المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ألف اختراع واختراع



هاشم
03-17-2006, 12:52 PM
الخليج الاماراتية - أبو خلدون



قصر فرساي من المعالم التاريخية الشهيرة في باريس، ولكن زوار هذا القصر بالغ الفخامة الذي كان مقرا لملوك فرنسا في الماضي يفاجأون بعدم وجود حمامات فيه.

وقد يكون من الطريف أن نذكر أن أوروبا لم تعرف الحمامات في منازلها قبل القرن التاسع عشر، وقد أخذتها عن العرب، ولكن معرضاً متجولا في العالم يقام حالياً في مدينة مانشستر البريطانية تحت عنوان “الف اختراع واختراع قدمها العرب للإنسانية”، ينبئنا أن الغربيين لم يأخذوا عنا الحمامات فقط، وإنما الصابون أيضا، والصابون اختراع فرعوني قديم، وكان الرومان يستخدمونه لتليين الشعر، ولكن العرب هم أول من أدخلوا الزيوت النباتية والروائح العطرية وهيدروأوكسيد الصوديوم في صنعه، واستخدموه في الغسيل والاستحمام.

ومن طريف ما يرويه المؤرخون أن العرب كانوا ينفرون من رائحة الجنود الصليبيين الذين غزوا المنطقة، ويقولون “إن رائحتهم زنخة”، و”إنهم لا يستحمون” لأنهم لا يستخدمون الصابون في الاستحمام. وقد ظل هذا الاعتقاد ينسحب على كل الأوروبيين حتى منتصف القرن العشرين، حيث يقول كبار السن إن “رائحة الأوروبيين زنخة”. والشامبو دخل بريطانيا من الدول العربية عام 1759 عن طريق تاجر مسلم، وقد عين هذا التاجر مسؤولا عن حمام الملك جورج الرابع، ووليام الرابع في ما بعد.

وقبل القرن التاسع الميلادي لم يكن في أوروبا تقاليد للمائدة، وما نراه في الأفلام من أن الروماني أو الأوروبي يتناول الوجبة ثم يطلب الفواكه كله كذب وتزييف على التاريخ، فأول من أدخل تقاليد المائدة إلى أوروبا هو المغني زرياب، فقد سافر إلى الاندلس من بغداد وحمل معه تقاليد الأكل بتناول الحساء أولا، ثم الوجبة، ثم الفواكه، كما حدث الأندلسيين عن شرب البغداديين بأكواب من الكريستال، وسمع عباس بن فرناس الكلام منه، وتمكن من التوصل إلى وسيلة لصنع زجاج الكريستال، ومن الاندلس انتقلت تقاليد المائدة والشرب بالكريستال إلى أوروبا كلها.

وقلم الحبر لم يخترعه المستر بيك، ولا مستر ووترمان، ولا اليابان، وإنما اخترعه عالم عربي قال له أحد الخلفاء الفاطميين: إنه يشعر بالضيق عند توقيع الأوراق الرسمية لأن الريشة المبللة بالحبر تلوث يده، فاخترع له قلماً يحتفظ بالحبر داخل ماسورة تنزّه إلى الرأس بكميات قليلة وفق نظرية الأنابيب الشعرية.

نتحدث عن أجدادنا والحرقة تدمي قلوبنا، ونقول لهم: “تعالوا وانظروا إلى ما آل إليه حال أحفادكم”، فكل المظاهر الحضارية في الحياة تعلمها الأوروبيون من العرب، والأحفاد لا يعرفون ذلك ويظنون أنهم يقلدون الغرب عندما يقومون بها. وعندما يصل معرض 1001 اختراع إلينا سنعرف الكثير عن مساهمات العلماء العرب في الحضارة الإنسانية، فالقائمون على المعرض يعيدون إلى الأذهان أن قضيب زند التدوير الذي يسير الآلة ويعتبر الأساس في كل ماكينة في الصناعة الحديثة من اختراع مهندس عربي يدعى الجزائري، وكل أدوات الجراحة التي يستخدمها الأطباء في العمليات حالياً لا تزال كما صممها الطبيب العربي الزهراوي الذي ابتكر أيضا طريقة لصنع خيوط الجراحة من أمعاء القطط. وليس صحيحا أن باستور هو الذي ابتكر التحصين، فقد عرف العرب التحصين قبله بما يزيد على قرن ونصف من الزمن.

والعرب هم أول من أدخل الحدائق في المدن، فقد كان الأوروبيون يقيمون الحدائق خارج المدن وعلى أطرافها، كما أنهم أول من اهتم بتخصيص حديقة في المنزل، ومع ذلك فإن حديقة المنزل غابت الآن من تراثنا، ومعظم مدننا الكبيرة تطرد الحدائق وتحولها إلى مجمعات من صناديق الاسمنت العالية تطلق عليها اسم “بنايات سكنية”.


abukhaldoun@maktoob.com