أوضح أن هدف حرب إسرائيل تدمير بنية لبنان للمشاركة في ثورة على المقاومة الإسلامية

بيروت ـ عباس دشتي


طالب سماحة المرجع الديني السيد محمد حسين فضل الله بدراسة انتصار المقاومة على اسرائيل بعد ان تحول الانتصار الى مشكلة سياسية ذات اهمية في اسرائيل، كما طالب قادة الدول العربية والاسلامية بالارتفاع لمستوى الشعوب.

واكد سماحته في لقاء مع »الوطن« ان »المواجهة المباشرة مع جنود العدو الذين كانوا يهربون ويصرخون ادخلت روحية جديدة في العالم خصوصا بعد الانتفاضة الشعبية في مختلف مواقع العالم العربي والاسلامي«.

وقال ان »المعركة الاخيرة لا تتبعها اية معركة اخرى ولكن يمكن ان تتحول الى حرب سياسية او امنية على مستوى المخابرات، مضيفا ان »من السابق لاوانه نزع سلاح المقاومة الاسلامية لعدم وجود ضمانات امنية«.

وابدى استنكاره وألمه الشديد لبعض التصريحات العربية حول الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان لدرجة ان »اسرائيل صرحت بالفم الملآن ان اسرائيل ولاول مرة تخوض الحرب تحت غطاء عربي«.
واوضح ان »الحرب كانت امريكية بدرجة الامتياز وكانت بداية لمشروع الشرق الاوسط الجديد، موضحا ان »امريكا فرضت على اسرائيل هذه الحرب«.

واتهم السيد فضل الله بوش بالقتل وحمل ادارته مسؤولية الدمار الذي استهدف المدنيين وهدم المنازل على رؤوس الاطفال والنساء والشيوخ، وكذلك ابدى استغرابه بموافقة بعض الدول العربية على نقل القنابل الذكية عبر مطاراتها اي ان هناك تنسيقا عربيا امريكيا«.
واشاد بـ »الموقف الكويتي الحكيم خصوصا بعد انطلاق الشعب الكويتي بكل فئاته السياسية والاسلامية بدعم المقاومة الاسلامية اضافة الى تقديم المساعدات والمعونات«.
وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

روحية جديدة


سماحة السيد، ماذا تتوقع بعد هذه المعركة والاعتداء الاسرائيلي على لبنان؟
ـ عندما ندرس مفاعيل هذه المعركة فاننا نجد انها استطاعت ان تصنع روحا جديدة للعالم العربي والاسلامي، الذي عاش مدة طويلة تحت تأثير القهر الاسرائيلي الذي عمل على اذلال النفسية العربية والاسلامية بالدرجة الذي كان يخيل ان هذا العالم العربي والاسلامي سقط بالضربة القاضية الاسرائيلية ولم يعد قادرا ان يصنع أي انتصار، لذلك لاحظنا في كل هذه الانتفاضة الشعبية في مختلف مواقع العالم العربي والاسلامي ان هناك روحا جديدة دخلت في روحية هذا العالم، وان انتصار المجاهدين في معركتهم ضد العدو الصهيوني استطاع ان يجعل كل مسلم وعربي منتصرا في هذه الحرب، لانه استطاع ويعي ان من الممكن جدا للامة من خلال مجاهديها تملك الموقع المتقدم الذي يستطيع ان يسقط الآليات الاسرائيلية المتقدمة وتتحول المعركة الى مجازر هذه الآليات، اضافة الى المواجهة المباشرة التي جعلت جنود العدو يهربون ويصرخون، بالاضافة الى القصف الذي طال شمال فلسطين المحتلة والذي استطاع ان يحقق هزيمة حقيقية في الواقع الاسرائيلي.

لذلك اعتقد ان هناك تاريخا جديدا يصنع على الأمة ان تدرس جيداً كيفية الاستفادة من هذا التاريخ وكيف يمكن ان تحقق النتائج الايجابية على مستوى الصراع العربي الاسرائيلي من جهة وعلى مستوى المواجهة للسياسة الامريكية التي دخلت الحرب مع إسرائيل بكل ما لديها من قوة.

معارك من نوع آخر


إذا.. هل باعتقادكم ان هذه المعركة ستكون الاخيرة مع العدو الاسرائيلي؟
ـ في دراسة للمستقبل القريب نعتقد بان هذه المعركة لا تتبعها معركة اخرى في المستقبل، ولكننا نتصور بان المشكلة الحالية التي نواجهها في التخطيط الامريكي حول الحرب في المنطقة والذي يتحرك في تحالف استراتيجي مع اسرائيل، خصوصا ان امريكا انطلقت في هذه الحرب من خلال مشروعها وهو مشروع الشرق الاوسط الجديد ولم تنطلق من خلال مواجهة خطف الجنديين الاسرائيليين او تجاوز الخط الازرق من قبل المقاومة الاسلامية، لذلك فإن امريكا التي تعيش الان في اكثر من مشكلة سياسية وأمنية في العراق وافغانستان وتلتها مشكلتها في لبنان، لابد لها ان تخطط لحرب استباقية جديدة لا سيما انها تتحدث في اعلامها السياسي بان القضية اللبنانية هي قضية تدخل في المحور الايراني ـ السوري ولذلك فإنها تعمل على اساس ان تدخل الحرب بطريقة او باخرى وليس من الضروري ان تكون حربا عسكريا بل ربما تكون حربا سياسية او امنية على مستوى المخابرات في هذا المجال وخصوصا بعد دراسة ملف النووي الايراني الذي تعمل امريكا على اساس ان تحركه في مجلس الامن لتدخل من خلاله في صراع جديد ضد ايران وضد المنطقة كلها.

نزع السلاح سابق لأوانه


بعد القرارين الدوليين 1559 و1701 وانتشار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في الجنوب، هل تعتقد انه حان وقت نزع سلاح المقاومة الاسلامية؟

ـ بتصوري انه لم يحن حتى الآن نزع سلاح المقاومة الاسلامية ان كان هدفا مشروعاً بسبب بسيط وهو ان المقاومة الاسلامية في حركة سلاحها في لبنان لم تنطلق برغبة ذاتية في ان يكون سلاحها مقابل بقية الطوائف او الاحزاب، بل كانت منطلقة من خلال ما تؤمن به المقاومة من استراتيجية الدفاع عن لبنان امام العدوان الاسرائيلي الذي رافق الواقع اللبناني منذ عشرات السنين، ففي غياب تسلح الجيش اللبناني باعتراف الحكومة اللبنانية بالمستوى الذي يستطيع ان يدافع عن حدود لبنان امام العدو الاسرائيلي، ومن خلال عدم وجود اية ضمانات للبنان في العدوان الاسرائيلي في هذا المجال، اما مسألة القوات

الدولية »اليونيفيل« فندرك جليا انه خلال الفترة الاخيرة كانت اسرائيل تقصف هذه القوات ولا يستطيع مجلس الأمن ادانة اسرائيل على قتلها اكثر من عنصر من عناصر اليونيفيل، ولذلك فإن قوات اليونيفيل عندما يواجه اية مشكلة من قبل اسرائيل فان من الطبيعي ان تسحبه دولهم لانهم لا يريدون ان تسقط قواتهم امام اي عدوان اسرائيلي، ونعلم جيدا ان اليونيفيل لم يواجه من خلال اللبنانيين أو المقاومة الإسلامية طيلة هذه السنوات، ولكنه ووجه من قبل اسرائيل، لذا ليست هناك ضمانات في الواقع اللبناني الامني تبرر نزع سلاح حزب الله لانه هو القوة الوحيدة التي اثبتت مواجهة اسرائيل كما واجهته في هذه الحرب، وما دامت هذه التحديات اللبنانية في لبنان فلابد ان يبقى سلاح حزب الله.
وأعلن حزب الله انه عندما نصل إلى الدولة القوية القادرة التي تستطيع ان تواجه اسرائيل عند قيامها باي عدوان فان حزب الله على استعداد للتعاون عندما يشعر بانه لا حاجة لحزب الله حمل السلاح.

تعقيدات سياسية


سؤال يتبادر إلى الذهن.. أين الدول العربية من قوات اليونيفيل؟
ـ مع الأسف انه لم نجد اي استعداد من دولة عربية للدخول ضمن قوات اليونيفيل، ربما قد تعود المشاركة إلى بعض التعقيدات السياسية في الدول العربية بدخول الجيوش العربية إلى لبنان انطلاقا من التجربة السابقة التي دخلت بها بعض الجيوش العربية في لبنان واضطرت للانسحاب بعد ذلك.

غطاء عربي للعدوان الإسرائيلي


إذاً هل ينطلق ذلك إلى سلبية بعض الدول العربية تجاه التضامن اللبناني ضد العدو الإسرائيلي؟
ـ نحن نتألم جدا لأن اسرائيل صرحت بالفم الملآن باننا نخوض هذه الحرب لأول مرة في تاريخنا تحت غطاء عربي وذلك من خلال بعض التصريحات العربية التي حملت المقاومة الإسلامية مسؤولية هذه الحرب ولم تحملها لاسرائيل، تماما ما لو كانت تقول ان لاسرائيل الحق في هذه الحرب التدميرية وربما كان الجدل السياسي بقطع النظر عن الخطأ والصواب، حيث ان بعض الدول العربية تتحدث مع اسرائيل اثناء الحرب بان عليها الاستمرار بهذه الحرب ريثما تصل إلى هدفها المعلن وهو نزع سلاح حزب الله واسقاط المقاومة.

الحرب من أجل المشروع الأمريكي

لابد وان شاهدتم حجم الكارثة، هل يعني ذلك نتيجة الحقد والكراهية للمقاومة الإسلامية ام من أجل ازالة حزب الله والشيعة وكذلك للبنان من الخريطة؟
ـ في تصوري ان الحرب التي واجهناها هي حرب أمريكية بامتياز واسرائيلية بالدرجة الثانية، ولعلنا نستذكر جميعا ان بعض السياسيين الاسرائيليين يتحدثون ويقولون ان امريكا تفرض علينا حربها في هذه المرحلة لانها تريد تهيئة الظروف للمشروع الذي اعلنته رايس وهو »مشروع الشرق الأوسط الجديد«، لذلك اتصور ان امريكا مسؤولة عن كل هذا الدمار الذي استهدف المدنيين تحت سمع العالم وبصره اثر هدم المنازل على رؤوس الأطفال والنساء والشيوخ، الامتناع عن تشجيع وقف اطلاق النار على الرغم من ان كثيرا من دول العالم كانت تتحدث بأعلى صوتها وتنادي بضرورة وقف اطلاق النار، وفي هذا الجو الذي كانت أمريكا تعرف فيه ان اسرائيل توجه قنابلها على المدنيين لتدمير البنية التحتية وليست موجهة الى جنود حزب الله وكانت تنصب جسرا جويا لارسال القنابل الذكية المتطورة التي يراد من خلالها قتل اللبنانيين ولا سيما الاطفال الذين تشكل نسبتهم ثلث قتلى المدنيين في هذا المجال، لذلك نعتقد ان الرئيس بوش هو القاتل مع ادارته، لانه ليس من الطبيعي ان ترسل قنابل متطورة لإسرائيل أثناء الحرب وهي تعلم بأن اسرائيل تستهدف المدنيين في هذا المجال، حتى أوضحت بعض الصحف البريطانية اعتراضها على رئيس الوزراء البريطاني توني بلير لسماحه بمرور الطائرات التي تحمل هذه القنابل لقتل اللبنانيين في هذه الحرب، وعليه نعتقد ان هدف هذه الحرب هو تدمير البنية التحتية في لبنان من اجل المشاركة في ثورة الشعب اللبناني على المقاومة الاسلامية باعتبارها هي المسؤولة عن هذه الحرب لتستطيع اسرائيل ان تحصل على السلم وهو ما لم يستطع الحصول عليه في الحرب.

تنسيق عربي أمريكي


ولكن الغريب ان هذه الاسلحة مرت عبر بعض المطارات العربية؟
ـ اننا لا نفرق في هذا المجال بين المطارات البريطانية وبعض المطارات العربية التي تنسق مع امريكا في هذه الحرب وكذلك مع اسرائيل حيث اننا نعتبر أن المعركة كانت امريكية اسرائيلية عربية في بعض المواقع.

موقف كويتي حكيم


اين موقع الكويت في قلوب اللبنانيين؟
ـ عندما ندرس الطريقة التي ادارت بها الكويت هذه المسألة، نلاحظ ان الشعب الكويتي بكل فئاته السياسية وكذلك فئاته الاسلامية سواء من السلطتين وغيرهم ارتفعوا الى مستوى المعركة عندما اعتبروها ليست معركة حزب الله مع اسرائيل او معركة الشيعة مع اسرائيل بل هي معركة العرب والمسلمين ضد العدو الصهيوني الذي لا يزال يفرض قوته علي الواقع العربي الاسلامي.
لذلك انطلق الشعب الكويتي من موقع واحد وصوت واحد ليقف بكل قوة مع المقاومة الاسلامية ويقف ضد اسرائيل وأمريكا وكل الذين ساروا بهذا الاتجاه، كما ان الشعب الكويتي بادر الى تقديم المساعدات والمعونات بشكل أو بآخر للشعب اللبناني المنكوب في هذه الحرب.
ونلاحظ ان الى جانب ذلك ان الحكومة الكويتية حول هذه المسألة ادارة متوازنة وحكيمة في هذا المقام بطريقة تختلف عن كل الدول الاخرى حتى الدول الخليجية، وبدورنا نشكر هذه الادارة الحكيمة التي وفق فيها الشعب والسلطة في تزييد المقاومة الاسلامية ضد العدو الاسرائيلي.

مرحلة الصراع


سماحة السيد.. هل من كلمة في ختام هذا اللقاء؟
ـ انني اتوجه الى كل الشعوب في العالمين العربي والاسلامي، حيث ان هذه المرحلة التي نواجهها في صراع ضد العدو الاسرائيلي وهذا الانتصار الذي سجله شبابنا ضد العدو الاسرائيلي في اول حرب تعترف بها اسرائيل بالهزيمة وتحول المشكلة عندها الى مشكلة سياسية ذات اهمية في الداخل، ان علينا درس هذه التجربة والوقوف مع حركة المقاومة في العالم العربي والاسلامي وان نأخذ منها درسا هو أن الشعوب عندما تؤكد ارادتها في المواجهة وتقف موقفا قويا من خلال ايمانها بقضاياها المصيرية فانها تستطيع ان تحقق الانتصار، ونقول لكل الذين يشرفون على العالم العربي والاسلامي هذه الانظمة ارتفعت شعوبكم الى مستوى المرحلة وعليكم ان ترتفعوا الى مستوى هذه الشعوب.

تاريخ النشر: الثلاثاء 5/9/2006