د. خالد عايد الجنفاوي - السياسه

ديسمبر 24, 2018


يستغل الاشخاص السيِّئُون الانسان اللطيف، وربما يحاولون الاستفادة من لين جانبه ودماثته معهم، فكل ما يزيد عن حده سينقلب حتماً إلى ضده، وبخاصة عندما يتمثل الافراط في لطافة أحدهم مع من يجفونه ويغلظون أطباعهم معه ويتكبرون عليه رغم تهذيبه معهم، وسعيه المتواصل لترسيخ انطباع ايجابي عن نفسه في عقولهم وقلوبهم المريضة، وبالطبع، ووفقاً للمنطق، لا يمكن لأحدهم أن يستمر لطيفاً وطيباً ومتسامحاً على الدوام مع بعض كائنات بشرية نرجسية لا تستحق منه سوى العكس، فثمة نفر ربما لا ينفع معهم التعامل اللطيف، وذلك بسبب سوء أطباعهم الاساسية وتكبرهم المفرط ،وربما تنمرهم ،على من يعتقدون أنه أضعف أو اقل مكانة منهم.

ويحصل أحياناً كثيرة أن يفسر السيؤون لطافة وذوق أحدهم معهم بأنها نقاط ضعف في شخصية الانسان اللطيف والطيب، وربما يندر أن يترجم النفر السيء لطافة وطيبة الانسان الآخر وفقاً لمعانيها ولمضامينها الحقيقية، فالحياة الانسانية الاعتيادية بالنسبة لبعض الموتورين السيئون ساحة معركة ستكون فيها الغلبة دائماً للأكثر قسوة وللأشد مكراً وأنانية. ويجدر بالانسان السوي أن يحاول دائماً موازنة سلوكياته وردود فعله مع الآخرين وفقاً لما يتلقاه منهم من معاملة، فإذا كان الشخص الآخر لطيفاً معك في تعامله، تعامل معه بالمثل، وإذا كان يأتي بتصرفات لا تليق ولا تتوافق مع لطافتك وذوقك وتعاملك الراقي معه، فلربما يجدر بك إسقاءه من نفس وعائه، وقتما تحين لك فرصة أخرى، فلا يمكن للمرء أن يستمر لطيفاً ولبقاً ودمث الخلق مع من لا يتلقى منهم وقتما يتحدث معهم أو يقابلهم سوى ما هو سيء أو سلبي أو نرجسي للغاية.

وربما لن يلام بعض أولئك الذين يحرصون دائماً على عدم الاستعجال في تكوين صور وانطباعات مطلقة عن الآخرين ،ويختارون بدلاً عن ذلك التأني في الاسترسال في سلوكياتهم مع كل من يتعاملون معهم لأول مرة. وحيث ربما يكون من الأجدر عدم الاستعجال في الانبساط المفرط لكل من يبتسم في وجهك، وحيث يحصل أحياناً أنّ بعض الابتسامات العفوية تحمل بين طياتها كوارث مستقبلية خفية.

كاتب كويتي



http://al-seyassah.com/%D8%A7%D9%84%...8%D8%A7%D9%8B/