يعتنقون دين الأغلبية التي يعيشون بينها

سراييفو: عبد الباقي خليفة


لا يزال الغجر في البلقان بصفة خاصة، وفي بقية دول العالم بشكل أعم، يعانون على كافة المستويات، سواء تعلق الأمر بمستوى المعيشة، أو التعليم أو المعاملة في الدوائر الحكومية أو على مستوى الشارع.

وتزداد معاناتهم في دول يوغوسلافيا السابقة وفق تقرير لمنظمة هلسنكي لحقوق الانسان، حيث وجهت للغجر اتهامات بالخيانة، أو العمل لصالح هذا الطرف أو ذاك أثناء الحرب ما بين 1992 و1995. كما يتهمون، وقد اعترف بعضهم بذلك أمام شاشات التلفزيون، بالعمل مع الاستخبارات الشيوعية السابقة، ضد الناشطين في مجال حقوق الانسان والشعوب.

وليس أدل على كراهية المحيط لهم، من جعلهم إحدى مفردات السباب، إذ أن لفظ «غجري» تعني كل الصفات السيئة في نظر البعض. وأثناء الحرب اليوغوسلافية تعرض الغجر لكل أشكال الاضطهاد بما في ذلك القتل والتهجير، وقد تمكن الكثير منهم من الوصول إلى بعض الدول الاوروبية مثل ألمانيا وايطاليا وفرنسا وغيرها.

ورغم أن محل إقامتهم في الدول الغربية أفضل ماديا إلا إنهم لم ينجو من المطاردة البوليسية، لا سيما أثناء قيامهم باستجداء المارة، أو البحث عن قطع الخردة لبيعها في الاسواق الشعبية. وينتشر الغجر في معظم أنحاء العالم ويبلغ تعدادهم وفق بعض التقديرات نحو 35 مليون نسمة. ومن ذلك منطقة البلقان حيث يقدر عددهم بنحو 17 مليون نسمة منهم ما يزيد عن 600 ألف نسمة في صربيا. ويشير إحصاء للسكان عام 2002، بأن 109 آلاف شخص ذكروا بأنهم غجر. ولكن الواقع يؤكد إنهم أكبر من ذلك بكثير لا سيما أن البعض يريد التخلص من لعنة القومية فيعلن انضمامه إلى هذا الشعب أو ذاك ممن ينظر إليهم على أنهم أكثر حظوظا في الحياة اليومية .

ويقول دراغان ماركوفيتش، ممثل صربيا للمؤتمر الوطني للغجر، منظمة الغجر الدولية، إن ما بين 600 الف و800 الف غجري يسكنون في أراضي صربيا والجبل الأسود وكوسوفو. بينما يقدم البروفيسور بوجيدار جاكشيتش عالم الاجتماع للعلوم الاجتماعية في معهد بلغراد، رقماً أدنى من ذلك «هنالك ما بين 300 و400 ألف غجري في صربيا» وكان يعيش ما يقارب من 150 الف غجري في كوسوفو قبل الحرب سنة 1999 لكنه لم يبق سوى 20 أو 25 الفا وفق تقديرات الامم المتحدة.

وبمناسبة يوم الغجر العالمي صرح وزير حقوق الانسان والاقليات في حكومة صربيا والجبل الاسود راسم لياييتش بأن «العناية بالغجر وتوفير المأوى والتعليم والرعاية الصحية والعيش الكريم لهم مطلب اساسي»، وكانت تلك تصريحات بمناسبة المناسبة كما يقولون وانتهت بانتهائها.

لكن ما يعاب على الغجر هو تفرقهم وقلة اجتماعهم على ما يهمهم جميعا، ورغم تعدد ملوكهم وقادتهم، إلا أن الكثير منهم، وقد تكون الاغلبية، لم تسمع بأولئك الملوك سواء في رومانيا أو بلغاريا أو غيرها. فهم شعب يحب الحرية الشخصية أو القبلية ولا يعبأون بما يجري في العالم من أحداث، همهم العيش والترحال والاقامة حيث ينتهي بهم المطاف وإذا أجبروا على البقاء داخل حدود معينة بفعل الاجراءات الجديدة على الحدود فإنهم يمتهنون التسول والعيش في الخرب والاماكن المهجورة.

ويشكو الغجر من التمييز العنصري ضدهم، فالجميع يعاملهم بطريقة مختلفة، ولا يراعى أثناء التعامل معهم لأي قيمة انسانية، أو اتفاقية دولية لحقوق الانسان، والمساواة بين الناس في الاديان.

فضرب الغجر والاعتداء عليهم إلى حد القتل حوادث تتكرر باستمرار. ففي جمهورية التشيك مثلا هناك مقاعد خاصة للغجر في الطائرات. وفي اليونان نُقل بعض الغجر إلى مستوطنات معزولة في ما وصفه خبير في مجلس أوروبا بعبارة «الفصل العنصري الراسخ في الأنظمة والأعراف» وهو ما تعده منظمات الدفاع عن حقوق الانسان تمييزا عنصريا يذكر بماضي السود في الولايات المتحدة الاميركية.