• وهل النتائج التي توصلتم اليها تتحرك في اطار الارض الايرانية، ام في كل ارجاء العالم الاسلامي، باعتبار ان المسلمين امة واحدة؟
- لدينا امر مستعص يتعلق بهذه القضية، فمن جانب يجب حصول وحدة في العالم الاسلامي وان يتبلور اعتقاد بان مشكلة جاري المسلم هي مشكلتي انا ايضا، اذا جاع فانا يجب ان اشعر بجوعه واذا كان الموضوع جهل وامية فالواجب يحتم عليّ اخراجه من واقعه المظلم، أي يجب ان احب له ما احب لنفسي واكره له ما اكره لنفسي، وهذه هي تعاليم الدين، والاسلام ل ايؤمن بالحدود، لكن متطلبات العصر الحاضر استحدثت بعض القضايا ورسمت بعض الخطوط التي قسمت البلاد الاسلامية الى بلدان، وقامت بتعريف ما يصطلح عليه بداخل وخارج الحدود، ونحن ل انتدخل في شؤون بلد آخر ولا نعتبر ذلك من مهامنا وواجباتنا، وذلك لكون هذه المعادلة هي السائدة.
وانظر الى الاسلام، ففي بعض المنعطفات وحينما كانت احداث ما تسود العالم، اضطر ومن اجل العبور من تلك المنعطفات القبول ببعض الامور، وهذا القبول لم يكن حينذاك على صعيد تعديل متبنياته الفكرية وجعله ضمن اسسه وثوابته الفكرية، بل هو قبول تكتيكي مرحلي لمواجهة الاحداث، ثم ما لبث الاسلام وبعد ان وضع تلك المنعطفات التاريخية خلفه الى الغاء الامور التي قبل بها، وان القضية التي نتحدث في شأنها شبيهة بهذا الامر.
اما الان وبعد مؤتمر يالطا والاحداث التي اعقبت ذلك وما تم في اطار ترسيم الحدود، فان الاسلام غير متمسك بالاخلال بالتطورات العالمية الحاصلة، وتعريض نفسه لتهمة التدخل في شؤون البلدان المختلفة.
لكن هناك قضايا تتعلق بالعالم الاسلامي، فعلى سبيل المثال ان الديموقراطية الغربية وبعد انهيار الاتحاد السوفياتي واضمحلال الايديولوجية الماركسية، اتت لتعرف الاسلام عدوا لها، ونحن لا يمكننا في اطار معتقداتنا الفكرية والايديولوجية، التزام السكوت وعدم الدخول في نزاع مع النظام الفكري الغربي، بل يجب علينا مواجهة هذا النظام، ولا حدود للمواجهة.
• واضح من كلامك، ان كتائبكم الاستشهادية ما زالت حتى الساعة هي لاغراض دعائية اكثر من ان تكون عملية؟
- هذا صحيح، لكننا نعتقد بان الانجاز الذي حققناه على صعيد تشكيل هذه المجموعات واستقطاب الاعداد الكبيرة من الاستشهاديين واقامة الدورات التوعوية لهم، يعتبر بحد ذاته مستوى من الانجاز، وربما لم نحقق عملا استشهاديا، الا اننا تجاوزنا مرحلة الانطلاق، وحققنا اهمية وجود الاستشهاديين في ايران لاجل الدفاع عن ايران، ووضعهم على اهبة الاستعداد لمواجهة أي تطور يحصل في المنطقة. وقبل ذلك بدأنا مرحلة الاستقطاب وتسجيل اسماء المتطوعين. واليوم اذا طلب النظام الاسلامي منا على سبيل المثال ارسال 500 استشهادي الى فلسطين، فاننا قادرون على ارسال هذا العدد، ولسنا بحاجة لان نبدأ من الصفر.
ولاشك بانه لا يوجد وجدان حي أو ثقافة او فطرة نقية في العالم ترفض مبدأ ان نكون على استعداد دائم للدفاع والذود عن وطننا، وهذا الدفاع قد بدأ بالفعل، وان نجاحنا في ايجاد الكتائب الاستشهادية في العاصمة طهران هو بحد ذاته يعتبر نوعا من انواع الدفاع المبكر والقوة الرادعة.
• ارجو ان تتحدثي لنا عن الانطلاقة الاولى لتسجيل اسماء المتطوعين للعمليات الاستشهادية؟
- الى جانب النشاط الاعلامي الذي انجزناه على صعيد العمل الاستشهادي، وشرح ايديولوجياته وسياساته بمختلف ابعادها، فان الظروف دفعتنا بالاتجاه الذي قررنا على اثره ايجاد كتائب استشهادية. اما ما هي تلك الظروف؟ اذا تتذكرون انه وبعد سنة على احتلال العراق، وبالتحديد في ابريل العام 2004 قامت القوات الاميركية باحتلال مدينتي النجف وكربلاء المقدستين، وتعرضت قبة الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام) للقصف، وخضعت المدينتان لظروف صعبة للغاية آنذاك، وكنا نرغب بعكس غضب الشعب الايراني ازاء ما يحصل في المدينتين، وفي المرحلة الاولى اتسم هذا النشاط بالطابع الاعلامي، وكنا ومن اجل التضامن مع الشعب العراقي والدفاع عن مقدساتنا، بصدد اعلان الدفاع عن الاماكن المقدسة، وبهذه النوايا بدأنا بتسجيل اسماء القوى الشعبية مع الاعلان عن مدى استعداد هذه القوى للدفاع عن كربلاء والنجف. وقد لاقت عمليات التسجيل اقبالا منقطع النظير فاق توقعاتنا، ولاحظنا وجود مثل هذا التوجه في مجتمعنا الا ان احدا لم يكن اولى له اهتماما، وهذا امر طبيعي بالنسبة الى شعبنا، فهو على مدار الساعة ما يكف عن ذكر الامام الحسين او الامام علي، وان اروع صور العاطفة تتجلى في مجالس الامامين علي والحسين، لذلك كيف يمكن لهذا الشعب ان يكون غير مباليا بما يحصل لهذين الامامين بزعم ان هذه القضية هي شأن داخلي عراقي. وقد بدأنا بتسجيل اسماء المتطوعين، ولفت انتباهنا ان القضية التي ننظر اليها في العراق كان شعبنا سبقنا في النظر اليها الى جانب اهتمامه بما يجري في الاراضي الفلسطينية، لذلك قمنا باعداد استمارات تضمنت ثلاثة خيارات، الاول «هل ترغب بالدفاع عن الاماكن المقدسة في العراق»؟ الثاني «هل ترغب بالدفاع عن الاراضي الفلسطينية المغتصبة»؟ والثالث «هل ترغب بتنفيذ فتوى اعدام سلمان رشدي»؟ ولاحظنا ان اكثر من 90 في المئة من الذين تطوعوا لتسجيل اسمائهم اختاروا الخيارات الثلاثة، وطبعا بما اننا كنا ننظر لانفسنا على اساس اننا مركز ثقافي، لذلك لم يكن على بالنا ان نخوض في قضية ارسال استشهاديين، لكن بما ان مسألة الدفاع ليست بحاجة الى ترخيص من الحاكم الشرعي، فان من المحتمل ان يكون هناك افراد يرون في انفسهم الاستعداد اللازم ويبادرون الى تنفيذ العمليات الدفاعية، لكن هذه القضية لم تتحقق في شكل رسمي.
• هل تعنين ان اي استشهادي لم يذهب الى العراق لاداء هذا التكليف الشرعي؟
- نعرف بعض الاشخاص، لكن هذا الموضوع لا يستحق الحديث عنه كقضية تنطوي على خطوة موثقة او رسمية، وليس باستطاعتي الخوض في هذا الشأن.
• لكنك قلت ان الامر يعتبر تكليفا دينيا ليس بحاجة الى موافقة الحاكم الشرعي، الم يجدر بافرادكم الذهاب الى العراق؟
- هذا الامر يرتبط بالمتطوعين انفسهم، ونحن بصفتنا مجموعة او رابطة ليس لنا أي صلة بهم اذا ما كانوا ذهبوا او لم يذهبوا، وليس في اجندة التطوع الخاصة بنا برنامج رسمي ينص على اننا ملزمون بالتخطيط لكيفية دخولهم وخروجهم او تنفيذهم للعمليات، ونحن نفضل التركيز على انشطتنا وقد قمنا حتى الان بتسجيل اسماء مايربو على الـ 56 الف متطوع في العاصمة طهران، ولم نوفق في توسعة نشاطنا ليشمل بقية المحافظات لقلة عددنا في المركز، ولحساسية القضية ايضا اذ لم نكن نرغب بفقدان السيطرة على الامر وحصول ربما حالة من الفلتان، ما يعني التسبب بمشاكل للنظام الاسلامي، وقد نجحنا في تشكيل 5 كتائب من الاستشهاديين الذين تلقوا دورات توعوية، وهذه الكتائب على جهوزية تامة.
• ما هي ماهية التدريبات العسكرية التي يتلقاها الاستشهاديون؟
- سؤالكم ليس صحيحا، فالعمليات الاستشهادية لا تحتاج الى تدريبات عسكرية، وان اكثر افرادنا ادوا خدمة العلم وتلقوا التدريبات العسكرية الكافية، وبعضهم من قادة الحرب وعسكريين متقاعدين وباسيج، ولدى هؤلاء انفسهم الاستعداد اذا لزم الامر ادخال رفاقهم في دورات تدريبية، واننا في المركز لم نخض في هذا المجال ايضا، لان العمليات الاستشهادية ليست بحاجة الى معرفة عسكرية وتدريبات كلاسيكية، فالاستشهادية الفلسطينية التي هي ام لطفلين كانت في ظل الاوضاع الفلسطينية الراهنة تعيش في اطار محدود ولم تتلق دروسا عسكرية، في حين ان معظم الاستشهاديين الايرانيين ادوا خدمة العلم وبامكان كل واحد منهم اعطاء دورة في القضايا العسكرية حتى وان كانت على مستوى بسيط، لكن مع ذلك لا توجد حاجة لمثل هذا الامر، وللعمليات الاستشهادية افراد خاصون يطلق عليهم صفة المهندس، هم الذين يخططون للعملية، وكان الشهيد يحيى عياش من وجهة النظر الاسرائيلية والغربية، مهندسا للعمليات الاستشهادية في الاراضي الفلسطينية، وقد الفوا كتابا حوله اسموه «صيد المهندس»، ذكروا فيه كيف انهم كانوا يطاردونه على مدى 10 سنوات حتى تمكنوا من اغتياله، ومهمة هؤلاء المهندسين التخطيط للعمليات الاستشهادية، وبامكان أي فرد يفتقر للمعرفة العسكرية تنفيذها بيسر.
• لكن العمليات الاستشهادية مختلفة الانماط، وبعضها بحاجة الى تدريب مسبق، كتلك التي يقوم الشخص خلالها بالتزنر باحزمة ناسفة موصولة باسلاك ترتبط بصاعق وزر للتفجير؟
- كل هذه الامور يقوم بها مهندس العملية، وما على الاستشهادي سوى ضغط الزر. والاهم من التدريبات العسكرية هو الاعداد النفسي واستعداد الشخص لتنفيذ العملية الاستشهادية، أي ان هذا الشخص يجب ان يعرف بانه في صدد تنفيذ عملية انفرادية لاعودة فيها ولا مجال لتقديم الاسناد له وليس هناك من يدافع عنه، واذا تصادم مع قوى الامن ولم ينجح في تأدية مهمته فانه يجب ان يسوي مشاكله بنفسه ويحرص على عدم الايقاع برفاقه، أي يجب ان يكون لديه الاستعداد النفسي والروحي التام، الى جانب الفطنة والاستعداد الذهني حتى يتمكن من تنفيذ المهام المناطة به، وقبل الاستعداد النفسي يجب ان يتحلى باعتقاد ديني قوي، فهذا الانسان الذي يحيا للدنيا يجب عليه مادام حيا ان يعمل بمهامه الدنيوية في شكل صحيح، فان كان كاسبا فعليه ان يكون مخلصا في تحصيل رزقه وان كان طالبا يجب ان يجتهد في تحصيل العلم، وان كان ربة بيت فعليها ان تؤدي مهامها المنزلية في شكل صحيح، أي انك يجب توجيه هذا الانسان الحريص على اداء واجباته الدنيوية في شكل صحيح، نحو الانفصال في الوقت المناسب عن الدنيا والانطلاق نحو الاخرة.