت رعايتها منذ وفاة والدها وعاشت بمفردها للشعور بالاستقلالية المزيفة وممارسة الأنانية حتى تعرضت لحادث أليم أفقدها الثقة بمن حولها فتذكرت والدتها، وقررت الرجوع إلى أحضانها وإذا بها يصلها الخبر بأن أمها قد فارقت الحياة، فتحطمت نفسيتها، ثم عاد إليها رشدها بعد ذلك، لكن بعد فوات الأوانِ
أخلاق سيئة
تتفق وعواطف الصقر على أن الشاب العاق هو شاب سيئ الأخلاق ولم يتعلم الرحمة والحب وقد يكون مختلا حينما يقدم على إيذاء والديهِ
وتروي جميلة قصة سمعتها حول شاب اعتدى على أمه ليسرق مالها ويصرفه على سهراته وملذاته، وتتساءل هل يعقل أن يضحي شخص بواهبة الحياة مقابل ملذات منتهية؟
ويؤيدها في الرأي سالم الفضلي قائلا: 'إن العاق شخص فقد صوابه وأصبح غير قادر على تحديد الصواب من الخطأ، وهو شخص لا أظن أنه سيشعر أبدا بالأمان لأنه أهان مصدر الأمان وهما الوالدان، مؤكدا أن العاقين سيندمون حتما لكن البعض يعود إلى صوابه بعد فوات الأوانِ
العقوق والقانون
'عقوق الوالدين جريمة يجب تغليظ العقوبات عليها'، هذا ما أكده المحامي خالد العبدالجليل وقال: عقوق الأبناء للآباء جريمة طبقا لصريح نصوص القانون، حيث ان المادة 166 من قانون الجزاء الكويتي تنص على أنه: 'كل شخص يلزمه القانون برعاية شخص آخر عاجز عن أن يحصل على الضروريات بسبب سنه أو مرضه أو اختلال عقله أو تقيد حريته، سواء نشأ الالتزام عن نص القانون مباشرا، أو عن عقد أو فعل مشروع أو فعل غير مشروع، فامتنع عمدا عن القيام بالتزامه وأفضى ذلك إلى وفاة المجني عليه أو إصابته بأذى، يعاقب - حسب قصد الجاني وجسامة الإصابات - بالعقوبات المنصوص عليها'ِ
بالنسبة لعقوق الآباء للأبناء، فهو مجرم أيضا طبقا لصريح نصوص القانون، فقد نص قانون الجزاء الكويتي على أن: كل رب أسرة يتولى رعاية صغير لم يبلغ أربع عشرة سنة كاملة، امتنع عن القيام بالتزامه من تزويد الصغير بضروريات المعيشة، فأفضى إلى وفاة الطفل أو إصابته بأذى، يعاقب بالعقوبات المذكورة في المادة السابقة، حسب ما إذا كان الامتناع عمديا أو غير عمدي، وحسب قصد الجاني وجسامة الإصابات، حتى لو كان الصغير غير عاجز عن تزويد نفسه بضروريات المعيشة'ِ
وبناء على ذلك يكون القانون قد فرض على الآباء الالتزام بحماية الأبناء وتزويدهم بضروريات المعيشة، وجعل الامتناع عن تأدية هذا الواجب معاقبا عليه طبقا لنصوص القانون، مما يؤكد محاولة القانون للحد من ظاهرة عقوق الآباء والأبناءِ
حق وواجب
المحامي خالد الشطي عرف عقوق الوالدين بأنه: 'ترك الأدب لهما والإتيان بما يؤذيهما قولا وفعلا، ومخالفتهما في أغراضهما الجائزة عقلا ونقدا، فليس إيذاؤهما أو ازعاجهما حراما وذنبا من الذنوب الكبيرة فقط، بل ان الإحسان إليهما وأداء حقهما واجبان، وتركهما حرام، فقد روي الكثير عن رسول الله وأهل بيته عليه وعليهم أفضل صلاة وأزكى سلام: 'ملعون ملعون من عق والديه'ِ
الابن المارق
ثم تحدث الشطي عن عقوبة الحدث العاق قائلا: القانون رقم 3 لسنة 1983 في شأن الأحداث، تعرف فيه المادة الأولى فقرة (ج) الحدث المعرض للانحراف في النقطة السادسة انه 'إذا كان مارقا عن سلطة أبويه أو عن سلطة ولي أمره' كما أناط القانون إلى مكتب المراقبة الاجتماعية بدراسة حالة الأحداث المنحرفين والمعرضين للانحراف، وتقديم تقرير اجتماعي عنهم إلى الجهات المختصة كما كلف القانون هيئة رعاية الأحداث بالنظر في مشكلات الأحداث المعرضين للانحراف وتوجيههم إلى أماكن الرعاية المناسبةِ
العقوق وعلم النفس
التقت 'القبس' دِ حمدي السبيب المتخصص في الطب النفسي والذي اكد ان عقوق الوالدين ليس مرضا نفسيا رغم ان بعض الاضطرابات النفسية تظهر على هيئة كراهية للوالدين وسوء معاملة لكل من يحيطون بالفرد، منوها بان ذلك غالبا ما يكون في فترة المراهقةِ واضاف 'ليس بالضرورة ان يكون المعاق مريضا نفسيا فربما يكون العقوق نتاج سوء تربية ونشأة وسط بيئة مجتمعية خاطئة او ان الاسرة عززت في نفس الابن قيم القسوة والانانية والجحودِ
الخير والبركة
انتقد مشعل الشمري الشباب الذين يتمردون على آبائهم مؤكدا انهم يخالفون كلام الله ورسوله، مشيرا الى اننا جبلنا على احترام والدينا لانهما الخير والبركة لكل انسان في هذه الدنيا، لذلك على الشباب النظر الى الله ومراعاة حقوق والديهمِ
عقوق الوالدين
اكد عبدالكريم الفضل ان الجيل الحالي تمادى كثيرا في عقوق الوالدين وعدم احترامهما، مرجعا السبب الرئيسي في ذلك الى التربية التي تعتبر سلاحا ذا حدين فان صلحت صلح الابناء والعكس صحيح، مشيرا الى انه معلم، ويرى شواهد كثيرة تنم عن عقوق الوالدين من قبل ابنائهمِ
عصيان
تساءل صلاح التميمي كيف يعصي الابن والديه ام كيف يضربهم مشيرا الى ان الغرب رغم انهم غير مسلمين، لكنهم يعاملون والديهم بعطف وحنان وحرية، اما نحن، ورغم ان ديننا الحنيف يرفض ايذاء الوالدين ويتوعد بالعقاب الاليم من يعق والديه، فإننا نرى ان عصيان الوالدين باتت ظاهرةِ
غضب إلهي على العاقين
بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله عز وجل، والبر في اللغة: هو الصدق والطاعة وهو ضد العقوقِ
قال الحسن البصري رحمه الله: هو أن تطيعهما في كل ما أمرك الله به ما لم يكن في معصية الله، والعقوق هو هجرانهما وأن تحرمهما خيركِ
وقد قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بتوحيده مع الأمر بالإحسان للوالدين، لما يدل على عظم شأن الوالدين عند الله عز وجل، قال سبحانه 'وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا' (الإسراء: 23)ِ
وقال سبحانه: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا' (النساء: 26)ِ
ومما يدل على تسمية الإحسان اليهما جهادا ما روي عن عبدالعزيز بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد' رواه البخاري ومسلمِ
وفي عقوق الوالدين: قال القرطبي رحمه الله: عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهماِ
قال سبحانه وتعالى: 'فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما' (الإسراء: 23)ِ
ماذا جرى لك ايها الزمنِِ؟ لماذا انكفأت اوقاتكِِ وتراجعت عن قيم المحبة والنبل والانسانية؟
كيف تخلى البشر عن جوهر الحق والخير حتى تحول الأمر الى عقوق لأقرب الناس، وجحود لمن جعلهم الله سببا في وجودنا على ظهر الحياة الدنيا؟
اسئلة كثيرة موجعة تنكأ جراحات الواقع وتفتح نافذة الالمِِ والاجابة عنها اشد ايلاماِِ فالعين الراصدة لانكفاءة مجتمعاتنا وتدهور احوالنا المعيشية يجد ان الكثير من الظواهر السلبية بدأت تتنامى وتأخذ شكل سمات مميزة، ومن ذلك عقوق الابناء لوالديهم والاساءة المتكررة من بعض ابناء الجيل الصاعد لرمز المحبة والحنين وواحة الامان، والشاهد ان احترام الابناء لآبائهم بدأ يقل تدريجيا عن ذي قبل في ظل التأثر بالعادات والتقاليد الدخيلة على مجتمعاتنا وقيمنا الاصيلةِِ ورحم الله زمانا كان فيه الابناء يضعون آباءهم في قلوبهم ويجلونهم بصورة تصل الى أعلى درجة من الاحترامِ
لكن الايام تغيرت وانقلبت الاحوال والاخلاقيات رأسا على عقب حتى اضحى العقوق مستساغا وشيئا مألوفا وظاهرة متكررة، وليس ادل على ذلك من وجود الكثير من القضايا في المخافر والمحاكم رفعها آباء معتدى عليهم من قبل فلذات اكبادهم!
والحياة الواقعية زاخرة بقصص الاساءة الى الوالدين مما يدق ناقوس الخطر الى ضرورة الالتفات الى انكفاءة واقعنا وتدهور الاحوال الاجتماعية، فبدلا من تماسك الاسرة واحترام الوالدين وبلورة الولاء والطاعة سلوكا قويما وبرا واحسانا فإن حدة العقوق تتصاعد الى ما يشبه صرخة الآباء في وجه العقوق التي تنكأ الجراحات ازاء التصدي لظاهرة تطاول الابناء على والديهم وتخليهم عن عاطفة المحبة والرحمة نحو اغلى الناسِ
لكن ما اسباب تنامي ظاهرة عقوق الابناء لوالديهم؟ هل هي التفكك الاسري وغياب القيم الاجتماعية والانسانية النبيلة؟ ام طبيعة العصر التي جارت على قيم النبل والاحترام بشكل عام؟
'قبس الشباب' تفتح ملف عقوق الوالدين وتدق ناقوس الخطر، لدراسة الامر من مختلف الجوانب الاجتماعية والنفسية ورصد هذه الظواهر السلوكية المؤرقةِ
سلوك مؤسف
يرى الاخصائي الاجتماعي ايهاب محمد ان عقوق الوالدين ظاهرة سلوكية مؤسفة، مؤكدا انها اخذت في التزايد خلال السنوات الماضية، وعزا ذلك الى التقليد الاعمى لقصص الافلام والمسلسلات، واللهاث خلف المادة والاحلام الوردية البعيدة عن ارض الواقعِ
وأوضح أن كثيرا من الأبناء يسعون إلى الحصول على مال أو مركز ما، من دون رؤية واضحة للظروف ومختلف أمورهم مما يفقدهم الإحساس بالمسؤولية تجاه والديهم وأفراد أسرهم، وينحصر جل اهتمامهم في الحصول على المالِ
وشدد محمد على ضرورة التمسك بالمحبة والعلاقات العائلية القوية وطاعة الوالدين وكل ذلك يعزز النجاح والتفوق في الحياةِ
زوجة الابن
ومن جانبها ترفض رهام الأفعال التي يقوم بها بعض الأبناء حينما يقدمون على شق عصا الطاعة ويخرجون عن دائرة احترام وتقدير والديهم وهم سبب وجودهم في الحياةِ
وسردت رهام قصة واقعية عايشتها بنفسها حيث كانت إحدى السيدات تسكن بجوارها وقد مات زوجها فقامت بتربية ابنها وتحملت في سبيل تعليمه الكثير من المشقة والكفاح ولما كبر وصار شابا راحت تبحث له عن زوجة وبمرور الأيام تحولت تلك الزوجة إلى مصدر قلق للأم، حيث كانت تعاملها معاملة سيئة ولم ترحم شيخوختها وشجعت زوجها على إيداع أمه في دار رعاية المسنين، بحجة كبرها في السن فأطاع الابن زوجته وأخذ أمه إلى دار المسنين دون أن تدري وأقنعها أنه سيأخذها لإجراء بعض الفحوصاتِ وتركها تنتظر ثم غادر بلا عودة، ومرت الساعات حتى بدأت الأم تتساءل عن ابنها ومازالت حتى الآن تنتظر بكل أمل عودتهِ
مريض نفسي
أما شهد فترى أن هؤلاء الشباب هم مرضى نفسيون، وأن من يقدم على إيذاء أمه أو أبيه ونسيان ما قدماه لأجله، فهو فاقد العقل والضمير، وتوضح أن الله أمرنا بطاعة الوالدين ففضلهم عظيمِ
وقصت شهد حكاية سمعتها وأثرت في نفسها حول فتاة أهانت أمها بسبب شخص تحبهِ
ويقول سعيد المنصور 'إنني أسمع من وقت لآخر عن قصص لشباب يؤذون آباءهم كقصة الابن الذي طرد أبيه في البرد القارس وعتمة الليل لأن زوجته قد انزعجت من هذا العجوزِ وأتساءل دوما أين عقل هذا الشاب العاق ألم يفكر في عقاب الله: ألم يفكر فيمن رعاه وهو صغير، وتكفل به كما أني أرى أن هذا الشاب العاق أناني وجاحد القلب، وإن أي عقاب دنيوي لا يكفي إزاء عقوقه لوالديه، وليتذكر من يؤذي والديه أن الأيام متداولة وغدا سيفعل به أبناؤه مثلما فعل بوالديهِ
يمهل ولا يهمل
أما نور محمد فيرى أن الشاب العاق لوالديه غير قادر على حب شخص آخر ولا يمكن الوثوق به، إضافة إلى أن من يهجر أبويه لا يتوقع سوى الهجر من أبنائه وزوجته وأصدقائه فالله 'يمهل ولا يهمل'، لقد سمعت عددا من القصص المأساوية التي يقترفها الأبناء في حق الآباء كتلك الحادثة التي تحكي عن 4 أبناء اتفقوا على أن يرفعوا قضية حجر على الأب لأخذ ماله وتقسيمه وهو على قيد الحياة، فذلك قمة القسوة والجحود، ولكن هذا لا يعني أن كل الشباب يمثل هذا النموذج الجاحد من البشر ولكن المثل السيئ يشوه سيرة الشاب الصالح منهِ
نعمة الوالدين
تؤكد جميلة فرحان 'إن الوالدين نعمة كبيرة لا نشعر بقيمتها إلا بعد فقدها، فلا يعرف قيمة الوالدين سوى المحروم من هذه النعمة، وعلى كل شاب أن يحمل والديه على أكف الراحة قبل فوات الأوان، وقد سمعت قصة فتاة هجرت والدتها التي سهرت على راحتها وتولت رعايتها منذ وفاة والدها وعاشت بمفردها للشعور بالاستقلالية المزيفة وممارسة الأنانية حتى تعرضت لحادث أليم أفقدها الثقة بمن حولها فتذكرت والدتها، وقررت الرجوع إلى أحضانها وإذا بها يصلها الخبر بأن أمها قد فارقت الحياة، فتحطمت نفسيتها، ثم عاد إليها رشدها بعد ذلك، لكن بعد فوات الأوانِ
أخلاق سيئة
تتفق وعواطف الصقر على أن الشاب العاق هو شاب سيئ الأخلاق ولم يتعلم الرحمة والحب وقد يكون مختلا حينما يقدم على إيذاء والديهِ
وتروي جميلة قصة سمعتها حول شاب اعتدى على أمه ليسرق مالها ويصرفه على سهراته وملذاته، وتتساءل هل يعقل أن يضحي شخص بواهبة الحياة مقابل ملذات منتهية؟
ويؤيدها في الرأي سالم الفضلي قائلا: 'إن العاق شخص فقد صوابه وأصبح غير قادر على تحديد الصواب من الخطأ، وهو شخص لا أظن أنه سيشعر أبدا بالأمان لأنه أهان مصدر الأمان وهما الوالدان، مؤكدا أن العاقين سيندمون حتما لكن البعض يعود إلى صوابه بعد فوات الأوانِ
العقوق والقانون
'عقوق الوالدين جريمة يجب تغليظ العقوبات عليها'، هذا ما أكده المحامي خالد العبدالجليل وقال: عقوق الأبناء للآباء جريمة طبقا لصريح نصوص القانون، حيث ان المادة 166 من قانون الجزاء الكويتي تنص على أنه: 'كل شخص يلزمه القانون برعاية شخص آخر عاجز عن أن يحصل على الضروريات بسبب سنه أو مرضه أو اختلال عقله أو تقيد حريته، سواء نشأ الالتزام عن نص القانون مباشرا، أو عن عقد أو فعل مشروع أو فعل غير مشروع، فامتنع عمدا عن القيام بالتزامه وأفضى ذلك إلى وفاة المجني عليه أو إصابته بأذى، يعاقب - حسب قصد الجاني وجسامة الإصابات - بالعقوبات المنصوص عليها'ِ
بالنسبة لعقوق الآباء للأبناء، فهو مجرم أيضا طبقا لصريح نصوص القانون، فقد نص قانون الجزاء الكويتي على أن: كل رب أسرة يتولى رعاية صغير لم يبلغ أربع عشرة سنة كاملة، امتنع عن القيام بالتزامه من تزويد الصغير بضروريات المعيشة، فأفضى إلى وفاة الطفل أو إصابته بأذى، يعاقب بالعقوبات المذكورة في المادة السابقة، حسب ما إذا كان الامتناع عمديا أو غير عمدي، وحسب قصد الجاني وجسامة الإصابات، حتى لو كان الصغير غير عاجز عن تزويد نفسه بضروريات المعيشة'ِ
وبناء على ذلك يكون القانون قد فرض على الآباء الالتزام بحماية الأبناء وتزويدهم بضروريات المعيشة، وجعل الامتناع عن تأدية هذا الواجب معاقبا عليه طبقا لنصوص القانون، مما يؤكد محاولة القانون للحد من ظاهرة عقوق الآباء والأبناءِ
حق وواجب
المحامي خالد الشطي عرف عقوق الوالدين بأنه: 'ترك الأدب لهما والإتيان بما يؤذيهما قولا وفعلا، ومخالفتهما في أغراضهما الجائزة عقلا ونقدا، فليس إيذاؤهما أو ازعاجهما حراما وذنبا من الذنوب الكبيرة فقط، بل ان الإحسان إليهما وأداء حقهما واجبان، وتركهما حرام، فقد روي الكثير عن رسول الله وأهل بيته عليه وعليهم أفضل صلاة وأزكى سلام: 'ملعون ملعون من عق والديه'ِ
الابن المارق
ثم تحدث الشطي عن عقوبة الحدث العاق قائلا: القانون رقم 3 لسنة 1983 في شأن الأحداث، تعرف فيه المادة الأولى فقرة (ج) الحدث المعرض للانحراف في النقطة السادسة انه 'إذا كان مارقا عن سلطة أبويه أو عن سلطة ولي أمره' كما أناط القانون إلى مكتب المراقبة الاجتماعية بدراسة حالة الأحداث المنحرفين والمعرضين للانحراف، وتقديم تقرير اجتماعي عنهم إلى الجهات المختصة كما كلف القانون هيئة رعاية الأحداث بالنظر في مشكلات الأحداث المعرضين للانحراف وتوجيههم إلى أماكن الرعاية المناسبةِ
العقوق وعلم النفس
التقت 'القبس' دِ حمدي السبيب المتخصص في الطب النفسي والذي اكد ان عقوق الوالدين ليس مرضا نفسيا رغم ان بعض الاضطرابات النفسية تظهر على هيئة كراهية للوالدين وسوء معاملة لكل من يحيطون بالفرد، منوها بان ذلك غالبا ما يكون في فترة المراهقةِ واضاف 'ليس بالضرورة ان يكون المعاق مريضا نفسيا فربما يكون العقوق نتاج سوء تربية ونشأة وسط بيئة مجتمعية خاطئة او ان الاسرة عززت في نفس الابن قيم القسوة والانانية والجحودِ
الخير والبركة
انتقد مشعل الشمري الشباب الذين يتمردون على آبائهم مؤكدا انهم يخالفون كلام الله ورسوله، مشيرا الى اننا جبلنا على احترام والدينا لانهما الخير والبركة لكل انسان في هذه الدنيا، لذلك على الشباب النظر الى الله ومراعاة حقوق والديهمِ
عقوق الوالدين
اكد عبدالكريم الفضل ان الجيل الحالي تمادى كثيرا في عقوق الوالدين وعدم احترامهما، مرجعا السبب الرئيسي في ذلك الى التربية التي تعتبر سلاحا ذا حدين فان صلحت صلح الابناء والعكس صحيح، مشيرا الى انه معلم، ويرى شواهد كثيرة تنم عن عقوق الوالدين من قبل ابنائهمِ
عصيان
تساءل صلاح التميمي كيف يعصي الابن والديه ام كيف يضربهم مشيرا الى ان الغرب رغم انهم غير مسلمين، لكنهم يعاملون والديهم بعطف وحنان وحرية، اما نحن، ورغم ان ديننا الحنيف يرفض ايذاء الوالدين ويتوعد بالعقاب الاليم من يعق والديه، فإننا نرى ان عصيان الوالدين باتت ظاهرةِ
غضب إلهي على العاقين
بر الوالدين من أعظم القربات إلى الله عز وجل، والبر في اللغة: هو الصدق والطاعة وهو ضد العقوقِ
قال الحسن البصري رحمه الله: هو أن تطيعهما في كل ما أمرك الله به ما لم يكن في معصية الله، والعقوق هو هجرانهما وأن تحرمهما خيركِ
وقد قرن الله سبحانه وتعالى الأمر بتوحيده مع الأمر بالإحسان للوالدين، لما يدل على عظم شأن الوالدين عند الله عز وجل، قال سبحانه 'وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا' (الإسراء: 23)ِ
وقال سبحانه: واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا' (النساء: 26)ِ
ومما يدل على تسمية الإحسان اليهما جهادا ما روي عن عبدالعزيز بن عمرو بن العاص رضي الله عنه: قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد فقال: أحي والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد' رواه البخاري ومسلمِ
وفي عقوق الوالدين: قال القرطبي رحمه الله: عقوق الوالدين مخالفتهما في أغراضهما الجائزة لهما، كما أن برهما موافقتهما على أغراضهماِ
قال سبحانه وتعالى: 'فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما' (الإسراء: 23)ِ