ربما لا يحمل هذا المقال أي قدر من القيمة التي تدفع الانسان وتستفزه لكتابة أي رد ، لكنه بالتأكيد يحمل أضعافاً مضاعفه من السخف الذي يدفع الانسان للتساؤل عن كم الممارسات التي قام بها هذا الكاتب وأكسبته مثل هذا القدر من الابتزال .
على عكس الغباء السياسي الذي يعاني منه أعداء المقاومة في لبنان يبدو الكاتب حاملاً لبعض القدر من الذكاء في عرض وجهة نظره والتي لا تختلف كثيرا عن الآخرين في التركيز الخفي على الدعم العسكري الذي تقدمه إيران لحزب الله ، ولكن على عكس ما هو معتاد حيث من المتوقع أن تحصل إيران على قدر من الشكر لقاء هذا الدعم الذي يحفظ للبنان حريته واستقلاليته حتى الآن في مواجهة العدوان الصهيوني ، فإن إيران لا تجد سوى من يحملها مسئولية ما يرتكبه الكيان الصهيوني بحجة أنها هي من تدعم المقاومة ، هذا المنطق المقلوب لا يوجد إلا في عالم يعاني من رسوخ الحالة الانهزامية كعالمنا العربي .
لقد حصلت لبنان على استقلالها قبل أي دولة عربية أخرى ومنذ ذلك الحين وحتى نشوب الحرب الأهلية لم تتمكن من تكوين جيش له القدرة على الصمود في وجه أي عدوان لمدة يومين أو على الأقل ساعات قليلة ، وربما يدرك الكاتب أن هذه الحالة من الضعف ترجع لعدة عوامل بعضها خاص بلبنان وبعضها يرتبط بالخارج ، ولكن ثمة تساؤل يطرح نفسه بإلحاح : لماذا لم تقم الحكومة اللبنانية المنتخبة بتولي مهامها في معالجة ملف الأسرى مع الكيان الصهيوني ؟ وفي هذه الحالة كيف كان يمكن لهذا الجيش البالغ الضعف أن يواجه أي عدوان خارجي في حال قرر أن يلجأ لتحقيق أي ضغط على الكيان الصهيوني لتحرير مزارع شبعا والأسرى اللبنانيين ؟
إن الكاتب يلوم حزب الله بطرف خفي أن سعى لتحرير الأسرى ، وهنا فهو يستقوي فقط على المستضعف كأسلوب قليل الحيلة الذي يخشى القوي فيسأل الضعيف بغضب : لماذا أزعجته ؟ متجاهلا حق هؤلاء الأسرى كمواطنين لبنانيين ، ووجود تراب وطني مازال خاضعاً للاحتلال فهذه الأشياء ليست مهمة من وجهة نظره ، فقط المهم هو أن يتم التخلص من سلاح حزب الله كي يتمكن تحالف الرأسمال السعودي / الماروني من السيطرة على الأوضاع في لبنان وأبرام معاهدات استثمارية مع أمريكا ثم الدخول في اتفاقيات كويز مع الكيان الصهيوني تخضع ما تبقى من الاقتصاد العربي لسيطرة الصهاينة ، هكذا سيصبح الكاتب أكثر سعادة فلن يموت أحد من القنابل لكنهم فقط سيموتون من قهر الرأسمالية وسيطرتها على الثروة والعمل .
ليس غريباً أن تكون إيران متهمة من هذه النوعية ولعلها تفخر بهذه الحالة ، لكن الغريب أن تفقد مثل هذه الأصوات قدرتها على التجمل إلى هذا الحد لدرجة أن توجه انتقاداتها لمقاومة تدافع عن الأرض وحقوق مواطنين انتهت أعمارهم في الأسر بشكل يبدو تبريراً للكيان الصهيوني على عدوانه ، ورغم أن الكاتب يبدو أكثر قدرة على التخفي من آخرين فهو واضح بالنسبة للقراء إلى حد الصراخ .
باباك خورمدين