العلامة الفقيه، والإسلام، والثقافة العربية


هل تعتبرون إن الإسلام قذف بالثقافة العربية إلى الأمام؟

عندما ندرس آفاق الثقافة العربية قبل الإسلام فإننا نجدها محدودوة بحدود ضيقة جداً في نطاق الأشعار الجاهلية التي قد يناقش بعض الناس في صدقيتها، كما أثير في بعض المراحل الثقافية من عصر النهضة، الحديث من التشكيك في الشعر الجاهلي ، أو كلمات الحكمة أو الخطاب أو الخطابات التي كانت تمثل ذهنية محدودة في الآفاق العامة للثقافة، لذلك أتصور أن الإسلام قد إستطاع أن يعطي الثقافة قوة دفع إلى الأمام، ومن خلال ما أثاره من أفكار فلسفية ومن خطوط قانونية، ومن مفاهيم متنوعة حول مفردات كثيرة مما تثير قلق الإنسان وتثير تفكيره بالمستوى ال>ي جعل الفكر العربي يتحرك في هذا الإتجاه، وجعله يعمل على أن يجد الكثير من مجالات البحث في هذه الأبعاد التي تحمل خطاً فلسفياً، أو تحمل خطاً أدبياً، أو فلكياً أو حسابياً، الخ... ومن هنا إنفتح الأفق العربي على مجالات جديدة من المعرفة جعلته يتجه إلى البحث عن هذه المفردات في ثقافات أخرى.



وبهذا بدأت الثقافة العربية. من خلال علامات الإستفهام التي طرحها الإسلام ومن خلال الأجزاء التي خلقها في حلقة الفكر، إلتقت الثقافة العربية بالثقافة الأخرى، وبدأ عصر الترجمة، وإستطاعت الحضارة الإسلامية أن تحقق من هذه الثقافة المتنوعة مزيجاً جديداً ، امكن بواسطته أن تضع أسساً جديدة لحركة الفكر . نحن نعرف أن التفكير الإسلامي هو الذي أكد على التجربة كمصدر من مصادر المعرفة بالإضافة إلى العقل . كمصدر من مصادر.


وهذا هو الذي جعل أوروبا تنفتح من خلال الفكر الإسلامي الذي إلتقت به في الأندلس وفي تجارب العلماء المسلمين كتبوا في الطب والفلك وفي كثير من ألوان المعرفة. لذلك نعتقد إن الإسلام إستطاع أن يدفع الثقافة العربية إلى الأمام. فبعد أن كانت مجرد ثقافة تتصل بالجانب الأدبي، أصبحت ثقافة تحتزن الآفاق العلمية الواسعة، بحيث أصبحت البلاد العربية، من خلال الإسلام مصدراً من مصادر الثقافة للعالم كله.




ألا ترون أن هناك تناقضاً بين بعض تيارات الثقافة العربية والإسلام، مثلاً، إبراهيم النظام، المعري، أبو النواس.....؟



في الواقع، عندما نريد دراسة الثقافة الإسلامية في النطاق العربي، أو الثقافة الإسلامية في غير النطاق العربي، نجد إنها إصطدمت بتيارات فكرية غير إسلامية، وتنوعت هذه التيارات في التعبير عن نفسها بطريقة الشك تارة كما نلاحظه في بعض تجارب أبي العلاء المعري، أو في الإلحاد، كما نلاحظه في بعض المفكرين الفلسفيين ممن كانوا يسمون في وقتها بـ(الزنادقة) أو التفكير الذي ينفتح على المحرمات ، كالمحرمات، كالخمرة كما قد يلاحظ في بعض تجارب الشعراء أبو نواس.



من الطبيعي أن أية ثقافة تنطلق من أي موقع من المواقع لابد أن تثير في مجتمعها ثقافة مضادة؟


لا أقصد حتمية حصول ذلك ولكنه شيء طبيعي، لأن الثقافة عندما تنطلق فأنها تثير الكثير من علامات الإستفهام، وربما تتحرك في ساحة صراع مع ثقافات أخرى تحاول أن تؤكد مضمونها في مواجهة هذه الثقافة. لأننا درسنا القرآن الكريم فإننا نجد القرآن منطلقاً من طريقة الحوار ليقدم الرأي المخالف للطروحات التي كان يطرحها في الدعوة إلى الله، مما كان يؤكد علامات الإستفهام الكثيرة التي تنشر في أذهان الجمهور الذي يعيش في دائرة هذه الثقافة. حتى إننا عندما ندرس الإسلوب الحواري الذي طرحه القرآن فأننا جد أنه أسلوب ينطلق فيه الإنسان من الشك ليصل إلى اليقين، ولعل أسلوب الإسلام في الحوار هو الأسلوب الذي لم يستطع أن يتقدمه أي أسلوب جديد حضاري.


أننا نعرف أن الأساليب الحضارية في الحوار تقول: رايي صواب يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، ولكن القرآن الكريم عندما يطرح أسلوب التبي في مواجهة الكفار، يقول، (إنا أو إياكم لعلى هدى في ضلال مبين). أنه يطرح المسألة بعيداً عن ذاتية الفكرة. فالذات ليس لها اي دورة في الفكرة، بل الذات تقف على خط الحياديين فكرها وبين فكر الآخر. إما أن أكون أنا على هدى وأنت على ضلال، أو أكون أنا على ضلال وأنت على هدى، من دون أن يعطي المحاور ذاتيته كمفكر، عندما يتحدث مع الطرف الآخر.


ومعنى هذا، أن الشك يعتبر أسياسياً في حركة الثقافة الإسلامية. ومن الطبيعي أن يترك هذا الكثير التي تتحرك مع الشك وقد لا تصل فيه إلى نتيجة، أو قد تصل فيه غل نتيجة مضادة. ونحن عندما ندرس القرآن الكريم، وندرس التجارب العلمية التي عاشها المفكرون المسلمون نجد أن الإسلام كان يتقبل النقد، ويتقبل الرأي المضاد ويطالب الناس بألا ينطلقوا في الرأي المضاد على أساس إرث الآباء والأجداد، أو على أساس الجوانب العاطفية، والمصطلحية بل على أساس الحجة، ولذلك قال: (هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين، ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم، فلم تحاجوني فيما ليس لكم به علم). لك الحق في تدخل في حوار وفي جدل، ضد الفكر الديني بالذات، ضد عقيدة توحيد الله، ضد العقيدة بالنبي، باليوم الآخر، ولكن عليك عندما تريد أن تدخل في هذا الجدل أن تقدم دليلك على نقض الفكرة المضادة. أو على إثبات فكرتك، أما أن تقف على أساس إثارة التساؤلات من دون أن ترتكز على أساس فكري، أو من دون أن تستمع إلى الواجهة الأخرى التي تجيب على أسئلتك، فهذا ليس مرفوضاً لأن هذا ليس هو أسلوب الفكر الذي يريد أن يدخل الصراع فيما هي المسألة الفكرية.



الإسلام، والشك، والحرية في القرآن


إننا نلاحظ أن الإسلام خلد الشكوك التي كانت تثار حول نبوة النبي، لقد تحدث عما قالوا عنه، إنه كائن، أو شاعر، أو إنه مجنون. وواجه الإسلم هذه التهمة للنبي بمواجهة عقلانية، عندما قال: (قل إنما أعظكم بواحدة، أن تقوموا لله مثنى وفروادى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنة). يعني انفصلوا عن هذا الجو الإجتماعي الذي تعيشون فيه حالة الإنفصال عن حرية تفكيركم الذاتي ، ويعبر عنه بعض علماء النفس،بالعق الجمعي. أنا لا أطلب منكم أن تقولوا إني غير مجنون. لكن حاولوا أن تنفتحواعلى الحقيقة التي هي الله، ثم تفرقوا، مثنى للتفكير معاً، وفرادى ليرجع كل إنسان إلى فكره بشكل هادئ ثم تتفكروا، عندما تعرفون ما قلتن وما تحدثت به( ما بصاحبكم من جنة، إن هو إلا نذير بين يدي عذاب شديد). فنحن نلاحظ القرآن الكريم أعطى الحرية للناس أن يواجهوا كل الأفكار المضادة حتى التي تتصل بشخصية النبي في عقله وفي طبيعة رسالته... الخ حتى أننا ننلاحظ أنه عندما يطرح الناس مسألة، إن النبي علمه بشر(ولقد نعلم أنهم يقولون إنما إنما يعلمه بشر لسان الذين يلحدون إليه أعجمي، وهذا لسان عربي مبين). أننا نلاحظ القرآن يؤكد على شبهة أثيرت ويخلى هذه الشبهة للتاريخ ويطلب من الناس أن يؤمنوا بالرسول على أساس أن يواجهوا هذه الشبهات من منطلق الفكر.


لذلك فإن مسألة وجود شخصيات قلقة، أو شخصيات حائرة، أو شخصيات رافضة في مجرى الثقافة الإسلامية. هذا أمر جد طبيعي، ونحن نحب أن نستذكر بهذا المجال نقطة قد لا ينتبه إليها الكثيرون، تراثنا الإسلامي الشيعي يتحدث عن الإمام جعفر الصادق(ع) الذي يمثل قمة فكرية متنوعة لدى كل علماء المسلمين. كان يجلس في المسجد الحرام، قرب الكعبة وكان يجتمع إليهالأشخاص الذين يعيشون حالة رفض ضد التفكير الإسلامي مثل، إبن المقفع، إبن أبي العوجاء، وأبي شاكر الديصاني، حتى أن بعضهم كان يتحدث معه بكل حرية حول الحج(إلى كم تدرسون هذا البيدر) يعني كأنه يسخر بالحج، كان الإمام الصادق في ذلك المكان المقدس يستمع إليهم ويجيبهم بكل رحابة صدر ويناقشهم مناقشة علمية فلسفية مقنعة، حتى أن بعضهم كان يقول: (لا أتذكر مضمون حديثه حرفياً) لا أجد إنساناً يستحق إسم إنساناً يستحق إسم الإنسانية في هذا الجمع غير جعفر الصادق(ع).


أننا نأخذ من هذا فكراً، أن إماماً بحجم الإمام جعفر الصادق يجلس في مكان من أكثر الأماكن قداسة عند المسلمينن ولا يمنعه ذلك من أن يعطي الآخرين الحرية في أن يناقشوه في أسس العقيدة، وفي تفاصيل العقيدة.


الإسلام والعلم


الأديان كلها تعتبر أن الله خلق العالم إبراهيم النظام أول من تحدث بإنشطار الذرة وهذا ما يناقض العلم والدين؟



من الخطأ جداص أن يطرح الفكر الديني على أساس قاعدة هذا الفكر، هو أن الله خلق الكون بشكل مباشر من دون أن يكون خاضعاً لقوانين في عمق تكوينه، إننا نؤمن من خلال صفتنا الإسلامية، من دون أن نحيد قيد شعرة عن التفكير الإسلامي. نؤمن بأن هناك في الكون سنناً كونية، وهي ما تمثله قوانين الكون الطبيعية في الكون، وفي الحيوان وفي الإسلام. حتى إننا من وجهة النظر الإسلامية نؤمن بأن هلاك المجتمعات ونمو المجتمعات تخضع لقوانين موجودة في حركة الكون بحيث أنها تتحرك ضمن نطاق خاص، ومسيرة خاصة، فنحن مثلاً، نجد أن النظرية(الداروينية)، التي تقول أن جد الإنسان، والقرد من أصل واحد. هذه النظرية لا تنافي أساس الفكر الديني. لأن هذه تقول أن الإنسان تطور بفعل عوامل معينة في الكون، من قرد إلى هذه الصورة الحالية.



والدين عندما يريد أن يتدخل في المسألة يسأل من أين جاء هذا التطور؟ هل التطور حالة ذاتية في الجماد؟ هل هو حالة حتمية؟ أو حالة غير حتمية؟ إذا كانت حالة غير حتمية فكيف نشأ وما هي القوة التي دفعته؟ هنا يأتي الحديث عن الخالق. نعم إنه ينافي التاريخ الديني، نظرية داروين لا تنافي الفكر الديني. يعني أصل غرتباط الأشياء بالله، بل هي تنافي بعض ما يفهم من التاريخ الديني، الذي يقوللقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم، ثم رددناه أسفل سافلين). وهذا يدل على أن الإنسان كان إنساناً في صورته الأولى ولم يكن قرداً. وهذا ما تؤكده الكثير من المناقشات الأخيرة في نظرية داروين التي إكتشفت أن هناك الكثير من الثغرات التي جعلتها مجرد نظرية علمية منطلقة من حالات تأملية، ومن تجارب محدودة بحيث لا تستطيع أن ترقى إلى مستوى القطعيات. وعلى ضوء هذا نستطيع أن نقرر حقيقة. وهي أن العالم الديني، والعالم المادي عندما يجلسان أمام المختبر فإنهما يفكران بطريقة واحدة، يبحثان عن الظاهرة، ما هو سببها، لكن الفرق بين العالم الديني والعالم المادي، أن العالم الديني عندما يكتشف السبب يفكر من الذي أعطى السبب سببيته. بينما لا يفكر العالم المادي بهذه الطريقة. ولهذا فإننا، كمسلمين نؤمن بقانون السببية في الكون، وأن الله خلق الكون على أساس نظام. (إنا كل شيء خلقناه بقدر). ونجد أنه عندما نتحدث عن عملية التغيير.(إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ما كان الله مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون).


نحن نفهم أن كل ظاهرة كونية، أو ظاهرة إجتماعية أو ظاهرة تاريخية تنطلق من خلال قوانين مودعة في حركة هذا الكون، وغاية ما هناك، أن عمق هذا الكون، واية ما هناك، أن عمق هذه القوانين هو الله. ولهذا عندما يتحدث إنسان عن تجربة الذرة يبقى السؤال: من الذي أعطاها هذه القوانين المتحركة في داخلها، ولذلك ليس هناك فرق بين من يقول بتجزئتها، وبين من لا يقول بتجزئتها لأنهما ينطلقان معاً، من خلال التفكير الديني الذي يرى، أن الله أودع في هذه الذرة قانوناً يسمح لها بأن تتجزأ وتتحول إلى طاقة، وبين من يقول أن الله خلقها على شكلها الحالي.


الإسلام والمسيحية كحضارتين



الحضارة الإسلامية، والعربية عرفت أوج أزدهارها أيام المؤمنون القائل(بخلق القرآن) (بإنزاله) ترى، كيف يتصور العلامة محمد حسين فضل الله حالة الإسلام فيما لو إنتصر المأمون؟



أحب أن أوضح أن المأمون نادى بـ(خلق القرآن) لا بـ(إنزاله) لأن الأوامر التي أصدرها إلى عماله في الولايات كانت تقضي بملاحقة الذين لا يقولون بـ(خلق القرآن) إنطلاقاً من الآيات التي تتحدث عن إنزاله قرآناً عربياً. لقد كانت المسألة النظرية تتمحور حول (قدم القرآن) بمعنى أنه غير مخلوق لأن الله قديم. المأمون ومن تبعه من المعتزلة يقولون أن القرآن الكريم هو كلام من افعال الله، وهناك أفعال مثل(الخلق) لذلك، قد يكون رأي المأمون يمثل الخط التحريري في الفكر الإسلامي على أساس أن ينتهج خط المعتزلة في مقابلة تيار الأشاعرة الذين لا يؤمنون بالحرية الإنسانية، والحسن والقبح العقليين بينما المعتزلة يؤمنون بالحسن والقبح إلى جانب إيمانهم بحرية إرادة الإنسان.


هل صحيح أن الأسلوب النبوي تأثر بما قبله أي أن الرسالة المنزلة على النبي كررت نفسها في غير موضع فكان هذا التشابه بين الإسلام والمسيحية؟


عندما نتحدث عن تأثر أي شخصية دينية أو سياسية بما قبلها فلا بد لنا من أن نرصد علاقة هذه الشخصية بهذا التاريخ أو بهذا الواقع. هنا، علينا تناول المسألة من زاويتين: الأولى خط التفكير الغسلامي الذي يعتبر أن النبي محمد إنطلق بالرسالة من الله، وإنه إختزن من تجارب الأنبياء، وكل أفكارهم، وكل المؤثرات التي تركت تأثيرها في حركتهم سلباً أم إيجاباً من خلال القرآن الكريم الذي تحدث عن الأنبياء، وأعمالهم مثل التوراة، والإنجيل، وكل تاريخ النبوات كان حاضراً في النص القرآني أي حاضراً في الوعي النبوي. ومن ذلك، ما نلاحظه في الآية التي تتحدث عن السر في إنزال القرآن على دفعات أي الحركة القرآنية جاءت متدرجة لأهداف توعوية. إن الفكر الإسلامي يعتبر القرآن وحياً من الله، وإن النبي تربى من خلال حركة القرآن. لذلك، إن مسألة التأثر لا تمثل حالة واقعية من خلال الترابط العملي بين النبي وبين الأنبياء الذين سبقوه. إن الوعي النبوي حالة ثقافية إنطلقت من خلال النص القرآني الذي يعتبر الإسلام حالة شمولية تطل على كل المفاهيم الرسالية التي جاءت بها النبوات السابقة، وفي طليعتها اليهودية، والمسيحية. التفكير الإسلامي يرى أن الوحي هو الذي عمل على تنضيج هذا الفكر الشمولي، وإذا رغبنا أن ننزل إلى الواقع بعيداً عن ما هو التفكير الإسلامي، لنرصد النبي في حياته الخاصة من خلال ما وصلنا من مفردات التاريخ فإننا لا نجد وقائع تاريخية أمينة نستطيع من خلالها أن نطل على شخصية النبي كشخصية متفتحة على مواقع الساحة المسيحيى. قد ينقل التاريخ، وعلى عجالة، حديث ورقة بن نوفل عم خديجة بنت خويلد زوجة النبي. قد ينقل التاريخ قضيته، وإنه هو الذي شجع النبي عندما أخبرته خديجة بأول حالة من حالات الوحي لكن التاريخ الذي يدخل ورقة بن نوفل في المسألة يقول أنه مات بعد سنة أو سنتين مما سمح القول بعدم إمكانية تأثر النبي به لا سيما إذا عرفنا أن ورقة بن نوفل عبر عن إيمانه بما رآه من النبي أو بما سمعه على أنه حالة رسالية حقيقية تعتبر إمتداداً للرسالات السابقة. النص التاريخي يتحدث عن ذلك، وليس عندنا نص تاريخي آخر.


عندما ندرس حياة النبي تبدو لنا هذه الحياة بسيطة، ليست فيها أية حالة ثقافية، وأن القرآن كان أميناً في نقل الأفكار المضادة تماماً كما هو أمين في نقل الأفكار المناصرة. لقد إستطاع القرآن أن يحدثنا بأمانة عن عناوين الشك في شخصية النبي الذي لم يستطع أن يحصل تجربة ثقافية كافية قبل النبوة أو أية معلومات تاريخية يستطيع من خلالها التأثر بما قبله من الأنبياء.

كانت للنبي رحلة تجارية للشام، محدودة بزمن معين لا يفسح مجالاً للحركة، أو عملية إستيعاب جادة. إن التقارب بين الإسلام والمسيحية إنطلق من خلال الجو القرآني، وطبيعة المفردات القرآنية التي تحدثت عن أهل الكتاب بشكل عامعام كمجموعات تلتقي بالمسلمين أكثر من موقع. ولذلك دعا القرآن أهل الكتاب إلى كلمة سواء وعندما تحدث بشيء من السلبية عن أهل الكتاب تحدث عن بعض المفردات المتصلة بالتصور حول شخصية المسيح أو حول شخصية موسى، ولذلك كان التقارب بين الإسلام والمسيحية من خلال هذه الخطوط التفصيلية للواقع، بالإضافة إلى الخطوط العامة.