هل التنوع بكافة اشكاله نعمة أم نقمة ؟
بالتأكيد كان الشرق مؤهلا كي يكون مثالا لقيمة التنوع سواء الديني أو المذهبي أو حتى الأثني .. إلا أن الخطط الاستعمارية الخارجية بالإضافة إلى سعي الاقطاع بكافة تنوعاته إلى زيادة سلطاته ساهمت في هذا الاحتقان ضد الاختلاف والتنوع ..
إن أطماع الاستعمار الخارجي والاقطاع والرأسمالي الداخلي تتلاقى دوما عند هذه النقطة وهي إثارة الاختلافات .. حيث تصبح كل مشاكل العربي في العراق هو وجود الاكراد أو التركمان .. كما تصبح مشكلة المسلم في مصر هي وجود المسيحيين ، ومشكلة السنة في الجزيرة هي وجود الشيعة والعكس ..
وفي المقابل يتم التغطية على مشاكل أخرى .. كالنهب الامبريالي المجنون لثروات الشعوب وما ينتج عنه من زيادة في البطالة وارتفاع في معدلات الفقر والجريمة والعنوسة وغيرها من المشكلات الاجتماعية .
إن القاعدة الاصلية والخفية لأي فتنة أثنية أو دينية أو طائفية .. هي سياسة " العدو البديل " تقوم الحكومة الأمريكية باختلاق عدو بديل " المسلمين " للتغطية على التناقضات التي يشهدها المجتمع الأمريكي وبدأت تنذر بثورة ضد الرأسمال ، ولتبرير إلقاء هذه الحكومة للشباب من مواطنيها في جحيم الحرب دون سبب سوى زيادة سيطرة الامبرياليين على الثروات .. وهي نفس حالة المجتمع الغربي .. وفي مجتمعاتنا الشرقية قامت وتقوم الحكومات بإثارة الصراع بين العرب والكرد أو العرب والأمازيغ وبين المسلمين وغيرهم ، أو بين المسلمين أنفسهم للتغطية على مشكلات أخرى كالاستبداد والديكتاتورية والتناقضات الاجتماعية حيث تتركز الثروات في يد 20 % من المواطنين في حين يعاني 80 % من مشكلات المعيشة يومياً ..
ويتحول التنوع الذي يفترض به أن يكون مجالا للثراء المعرفي والثقافي .. إلى نقطة الضعف التي تعبث بها الحكومات الكبرى وحكوماتنا الصغرى .. في سبيل سيطرة الاولى على الثروات وسيطرة الثانية على الأوضاع بالداخل كي تحصل على فتات موائد الحكومات الكبرى .
لا أعتقد أن هناك مشكلة للكادحين الشيعة في وجود السنة أو للكادحين المسلمين في وجود مسيحيين أو أن الفقراء العرب يضرهم وجود فقراء أكراد أو أمازيغ فكل هذه الطبقات والفئات تعاني من استغلال الرأسمال الخارجي والداخلي بكل تنوعاته
في مصر على سبيل المثال لا يفرق الناس كثيرا بين رأسمالي مسلم كأحمد عز .. ورأسمالي مسيحي كنجيب ساويرس .
باباك خورمدين