المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في ذكرى مولد الإمام علي (ع)سماحة العلامة المرجع السيد فضل الله



ابوقاسم
09-11-2003, 09:00 PM
سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله دام ظله - النجف ج2ـ1379 هـ


لا.. لن يموت على الشفاء نداء ما دام يخصّب وحيه الشهداء
ما دام يقتحم المجاهل ناهض حرٌّ بفكرته الحياة تضاء
يترّصد الفجر الطليق.. وفي الذرى من روحه، أنّى يسير ضياء
ما دمت أنت وفي انطلاقك للهدى نهجٌ، رعته الشرعة السمحاء
وعلى هدى ذكراك مولد دعوة بعثت لينعم عندها البؤساء
وُلدت على شفة النبي محمد فتلقفتها روحك البيضاء
ووعيت ثورتها نضال حقيقة تسمو ليعلوَ للحياة نداء
وحضنت فكرتها، بوعيٍ يلتقي في روحه الإيمان، والإيحاء
ومضيت تقتاد الصفوف ليقظةٍ الوحي في أعماقها وضّاء
فتلاقت الأصداء وامتدّ السرى وتلفَّتت للموكب الصحراء
فإذا النبي وأنت رائد فجره ترتاع من لفتاته الظلماء
وعقيدة القرآن تمرح بالاخا دنيا تظلِّل أفقها البيضاء
* * * *



لا.. لن يموت وكل ذكرى دعوة للحق، إن جنَّت بنا الأهواء
ما قيمة الذكرى إذا لم يستبن هدف، ولم يثر الحياة نداء
وحقيقةُ بيضاء يفضح وعيها ما لفَّقته الفترة السوداء
* * * *

ذكراك ذكرى العبقرية حرة تعطي الحياة لينعم الأحياء
وتفيض لا ليقال: "فاضت نبعةٌ" لكن لتخضب قفرةٌ جرداء
ذكرى العدالة، حين تصرع قوةً يشقى بسوط عذابها الضعفاء
ما المجد ما الجاه المزيّف ما الغنى فالخلق عندك في الحقوق سواء
أوضحت منهجها وصنت حياتها من أن يدنِّس طهرها الأُجراء
أو يشفع المتملّقون لغاصب يجني لتحمي مجده الآباء
رافقت أهل البؤس في بأسائهم فمضيت تشمخ باسمك البأساء
* * * *

لم ترضَ أن رفعتك كف محمد علماً تسير بهديه العلياء
حتى انطلقت، فلم يطب لك مورد هيهات تُروى والقلوب ظماء
أو يغتمض جفن وتسكن انَّةٌ ما دام يلتحف الدجى الفقراء
فرضيت أن تحيى ويخشن ملبس وأبيتَ _ روحاً _ أن يطيب غذاء
ما دام _ في أرض اليمامة _ جائع أو معدمٌ حفت به الأرزاء
أطلقته مَثَلاً ليبقى منهجا للعدل يتبع هديه الأمناء
* * * *

ذكرى الصراحة في العقيدة لم يَشب أقداسها _ عبر النضال _ رياء
تجري بها في النور لا متلمِّساً درباً، يحوط ظلاله الاغراء
ترعى مكاسبها، فإن مُدّت يد سوداء تدفعها المنى العمياء
فالعدل يقطعها، ليبعت عالماً حُراً تواكب فجره الأمناء
* * * *

ذكراك نحن هنا نعيش حياتها ليطل من خلف السنين حداء
فالدين عاد، كما يلوح بأفقنا شبح، فلا لحن ولا أصداء
طوت المطامع روحه وتلوَّنت في أُفقه الأشكال والأسماء
وإذا بنا والتّيه يصفع خطونا نجري فتحطِمُ زهونا الرمضاء
والفكر بعثره التواء رُعاته فتلقَّفته ثقافةٌ جوفاء
ومشت به سطحيَّةٌ عاشت على آفاقها أيامنا السوداء
أيَّام كان الظلم يُلهب سوطه إن رفّ بالفكر الصراح لواء
والدين تحكمه خلافة مدّعٍ يقتاده الأشرار والدخلاء
وأتى الدخيل فشاقه أنّ الذي يحمي العرين يلُّفه الأعياء
فمضى يمد شباكه: فحضارةٌ براقة وثقافة هوجاء
ومواكبٌ قالوا بأن حياتها للعلم فهي طليعة غراء
تهدي وتدعو للصباح فحسبها منكم ومنا الطاعة العمياء
.. وكما رأيت فقد جرينا حولها وعلى العيون من الضباب غشاء
وإذا بنا واللص يسرق وحينا الهادي، ليعبث فيه كيف يشاء
ويدسّ فيه سمومه ليعيده نبعاً تعكِّر صفوه الأقذاء
حتى انتهينا مثلما شاءت لنا كف الدخيل، كأننا أشلاء
وكأن تاريخنا بناه محمد وحضارةً خضعت لها الأرجاء
أقصوصةٌ تروى ليسمر سامر لا ثورةٌ وعقيدة وإباء
* * * *

أرأيت كيف الكفر شلّ حياتنا حتى طوتنا الفكرة الشلاَّء
ما زال ينفث سمَّه متلونا فينا كما تتلوَّن الحرباء
حتى اطمأن به المصير فأُهدرت قِيَمٌ وجفّ على الهجير رواء
وإذا النهاية أن تعود بلادنا للكفر وهي القلعة الشماء
وكم علمت.. فقد بدأنا وعينا فتحضنته الدعوة الغرّاء
وانداح لله الجهل واندفع الضحى يروي لنا: إن الحياة بناء
* * * *

والدين ماذا.. هل وعينا وحيه هل شوّهت قرآنه الأهواء
ماذا يروم الحاقدون فديننا دين الحياة ونهجها الوضّاء
الدين، ليس الدين، مهما شوهوا وِرداً تصاعد في هداه دعاء
أو نزعةً صوفية تئد الضحى في روحها لتلفَّها الظلماء
أو فكرةً عاشت لتخدم طغمة تحيى ليشقى باسمها البؤساء
ومخدّراً يعظ الضحايا معلناً أن السماء تسودها الكبراء
* * * *

الدين لو وعت الحياة معاشر فكرٌ تحرّر باسمه الآراء
يدعو لتحرير الشعوب فليس من قانونه أن يُقهر الضعفاء
أو ينحني شعب لسطوة غاصب أو ينتشي ذئب لتُنحر شاء
ونظام حق _ تلتقي بكيانه وبروحه روحيةٌ وإخاء
ومحبةٌ تسمو لتنقذ عالما من أن يحطِّم جانحيه فناء
وعدالةٌ تأبى طبيعة وحيها إلا بأن يتصاغر الأثراء
سارت وقانون الحياة يمدها ويشد ساعدها لديه رخاء
تختط للثروات حدّاً إن طغت فيها الميول وجُنَّت الأسواء
وتشق درباً لاحباً، لا ثروةٌ يشقى بها شعب ولا بأساء
وتلفّتتْ لتهيب في قرآنها ان الخلائق في الحقوق سواء
فلكل شعبٍ أُفقه.. لكنما للمتقين الراية البيضاء
هذا هو الإسلام.. نهجٌ واضح للمهتدين ودعوةٌ سمحاء
تثبُ الحضارة من حنايا روحه طهراً كما تتواثب الأضواء
مشت الحياة به قروناً وهو في زهو الشروق نضارةٌ ونقاء
وتحضنته يد الخلود ولم يزل للخلد _ من آياته _ إيحاء
فتمسكوا بهداه تلقوا هديه فغداً ستبلى هذه الأزياء
* * * *

ربّاه: نحن هنا التفاتٌ ضارع ملء العيون وفي الشفاه نداء
ربّاه: نحن هنا وفي أعماقنا امل وفي نجوى الضمير رجاء
رباه: ثبتّنا على إيماننا لنسير نحوك والقلوب وضاء
وارفق بنا وأنر لنا سبل الهدى إن بعثرت أقدامنا الأخطاء
وابعث لنا ذكرى الوصي فحسبنا إمّا أطلَّت.. هذه الأجواء
* * * *

http://www.bayynat.org.lb/www/arabi...ed/imamali1.htm