رواية إرسال علي ابن أبي طالب بالرجال الأجانب إلى زوجته فاطمة بنت رسول الله ودخولهم عليها بغيابه واختلائهم بها ومخاطبتهم لها بكلمة "يا حبيبتي" تطفح بالوضع وبالكذب وباللامعقولية، وتتناقض مع أبسط مبادي الإيمان والرجولة والشرف، ويرفض هذه الرواية أي شيعي عامي لما فيها من قذف وسب وطعن صريح ومباشر بعلي ابن أبي طالب وبزوجته ابنة رسول الله، ومع ذلك، فإننا نجد بأن عالما كبيرا من علماء الديانة الشيعية له وزنه بين علماء الشيعة ومرجعا دينيا من مراجعهم "العظام" قد قبل أن يدون هذه الرواية في أهم كتبه وأكثرها تداولا بين الشيعة.

وهنا، نجد بأن هذه الرواية أمام احتمالين اثنين لا ثالث لهما:

الإحتمال الأول:
أن المجلسي قد اعتمد هذه الرواية ودونها في كتابه كما هي دون تحقيق وتمحيص وبحث للتأكد من صحتها ومعقوليتها.

وهنا، يظل من المؤكد والثابت هو أن المجلسي ليس من علماء الدين، بل إنه لا يفهم بأبجديات ومباديء الدين، إذ أن من صفات العلماء هو البحث والتحري والتحقيق في الأحاديث والروايات قبل تدوينها في كتبهم، وهو ما لم يفعله المجلسي عندما دون هذه الرواية المهينة بحق أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب وبأهل بيته. ولا يتوقف الأمر عند ثبوت حقيقة أن المجلسي ليس عالما من علماء الدين، بل إن من الطبيعي أن يشمل هذا الحكم كتابه "أنوار البحار" والذي من المؤكد بأنه يحتوى على أكاذيب وطوام قد تكون أكبر وأعظم من هذه الرواية.

الإحتمال الثاني:
أنه قد حقق بها وبحث فيها وتأكد من صدقها كما يفعل أي عالم ثم دونها في كتابه بعد ذلك.

وهنا، يثبت بما لا لايدع مجالا للشك بأن كبراء الديانة الشيعية قد طعنوا علانية وصرحة في عرض علي ابن أبي طالب وبشرف زوجته فاطمة بنت رسول الله، وصوروهما على أنهما ديوث وفاجرة، وهو ما لم يطعن به أمير المؤمنين وزوجته أحد ممن عاداهما حتى الآن بسبب بشاعته.

وهذا الإحتمال هو المرجح عقلا، والدليل على ذلك هو أنه قد مر أكثر من أربعة قرون على تدوين هذه الرواية في كتاب "بحار الأنوار"، قرأها خلال هذه القرون الآلاف من علماء الشيعة، ولم نقرأ لواحد منهم أنه قد استنكرها، الأمر الذي يؤكد بأن هذه الرواية قد وجدت قبولا واستحسانا لدى جميع علماء الشيعة.

ويطرح السؤال التالي نفسه:

هل يمكن الحديث بعد ذلك عن عقيدة شيعية صحيحة يطعن علمائها صراحة بعرض وشرف من يعتبرونه إمامهم الأول ويشتمونه علنا؟

ماذا بقي للشيعة من عقيدة عندنا يقرأون بأن علمائهم قد جعلوا إمامهم الأول ديوثا، وزوجته إمرأة فاجرة؟

نسأل الله السلامة والعافية.