المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عندما يصبح الزواج كابوسا , لماذا تخشى الزوجة أن تفكر بالطلاق؟



سلسبيل
03-11-2006, 09:29 AM
كتبت ليلاس سويدان


عندما تستحيل العشرة بين المرأة وزوجها، ويصبح زواجها كابوسا تتمنى ان تستفيق منه، وعندما يتحول المنزل الى ساحة حرب ومشاجرات بينها وبين زوجها بدلا من ان يكون واحة حب وامان، لماذا لا تنسحب المرأة من هذه العلاقة وترفض الطلاق، وتتحمل ألما لا تعود تدري ان كانت هي التي تبتلعه ام هو الذي يبتلعها؟!

هؤلاء النساء المعذبات بزواجهن يعشن مع رجال يكتشفن بعد مرور سنوات انهم آخر من كانوا يتمنين ان يكونوا ازواجهن ربما لعدم التفاهم بين الشريكين او لتعرض الزوجات لعنف بدني او لفظي على يد الازواج، او لخيانة ازواجهن لهن، او لأسباب اخرى قد يكون منها بخل الزوج وعدم انفاقه على اسرتهِ

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: ما الذي يشعر الزوجة المعذبة بأن حياتها بعد الطلاق قد تكون نهاية لها وجحيما تهون امامه نار الزوج؟ وهل لقب مطلقة الذي يخيف الكثير من النساء في مجتمعنا لتساويه لدى البعض مع لقب صاحب السوابق افضل؟ ام الحياة بذل وقهر؟
ام حمد زوجة لرجل بخيل لا ينفق على ابنائه ويتكل عليها اتكالا كليا في مصاريف البيت، وفوق هذا كله فمحادثاته التلفونية وسلوكه خارج المنزل ليست فوق مستوى الشبهات لديها كزوجة، ولكنها وكما تقول صبرت لسنوات طويلة من اجل ابنائها لكي لا تحرمهم من ابيهم او تحرم هي منهم ان حصل هو على حضانتهم بعد الطلاق، ولكنها قررت ان تضع حدا لمعاناتها، وقالت:

طفح بي الكيل، وبدأت اشعر بأنني ظلمت نفسي من اجل ابنائي، لذلك رفعت على زوجي قضية طلاق بعد مرور عشرين سنة على زواجنا، ولكنني لم استطع المضي بهذه الاجراءات لإنه كلما احس بجديتي في الانفصال عنه كان يرجوني ان ابقى معه وان لا اتركه لأنه يحبني كما يقول ولا يستطيع الحياة من دونيِ

وقد حصلت منذ سبع سنوات على حكم بالنفقة لي ولأبنائي من المحكمة، وكانت النفقة تخصم بشكل تلقائي من راتبه، وظلت هكذا لعدة سنوات حاول فيها ان يشعرني بأنه اصبح رجلا صالحا، ورجاني ان اوقف هذا الاجراء القانوني ووعدني بأن ينفق على الاسرة بشكل مرض وبإرادته ورضاهِ وبالفعل اوقفت اجراءات الحجز على النفقة من راتبه ثم ندمت على ذلك، لأنه عاد مرة اخرى ليبخل علينا ويتهرب من الانفاق على بيته وابنائه، لذلك يلومني اهلي على الاستمرار معه حتى الآن خاصة ان اخواتي هن اللواتي يساعدنني في الانفاق على منزلي بعد تقاعدي من العملِ

انا شخصيا لا اخشى لقب مطلقة، بل اتمنى ان احصل عليه، ولكنني اتألم عندما يرجوني ابني الكبير الا انفصل عن والده لإنه يستحي ان يقول لأصدقائه ان امه مطلقة، ويخشى ان ينظر إليه الناس بعدم الارتياح عندما يذهب ليخطب ابنتهم لكون امه مطلقةِ

منبوذة

سلوى الحمود ارجعت سبب استمرار بعض الزوجات في حياة غير سعيدة لتقاليد بعض العائدات التي تحذر بناتها من الطلاق، وتعتبر ان الزواج قرار نهائي لا رجعة فيه مهما كانت الاسباب وتضيف:
- ان المرأة التي تنتمي إلى هذه العائلات المتشددة تنبذ من اهلها ان تطلقت، وقد يجبرونها على الزواج مرة اخرى حتى لو كان لديها ابناء في حضانتها من زوجها الاول، مما قد يدمرها نفسيا ويحرمها من ابنائها ويجعلها تخوض تجربة الزواج الفاشل مرة اخرى لانها لم تتزوج رجلا مناسبا اختارته هيِ

وهناك ايضا سبب آخر في رأيي لخوف المرأة المعذبة من الطلاق، وهو خشيتها من ان تعاني حرمانا عاطفيا اذا كانت من دون زوج، وان يقودها هذا الحرمان الى علاقة تندم عليها او الى زوج اسوأ من زوجها السابقِ
ولا شك في ان العامل المادي يلعب دورا ايضا في حسابات الزواج والطلاق لدى بعض النساء، فهناك امرأة ضبطت زوجها مع امرأة اخرى في غرفة نومها، ولكنها استمرت معه لانه ثري وينفق عليها بسخاءِ

حب وإرهاب

نجاح الطوباسي اكدت ايضا على اهمية العامل المادي لدى بعض الزوجات، خاصة غير المستقلات ماديا، واللواتي يخشين إذا تطلقن ان لا تتوافر لهن الامكانات المادية المتاحة لهن كزوجات وتضيف:
- بعض النساء يحببن ازواجهن بشكل كبير، بحيث يرفضن الابتعاد عنهم مهما فعلوا بهن او اخطأوا في حقهن، وهؤلاء النساء اشفق عليهن، لانهن يعانين بسبب الحب، ويقنعن انفسهن بان ازواجهن سيصبحون افضل مع مرور الزمن، وانهم بحاجة إلى فرصة تلو الاخرى، ويعشن في وهم ان هذا الزوج هو الحب الوحيد في الحياة لذلك لا يمكنهن ان يخسرنهِ
واحيانا يكون لاسرة الزوجة دور كبير في ترهيبها من الطلاق حتى ولو لم تكن تطبق الاستمرار في الزواج، فقد تفضل المرأة عذاب الزواج على القيود التي يفرضها عليها اهلها ان تطلقت بل ان الاهل في السابق كانوا احيانا يرجعون المرأة الى بيت زوجها اذا لجأت اليهم تريد الطلاق، وينصحونها ان تبقى في البيت مهما فعل بحجة ان الزوجة يجب ان تسامح وتقتنع بان الرجل مهما فعل خارج المنزل فان مرجعه إلى بيته واسرته، ويكفي انه ينفق عليهمِ
انا اعتقد ان نظرة المجتمع للطلاق قد تغيرت بدليل نسبة الطلاق العالية في المجتمع الكويتي، وصدور قوانين في بعض الدول العربية تسهل انفصال الزوجة كقانون الخلع في مصرِ

الطريق المسدود

ايمان عوض ترى ان نساء اليوم لم يعدن يصبرن كثيرا على زواج غير سعيد كنساء الامس، والسبب في رأيها انهن اصبحن يقارن بين حياتهن وحياة صديقاتهن وقريباتهن الزوجية، ثم تقول:
- قد يكون من الضروري ان تحاول المرأة اصلاح العلاقة بينها وبين زوجها وان تسعى لحل مشاكلها معه، ولكن اذا وصلت معه الى طريق مسدود واستحالت الحياة الزوجية، فخير لها ان تنفصل عنه، لان تعاسة المرأة تقصر عمرها وقد تصيبها بامراض في القلب والشرايين، وغالبا لا انصح أي صديقة على خلاف مع زوجها بالانفصال، بل بالتروي والحفاظ على اسرتها والتفاهم مع زوجها، ولكن لو زادت المشاكل الى حد لا يحتمل فانا انصحها بالانفصال من أجل سلامتها النفسيةِ ولكن غالبا ارى ان المرأة المتضررة من زوجها لا تنفصل عنه مما يجعله يتمادى في ظلمه وأذاه لانه يشعر بضعفها وخوفها من الطلاقِ


شراكة خاسرة

المحامي نجيب الوقيان الذي يتعامل من خلال عمله- عن كثب مع نساء قررن ان ينهين حياة زوجية غير سعيدة بالطلاق قال:
بعد خمسة وعشرين عاما من عملي في المحاماة اكتشفت ان شخصية المرأة وحالتها النفسية قبل الطلاق تختلف تماما عن شخصيتها بعد الطلاق، اذا كانت غير سعيدة في حياتها الزوجية، فالعلاقة الزوجية تعد عقد شراكة اذا كان احد الطرفين خاسرا فيه فالغاء هذه الشراكة افضلِ
والمشكلة ان الكثيرين يعتقدون ان الطلاق هو وأد للمرأة، والرجل يظن انه سلاح يشهره في وجه زوجته ليجنبها ويؤدبها واتصور ان المرأة تخشى الطلاق لان المجتمع يعتبر لقب مطلقة عيبا وسبة، ولكن في رأيي ان المرأة يجب ان لا تعيش في قهر بسبب هذه الضغوط الاجتماعيةِ
وقد يصل الأمر بالمرأة التي يمارس عليها اهلها ضغطا للبقاء مع زوج يتعسها الى ان تخونه انتقاما منه ومن اهلها، بل من الممكن ايضا ان تنفس عن كرهها لزوجها من خلال ابنائها، فاحدى النساء سببت لابنها عاهة مستديمة بسبب مشاكلها مع ابيهِ


الابناء والنفقة

وعن اكثر الاسباب التي تقلق المرأة الراغبة في الانفصال عن زوجها قال الوقيان:
لاحظت ان معظم النساء اللواتي يترددن على مكتبي يسألن اولا عن وضع الابناء وحضانتهم ونفقتهم بعد الطلاق ويستمر ترددهن في رفع قضية الطلاق لسنوات حفاظا على الابناء من مشاكل ما بعد الطلاقِ
وانا عموما اطمئن من لديهن الرغبة في الانفصال ويخشين من عدم انفاق الزوج على الابناء بعد الطلاق بان العلاقة المادية بعد الطلاق ستكون موثقة قانونيا وملزمة للرجل، لان النفقة ستخصم من راتب الزوج بشكل تلقائي وتحول إلى الزوجة والابناء، وحتى لو لم يكن الزوج يعمل في القطاع الحكومي كأن يكون تاجرا مثلا، فان تجارته تجرد بالكامل، وتقتطع النفقة من رصيده المالي، لذلك لا مجال للزوج بالتلاعب في النفقةِ
اما بالنسبة لحضانة الابناء، فالام تظل حاضنة للبنت الى ان تزوجها، واذا تزوجت الام فالحضانة تصبح لامها اي الجدة ثم الخالة، اما الاولاد فعندما يصلون إلى سن معينة فانهم يخيرون بين العيش مع الام او الاب، وغالبا يختارون الامِ


خوف الانفصال

دِ فايزة الشمالي - الاستشارية النفسية- عللت خوف المرأة من الطلاق من وجهة نظر علم النفس بقولها:
الانسان يولد ومعه خوفان، خوف الوقوع وخوف الانفصال، وخوف الانفصال هو خوف من اللاأمان واللاطمأنينة، فوجود المرأة مع زوجها يؤمن لها حاجة الامان، وكلما طالت عشرتها معه كان الانفصال اصعب، فالزوج يشعرها بالامان المادي والنفسي وهي تعتبره سندها وحاميها في الحياةِ


آن الأوان للطلاق


وعن عامل السن الذي يشكل قلقا لدى المرأة الراغبة في الانفصال عن زوجها تحدثت دِ الشمالي قائلة:
أحيانا ومع كل مساوئ الزوج ترجوه زوجته الا يتركها وان هي طلبت الطلاق تتمنى الا يستجيب لها، ربما لانها تحبه او لانها تخاف ان هي تطلقت منه ان يتزوج بأخرى وتبقى هي من دون زوج خاصة اذا كانت قد بلغت عمرا معينا تقل فيه فرص زواجها بسبب العمر وبسبب وضعها الاجتماعي الجديدِ
وانا انصح المرأة التي يصعب عليها الاستمرار في الزواج بأن تنفصل ما دام القانون يعطيها جميع حقوقها المادية ويلزم الزوج بها، لان كل انسان من حقه ان يعيش مستقرا نفسيا واجتماعيا وعاطفيا، ومن حقه ان يعيش سعيدا، فلماذا يفرط في هذا الحق؟!
وإذا كانت المرأة المعذبة كبيرة في السن فإنني اقول لها: آن الأوان لان تعيشي ما تبقى من عمرك في سعادة، لو كانت سعادتك بالانفصال عن زوجك، أما الزوجة الصغيرة فأقول لها:
الحياة مازالت أمامك، ومازالت لديك فرصة لتحصلي على الامان والاستقرار والسعادة، فالانفصال عن الزوج ليس نهاية العالم كما يلقن المجتمع المرأة ويغرس لديها فكرة ان الزوج مقدس مهما فعل، ولكن الزوجة ايضا يجب ان تكون مقدسة لدى زوجهاِ


نهاية سعيدة


وروت د الشمالي قصة امرأة نصحتها بالانفصال عن زوجها لتنهي مشوارا من التعاسة والكآبة، فقالت:
جاءتني هذه المرأة وهي تعاني اكتئابا حادا، وشكت لي ان زوجها ذو مركز مرموق في البلد ولكنه بخيل جدا، إلى درجة انه لا يعطي ابنه ذا العشرين عاما دينارا واحدا كمصروف، وابناؤه يكرهونه جدا لبخله فهو يطفئ كل لمبات المنزل الكبير ويبقي لمبة واحدة لتوفير استهلاك الكهرباء، ويحاسب الخدم بقسوة اذا كسروا صحنا أو اتلفوا شيئا، فنصحتها ان تبني بيتا على الارض التي تملكها، ففعلت لانها كانت تتحسس جدا من معاملة اخواتها وزوجات اخوانها عندما كانت تغضب في بيت أهلها، ثم سكنت في البيت الجديد مع ابنائها وتركت زوجها، وقابلتها بعد سنة فوجدتها سعيدة في حياتها الجديدةِ


أمراض نفسية وجسدية

تتحدث دِ الشمالي في الانعكاسات النفسية والصحية على المرأة المعذبة بزواجها قائلة:
- المرأة التي تستمر بزواج تعيس تكون معرضة لامراض جسدية سببها نفسي كالضغط والسكر والقولون العصبي وامراض القلب وقرحة المعدةِ
فالضغط النفسي قد يؤدي إلى هذا كله بالاضافة الى ان المرأة التعيسة لا تستطيع انجاز شيء على الصعيد العملي ولا تستطيع ان تحقق ذاتها ولا تتمكن من تطوير عملها، لانها غير مستقرة عاطفيا واسريا وتعيش هاجس الانفصال، وقد تصاب بالاكتئاب والاضطرابات الانفعالية وقد تفرغ هذا الضغط النفسي بسوء معاملتها لابنائها وعدم اهتمامها بهمِ