المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عـامـان على 11أيلـول - سبتمبر



ابوقاسم
09-11-2003, 07:59 PM
عـامـان على 11أيلـول - سبتمبر
على الرغم من المأزق الذي تعيشه أميركا في العراق بعد حربها على أفغانستان، وفشلها في المسألة الفلسطينية، لا يزال عنوان "الإرهاب" الذي استخدمته منذ أحداث 11 أيلول - سبتمبر يرافق حركتها العسكرية والسياسية والأمنية في المنطقة والعالم.


لا نريد أن نكون أعداءً للشعوب الغربية، وأوروبا تتنكر لتاريخها

فضل الله: محاولات أمريكية لضم الإتحادين الأوروبي والروسي
إلى حلف العداء لقضايا العرب والمسلمين في العالم


سئل سماحة العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله في ندوته الأسبوعية: كيف تنظرون إلى عنوان الإرهاب الذي ما زالت أمريكا ترفعه في حملتها على العرب والمسلمين، وما هي حقيقة الموقف الأوروبي الأخير؟

فأجاب: "لطالما حذَّرنا منذ أن شهد العالم مثل هذه الأعمال التي انطلقت في11 أيلول/ سبتمبر، من أن الإدارة الأميركية ستكون المستفيد الأول منها، وقد استنكرنا هذه الأعمال منذ البداية، لكونها لا تتناسب مع المنهج الإسلامي في خط المواجهة السياسية، ولا تتوافر فيها الشروط الشرعية في مسألة المعارضة السياسية لجهة استهداف المدنيين وسقوطهم ضحايا في غير حالة الحرب، هذا إضافة إلى أننا نريد أن نكون أصدقاء العالم في ما هي الصداقة العالمية التي أكَّد عليها القرآن الكريم، ولا نريد أن نكون أعداءً للشعب الأمريكي وإن اختلفنا مع إدارته، فضلاً عن أننا لا نرى أي مسوِّغ شرعي لاستهداف أيِّ شعب لمجرد الاختلاف مع إدارته، حتى وإن كانت هذه الإدارة تقف في الموقع الذي يدعم عدوّنا.

وقد رأينا كيف أن الرئيس الأميركي الذي كان يعيش أزمةً لجهة الأوضاع الداخلية التي أربكت إدارته، وخصوصاً بعد الانتخابات الأميركية، وجد في أحداث11 أيلول/سبتمبر الفرصة المناسبة لترتيب وضع إدارته داخلياً، ولاستنفار الأميركيين تحت عنوان حماية أمنهم في مواجهة "الإرهاب"، ولا يزال "بوش" يستخدم هذا العنوان في كل مشاريع إدارته، وخصوصاً في المنطقة العربية والإسلامية، ويستفيد منه في إثارة العالم، حيث لم يستطع أحد في العالم الذي يسمونه متحضّراً أن يعترض على هذا الشعار وأهدافه التسويقية، مع أن بعض الدول الأوروبية كانت قد طلبت دراسة الموضوع أكثر، ولكن أميركا رفضت ذلك، كما إن بعض الدول العربية طلبت التمييز بين المقاومة و"الإرهاب"، ولكن الإدارة الأميركية رفضت ذلك، لأنها كانت تخطِّط لجعل عنوان "الإرهاب" فزاعة تطارد من خلاله من تشاء، وتستخدمه ضد كل من يعارض سياستها في العالم.

إننا نعرف بأن إدخال المقاومة ضد الاحتلال في فلسطين ولبنان في هذا الملف - أعني ملف الإرهاب - جاء من خلال تنسيق أميركي إسرائيلي يهدف إلى إدخال القضية الفلسطينية بكل متفرّعاتها في هذه المتاهة، بحيث تطمس معالمها أو يضعف نبضها الشعبي لمصلحة الإرهاب الإسرائيلي المتصاعد الذي تسميه أميركا "دفاعاً عن النفس"... وقد ضغطت أمريكا أخيراً على الاتحاد الأوروبي كما ضغطت على الإتحاد الروسي، وكذلك على الأمم المتحدة، كما عملت على مصادرة بعض الأوضاع العربية الداعمة للفلسطينيين بهدف تركيع الفلسطينيين وإخضاعهم لحساب إسرائيل، بعدما فشلت كل محاولات تطويعهم لحساب المشروع الأميركي الإسرائيلي في المنطقة.

ولذلك نحن نضع القرار الأخير للاتحاد الأوروبي الذي وضع الجناح السياسي لحركة "حماس" في خانة المنظمات الإرهابية، في نطاق الضغط الأميركي المتصاعد على دول الاتحاد الأوروبي تحت وابل من الترهيب والترغيب، بإضعاف دور هذه الدول في المنطقة، أو لإدخالها في لعبة الحصص النفطية والصفقات الاقتصادية في العراق وغيره، ونرى أن من المخجل لأوروبا أن تدخل في هذا النفق المظلم لحساب أمريكا وعلى حساب قوانينها وتشريعاتها التي تدَّعي احترام حقوق الإنسان، ولا سيما حقه في التعبير وفي تحرير أرضه من الاحتلال، ونسجّل على دول الاتحاد الأوروبي أنها أغفلت في توصيتها هذه كل الهجمات الإرهابية التي قام بها الطيران الإسرائيلي، وكل ممارسات جيش الاحتلال الإسرائيلي التي أدت إلى قتل وجرح العشرات والمئات من الفلسطينيين بحجة ملاحقة نشاط الانتفاضة، إضافة إلى تدمير العدوّ المستمر للبيوت وتجريفه للمزارع والحقول.

إننا نخشى من أن أوروبا التي كان العرب والمسلمون يحترمونها على أساس تميّزها عن الموقف الأميركي المعادي لقضاياهم، وعلى أساس أنها لا تزال تعيش في نطاق احترام بعض الخطوط الحضارية التاريخية، قد دخلت في دائرة النفوذ الأميركي وتنكّرت لتاريخها... ولذلك نقترح على دول الإتحاد الأوروبي أن تصدر قرارات مماثلة تدين فيها مقاومة الفرنسيين للإحتلال النازي وتصمها بـ"الإرهاب"، ولا نريد أن نضعف على الأوروبيين لنسألهم في أية خانة يضعون القصف الأمريكي لهيروشيما وناكازاكي، لأن السؤال قد يكون محرجاً... ولكننا في الوقت نفسه نخشى من أن الاتحاد الأوروبي قد بدأ يتّبع سياسة النظر بعين واحدة ليقلّد أميركا من جهة، وليعطي الضوء الأخضر لإسرائيل من جهة ثانية، لكي تباشر عملية إبادة جديدة للشعب الفلسطيني، وبذلك فإن أوروبا تتحمل المسؤولية كأميركا وغيرها في توجيه حركة الصراع ضد العرب والمسلمين، ومن حيث إنها خرجت عن دورها العقلاني الحيادي، لتفسح المجال للإسرائيليين لكي يتعرضوا للقادة والسياسيين والروحيين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم سماحة الشيخ أحمد ياسين.

ولكننا مع كل ذلك نعتقد أن الشعب الفلسطيني الذي لم تستطع كل الضغوط الأميركية وكل الهمجية الوحشية الإسرائيلية أن تنال من صموده، سوف لن يسقط تحت تأثير الضغوط الجديدة التي يقودها الإتحاد الأوروبي هذه المرة، وإن استمر العجز العربي واستمرت حال اللاّتوازن التي تسيطر على العالم الإسلامي برمته".

من موقع بينات