الثلاثاء 22 تشرين الأول 2013


الرئيس الأسد: السعودية دولة تنفذ سياسات الولايات المتحدة بكل أمانة


أكد الرئيس السوري بشار الأسد أن المعارضة هي بنية سياسية لها قاعدة شعبية ولها برنامج سياسي واضح وهي بنية داخلية ليست مرتزقة من الخارج ولا تأخذ أوامرها من الخارج.. برامجها ليست من الخارج ولا تقبل بالتدخل الخارجي ولا تحمل السلاح.

وقال الرئيس الأسد في مقابلة مع قناة الميادين بثتها مساء أمس: لا توجد لدينا مشكلة أن نحاور أي جهة بشرط أن تبتعد عن السلاح والإرهاب ودعوة الأجانب للتدخل في سورية عسكريا أو سياسيا أو بأي شكل من الأشكال.

وأكد الرئيس الأسد أنه إذا تضمن مؤتمر جنيف المزمع عقده حول سورية وقف تمويل الإرهابيين فلا توجد مشكلة في سورية فعندما يتوقف تمويل الإرهابيين بالمال وامدادهم بالسلاح ومساعدتهم على المجيء إلى سورية لا توجد مشكلة في حل الأزمة في سورية.. المشكلة السورية ليست معقدة كما يحاول البعض إظهارها.. التعقيدات تأتي من التدخل الخارجي.

واعتبر الرئيس الأسد أن السعودية دولة تنفذ سياسات الولايات المتحدة بكل أمانة وهي تقوم بشكل علني بدعم المجموعات الإرهابية في سورية وتمدها بالمال والسلاح وتدعمها سياسيا وإعلاميا.

ورأى الرئيس الأسد أنه إذا أراد أمير قطر الجديد أن يغير السياسة القطرية تجاه سورية فذلك يتطلب عدم التدخل في الشؤون الداخلية السورية وعدم دعم الإرهابيين وهذا هو الحد الأدنى الذي تطلبه سورية من أي دولة ساهمت في سفك الدماء في سورية.

وحول العلاقة مع حماس قال الرئيس الأسد نحن دعمنا حماس انطلاقا من كونها مقاومة فإذا قررت أن تكون مقاومة حقيقية وصادقة فنحن معها وإذا قررت أن تكون "إخوان مسلمين" فلا داعي لهذه العلاقة.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

الميادين.. سيدي الرئيس.. نحن في أزمة طاحنة على مستوى سورية والعالم العربي.. ولكن نحن نتحدث عن سورية بشكل أساسي.. لو سمحتم لي سأعود لما قبل الأزمة.. قبل ربما سبعة أو ثمانية أسابيع.. فقد تحدثتم لصحيفة وول ستريت جورنال وقتذاك عندما سُئِلتم عما إذا كان ما حدث في تونس يمكن أن يحدث في سورية أجبتم بالنفي.. هل أخطأتم في حساباتكم وتقديراتكم...

الرئيس الأسد..

عمليا ما حصل منذ عامين ونصف العام.. منذ تلك المقابلة حتى اليوم.. يؤكد تماما أن ما قلته كان صحيحا.. فما حصل في سورية يختلف تماما عما حصل في تونس ومصر.. وخاصة لناحية التدخل الأجنبي.. لناحية إرسال الإرهابيين من الخارج ودفع الأموال من أجل خلق الفوضى في سورية... في تلك المرحلة التي سبقت الأزمة في سورية وتحديدا قبل الأزمة بنحو شهرين أي في كانون الثاني وشباط 2011 كان هناك تحريض شبه يومي في كل وسائل الإعلام من أجل القيام بمظاهرات.. وسؤال تلك الصحيفة بني على أن ذلك التحريض لم يتمكن من إخراج شخص سوري واحد إلى الشارع حتى ضخت الأموال بشكل مباشر وحرك المرتزقة في سورية.. فعملياً كل يوم يثبت بأن ما يحصل في سورية هو شيء مختلف تماماً.. وذلك لخصوصية سورية كما هي خصوصية مصر وتونس وغيرها من الدول.. وللوضع الجيوسياسي في سورية.. وللسياسة الخارجية وبنية الدولة وسياستها عبر خمسين عاماً في سورية. كل هذا يؤكد أن ما قلته كان صحيحاً.

الميادين.. لكن ألا تعتبرون سيادة الرئيس أن هناك جزءاً لا بأس به من الشعب السوري كان أيضا يرنو إلى التغيير والإصلاح.. لم يكن بالضرورة مدفوعا بمال أو مرتزقة وغير ذلك.. وبالتالي ربما طلباته كانت محقة ومشروعة وطبيعية...

الرئيس الأسد..

هذا صحيح.. وأنا قلت هذا الكلام في أكثر من خطاب وفي أكثر من مقابلة.. ولكن من تحرك في البداية لم يكن هؤلاء.. وإلا لماذا لم يتحركوا عندما بدأ التحريض ولماذا لم يتحركوا في الأسابيع الأولى.. تحركوا لاحقاً بعد أسابيع أو بعد أشهر واعتقدوا بأن هناك تغييرا وكان هناك تشويش وانخداع بما يحصل.. اعتقدوا أن ما يحصل هو حركة باتجاه الأفضل أو الديمقراطية ولكن نفس هذه القوى عندما اكتشفت الحقيقة تراجعت وانكفأت وتركت الشارع للمرتزقة ولاحقا للإرهابيين والمتطرفين.

الأزمة مرت بمراحل وأصبحنا الآن في مرحلة الصراع مع القاعدة وتفرعاتها المختلفة

الميادين..كيف تطورت الأمور من وجهة نظركم.. أو من معلوماتكم طبعاً...

الرئيس الأسد..

الأزمة مرت بمراحل.. المرحلة الأولى كما قلت لم يكن هناك تأثير للتحريض.. المرحلة الثانية بدأت من خلال دفع الأموال للمظاهرات مع دخول مسلحين بشكل خفي من أجل إطلاق النار على الشرطة وعلى متظاهرين بهدف خلق حالة من الصدام وسفك الدماء وبالتالي تنتشر هذه الفوضى بشكل عفوي وطبيعي.. ونجحوا في عدة أماكن بهذا الشيء. مع ذلك لم تتطور المظاهرات بالشكل الكافي لإسقاط الدولة السورية بعد ستة أشهر وتحديدا بعد رمضان 2011 فبدأ في ذلك الوقت العمل من أجل زيادة التسليح والنزول المسلح إلى الشارع بشكل علني. هذه هي المرحلة الثانية. حتى نهاية العام 2012 وبعد توجيه ضربات قاسية من القوات المسلحة للإرهابيين أو الذين سموا الجيش الحر.. وهي مجموعة من عصابات مختلفة.. عندها دخلت القاعدة على الخط وأصبحنا الآن في مرحلة الصراع مع القاعدة وتفرعاتها المختلفة.. ما يسمى داعش وجبهة النصرة وغيرها من المسميات. هذه هي المراحل الرئيسية لما حصل.

الميادين.. في هذه المراحل كان هناك في رأيكم أو معلوماتكم مواكبة خارجية لها أو هي انطلقت من الداخل وربما تم استثمارها من الخارج...

الرئيس الأسد..

بدايات الأزمة ابتدأت من الخارج.. التحريض ابتدأ من الخارج ولم يبدأ من الداخل.. والدليل عدم الاستجابة الداخلية في البداية.

الميادين.. والسلاح منذ البداية أيضا...

الرئيس الأسد..

السلاح موجود في سورية.. منذ حصل غزو العراق تم دخول كميات كبيرة من السلاح إلى سورية.. فالسلاح متوفر بشكل طبيعي.. ولكن المشكلة هي الظروف المهيئة لاستخدامه بالإضافة إلى توريد كميات أخرى من الخارج.. دفع الأموال.. المظاهرات في البداية التي تحدثنا عنها والتي نسميها المرتزقة.. كانت مظاهرات من أجل المال فقط.. يخرج المتظاهر لمدة نصف ساعة يقبض المال على هذه الصورة أو الفيديو ويعود لمنزله.. هذه كانت الأمور بكل بساطة.. وكانت المجموعات المسلحة.. مجموعات مختلفة.. تأتي لهذه المظاهرات تحت عنوان الحماية وتقوم بإطلاق النار.

المعارضة هي بنية سياسية لها قاعدة شعبية وبرنامج سياسي واضح وليست مرتزقة من الخارج

الميادين.. سيادة الرئيس.. يمكن أن يفهم المشاهد كأنه لا يوجد الآن معارضة في سورية... لا يوجد اعتراض.. لا يوجد عدم رضا عما هو حاصل.. بينما نحن نعرف أن هناك مثقفين معارضين.. هناك معارضة حقيقية.. وهي بالمناسبة ذات مواقف وطنية وتتناغم معكم بشكل كبير وخصوصا فيما يتعلق بإسرائيل.. وبالصراع العربي العام بشكل أساسي...

الرئيس الأسد..

كل ما قلته لا ينفي أبدا وجود معارضة.. ولا علاقة بين الأمرين.. أن تكون هذه الأحداث تمت لا يعني أنه لا توجد معارضة.. ولا يمكن أن ندعي في أي دولة في العالم.. مهما كانت صغيرة وعدد سكانها محدودا.. أن يكون كل الناس فيها على إجماع حول سياسة واحدة.. من الطبيعي أن تكون هناك تيارات مختلفة ومتناقضة أحيانا.. ولكن المعارضة هي مفهوم سياسي.. المعارضة هي بنية سياسية لها قاعدة شعبية ولها برنامج سياسي واضح.. هي بنية داخلية.. ليست مرتزقة من الخارج ولا تأخذ أوامرها من الخارج.. برامجها ليست من الخارج.. لا تقبل بالتدخل الخارجي ولا تحمل السلاح.. لا يمكن أن تكون معارضة سياسية وتحمل السلاح.. بمجرد أن حمل السلاح تحولت التسمية إلى تمرد أو إرهاب وليست معارضة. هذا هو تعريفنا للمعارضة.. أما المعارضة فهي موجودة دائما في سورية.

الميادين.. طبعا المعارضة موجودة دائما في سورية.. ولكن أنا أتحدث عن هذا المخاض الذي حصل في سورية.. نحن نتحدث بعد عامين ونصف العام وما لاحظناه الآن أولا أن مساحات جغرافية لم تعد في يد الدولة.. وثانيا درجة الاعتراض تكثفت تماما.. كما أن الذين تراجعوا عن اعتراضهم الأول كثر أيضا.. الذين انشقوا عادوا بشكل كبير. سؤال بعد عامين ونصف العام.. عندما يشاهدك المشاهد السوري والعربي يقول.. سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد.. تحدثتم قبل فترة عن بعض المؤامرات الخارجية التي حصلت وعن التسليح الخارجي.. إلى كل ذلك.. ألا يمكن الإقرار بأن هناك أزمة ونحن مدعوون إلى إيجاد حلول لهذه الأزمة بشكل واضح...

الرئيس الأسد..

طبعا.. من البديهي عندما يكون هناك تدخل خارجي فهو يستند إلى خلل داخلي.. لو لم يكن لديك خلل داخلي لا يمكن أن ينجح التدخل الخارجي.. مجرد نجح فهذا يعني أنه لديك خلل داخلي.. وأنا دائما أتحدث عن مسؤوليتنا نحن كسوريين أولا فيما يحصل.. نستطيع أن نلوم الغرب ودول الخليج وتركيا ولكن بالمحصلة النهائية نحن المسؤول الأول.. الوطن هو المنزل.. عندما تفتح أبوابك للصوص لا تستطيع أن تلوم اللص لأنه لص.. هو يقوم بما تعلم أو تربى عليه.. فإذن نحن لدينا مشاكل داخلية.. هذا موضوع آخر.. طبعا لدينا حاجة للإصلاح.. لدينا فساد.. لدينا الكثير من الأشياء التي طرحت قبل الأزمة وفي بداية الأزمة.. لكن كم من هذه الأشياء طرح بشكل صادق وجدي.. وكم من هذه الأشياء طرح كقناع من أجل خلق الفوضى.. هذا سؤال آخر.

الميادين.. هل تعتبرون أن سورية مستهدفة بشكل أساسي بسبب استراتيجيتها الخارجية ومواقفها المعروفة...

الرئيس الأسد..

هذا جانب مؤكد لا نستطيع أن ننفيه.. وإلا هناك الكثير من الدول المحيطة بنا والقريبة منا الأنظمة فيها تعود لقرون إلى الوراء في تطورها ومع ذلك لا يتحدث الغرب عنها ولا يقول كلمة حول الديمقراطية فيها.

سورية دائما تحت الضغط وتحت التهديد في كل المفاصل دون استثناء

الميادين.. كيف نؤكد هذا الأمر.. كيف نؤكد أن استراتيجيتكم الخارجية هي التي كانت تقلقهم وتزعجهم بشكل أساسي حتى تدخلوا بهذا الشكل المعروف...

الرئيس الأسد..

لسبب بسيط.. لأن سورية تحت الضغط والتهديد منذ عقود.. لم يأت الضغط والتهديد بشكل مفاجئ.. نحن دائما تحت الضغط.. حتى بمراحل الانفتاح مع الغرب كنا تحت الضغط.. وليس كما يبدو للمشاهد بأنه شهر عسل أو فترة ارتخاء. سورية دائما تحت الضغط وتحت التهديد في كل المفاصل دون استثناء.. فهذا جزء من هذه المراحل.. نحن نتحدث عن سياق كامل.. هي ليست حالة منعزلة لكي تقول ان الغرب قرر فجأة أن ينقلب على سورية لأسباب ترتبط بسياساتها الخارجية.. فإذا هناك سياق.

الميادين.. الحقيقة ليس الغرب فقط وإنما دول عربية.. وحتى دول إقليمية وصديقة.. ودول كانت حليفة ولكن سنتحدث عن هذا الأمر لاحقا.. عندما تحدثتم سيادة الرئيس عن هذه الجماعات التي وصفتموها بأنها متطرفة سواء من جبهة النصرة أو داعش والتي أتت من الخارج إلى غير ذلك.. ولكن نحن نعلم أيضا أن هناك سوريين عددهم لا بأس به قد انخرطوا في هذه الجماعات المتطرفة وحتى التكفيرية. إذن.. كيف يمكن أن البيئة السورية التي تتباهون دائما بأنها ليست بيئة أمان فقط ولكن حتى بيئة مدنية تسمونها علمانية.. ولكن هي بيئة مدنية في حكمها وتشريعاتها وعلاقاتها.. هذه البيئة أوجدت كل هذا النمط وهذا الكم من التطرف والتكفير...

الرئيس الأسد..

هذا صحيح.. أن نتحدث عن البيئة العلمانية في سورية ونتباهى بها لا يعني بأنه لم تكن لدينا بؤر تطرف موجودة في سورية.. وهذا التطرف أيضا عمره عقود ولكن اشتد بشكل كبير وتسارع بصورة كبيرة تحديدا بعد 11 أيلول.. وبعد الحرب على أفغانستان والحرب على العراق.. لذلك نحن كنا دائما نعارض هذه الحروب ونريد أن نمنع وقوعها لأننا كنا نخشى من انتشار التطرف.. وأنا قلت هذا الكلام لأكثر من مسؤول غربي في ذلك الوقت.. فإذا كنا في حالة صراع مع هذا التطرف.. ولكن عندما حصلت الأزمة فمن الطبيعي عندما يكون لديك فوضى ويضعف تأثير الدولة في عدد من المناطق الجغرافية في سورية فلا بد أن يأتي التطرف ويملأ هذا الفراغ ويخلق الحاضنة الضرورية لنموه ولتوسعه. هذا ما حصل. لكن هذا لا يعني بأن التطرف لم يكن موجودا في سورية فنحن جزء من هذه المنطقة.. وهذه المنطقة تعاني.. كما قلت.. منذ عقود.. منذ أكثر من عقد من الزمن من دخول الإرهاب إلى أقصى المغرب وإلى أقصى المشرق في المنطقة العربية.

الميادين.. أشرتم الآن إلى 11 أيلول.. وقلتم أنكم حاربتم التطرف وقتذاك.. هل تعاطيتم مباشرة مع الولايات المتحدة الامريكية في هذه النقطة بالذات... ليس فقط الولايات المتحدة الأمريكية.. ربما حتى دول أوروبية أخرى.. تعاطيتم أمنيا وسياسيا مباشرة في محاربة ظاهرة التطرف...

الرئيس الأسد..

في عام 1985 على خلفية العمليات الإرهابية التي قام بها الأخوان المسلمين في سورية في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات.. طرحنا موضوع التحالف لمكافحة الإرهاب.. في ذلك الوقت لم يهتم أحد في العالم بهذا المصطلح.. ما هي أهمية الإرهاب بالنسبة لهم.. لا شيء في ذلك الوقت..

لم نتردد في التحالف مع كل الدول الساعية من أجل مكافحة الإرهاب

الميادين.. كانت حرب أفغانستان وقتذاك وكان الإرهاب ربما يعتبر جهادا..

الرئيس الأسد..

تماما.. كان الإرهاب جهادا.. وكانوا يسمون من قبل ريغن /مقاتلو الحرية/.. أو شيئا من هذا القبيل.. فعندما بدأ العالم يتحدث عن الإرهاب لم نتردد في التحالف مع كل الدول الساعية من أجل مكافحة الإرهاب بما فيها الولايات المتحدة.. هذا لا يعني أننا نتفق معهم حول الوسائل المتبعة.. ولكن كمبدأ.. نعم نحن تعاملنا مع معظم الدول في العالم بشأن مكافحة الإرهاب..

الميادين.. مع الولايات المتحدة الأمريكية.....

الرئيس الأسد..

نعم.. والولايات المتحدة الأمريكية..

الميادين.. بعد أحداث 11 أيلول...

الرئيس الأسد..

بعد وقبل.. لكن طبعا توسع التعاون بعد أحداث 11 أيلول.

الميادين.. وكان الأمريكيون منفتحين عليكم أمنيا في هذا التعاون بشكل أساسي...

الرئيس الأسد..

لا.. هم لا ينفتحون حتى على أقرب حلفائهم.. هم يعتمدون دائما على مبدأ أن كل الدول والأجهزة تعمل من أجل خدمتهم.. وهنا كانت نقطة الخلاف بيننا وبينهم.. هم يتعاملون مع مكافحة الإرهاب وكأنك تجلس أمام الحاسوب وتمارس لعبة.. فكلما ظهر عدو على الشاشة تقوم بقتله.. نحن نتصرف بطريقة مختلفة.. مكافحة الإرهاب هي مكافحة شاملة.. وحتى الموضوع الأمني يعتمد على المعلومات وعلى اختراق المجموعات الإرهابية وبحاجة لنفس طويل.. كنا نقول لهم عندما تقتل شخصا بهذه الطريقة عليك أن تتوقع تكاثر عشرة أشخاص بالمقابل كما يحصل في الحاسوب.. لم يقتنعوا بهذا الكلام.. اليوم بعد إثني عشر عاما تقريبا على مرور 11 أيلول نكتشف أن الإرهاب أكثر قوة وأكثر انتشارا في العالم من قبل.

سياسة الولايات المتحدة وأوروبا وبعض الدول العربية والإقليمية ساهمت في مجيء القاعدة إلى سورية

الميادين.. هل الولايات المتحدة الأمريكية تقدم دعما مباشرا أو غير مباشر لهذه الجماعات التي تصفونها بالإرهابية.. وهي في عرفهم أيضا إرهابية...

الرئيس الأسد..

لا يوجد لدينا دليل بأنهم قدموا دعما مباشرا لجماعة القاعدة.. وأعتقد بأن هذا الموضوع صعب عليهم.. ولكن بالممارسة عندما تدعم الفوضى.. فأنت تدعم هذه المجموعات.. عندما تقف ضد الدولة التي تكافحهم فأنت تدعم هذه المجموعات.. أعني الإدارة الأمريكية.. عندما تؤمن الغطاء السياسي للفوضى والإرهاب في سورية.. فهي تدعم بشكل مباشر الإرهاب الآخر.. هم يدعمون.. سياسة الولايات المتحدة وسياسة أوروبا.. أو بعض الدول الأوروبية والقسم الأكبر من الأوروبيين.. وبعض الدول العربية والإقليمية.. هي التي ساهمت في مجيء القاعدة إلى سورية.. في بعض الحالات عن قصد.. وفي بعض الحالات عن غير قصد.

الميادين.. إذا كان هذا التعاون قد تم على مدى سنوات بينكم وبين الولايات المتحدة الأمريكية لمكافحة الإرهاب وهذه الجماعات.. ألديكم تفسير لماذا..لا أقول لم تكافئكم.. ولكن لم يتم تعاون معقول ومقبول بينكم وبين الإدارة الأمريكية في هذا الشأن...

الرئيس الأسد..

هذا جزء من طبع الإدارات الأمريكية المتعاقبة.. هم لا يقدرون شيئا.. هم أنانيون جدا.. يفكرون بمصلحتهم.. حتى التعاون مع طرف آخر بالنسبة لهم هو تعاون من أجل مصالحهم وليس من أجل المصالح المشتركة.. بالنسبة لنا نحن نبحث عن مصالح مشتركة بشكل دائم.. وهذا الشيء قطعي بالنسبة لنا.. لكن هم ينظرون للموضوع بشكل أناني.. وعندما تنتهي هذه المصلحة فأنت لا تشكل شيئا بالنسبة لهم.. هذا بالنسبة لدولة لا يتفقون معها ومع سياساتها كسورية.. لكن هذا بديهي عندما نقارن ما فعلوا بحلفاء لهم من شاه إيران حتى برويز مشرف مرورا بكثيرين الآن في الدول العربية.. حلفاء قدموا لهم كل شيء على مدى عقود.. وفي اللحظة المحددة.. ألقوا بهم.

الميادين.. بمن فيهم عرب..

الرئيس الأسد..

طبعا بمن فيهم عرب.. لكي لا نتحدث الآن عن الوضع العربي.. فهو أصبح معروفا.. ولكن هذه حالة عامة بالنسبة للولايات المتحدة.. من يبحث عن الوفاء لدى الإدارات الأمريكية واهم.. نحن نتحدث معهم فقط من خلال مصالح مشتركة.. هم لا تجمعهم المبادئ مع كثير من دول العالم وإنما مجموعة مصالح.

الميادين.. وأنتم حريصون على هذا الأمر حتى في المستقبل.. إذا سويت الأمور هنا في سورية.. أنتم حريصون على علاقات طبيعية مع الولايات المتحدة الأمريكية تقوم على المصالح المشتركة...

الرئيس الأسد..

طبعا.. لا شك بأن الولايات المتحدة دولة عظمى وتؤثر في مسار الأحداث في العالم.. فإذا كنت قادرا على خلق علاقة تخدم مصالحك فهذا الشيء جيد.. ولا يجوز أن نتردد به بغض النظر عن الاختلافات.. ولكن من الخطير أن تبني معهم علاقة تعمل من أجل مصالحهم فقط.. لأنهم سيطلبون منك أن تعمل من أجلها ضد مصالحك.. وهذا شيء مرفوض بالنسبة لنا.

الميادين.. بصراحة سيادة الرئيس هناك أيضا من يقول إنكم تتحملون مسؤولية مباشرة.. أنتم كدولة.. كحكومة.. كسلطة.. كنظام.. في تنامي هذه الجماعات التي تصفونها بالإرهابية والتكفيرية.. لا شك بأنكم ساعدتم وسهلتم الطريق أمام هذه الجماعات من أجل الدخول إلى العراق فيما كانت تسمى المقاومة العراقية.. هل انقلب سحركم عليكم...

الرئيس الأسد..

هذا الكلام يعني أو يحمل في طياته بأن سورية كانت تستخدم الإرهابيين كورقة تضعها في الجيب لكي تستخدمه في مكان ما لهدف ما.. نحن قلنا بشكل واضح في أكثر من مناسبة ان الإرهاب لا يستخدم كورقة.. وأنا أشبه الإرهاب دائما بالعقرب.. إذا وضعته في جيبك.. عندما يصل إلى الجلد.. فسوف يقوم بلدغك مباشرة.. هذا غير ممكن.. نحن دائما ضد الإرهاب وكان هذا احدى نقاط الخلاف بيننا وبين العراقيين.. بأن سورية ضد الإرهاب.. ولكن لا يمكن ضبط الحدود.. اليوم مثلا هناك إرهاب يأتي عبر الحدود العراقية بشكل مكثف.. كميات كبيرة.. ولكن سورية لا تتهم الحكومة العراقية.. لأننا نقدر أن ضبط الإرهاب يكون في الداخل وليس على الحدود.. الحدود هي مظهر من مظاهر الضبط.. وليست الضبط.. لا تغلق الحدود.. أنت تقضي على الإرهاب في الداخل.. فعندما تكون هناك فوضى في سورية وهناك فوضى في العراق لا يمكن لسورية والعراق أن يضبطا الحدود.. فلذلك أؤكد مرة أخرى أننا لم نكن في يوم من الأيام مع الإرهاب.. نحن دائما في حالة حرب مع الإرهاب.. ولكن لم نكن نعلن هذا الشيء.. نقوم بعمليات عسكرية.. أمنية.. استخباراتية.. سمها ما شئت.. ولكن لم نكن نعلن ذلك.

الميادين.. على الحدود...

الرئيس الأسد..

على الحدود وفي الداخل.. لأن الإرهابيين كانوا يستخدمون سورية كممر بين لبنان والعراق..

الميادين.. في ذلك الوقت...

الرئيس الأسد..

قبل هذه الازمة كان التمركز الأساسي للإرهابيين من لبنان إلى العراق وبالعكس.

الميادين.. بعد حرب العراق...

الرئيس الأسد..

نعم.. كان بشكل أساسي من لبنان إلى العراق وبالعكس.. وكانت سورية مجرد ممر.. فكنا دائما نعمل على إغلاق هذا الممر من خلال عمليات استخباراتية.. طبعا هذا الكلام مستحيل أن يكون بشكل مطلق.. ولكن عندما بدأت الأزمة في سورية.. وتغيرت الأحوال الأمنية في سورية انتقلت القاعدة إلى سورية كهدف.. وحولتها لهدف رئيسي كأرض للجهاد.

الميادين.. إذن.. بصراحة سيادة الرئيس.. أنتم لم تقدموا تسهيلات بشكل رسمي أو غير رسمي لهذه الجماعات حتى تدخل العراق بصفتها جماعات مقاومة...

الرئيس الأسد..

لو كنا نريد أن نقوم بهذا الشيء فهذا يعني أننا نعمل ضد مصلحتنا بشكل مباشر.. لأن انتشار الإرهاب في العراق سيأتي إلى سورية وهذا ما نراه الآن.. انتشار الإرهاب في لبنان سيأتي إلى سورية وهذا ما نراه الآن أيضا.. وانتشار الإرهاب في أي بلد مجاور سيؤثر عليك بشكل مباشر.. فهذا يعني أن نطبق المثل الذي يقول بأنه يطلق النار على قدمه.. وهذا مستحيل.

الميادين.. لكنكم كنتم مع المقاومة في العراق وأعلنتم هذا الأمر.. أنتم كنتم تعتبرون أن هناك مقاومة.. ومقاومة الاحتلال هي أمر مشروع في العراق.

الرئيس الأسد..

أولاً الإرهاب غير المقاومة.. والإرهابيون الذين تتحدث عنهم.. وتحديدا جماعة القاعدة لم يقوموا بعملية واحدة ضد الأمريكيين.. كل العمليات كانت ذات طابع طائفي في العراق.. كانوا يقتلون المدنيين وليس الأمريكيين.. المقاومة كانت تقوم بعمليات ضد الأمريكيين.. هذا أولا.. ثانيا نحن ندعم المقاومة بالمعنى السياسي.. نحن لا نعرف من هي المقاومة في العراق ولا يوجد أي تواصل بيننا وبينها.. لأنها لم تأت إلينا.. ولم تطلب منا.. ولم تتواصل معنا.. فنحن نقول المقاومة ضد الاحتلال حق في أي بلد.. هذا ما كنا نقوم به.

الميادين.. تعرف سيادة الرئيس.. موضوع العراق هو موضوع مفصلي.. لا أتحدث عنه الآن ولكن مرحلة غزو العراق هي مرحلة مفصلية.. الولايات المتحدة الأمريكية تعاطت معها على أساس أنها تحول استراتيجي.. ويؤكد انتصارها التاريخي في المنطقة وربما يثبت هيمنتها في العالم.. والحقيقة أنها تعاطت مع مختلف الدول على هذا الأساس ومن بينها سورية.. إذا محطة الغزو العراقي كانت محطة أساسية وقتذاك.. كيف تعاطت الولايات المتحدة الأمريكية معكم في غزو العراق...

الرئيس الأسد..

حاولت الولايات المتحدة كثيرا أن تقنع سورية بأن تكون جزءا من الحملة على العراق.. كان ذلك قبل قمة شرم الشيخ التي انعقدت في بداية شهر آذار في عام 2003 ومن خلال مجيء المسؤولين الأمريكيين إلى سورية.. كانت هناك محاولات ترهيب وترغيب..على الأقل بالحد الأدنى.. من أجل أن نصمت.. طبعا في قمة شرم الشيخ كان موقفنا واضحا ومعلنا وكان ربما الصوت الأعلى في رفض الحرب.. لأننا رأينا أن قمة شرم الشيخ كانت قمة التسويق لحرب العراق.. أو للغزو الأمريكي للعراق.. فكان لا بد من أن تدفع سورية الثمن.. وكانت زيارة كولن باول المشهورة في ذلك الوقت بعد ثلاثة أسابيع من غزو العراق وكان العالم في ذلك الوقت من دون استثناء قد انبطح أمام ما اعتقدوا بأنه النصر الأمريكي.. وبدؤوا بتقديم فروض الطاعة والولاء.. فأتى كولن باول في ذلك الوقت وكان مزهوا بنفسه ويتحدث عن كيف دخلت القوات الأمريكية خلال أسابيع إلى بغداد.. ويلمح إلى أن الكونغرس الأمريكي يحضر لقانون آخر لمحاسبة سورية.. أكثر شدة وقسوة من القانون السابق.. وكل الكونغرس ينتظر عودة كولن باول لكي يقرر ما الذي سيفعله مع سورية.

الميادين.. هكذا كان يحدثكم...

الرئيس الأسد..

تفصيليا.. حرفيا..

الميادين.. أي بلغة التحذير والتهديد...

الرئيس الأسد..

تماما.. قال إنه لم يبق لكم صديق أو أمل سوى أنا وزيارتي.. وهي الزيارة الأخيرة.. ومبنية على عدة مطالب.. وهي بشكل أساسي إخراج الفصائل الفلسطينية أو قياداتها حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية.. خارج سورية.

الميادين.. أي جبهة شعبية...

الرئيس الأسد..

الجبهة الشعبية القيادة العامة.. إخراجها خارج سورية إلى أي مكان يختارونه في العالم.. هذا البند الأول..

الميادين.. لم يعطكم مكانا...

الرئيس الأسد..

لا.. أي مكان..

الميادين.. لم يسم مكانا...

الرئيس الأسد..

قلت له عادة عندما تخرج شخصا تعيده إلى وطنه.. هل مسموح لهؤلاء أن يعودوا لوطنهم.. إذا كان مسموحا لهم أن يعودوا لوطنهم.. نحن نريدهم أن يعودوا إلى فلسطين دون طلب من أي دولة.. وهم يريدون ذلك أيضا.. ولكن أن يطرد شخص إلى أي مكان في العالم هذا كلام مرفوض بشكل قطعي.. النقطة الثانية.. هي منع دخول وتسليم أي من القيادات العراقية المطلوبة للولايات المتحدة.. وللقيادة العسكرية بعد الغزو.. طبعا إيقاف التعامل مع حزب الله والمقاومة في لبنان ووقف كل أشكال الدعم.. ولكن الطلب الأخطر الذي لم أذكره سابقا هو أنهم طلبوا منا منع دخول أي من الكفاءات العلمية والعلماء وأساتذة الجامعات إلى سورية.

الميادين.. العراقيون...

الرئيس الأسد..

نعم العراقيون.. وهذا ما فسر لاحقا بعمليات الاغتيال المنهجية للكفاءات العلمية في العراق.. أنا أعتقد بأن هذا الطلب كان أخطر من الطلبات الأخرى.. طبعا كان ردنا بأننا استقبلنا من تمكن من المجيء إلى سورية من هذه الكفاءات.. وقمنا بإيجاد شواغر لهم في الجامعات السورية.. الجامعات الخاصة والجامعات العامة.. هذه هي المطالب الرئيسية.

الميادين.. إذن أربعة طلبات أساسية وقتذاك.. أولا ألا يتم استقبال القيادات السياسية والعسكرية العراقية السابقة.. والنقطة الثانية هي أن تخرج القوات المقاومة الفلسطينية وتحديدا حماس والجهاد الإسلامي والقيادة العامة.. وثالثا عدم التعاون مع حزب الله وعدم تمرير السلاح له وقطع العلاقات معه.. قطع العلاقات تماما معه.

الرئيس الأسد..

تماما.

الميادين.. والنقطة الرابعة التي تكشفها لأول مرة عدم السماح بدخول الكفاءات العلمية.. يعني هذا الطلب كان طلبا أمريكيا أم طلب طرف آخر...

الرئيس الأسد..

طلب أمريكي.. وتمت عمليات التصفية لاحقا كما تعلم.. قتلوا مئات من العلماء.. أي أنها عملية تجهيل حقيقية.. وهو ما كان مطلوبا لتدمير العراق حقيقة.. تدمير هذه العقول.

بالنسبة لنا أي وعد أمريكي هو مجرد وعد وهمي

الميادين.. سيادة الرئيس قبل لحظات تحدثتم عن أنه قبل الغزو كانت هناك محاولات الترغيب والترهيب.. هل نستطيع أن نفهم ما هي محاولات الترغيب والترهيب... من قدمها لكم... رجال سياسة.. رجال أمن.. أمريكيون مباشرة.. أوروبيون.. أصدقاء عرب.. من...

الرئيس الأسد..

بشكل أساسي وليم بيرنز معاون وزير الخارجية في ذلك الوقت.. الترغيب كان من خلال أن الولايات المتحدة ستقوم بإطلاق عملية السلام.. قلنا إن هذه الوعود سمعناها في عام 1991 على خلفية مشاركة سورية في حرب تحرير الكويت.. ولم يحصل شيء.. لم تقم الولايات المتحدة بأي عمل جدي من أجل إنجاح عملية السلام.. تهربت من كل التزاماتها.. فنحن بالنسبة لنا أي وعد أمريكي هو مجرد وعد وهمي.. لا نثق بالولايات المتحدة.. وهناك تجارب سابقة طبعا في عدم الثقة بيننا وبينهم.

الميادين.. على أساس أن يكون لكم دور... أي أن تعاد عملية السلام وأن يكون لكم دور محوري أنتم كسورية أم ماذا...

الرئيس الأسد..

تماما.. أي أن نستعيد أرضنا في الجولان.. ويتم إنجاز عملية السلام.. وهو كان مطلبا سوريا قديما منذ ما بعد حرب 1973 ولكن هي مجرد وعود وهمية كما قلت.. الترهيب طبعا يحتمل كل المعاني بأن الوضع سيكون صعبا.. ستكون سورية معزولة.. هناك أشخاص معادون لسورية في الولايات المتحدة.. وغير ذلك من الكلام الذي لا يعطي..لنقل.. طريقة معينة لمعاقبة سورية لاحقا ولكن يوحي بالعقوبة.

ليس من سمات السياسة السورية العنتريات هي سياسة مؤسسات تعكس مصلحة الشعب

الميادين.. عفوا سيادة الرئيس.. ربما هذا سؤال كان يمكن أن أطرحه في النهاية.. ولكن منهجيا حتى نفهم هذا السياق.. الآن.. عندما تتحدث عن هذه الإشارات وربما ستحدثنا عن تفاصيل أخرى ونحن حريصون بصراحة أن تحدثنا عن بعض التفاصيل وبعض الكواليس. ترغيب وترهيب قبل غزو العراق وبعد غزو العراق.. كانت الولايات المتحدة الأمريكية القوة الأعظم.. كانت متباهية بأنها انتصرت على الإرهاب في أفغانستان.. غزت العراق وباتت تستأثر على كل شيء.. الروس.. الصينيون.. العالم كله كان دونيا أمامها ومع ذلك كله كنتم تتصرفون بهذه الطريقة.. ترفضون الطلبات وتعاندون... على أي قاعدة فكرية سياسية استراتيجية... واسمح لي أيضا بكل صراحة على أي قاعدة شخصية... من هو بشار الأسد مع الاحترام حتى يرفض ويعاند الأمريكيين بهذه الطريقة وتصلون لما وصلتم إليه...