محرر القبس الإلكتروني 17 فبراير، 2018


نهى فتحي|

تستمر حالات النصب العقاري في الانكشاف واحدة تلو الأخرى في ظل عدم قدرة الشركات على الوفاء بما وعدت به في عقودها مع المستثمرين. مصادر عقارية أكدت ل‍ القبس أن هناك حالات تلاعب جرت في أسواق بريطانيا وأميركا وألمانيا والسعودية من خلال شركات استمرت لأعوام في «اللعب» في السوق من دون رقيب أو حسيب.

مصادر القبس أكدت أن السوق البريطانية لم تكن في منأى عن عمليات النصب العقاري، فقد شهدت عمليات تلاعب واحتيال من خلال طرح بعض مشاريع سكن الطلاب، وكذلك بيع منتج مواقف السيارات، حيث واجهت هذه المنتجات مشاكل عديدة نتيجة لإفلاس بعض الشركات القائمة عليها في بريطانيا وتوقف المشاريع ما تسبب في خسارة المستثمرين المحليين لأموالهم ما دفعهم إلى تقديم شكاوى متعددة لدى وزارة التجارة الكويتية ومن ثم تم تحويل بعضها لقضايا في المحاكم.

فعلى سبيل المثال، لا الحصر، كانت مواقف السيارات تباع بأسعار بين 7.5 آلاف دينار و10 آلاف دينار، ووصلت عوائدها إلى ما بين %15 و%20 وكان البيع مع وعود بعوائد مضمونة لمدة عامين إلى ثلاثة أعوام، لكن عقب انتهاء فترة تلك العوائد المضمونة فوجئ المستثمر بأن العوائد لا تتعدى نصفاً في المئة وعندما يرغب في إعادة البيع يتضح له أن بعض تلك المشاريع غير حقيقية والبعض الآخر مشاريع راكدة وغير مرغوب فيها، وقد تم تسويقها من خلال إغراء المستثمرين بالعوائد فقط.

أما مشاريع سكن الطلاب فإنها انتشرت في بريطانيا خلال السنوات الخمس الماضية بسبب الطلب على هذا النوع من السكن، وهناك العديد من المشاريع الناجحة التي تدار من قبل مؤسسات كبرى، واستغلت بعض الشركات اقبال المستثمرين على هذه المنتجات وبدأت في طرح مشاريع مماثلة في مناطق لا يوجد عليها طلب تأجير ولا مستقبل لها في نمو سعر العقار، فيما كان بعضها غير صالح ويطرح بأسعار تفوق أسعاره الحقيقية بنسب تصل إلى %100، مع وعود بعوائد تصل %10 بينما تكون عوائدها الحقيقية لا تتعدى 2 إلى 3 في المئة، مع العلم بأن نسبا ضئيلة من تلك المشاريع حققت عوائد حقيقية للمستثمرين.

وفي ألمانيا ايضاً اتجهت مجموعة من الشركات نحو مناطق في قرى قريبة من المدن الرئيسية وطرحت فيها مشاريع بعوائد تصل %20 وهي عوائد لا تحقق في ألمانيا وأوروبا حالياً.

وفي أميركا لجأت بعض الشركات إلى طرح مشاريع في مناطق غير مرغوبة وبعضها مهدم أو مهجور وقيم العقارات بها متدنية، نظراً لارتفاع معدل الجريمة بها ولا يوجد عليها طلب للتأجير أو الشراء، وكان البيع يتم بعوائد %9 إلى %15 لمدة 3 سنوات مع وعد بإعادة شراء العقار عقب تلك الفترة، وكانت قيمة العقار التي تعرض تصل 100 الف دولار في حين ان تكلفته الحقيقية لا تتعدى 20 الف دولار.

أما في السعودية فهناك العديد من مشاريع طرح صكوك الانتفاع في مكة والمدينة لمدة 25 عاماً، التي تعاني اليوم من أزمات تعود لملاك سعوديين وكويتيين، بعض من تلك الشركات لجأت إلى عمل تسويات لأوضاعها مع العملاء من خلال إعادة جدولة المبالغ المستحقة وسدادها عقب عام وهو بمنزلة ترحيل للمشكلة، فيما لجأ بعضها الآخر إلى تحويل الاستحقاقات إلى شركات زميلة أو تابعة، ولكن المشكلة الحقيقية أن أصول تلك الشركات وزميلاتها وتابعاتها لا تتناسب مع حجم المبالغ المجمعة من المستثمرين، وهناك عجز كبير عن تسديد الارباح لدى أغلب تلك الشركات.

والجدير بالذكر هنا أن بعضا من تلك الشركات تعرض في مقارها الخاصة مشاريع لا تزال قيد الترخيص وبعضها لم يحصل على تراخيص نهائية بأسعار تزيد على واقع السوق بنحو %50.

يذكر أن بعض الشركات تحولت خلال السنوات الماضية من شركات عقارية تمارس التطوير والإنشاءات إلى شركات تمارس الدور الاستثماري من خلال طرح مشاريع بعوائد عالية وغير منطقية، تراوحت ما بين %20 و%30 وبعضها كان يطرح عوائد بنسب %100، واستطاعت نحو 5 شركات في السوق أن تجمع في فترات قياسية مئات الملايين من الدنانير تحت مظلات عقارية، مع العلم أن قيمة العقارات التي كانت تطرح لا تعادل ربع المبالغ التي تم سحبها من السوق المحلية.

ونجد أن بعض الشركات كانت تمنح المستثمرين ارباحاً من اليوم الأول للاستثمار برغم أن المشاريع كانت لا تزال قيد الإنشاء، ومع ذلك لم يخلق ذلك تساؤلات لدى المستثمرين، فقد كانت العوائد العالية تشغل «طمع» شريحة كبيرة من المستثمرين، إلى أن وصلت المبالغ المودعة لدى تلك الشركات 4 أضعاف القيمة الفعلية للعقارات التي كانت تسوق، وهنا بدأت الكوارث تتوالى عندما بدأت عملياً الاستحقاقات والتخارج مع استرداد رؤوس الأموال، في ظل نقص المستثمرين الجدد.

ويذكر أن العوائد التشغيلية الحقيقية للعقارات تتراوح ما بين 3 و8 في المئة، وما يزيد على ذلك هي عوائد لا بد من الشك في مصداقيتها، وأن هناك حالات خاصة فقط قد يتعدى فيها نسب العائد تلك الحدود ليتراوح بين 10 و%12، ويكون السبب في هذه الحالات الخاصة هو رخص قيمة العقار مع توافر الطلب على تأجير الوحدات.

وكذلك يجب لفت الانتباه والتحذير من إقرارات الدين والشيكات التي تصدر عن بعض الشركات العقارية والتي لا تعني بالضرورة الثقة بالشركات المصدرة لتلك الإقرارات ولا تعني قدرتها على السداد وقت التخارج أو الاستحقاق، وهو ما عانى منه آلاف المستثمرين الذين لم يستفيدوا من حوزتهم لتلك الإقرارات والشيكات.


http://alqabas.com/502903/