الشيخ محمد اليعقوبي ودليل الأعلمية
بسم الله الرحمن الرحيم

بحث المشتق دليلاً بالأعلمية:
قال السيد الشهيد في مقدمة مبحث(من نعم الله على الدين والمذهب وعليّ خاصة وأنا العبد الخاطئ الذليل أن رزقني عدداً من الطلاب الفضلاء المخلصين وأهل الهمّة المجدين جزاهم الله خير جزاء المحسنين ومن أهمهم هذا الشيخ الجليل والعلامة النبيل المفضال الشيخ محمد موسى اليعقوبي دام عزه فقد ألتزم دروسنا في علم الأصول ونالها العناية الكافية فهماً وكتابةً وممارسةً وها هو يقدم لنا هذا الكتاب نموذجاً من جهوده وليالي تفكيره وقد قمت بمراجعته فوجدته وافياً بالغرض ملمّاً بالمطالب حسب الأصول..ولكني أعتبرته هو المؤلف وله حرية التعبير وان كانت المطالب بالأصل صادرة مني بطبيعة الحال ولكني أجزته في ذلك بعد حفظ المعنى ووضوح المبنى..ولا شك أنه بهذا الجهد الجهيد يسير بخطو حيث نحو الاجتهاد ومعرفة السداد أتمنى له المستقبل الزاهر في خدمة العلم والعمل وان يكون من المراجع المخلصين والقادة الطيبين جزاه الله خير جزاء المحسنين…){تقريرات بحث المشتق 9رمضان 1418هـ}.
ألا تكفي ست سنين ليبلغ السير الحثيث مداه المطلوب ؟! وقد جعله السيد الشهيد من أهم المجدين خصوصاًً إنهُ علّق ذلك السير بالمرجعية المخلصة والقيادة الطيبة.
الدورة الأصولية وأشكالات عدم إكماله:
ذكر البعض أن السيد الشهيد لم يكمل درسهُ الأصولي ووافتهُ المنية وعليه أن طلابهُ لم يجتهدوا لحد الآن .وهذه الشبهة لا وجود لها أصلاً لعدة أمور:
1.أن المدار في ثبوت الاجتهاد هو القدرة على الاستنباط وليس إكمال دورة وقد يتم ذلك في نصف الدورة وقد لا يتم بدورتين .
2.أن الطالب يستطيع أن يكمل استيفاءه لمطالب أُستاذه بعد وفاته كما عبر السيد الشهيد في لقاء الحنانة حين جاء على ذكر طلاب الصدر الأول قالنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي وبرغم أنهم اجتهدوا بعد موته إلا أنهم نالوا اجتهادهم وفضيلتهم منه).
3.إن مدار الاجتهاد يعتمد كلياً على مقدار فهم الطالب الحوزوي لمطالب أستاذه ،وعليه إن التقريرات التي يقدمها طلبة البحث الخارج تبقى هي الحاكم في ذلك . فمثلاً إن آية الله العظمى الشهيد الشيخ الغروي (قده) قرر على محاضرات آية الله الأستاذ السيد الخوئي (قده) في تقريره الوحيد (التنقيح) .
وتبعه على ذلك آية الله العظمى الشهيد الشيخ البروجردي (قده)في تقريره(المستند) مما دل على فهم الأثنين لمطالب أستاذهم آية الله العظمى السيد الخوئي(قده).
ومن المعروف والمتفق عليه حوزوياً أن أصعب مبحث أصولي هو مبحث (المشتق) ولم يقرر هذا المبحث عند السيد الصدر إلا الشيخ اليعقوبي في تقريراته(المشتق عند الأصوليين) مما يعني وبدون شك على فهمه لأصعب المطالب الأصولية عند السيد الصدر مع العلم أن السيد الصدر أنهى مبحث المشتق خلال ثلاث سنوات ولم يقرر من بقية الطلبة إطلاقاً.
أضف إلى ذلك أن مدة الدرس الأصولي عند السيد الصدر لا يقل عن(30 دقيقة) وبدون تعطيل في المناسبات في حين عند غيره لا يستمر الدرس لأكثر من(15 دقيقة) مع التعطيل.
وعليه تكون السنة الدراسية عند السيد الصدر تعادل أكثر من خمس سنين عند الآخرين.ومن هنا نفهم كلام السيد الشهيد لطلابه(يجب أن تكونوا مجتهدين خلال خمس سنوات) ومن هنا أيضاً نفهم معنى كلمة السيد الصدر(قده) في مقدمة كتاب المشتق للشيخ اليعقوبي(إنه يسير حثيثاً نحو الاجتهاد ومعرفة السداد).وعليه إذا كانت قدرة الشيخ اليعقوبي كافية لفهم أصعب المطالب الأصولية فما هو المانع لفهم بقية المطالب سوى في حياة السيد أو بعد استشهاده.ومع الأخذ بنظر الاعتبار أن السيد الصدر كان يستدل على اجتهاده بما كتبه في موسوعة الإمام المهدي(عج) مع العلم إن المطالب هنا ليست أصولية ولا فقهية ولكن القدرة العقلية التي تستطيع أن تحلل بذلك الأسلوب لا يصعب عليها فهم الفقه والأصول.
قد يتفق البعض أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر(قده) صاحب المدرسة الأصولية لا سيما طلابه الذين حضروا عنده وإنه كان أعلم شخص في ذلك الوقت مع العلم أن السيد الشهيد محمد باقر الصدر إلى الآن لم يثبت أنه أكمل دورة أصولية قبل بلوغه الاجتهاد.
ولعل أوضح ما كُتب عن حياته ومعالم شخصيته هو (سنوات المحنة وأيام الحصار) إذ لم يحضر سوى بحوث متفرقة لبعض العلماء بل المعروف إن الشيخ عباس الرميثي كان يقول له عندما أحس ببراعته ونبوغه(إن التقليد عليك حرام) فلا علاقة لإكمال دورة أصولية ببلوغ الاجتهاد،فإذا صحت هذه الشبهة على الشيخ اليعقوبي فإنها تصح هنا أيضاً.


إعداد/أبو زهراء البهادلي
pskdk@maktoob.com /البريد الإلكتروني